الخوف من التعديلات الدستورية في مصر

في الجمعة ٢٣ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

سيكون بوسع الشعب المصري أن يقول كلمته بشأن تعديلات دستورية مثيرة للجدل وذلك في استفتاء عام يوم الاثنين السادس والعشرين من مارس الجاري. عرض الرئيس حسني مبارك حزمة الإصلاحات الدستورية بوصفها خطوة متقدمة في مسيرة تحول ديمقراطي في نظام الحكم. لكن الحركات المعارضة وكذلك المنظمات الدولية لحقوق الإنسان تقول إنّ هذه

التغييرات لن تقود إلا إلى تقوية الدكتاتورية وترسيخها.
فاجأ الرئيس مبارك الكثيرين بتقديمه موعد الاستفتاء أسبوعاً. يفسر المنتقدون هذه الخطوة بأن الرئيس يريد أن يمرر التعديلات بأسرع ما يمكن قبل أن تتمكن المعارضة من تحشيد ما يكفي من الأصوات الرافضة.

صادق البرلمان المصري على مشروع التعديلات يوم الاثنين الماضي. من بين 454 نائباً في مجلس الشعب كان الذين صوّتوا لصالح التعديلات 315 نائباً من الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وصفت المعارضة التعديلات بأنها "شهادة وفاة للدستور" ودعت إلى مقاطعة الاستفتاء. عبد الوهاب المسيري زعيم حركة "كفاية" العلمانية المعارضة وصف الاستفتاء بأنه "تهريج" وقال إن من الأفضل عدم المشاركة في إضفاء الشرعية على نتيجته المعروفة سلفاً.

أكثر الأمور إثارة للجدل كان قانون مكافحة الإرهاب الجديد. تزعم الحكومة أن القانون الجديد سيفسح المجال لإلغاء حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ وصول الرئيس مبارك إلى الحكم. لكن المعترضين لا يرون أي تحسن في نوع الضوابط التي يفرضها قانون مكافحة الإرهاب.

منظمة العفو الدولية أعلنت من جانبها هذا الأسبوع أنها تعتبر التعديلات الدستورية "أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في مصر منذ إعلان حالة الطوارئ بعد اغتيال الرئيس السادات عام 1981". أثار هذا الكلام ردّ فعل غاضباً من قبل وزير الخارجية أحمد أبو الغيط احتجاجاً على "التدخل الخارجي" واصفاً إياه بأنه "محاولة لوضع إرادة الشعب المصري تحت الوصاية الأجنبية."

التعديلات المتعلقة بإجراء الانتخابات أثارت هي الأخرى اعتراضات واسعة. حيث لن يتم تكليف القضاة المستقلين بالإشراف على نزاهة الانتخابات. وكان القضاة هم الذين أعدوا تقريراً عن الانتهاكات الخطيرة التي تطعن بنزاهة الانتخابات النيابية عام 2005. اثنان من هؤلاء القضاة أتهما زميلين لهما بالتواطؤ مع الحزب الحاكم لتمرير التزوير، وهو ما أدى لاحقاً إلى الادعاء على هذين القاضيين وتوبيخهما بتهمة القذف والإساءة إلى سمعة القضاء.

تتضمن التعديلات أيضاً فرض شروط أكثر تشدداً للترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية، بحيث يصبح من المتعذر تقريباً أن يرشح شخص مستقل نفسه للانتخابات الرئاسية. كما تضم التعديلات حظراً للأحزاب التي تستند في برنامجها السياسي بشكل كامل على المبادئ الدينية.

قسم كبير من المحللين السياسيين في مصر يرون في التعديلات الدستورية محاولة من الرئيس مبارك لتمهيد الطريق لنجله جمال كي يخلفه في منصب الرئاسة.

يشغل جمال مبارك حالياً منصب رئيس لجنة السياسات وهو موقع بالغ الأهمية في الحزب الحاكم. وتصف الصحافة المستقلة سيناريو التوريث هذا بأنه عودة بمصر من نظامها الجمهوري الذي تعتز به إلى الملكية.

ويعتقد المحللون بأن التعديلات الدستورية تهدف إلى إقصاء كل معارضي سيناريو "توريث العرش". لهذا فإن التعديلات استهدفت بالدرجة الأولى حركة الإخوان المسلمين، وهي المعارضة الوحيدة ذات الوزن المؤثر، لتضييق مجال حركتها. وتغض الحكومة منذ سنوات طويلة النظر عن هذه المنظمة المحظورة رسمياً.

في انتخابات عام 2005 تمكن أعضاء حركة الإخوان المسلمين الذين ترشحوا كمستقلين من الحصول على 20 بالمائة من مقاعد مجلس الشعب. يشكل هؤلاء النواب المستقلون أكبر كتلة نيابية معارضة تحت الشعار المشترك لهم "الإسلام هو الحلّ".

يبدو الآن أن سياسة غض النظر قد بلغت نهايتها. خلال الأشهر القليلة المنصرمة تم اعتقال أكثر من ثلاثمائة من الإخوان المسلمين وأودعوا الحبس بتهمة الانتماء إلى منظمة محظورة. وحولت السلطات عشرات من الأعضاء القياديين في الحركة مؤخراً إلى محكمة عسكرية، بعدما قرر القاضي المدني عدم وجود أساس للملاحقة القضائية ضدّهم. وقد فسـّر الشيخ محمد مهدي عاكف المرشد العام للحركة حملة الاعتقالات الأخيرة بالقول "إنهم يريدون التخلص من كل شخص يرون في تهديداً لموقف الرئيس، وبصراحة، نحن القوة السياسية المهمة الوحيدة في الشارع المصري."

حركة الإخوان المسلمين وحركة كفاية وتجمعات معارضة أخرى أعلنت عن تنظيم تظاهرة يوم الأحد القادم، اليوم الذي يسبق يوم الاستفتاء، لدعوة الشعب إلى مقاطعة التصويت. من جانبه حذّر وزير الداخلية حبيب العادلي باتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من يحاول عرقلة المسار الديمقراطي.

اجمالي القراءات 4872