- كتب : عادل عبد الرحيم
- منذ 14 ساعة 33 دقيقة
ليلة كاملة قضاها المصريون ولا حديث بينهم إلا الأنباء التي تتحدث عن تدهور خطير يطرأ على صحة الرئيس السابق حسني مبارك ونقله من مستشفى سجن مزرعة طرة إلى مستشفى المعادي للقوات المسلحة.
وكان الأمر اللافت هو حالة الدهشة الغريبة التي بدت على المواطنين رغم أنه طوال العام والنصف الماضية لم تكن وسائل الإعلام تتحدث إلا عن تدهور صحة مبارك، الذي تنقل ما بين مستشفى شرم الشيخ الدولي إلى المركز الطبي العالمي ثم نقل إلى مستشفى طرة وانتهى به المطاف إلى مستشفى المعادي للقوات المسلحة.
وقد تراوحت أحاديث المصريين ما بين "ضرب الكفوف" حيناً إلى "مصمصة الشفاه" أحياناً إلا أن هناك فريقا ثالثا لم تبد عليه هذه الحيرة لأنه ببساطة لا يصدق ما تتداوله وسائل الإعلام، وذلك لسبب بسيط أنهم سمعوا هذا الكلام أكثر من مرة ولم يحدث شيء.
تعبر أميرة حسين، محاسبة بإحدى شركات التأمين، عن شعورها بأن مسألة نقل مبارك من سجن طرة إلى مستشفى عسكري مجرد تمثيلية قائلة: الفكرة مطروقة منذ فترة، وكانوا ساعتها يتحدثون أيضاً عن تدهور صحته وعدم تجهيز مستشفى سجن طرة لعلاجه، فربما وجد من يديرون شئون البلاد الوقت مناسباً الآن لـ"تمرير" عملية النقل تمهيدا لعملية نقل أخرى بعيداً عن أنظار المعارضين الذين تم إلهائهم في أمور أخرى مختلفة تماماً.
اكتئاب وإلهاء
ويبدي حمدي سالم، موظف بالمعاش، حيرته: لا أعرف إن كان مبارك ما زال حياً أو فارق الحياة.. لكن كل ما أعرفه أنني زاد شعوري بالاكتئاب ربما حزناً على نهايته التي لا يتمناها أحد لنفسه، أو لوماً عليه لأنه بلا شك أحد أهم أسباب حالة التفكك الخطيرة التي وصلنا إليها، المهم هي حالة اكتئاب والسلام.
ويضيف سيد احمد، محام بالجيزة، أشعر أن الرئيس السابق حسني مبارك في الرمق الأخير الآن وربما هو توفى حقاً لكن الإعلام لدينا لا يقول كل شيء في حينه، فربما ينتظرون الوقت المناسب لإعلان نبأ الوفاة التي جاءت في وقت خطير وليس فقط عصيب، فرياح الاحتجاجات تعصف بالمشهد السياسي وهناك حالة غليان لا أحد يعلم إلى أين ستنتهي.
يوم فوق ويوم تحت
لكن رد فعل الحاجة فاطمة حسين، ربة منزل، كان بعيداً تماماً عن جميع الأطروحات السابقة فكل ما يشغل تفكيرها التغيير الكبير الذي شهدته كما يقول المصريون "على حياة عينها"، فقبل الثورة كانت تتابع "دبة النملة" عن كل ما يتعلق بحياة مبارك سواء زياراته أو استقبالاته أو حتى أحاديثه التي كانت دائماً تتحدث عن انحيازه، غير الملموس، لمحدودي الدخل وعدم نومه بسببهم، لكن الآن لم تعد تسمع عنه إلا أخبار تدهور صحته ودخوله في غيوبة وأخيراً موته سريرياً..!
وتعود الست فاطمة لتلاحقنا بالأمثال الشعبية الحكيمة من عينة "آدي حال الدنيا يوم فوووووووق ويوم تحت".
وعلى ترابيزة متواضعة لأحد المقاهي الشعبية بحي فيصل بالجيزة طغت أنباء وفاة الرئيس السابق حسني مارك على مباريات الكأس الأوروبي، وحتى على مظاهرات الغضب المحتشدة بميدان التحرير وأمام البرلمان المصري "المنحل" وفي كافة ميادين المحافظات.
وراح كل "زبون" يدلي بدلوه حول ما يأخذه من عظة هذه الحالة التي تختلط بها المشاعر الإنسانية بحالة الارتباك السياسي والتردي الاقتصادي، والانفلات الأمني الذي يقود البلاد ربما إلى منحنى خطير.
وبين هذا وذاك يبقى الأمر الثابت هو التعليق الذي ردده أحد "الجالسين" عن وضع مبارك قائلا: "يا له من شخص فريد وأياً ما كانت حالته ميتاً أو حياً مريضاً أو مستقراً فهو بلاشك ما زال حديث الناس سواء وهو رئيس في أوج صحته وجبروت نظامه، وهو ما زال المستأثر بانشغالهم حتى بعد خلعه ثم سجنه ثم مرضه ثم حتى وفاته".
وفي النهاية لا يسعنا إلا القول: أحسن الله ختامنا وختامكم ورحم عباده الذين عاشوا في رحمته وسيموتون رغم أنف الجميع أيضاً في رحمته، وإن كان الإنسان ظالماً لنفسه ولمن حوله فإن العدالة والرحمة الإلهية لا يستطيع أحد أن يصادرها أو يحتكرها أو حتى يمنع شمولها لأي ممن خلق الله تعالى، وياويل الرئيس القادم إن لم يتعظ.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - مواطنون: وفاة مبارك.. بداية الهروب الكبير