الإسراء فى القرآن
عندما نتحدث عن الإسراء فالمتبادر إلى النفوس هو :
إسراء خاتم النبيين(ص) دون غيره
وقد ظهر البعض ممن يقولون أنه لا يوجد إسراء بالنبى(ص) الأخير وبعض أخر يقول أن الإسراء كان بموسى(ص)
وعند المراجعة يتبين التالى :
أن نبى الله يعقوب والذى يحمل اسم إسرائيل (ص)اسمه نفسه يحمل اسم الإسراء فهو من أسرى به الله
قطعا لم يتحدث القرآن عن حادثة الإسراء بيعقوب(ص) وإنما من تحدث عن ذلك هو العهد القديم حيث قال:
"22 ثم قام في تلك الليلة وصحب معه زوجتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر، وعبر بهم مخاضة يبوق، 23 ولما أجازهم وكل ماله عبر الوادي، 24 وبقي وحده، صارعه إنسان حتى مطلع الفجر. 25 وعندما رأى أنه لم يتغلب على يعقوب، ضربه على حق فخذه، فانخلع مفصل فخذ يعقوب في مصارعته معه. 26 وقال له: «أطلقني، فقد طلع الفجر». فأجابه يعقوب: «لا أطلقك حتى تباركني». 27 فسأله: «ما اسمك؟» فأجاب: «يعقوب». 28 فقال: «لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب، بل إسرائيل (ومعناه: يجاهد مع الله)، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت».
قطعا الاسن هنا لم يطلق بسبب السير ليلا وإنما بسب المصارعة وهى الجهاد وهو تناقض
ونجد ان الإسراء بموسى (ص) فى القرآن لا علاقة له بالمسجد الحرام ولا بالمسجد ألأقصى وإنما هو :
الخروج من مصر ليلا وعبور البحر كما فى قوله تعالى :
"ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى"
وقال :
"وأوحينا إلى موسى أن أسرى بعبادى ليلا إنكم متبعون فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون"
وقال :
"ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلى عباد الله إنى لكم رسول أمين وأن لا تعلوا على الله إنى أتيكم بسلطان مبين وإنى عذت بربى وربكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لى فاعتزلون فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادى ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون لجميع حاذرون "
والمستفاد هنا هو :
أولا :
ارتباط الإسراء بفرعون والخروج من مصر ونلاحظ هذا فى الجمل :
الأولى:
"فأتبعهم فرعون بجنوده"
الثانية:
" فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين"
الثالثة :
" ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون"
ثانيا :
ارتباط الإسراء بالبحر كما فى الجمل التالية :
الأولى :
" أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا"
الثانية :
" فأسر بعبادى ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا"
وهنا لا ذكر للمسجدين الحرام والأقصى كما أنه لا ذكر لهما فى كل القصص التى ذكر فيها موسى(ص)
وقد ذكر أحدهم أن سورة الإسراء واسمها فى المصاحف القديمة سورة بنى إسرائيل كلها فى فى ذكرهم وهو كلام يناقض الواقع فمن بين مائة وأحد عشر آية ذكروا فى سبعة آيات فى أولها وأربعة آيات فى أخرها وهى :
الآيات السبع فى أوائل السورة :
"وَءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلٗا (2) ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا (3) وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا (4) فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا (5) ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَٰكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا (6) إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا (7) عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا (8)"
الآيات الأخيرة فرب نهاية السورة عددها أربعة وهى :
"وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ تِسۡعَ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۖ فَسۡـَٔلۡ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِذۡ جَآءَهُمۡ فَقَالَ لَهُۥ فِرۡعَوۡنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰمُوسَىٰ مَسۡحُورٗا (101) قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورٗا (102) فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا (103) وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِ لِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ لَفِيفٗا (104)"
الإسراء الثانى :
هو إسراء لوط(ص) بأهله عدا زوجته حيث طلبت الملائكة منه الخروج من القرية إلى خارجها
وفى هذا قال تعالى:
"قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب"
وقال :
"فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون"
وحدد الله المكان الذى أسرى به منه إلى خارجه وهو القرية التى كانت تعمل الخبائث فقال :
"ولوطا أتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التى كانت تعمل الخبائث"
والملاحظ فى هذا الإسراء هو :
أن لا ذكر للمسجدين الحرام والأقصى كما لا ذكر لهما فى كل القصص التى جاء فيها ذكر لوط(ص)
ومن ثم لا علاقة لقصص إسراء موسى(ص) ولا لقصص إسراء لوط(ص) بالإسراء المذكور فى أول سورة الإسراء وهو قوله تعالى :
"سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا"
الملاحظ هو :
أن مكان الإسراء هو مكان المسجد الحرام حيث مكان معيشة المسرى به
ونلاحظ أن كلمة عبده التى أتت فى المصحف كلها نزلت فى خاتم النبيين(ص) ما عدا موضع واحد وهى :
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا"
وقال :
"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"
وقال :
"هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ"
وقال :
"إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)"
وقال :
"أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ"
والملاحظ أن أربعة منها هى فى نزول القرآن على محمد(ص)
وأما الآية التى ذكر فيها العبد ألأخر فهى فى زكريا (ص) وفيها قال تعالى :
"كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا"
والملاحظ فى آية الإسراء هى :
أنها ذكرت رؤية لآيات الله وهو نفسه ما ذكرته سورة النجم وهو :
"وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)"
وهو نفسه ما ذكرته سورة التكوير فى قوله تعالى :
فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ"
فرؤية الملاك على حقيقته من ضمن الآيات وهى المعجزات التى خص بها الله نبيه(ص) فى عصره دون بقية الناس وأيضا رؤية سدرة المنتهى والجنة لأن الآيات الممنوعة كانت عن الناس كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ونجد أن الآيات التى تتحدث عن الآيات تقول أن الآيات تأتيهم والمراد تأتى بقية الناس كما قال تعالى :
"وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ"
وأما ما يأتى الرسول (ص)فهو خاص به وهو ليس تخويفا له كما قال تعالى:
" إنى لا يخاف لدى المرسلون "
بينما سبب إرسال الآيات تخويف الناس من عقاب الله كما قال تعالى :
" وما نرسل بالآيات إلا تخويفا"
وآيات الرسول الأخير(ص) كانت خاصة به وحده لم يرها أحد سواه فمثلا فى حمايته وهى عصمته فى رحلة الهجرة قال تعالى:
" وأيده بجنود لم تروها"
والعصمة من أذى الناس ثابتة بقوله تعالى :
"والله يعصمك من الناس"