واصلت نيابة شرق القاهرة الكلية تحقيقاتها في البلاغ المقدم من فكري خروب، رئيس محكمة جنايات الإسكندرية ورئيس نادي قضاتها الأسبق، وعبد الخالق فاروق، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية وعمار علي حسن، المحلل السياسي، والشاعر عبد الرحمن يوسف، والذين اتهموا فيه كلا من الرئيس المخلوع حسني مبارك وزوجته سوزان ثابت ونجليه علاء وجمال وعددا من قيادات النظام السابق بتهمة الخيناة العظمي.
وقال خروب في بلاغه رقم 1524 لسنة 2012 والذي حصلت الوطن على نسخة منه، إن دستور 1971 منح رئيس الجمهورية صلاحيات هائلة حتى يتمكن من تحقيق القسم الذي أقسمه لحظة توليه الحكم "بأن يحافظ على النظام الجمهوري، وأن يحترم الدستور والقانون، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه"، مشيرا إلى أنه في الوقت نفسه ووفقا للمادة 85 أجاز محاكمة رئيس الجمهورية عن جريمة الخيانة العظمى أو أية جريمة جنائية أخرى، مؤكدا أن هذا المبدأ كان نافذا من قبل في دستور 1956 وصدق عليه بالقانون رقم 247 لسنة 1956 الذي عاقب في مادته السادسة رئيس الجمهوري بالإعدام أو بالسجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكب عملًا من أعمال الخيانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهوري.
واشتمل البلاغ كلا من زكريا عزمي وعمر سليمان وفتحي سرور وصفوت الشريف والدكتور عاطف عبيد والدكتور أحمد نظيف وحبيب العادلي وعمرو موسى وأحمد أبو الغيط ويوسف بطرس غالي، ويوسف والي وأمين أباظة وأحمد المغربي وزهير جرانة، وممدوح مرعي، وعلي الدين هلال، وأنس الفقي، ومفيد شهاب وفايزة أبو النجا، وأحمد شفيق بتهمة الخيانة العظمى.
وأضاف البلاغ أن دستور 1971 حرص في المادة 191 منه على إبقاء كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدوره صحيحًا ونافذًا، ولم يصدر أي قانون بعد الدستور الأخير ينظم اتهام أو محاكمة رئيس الجمهورية، بما يعني أن القانون 247 لسنة 56 ما زال نافذًا ومعمولاً به حتى الآن.
وتابع: "إن مبارك طوال سنوات حكمه الثلاثين لم يشغله سوى شيء واحد هو بقائه في السلطة لأطول مدة ممكنة ثم نقلها إلى ابنه، ما جهله يعادي الشعب المصري ويتخذ من عدوه الصهيوني حليفا له على اعتبار أنه الممر الوحيد لأمريكا "أعظم قوة في العالم"، واستعان بذلك بجنود من الفاسدين قام بتوليتهم المناصب القيادية في كافة المؤسسات والهيئات، ما نشر الفساد الإداري والمالي والرشوة والمحسوبية في كل أجهزة الدولة، وزاد الفقر إلى الحد الذي جعل المصريين يسكنون المقابر والعشش، ويقعون فريسة للخوف والجهل والمرض.
وأضاف البلاغ ان المشرع لم يشأ حصر جريمة الخيانة العظمى في أفعال معينة، وإنما ترك تحديد هذه الأفعال لتشمل كل الجرائم الواردة في قانون العقوبات أيا كان موضعها فيه، إذا ارتكبها رئيس الجمهورية، فضلا عن مسؤوليته عن الأفعال التي أخل فيها بالتزامه الوطني والسياسي والأخلاقي وأساء بها إلى شعبه.
وتتطرق البلاغ إلى بعض التهم التي ارتكبها مبارك والتي تندرج تحت بنود الخيانة العظمى والتي منها الولاء إلى العدو الصهيوني على حساب الشعب المصري من أجل إرضاء الجانب الأمريكي مثل إفراجه عن جاسوس إسرائيل "عزام عزام" وعقده اتفاقية الكويز، وتصدير الغاز الطبيعي بثمن بخس "في صفقة العار التي طالب القضاء الإداري بتعديلها"، فضلا عن موافقته على الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان لتصفية حزب الله وحربها على قطاع غزة، والاشتراك مع الجانب الصهيوني في حصار الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، إضافة إلى تجميد علاقة مصر مع دول حوض النيل، ما دفع هذه البلاد إلى خفض حصة مصر من مياه النيل.
وتابع: "الإضرار العمدي بالمال العام والمعاقب عليه بالمادة 116 من قانون العقوبات؛ حيث تجاهل معاقبة كبار المسؤولين والمنحرفين الذين نهبوا مليارات البلاد وهربوا بها إلى الخارج، في الوقت الذي غابت فيه السلطة التشريعية بعد أن ضم مجلس الشعب بين صفوفه المتهمين بقضايا المخدرات والنصب، الذين وقفوا بصرامة ضد القوانين المقدمة من السلطة القضائية بتعديل بعض القوانين التي ترسخ الفساد، وخاصة القوانين الخاصة بالتعامل بالنقد الأجنبي والتهرب الضريبي وتمكين النيابة العامة من إقامة الدعوى الجنائية دون موافقة وزير الاقتصاد والمالية وجعل اختيار النائب العام من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء".
وأوضح أن فساد أنظمة مبارك تسبب في ارتفاع عدد المصابين بفيروس (C) إلى حوالي 9 ملايين مواطن عام 2008 أي بما يعادل 11% من السكان "منهم 9.6% في الريف مقابل 5.5% في الحضر"، وفقا لنتائج المسح الصحي الذي أعلنه وزير الصحة وقتها، فضلا عن وصول نسبة الإصابة بالأورام السرطانية إلى 200 ألف حالة سنويا من بينهم 34 ألف طفل وفقا لنتائج المعهد القومي للأورام.
وأفاد أن سياسات مبارك التي تحيزت إلى رجال الأعمال جعلته يسن تشريعات لصالحهم من إعفائهم من الضرائب والجمارك، ما أدى إلى تعاظم أرباحهم ومكاسبهم على حساب باقي الشعب الذي عانى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، فضلا عن معاناة أهالي الريف وبعض المدن من انقطاع المياه وغياب الكهرباء، وشبكات الصرف الصحي غير الآدمية.
وفي المقابل، عقد صفقات العار مع رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، والتي كان أبرزها صفقته مع الوليد بن طلال التي حصل بموجبها الوليد على 100 ألف فدان بمنطقة توشكى مقابل 5 ملايين جنيه فقط "أي بما يعادل الـ50جنيها للفدان"، على أن تقوم الحكومة بتوصيل المياه والكهرباء والمرافق للمشروع، وهو ما يتكلف قيمته 12 مليار جنيه، وغيرها من جرائم تخصيص ملايين الأفدنة من أراضي الوطن بأسعار بخسة إلى رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب.