العبد المسرى به
البعض ممن يريدون الاشتهار يقومون بإصدار تفسيرات غريبة وإصدار علوم غريبة كتفصيص الكلمات إلى أجزاء وأن كل حرف أو مقطع يدل على معنى ....
ومن كان قصده بيان كتاب الله المفروض لا يكتب شيئا إلا ببرهان كما قال القرآن :
" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
أحد هؤلاء يسمى نفسه نسيم المصرى وقد قام بنشر عدة منشورات عن موضوع الإسراء وحتى نقل منشور لغيره ليثبت ما يقوله
يقول فى أحد منشوراته على صفحته على وجه الكتاب :
"كان نفسى اجعل من هذا الكلام خطبة على منبر مسجد ولكن المنابر سيطر عليها الناقلون
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير * سورة الإسراء 1.
أسرى بعبده و لم يذكر اسمه و خلق الله كلهم عبيد لله و سياق سورة الإسراء من أولها إلى آخرها تتحدث عن بني إسرائيل و نص الآية الأولى التي تتحدث عن إسراء عبد الله يفهم من خلال سياق السورة بكاملها لأن أحداث السورة و فصولها مترابطة فلا يعقل أن يقحم ذكر النبي محمد عليه السلام في السورة و يختل سياق السورة بدون أن يكون هناك أي معنى و أي ضرورة لذكر النبي محمد في السورة .
و الآية الثانية من سورة الإسراء توضح المعنى و الهدف من الإسراء و هو أن يتلقى النبي الذي أسري به الكتاب الذي هو هدى لبني إسرائيل و لا يوجد غير النبي موسى عليه السلام تلقى الكتاب عند المسجد الأقصى لأنه يوجد عنده الوادي المقدس طوى فهل تلقى النبي محمد عليه السلام الكتاب عند الوادي المقدس طوى"
بدأ الكلام فى أوله معقولا وهو إبهام من هو العبد فى الآية الأولى ولكن ألخطاء توالت فيما بعد وأولها :
"أن" سياق سورة الإسراء من أولها إلى آخرها تتحدث عن بني إسرائيل"
وهو خ"ا فادح فالسورة 111 آية ومع هذا الآيات التى تتحدث عن بنى إسرائيل 11 آية هى :
سبعة فى أول السورة هى " آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) "
وأربعة قبل ختام السورة هى :
" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)"
وعلى من يرى السورة تتحدث عن بنى إسرائيل أن يثبت غير هذه الآيات فيذكرها
والسؤال هل الآيات التى تبدأ فى السورة بقل فى بنى إسرائيل أم انه فى محمد(ص) ؟
ومن أمثلة تلك الآيات :
" قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)"
" قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96)
وهل الآيات التى يذكر فيها القرآن تابعة لبنى إسرائيل مثل :
"إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)"
وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا (41)
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)"
كلام لا يعقل ولا يقوله إلا ....
وقال المصرى :
و هل يعقل أنه في نفس سورة الإسراء أن ينفي الله عن أن يؤيد النبي محمد بأي آية من تتنزل من السماء عندما طلب المشركون منه أن يرقى في السماء و ينزل عليهم كتاباً في قرطاس .
و أن يشهد تلك المعجزة جمع غفير من الناس فهل من المنطق أن يخبرهم في اليوم التالي أنه أعرج به إلى السماء و الناس نيام فهل الله و النبي محمد يستهزئان بعقول الناس أم أن أهل التراث هم من يستهزئون و يستخفون بعقول الناس ."
الخطأ هنا أن الله منع ألايات عن رسوله(ص) وإنما منعها عن الناس لكفر الناس السابقين بها كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "
بينما لم يمنعها عن النبى(ص) نفسه ولكنه جعلها غير مرئية للناس كما قال فى حمايته فى رحلة الهجرة :
" وايده بجنود لم تروها "
كما نجد المعجزة فى عصمة الله من أذى الناس كما قال تعالى :
" والله يعصمك من الناس"
فالرسول(ص) لم يصب بأذى جسدى بسبب هذه العصمة الغير مرئية التى كانت تمنع الكفار من فتله أو جرحه ولم يرها أحد
كما قال تعالى:
" لقد رأى من آيات ربه الكبرى"
والرؤية كانت فى الإسراء وهو نفسه المعراج بصرية كما قال تعالى:
" ما زاغ البصر وما طغى"
وأثبت الله معجزة رؤيته لجبريل فى صورته الملائكية فقال تعالى :
" ولقد رآه نزلة اخرى "
وقال :
" ولقد رآه بالأفق المبين "
فهل جبريل(ص) آية قرآنية ؟
ونفى الكاتب رؤية الآيات بصريا فقال :
"و هل من الضروري أن يسري الله بالنبي محمد إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته و آيات الله الكبرى و العظمى تتنزل عليه في كل حين عندما يتلقى القرآن العظيم من الوحي الأمين و القرآن يحتوي على آيات الله الكبرى المتجددة في كل زمان .
أي أن أي مؤمن يمكنه أن يرى آيات الله الكبرى في القرآن في كل زمان بينما النبي موسى رأى آيات الله الكبرى في زمانه و لم يكن بعد قد تنزل القرآن بلسان عربي مبين و لو علم موسى عليه السلام أن المعجزة التي أيده الله بها ليست خالدة و لا يمكن أن يشهدها الناس في كل زمان كما القرآن لتمنى أن يكون هو رسول آخر الزمان .
يكفي النبي محمد فخراً أن الله أيده بآيات الله العظمى التي تصبح مبصرة كل حين و لتعلمن نبأه بعد حين و لكل نبأ مستقر و لسوف تعلمون .
فمن يؤيده الله بآيات عظمى و كبرى تتجدد باستمرار مع تطور العلوم و المعارف و يشهدها الناس في كل زمان لا يحتاج إلى معجزة الإسراء والمعراج التي لم يشهدها أي من الناس و هل تسمى المعجزة معجزة إذا لم يشهدها جمع من الناس فاحترموا عقول الناس ."
قطعا الرؤية البصرية ثابتة فى سورة النجم وفى سورة التكوير :
أولا قوله تعالى :
"أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)"
هنا الرؤية البصرية موجودة لوجود الشجرة سدرة المنتهى و المكان وهو جنة المـأوى
ثانيا اثبات الله البصر فى قوله تعالى :
"مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) أ"
ثالثا لإثبات رؤية جبريل (ص) فى قوله تعالى :
"وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ"
وتحدث عن كون الإسراء لا يكون إلا على الأقدام فقال :
"ثم إن الإسراء يكون سيراً على الأقدام و ليس طيران على البراق و الناس نيام و لو كان المسجد الأقصى في فلسطين الحالية كما يزعمون و أسري بالنبي محمد سيراً على الأقدام سيلزمه شهران من الزمان ذهاب وإياب ليعود إلى المسجد الحرام ."
قطعا المسجد الأقصى ليس مسجدا أرضيا وإنما هو العرش الذى تطوف الملائكة حوله لأن أقصى وهو أبعد مكان عن الأرض ألأولى هو السماء السابعة حيث العرض
والأرض الحالية هناك 360 مكان أو زاوية أقصى عن مركز الأرض وهو باعتباره دائرة أو كرة كما يقولون ومن ثم لا يمكن أن يكون فيها أقصى واحد وإنما 360 مكان قصى عن المركز ومن ثم المسجد ألأقصى فى السماء
والغريب أنهم يتحدثون عن إسراء موسى(ص) فقط متغافلين عن إسراء لوط(ص) الذى قال تعالى فيه :
"فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)"
وتحدث المصرى عن كون السرى السير ليلا هربا من الخطر فقال:
"هو السير ليلا سرا هربا من خطر وليس الاختفاء من مكان والظهور فى مكان اخر"
قطعا حتى لو اعتبرنا موسى(ص) هو المسرى به فالمسجد الحرام لا يهرب منه لأنه المكان الآمن الوحيد فى الأرض كما قال تعالى:
" ومن دخله كان آمنا "
وقال :
" حرما آمنا "
والغريب فى المنكرين للاسراء المحمدى هو :
أن القوم يقولون أن كل مسلم يرى آيات القرآن
السؤال:
لو كان المقصود رؤية آيات القرآن ما خص عبده بها وما ذكر مكانين حيث قال " لنريه من آياتنا "؟
ولو كان المقصود القرآن لقال كل الآيات ولم يقل" من آياتنا" ولم يقل " من آيات ربه الكبرى" ؟
فالرؤية هنا مخصوصة وليست عامة
والغريب أنهم لم يتكلموا على كلمة عبده التى وردت عدة مرات كلها المقصود بها محمد(ص) عدا آية صريحة واحدة عن زكريا (ص) فى قوله تعالى " ذكر رحمة ربك عبده زكريا "
فهنا عبده زكريا الوحيدة الصريح فيها الاسم فلماذا لا يكون زكريا (ص)هو العبد فى تفسيرهم وليس موسى(ص)؟
قطعا المفسرون الجدد والذين ينسبون أنفسهم للقرآن غالبهم يريد الشهرة وكلهم لا يكتب قاصدا بيان القرآن وتبليغه للناس فمعظمهم لا يكتب شيئا عن تعليم الناس الأحكام وإنما جل همهم هو التفاسير الغريبة للآيات التاريخية التى لن نستفيد منها شىء بينما المطلوب هو بيان أحكام الموضوعات المختلفة فى واقع حياتنا وهذا صرف للجهود دون فائدة لهم ولا لغيرهم