إبن القرضاوى يُحرض الدولة على الأقليات الدينية فى مصر .

في الإثنين ٠٩ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

عبد الرحمن يوسف القرضاوى

أفكارخاطئة عن حرية الاعتقاد

الإثنين، 9 يوليو 2012 - 07:58

 
 
 

تساءل بعض الشباب المحترم على بعض مواقع التواصل الاجتماعى عن حرية الاعتقاد، وأرسل لى البعض منهم أسئلة من نوعية: «ما الذى يضر الدولة فى أن أعبد الشمس أو القمر؟ وما الذى يضرالدولة فى أن أتشيع؟ وما الذى يضر الدولة فى أن يكون بعض أبناؤها من الملحدين؟» وإلى آخر هذا النوع من الأسئلة.

والحقيقة أن حرية الاعتقاد أمر مكفول فى الشرع والقانون، ولكن البعض يخلط بين حرية الاعتقاد، وبين حرية الدعوة والتبشير بمعتقد ما، قد يسبب تمزقا فى نسيج المجتمع.
المجتمع المصرى حباه الله نعمة لا ينبغى التفريط فيها، فالغالبية العظمى من المسلمين، وكلهم من السنة، والبقية من المسيحيين، وغالبية هؤلاء أقباط أرثوذوكس، وهذا النسيج وصل لدرجة من الانسجام تجعلنا محسودين ممن حولنا، وما حال العراق وسوريا ولبنان عنا ببعيد.
حين يتحدث اليوم بعض الأشخاص عن حرية البعض فى اعتناق المذهب الشيعى، أو فى عبادة الشمس والقمر والنجوم... إلخ، نحن هنا لا نتحدث عن حرية الاعتقاد، بل نحن نتحدث فى صميم السياسة والأمن القومى المصرى، لأن أى شكل من أشكال التبشير، أو نشر الأفكار فى هذا الموضوع، هى فى الحقيقة تغيير للنسيج الوطنى المنسجم منذ مئات السنين، وعبث بجينات التربة المصرية التى تكيفت مع كل العوامل الطبيعية، لكى تبقى وتنمو وتبدع وتحمى نفسها من كل الآفات.

أغلق باب بيتك، واعبد ما شئت، واكفر بما شئت، ولكن من حق المجتمع والدولة أن تتخذ جميع الإجراءات حين تكتب مقالة، أو تنتج فيلما، أو تؤلف رواية، أو تبدع قصيدة، أو تؤسس حزبا.. طبقا لهذا المعتقد الدخيل على الوطن.

حين يحدث ذلك.. يصبح القرار سياسيا، لا علاقة له بحرية المعتقد!
أحب أن أذكر الجميع بدولة هادئة حباها الله من جمال الطبيعة وخيراتها الكثير، وحباها الله أيضا نسيجا متناغما، ولكن شاء الله أن يكدر بعض أبناء هذا البلد هذا الصفو، وكانت النتيجة أن مات الملايين من أبناء هذا الشعب، وشرد الملايين، ودخل هذا البلد فى حروب استمرت لعشرات السنين، وما زال هذا البلد يعانى من ذلك حتى الآن.
أفغانستان...!

هذه دولة غالبيتها العظمى من المسلمين السنة الأحناف، وهناك أقلية شيعية صغيرة جدا، ولكن شاءت الأقدار أن يعتنق بعض أبناء هذا الشعب بعض الأفكار الشيوعية المتطرفة، فوصل بعض الملحدين إلى سدة الحكم، وأرادوا أن يفرضوا «تقدميتهم» على الشعب الأفغانى «المتخلف»!

وحين رفض الأفغان ذلك وقاوموه، استعان هؤلاء بجيوش الاحتلال، فدخل الجيش السوفييتى، وبدأت قصة حزينة لم تنته فصولها حتى الآن.
هذه عبرة لمن يريد أن يعتبر، وهى حكاية، خلاصتها أننا لا ينبغى أن نفرط فى نقاط قوتنا، من أجل بعض أصحاب الأغراض.

فليعتقد كل من شاء ما شاء، ولكن الدعوة والتبشير لأى معتقد، يحول الأمر إلى قرار سياسى من حق بل من واجب الدولة أن يكون لها رأى فيه.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين...

 

اجمالي القراءات 5388