آحمد صبحي منصور
في
السبت ١٥ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
1 ـ يقول جل وعلا : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)9 ) الحجرات ).
2 ـ من السهل أن تزعم دولة ما أنها دولة مؤمنة . العبرة بالسلوك وليس بالقول . لذا قد تقوم دولة ( مؤمنة ) بالاعتداء على دولة أخرى ( مؤمنة ) . هنا يجب أن تتدخل دولة ثالثة ( مفترض أنها دولة مؤمنة حقا ) فتحاول الصلح بينهما . فإن كانت إحداهما باغية فعلى الدولة المؤمنة أن تقاتل الباغية حتى ترجع عن بغيها ، بعدها يجب إحكام الصلح بينهما . وأن يدخل الجميع فى دين السلام أخوة ، لذا قال جل وعلا بعدها : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) . الاسلام فى التعامل بين الناس هو السلام ، وفى السلام يكون الناس أخوة . والخروج عن السلام بالبغى والعدوان يكون كفرا ومواجهة هذا الكفر الذى يعنى الهجوم الحربى إعتداءا وظلما يكون بالرد الدفاعى حتى يتوقف العدوان ، يتم عقد صلح بالأمن والأمان يعود فيه الناس أخوة .
3 ـ وهذا ما نجح فيه خاتم النبيين عليه وعليهم السلام . بالقرآن انتشر الاسلام بمعنى السلام ، وكفّ العرب عن حروبهم وغاراتهم التى لم تكن تنقطع ، ودخلوا فى الاسلام السلوكى ( السلام ) أفواجا . ورأى النبى محمد عليه السلام دخولهم فى السلام والأمن ، فقال جل وعلا : (بسم الله الرحمن الرحيم : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ). هنا معنى النصر ومعنى الفتح ، أى دخول الناس افواجا فى دين الله الاسلام بمعنى السلام . وهذا ما رآه النبى محمد عليه السلام بعينيه فى أواخر حياته ، رأى السلام أى الاسلام الظاهرى السلوكى .
لم ير السلام القلبى الاعتقادى ، لأنه عليه السلام لم يكن يعلم غيب القلوب ، ولم يكن يعرف مدى إيمان أصحابه المقربين منه ، ومنهم منافقون مردوا على النفاق لم يكن يعلمهم . قال جل وعلا : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ )101 )التوبة ).
لذا فإن الآية الكريمة ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)9 ) الحجرات ). لا تتحدث عن الايمان القلبى بل عن الايمان السلوكى الذى يعنى الأمن . وقلنا إن الايمان السلوكى يعنى الأمن والمان ما أن الاسلام السلوكى يعنى السلام .
4 ـ وهذا هو ما وصلت اليه البشرية ـ جزئيا ـ فى تقدمها الحضارى الراهن ، متمثلا فى عمل الأمم المتحدة وجمعيتها العمومية ومجلس الأمن ، ومحكمة العدل الدولية .