حديث فى سورة الفيل
سميت بهذا الاسم لذكر الفيل بقوله "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل".والسورة ليس لها أى علاقة بالأحاديث التى نقلت فى تفسيرها لأن السورة لم يذكر التالى فيها :
وجود أبرهة الحبشى
الكعبة
وجود أفيال وجيش جرار أتى من اليمن لمكة
السورة ألفاظها ظاهرة لا يوجد فيها أى شىء من ذلك وهى :
" ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول "
يسأل الله نبيه (ص)ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل والمراد ألم تدرى كيف صنع إلهك بأهل الفيل؟
ويجيب على السؤال بسؤال الغرض منه إعلامه بفعل الله مع أصحاب الفيل :
ألم يجعل كيدهم فى تضليل والمراد ألم يجعل تدبيرهم فى تدمير؟
ويبين له أنه أرسل عليهم طيرا أبابيل والمراد بعث على أصحاب الفيل طيورا أفرادا ترميهم بحجارة من سجيل والمراد تقذفهم بصخر مهلك من طين فكانت نتيجة القذف أن جعلهم كعصف مأكول أى كورق محطم ممضوغ مهشم والخطاب للنبى(ص)
إذا السورة تتحدث عن قوم اشتهروا بعبادة الفيل كما اشتهر قوم شعيب(ص) بعبادة الآيكة وهى الشجرة
وتحكى كتب التفاسير حكايات لا علاقة لها بالسورة منها كما فى كتاب الدر المنثور فى التفسير :
"وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن عثمان بن المغيرة بن الأخنس قال : كان من حديث أصحاب الفيل أن أبرهة الأشرم الحبشي كان ملك اليمن وأن ابنته أكسوم بن الصباح الحميري خرج حاجا فلما انصرف من مكة نزل في كنيسة بنجران فغدا عليها ناس من أهل مكة فأخذوا ما فيها من الحلي وأخذوا متاع أكسوم فانصرف إلى جده مغضبا فبعث رجلا من أصحابه يقال له شهر بن معقود على عشرين ألفا من خولان والأشعريين فساروا حتى نزلوا بأرض خثعم فتنحت خثعم عن طريقهم فلما دنا من الطائف خرج إليه ناس من بني خثعم ونصر وثقيف فقالوا :
ما حاجت إلى طائفنا وإنما هي قرية صغيرة ولكنا ندلك على بيت بمكة يعبد وحرز من لجأ إليه من ملكه تم له ملك العرب فعليك به ودعنا منك فأتا حتى إذا بلغ المغمس وجد إبلا لعبد المطلب مائة ناقة مقلدة فأنتهبها بين أصحابه فلما بلغ ذلك عبد المطلب جاءه وكان جميلا وكان له صديق من أهل اليمن يقال له ذو عمرو فسأله أن يرد عليه إبله فقال :
إني لا أطيق ذلك ولكن إن شئت أدخلتك على الملك فقال عبد المطلب افعل ، فأدخله عليه فقال له : إن لي إليك حاجة ، قال : قضيت كل حاجة تطلبها ، قال : أنا في بلد حرام وفي سبيل بين أرض العرب وأرض العجم وكانت مائة ناقة لي مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عير أهلها وتخرج إلى تجارتنا وتتحمل من عدونا عدا عليها جيشك فأخذوها وليس مثلك يظلم من جاوره ، فالتفت إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجبا فقال :
لو سألني كل شيء أحوزه أعطيته إياه أما إبلك فقد رددنا إليك ومثلها معها فما يمنعك أن تكلمني في بنيتكم هذه وبلدكم هذه
فقال له عبد المطلب : أما بنيتنا هذه وبلدنا هذه فإن لهما ربا إن شاء أن يمنعها منعهما ولكني إنما أكلمك في مالي فأمرعند ذلك بالرحيل وقال : لتهد من الكعبة ولتنهبن مكة فانصرف عبد المطلب وهو يقول :
لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك *لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك فإذا فعلت فربما تحمى فأمر ما بدالك * فإذا فعلت فإنه أمر تتم به فعالك
وغدوا غدا بجموعهم والفيل كي يسبوا عيالك * فإذا تركتهم وكعبتا فوا حربا هنالك
فلما توجه شهر وأصحاب الفيل وقد أجمعوا ما أجمعوا طفق كلما وجهوه أناخ وبرك فإذا صرفوه عنها من حيث أتى أسرع السير فلم يزل كذلك حتى غشيهم الليل وخرجت عليهم طير من البحر لها خراطيم كأنها البلس شبيهة بالوطواط حمر وسود فلما رأوها أشفقوا منها وسقط في أيديهم فرمتهم بحجارة مدحرجة كالبنادق تقع على رأس الرجل فتخرج من جوفه فلما أصبحوا من الغد أصبح عبد المطلب ومن معه على جبالهم فلم يروا أحدا غشيهم فبعث ابنه على فرس له سريع ينظر ما لقوا فإذا هم مشدخين جميعا فرجع يرفع رأسه كاشفا عن فخذه فلما رأى ذلك أبوه قال :
إن ابن أفرس العرب وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا فلما دنا من ناديهم قالوا ما وراءك قال : هلكوا جميعا ، فخرج عبد المطلب وأصحابه فأخذوا أموالهم
وقال عبد المطلب شعرا في المعنى :
أنت منعت الجيش والأفيالا * وقد رعو بمكة الأفيالا
وقد خشينا منهم القتالا * وكل أمر منهم معضالا
* شكرا وحمدا لك ذا الجلالا
فانصرف شهر هاربا وحده فأول منزل نزله سقطت يده اليمنى ثم نزل منزلا آخر فسقطت رجله اليمنى فأتى منزله وقومه وهو جسد لا أعضاء له فأخبرهم الخبر ثم فاضت نفسه وهم ينظرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فأتاهم عبد المطلب فقال : إن هذا بيت الله لم يسلط عليه أحد ، قالوا : لا نرجع حتى نهدمه وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليهم الطين فلما حاذتهم رمتهم فما بقي منه أحد إلا أخذته الحكة فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : أقبل أصحاب الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب فقال لملكهم : ما جاء بك إلينا ألا بعثت فنأتيك بكل شيء أردت فقال : أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا أمن فجئت أخيف أهله فقال : إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى أن يرجع إلا أن يدخله وانطلق يسير نحوه وتخلف عبد المطلب فقام على جبل فقال : لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله ، ثم قال : اللهم إن لكل إله حلالا فامنع حلالك لا يغلبن محالهم أبدا محالك اللهم فإن فعلت فأمر ما بدا لك فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر حتى أظلتهم طيرا أبابيل التي قال الله ترميهم بحجارة من سجيل فجعل الفيل يعج عجا فجعلهم كعصف مأكول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} قال : أقبل أبرهة الأشرم بالحبشة ومن تبعه من غواة أهل اليمن إلى بيت الله ليهدموه من أجل بيعة لهم أصابها العرب بأرض اليمن فأقبلوا بفيلهم حتى إذا كانوا بالصفاح فكانوا إذا وجهوه إلى بيت الله ألقى بجرانه إلى الأرض فإذا وجهوه قبل بلادهم انطلق وله هرولة حتى إذا كانوا ببجلة اليمانية بعث الله عليهم طيرا أبابيل
بيضا وهي الكبيرة فجعلت ترميهم بها حتى جعلهم الله كعصف مأكول فنجا أبو يكسوم فجعل كلما نزل أرضا تساقط بعض لحمه حتى إذا أتى قومه فأخبرهم الخبر ثم هلك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} قال : أبو يكسوم جبار من الجبابرة جاء بالفيل يسوقه معه الحبش ليهدم - زعم - بيت الله من أجل بيعة كانت هدمت باليمن فلما دنا الفيل من الحرم ضرب بجرانه فإذا أرادوا به الرجعة عن الحرم أسرع الهرولة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : أقبل أبو يسكوم صاحب الحبشة ومعه الفيل فلما انتهى إلى الحرم برك الفيل فأبى أن يدخل الحرم فإذا وجه راجعا أسرع راجعا وإذا ارتد على الحرم أبى فأرسل الله عليهم طيرا صغارا بيضا في أفواهها حجارة أمثال الحمص لا تقع على أحد إلا هلك. وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فأتاهم عبد المطلب فقال : إن هذا بيت لم يسلط عليه أحد ، قالوا : لا نرجع حتى نهدمه وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليها الطين فلما حاذت بهم صفت عليهم ثم رمتهم فما بقي منهم أحد إلا أصابته الحكة ، وكانوا لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط جلده ..
وأخرج أبو نعيم في الدلائل " من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
إن فتى من قريش خرج في أصحاب له متوجهين نحو الحبشة فنزلوا بشاطيء آواهم المقيل إلى مصلى كان للنصارى كان على شاطىء البحر كانت تدعوه النصارى ماء سرجسان فلما كان عندهم رحيلهم جمع الفتى القرشي وأصحابه حطبا كان فضل من طعامهم فألهب فيه النار وارتحل هو وأصحابه فأخذت النار في مصلى النصارى وأحرقته فغضب النجاشي غضبا شديدا فأتاه أبرهة الصباحي وأبو الأكسم الكندي وحجر بن شرحبيل الكندي العدوي فقال : أيها الملك ما يغضبك من هذا ؟ فلا يشق عليك فنحن ضامنون لك بناء ماء سرجسان وإحراق كعبة الله فإنها حرز قريش فيكون ماء سرجسان فنحن نسير بك إلى الكعبة فنحرقها ونخربها مكان سرجسان التي إحرقها القرشي ونضمن لك فتحمكة فتختار أي نساء قريش شئت منها . فلم يزالوا به حتى استخفوه فأخرج جموعه وعديدا من الناس ثم سار إلى مكة وسار معه المقلوش في عصابة من اليمن فيهم حي من كنانة حتى نزلوا بوادي المجاز واد يقال له : وادي المجاز فنزل به.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة (طيرا أبابيل) قال : طيرا كثيرة متتابعة بيضاء جاءت من قبل البحر مع كل طائر منها ثلاثة أحجار حجران في رجله وحجر في منقاره لا تصيب شيئا إلا هشمته.
وَأخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد (طيرا أبابيل) قال شتى متتابعة مجمعة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير في قوله : (طيرا أبابيل) قال : الكثيرة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن مثله.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد والفريابي ، وَابن جَرِير عن عبيد بن عمير في قوله : (طيرا أبابيل) قال : هي طير خرجت من قبل البحر كأنها رجال الهند معها حجارة أمثال الإبل البوارك وأصغرها مثل رءوس الرجال لا تريد أحدا منهم إلا أصابته ولا أصابته إلا أهلكته والأبابيل : المتتابعة.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير : (طيرا أبابيل) قال خرجت عليهم طير سود بحرية في مناقيرها وأظافيرها الحجارة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة ومجاهد : (طيرا أبابيل) قالا : عنقاء المغرب.
وَأخرَج ابن المنذر عن عبدالرحمن بن سابط قال :الأبابيل :الزمر.
وَأخرَج الفريابي عن سعيد بن جبير قال :هي طير لها مناقير تختلف بالحجارة فإذا أصابت أحدهم نطف جلده وكان ذلك أول ما رأى الناس الجدري.
وَأخرَج الطسي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : (طيرا أبابيل) قال :ذاهبة وجائية تنقل الحجارة بمناقيرها وأرجلها فتبلبل عليهم فوق رءوسهم قال :وهل تعرف العرب ذلك قال :نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : وبالفوارس من ورقاء قد علموا ** أحلاس خيل على جرد أبابيل . "
ومن يقرأ الروايات السابقة يجد تناقضات عدة منها :
أولا أن عبد المطلب فى الرواية ألأولى طلب إبله ولم ينصح الملك كما فى القول " وكانت مائة ناقة لي مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عير أهلها وتخرج إلى تجارتنا وتتحمل من عدونا عدا عليها جيشك فأخذوها وليس مثلك يظلم من جاوره ، فالتفت إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجبا فقال :
لو سألني كل شيء أحوزه أعطيته إياه أما إبلك فقد رددنا إليك ومثلها معها فما يمنعك أن تكلمني في بنيتكم هذه وبلدكم هذه "
بينما فى الروايات ألأخرى لم يطلب إبلا وإنما نصخ الملك بالتراجع كما فى القول " فقال : أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا أمن فجئت أخيف أهله فقال : إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى أن يرجع إلا أن يدخله"
ثانيا سبب الحرب ففى رواية سرقة العرب لخلى الكنيسة ومتاع أبرهة كما فى رواية " فلما انصرف من مكة نزل في كنيسة بنجران فغدا عليها ناس من أهل مكة فأخذوا ما فيها من الحلي وأخذوا متاع أكسوم" ومرة احراق رجل قرشى للكنيسة فى رواية :"جمع الفتى القرشي وأصحابه حطبا كان فضل من طعامهم فألهب فيه النار وارتحل هو وأصحابه فأخذت النار في مصلى النصارى وأحرقته"
ثالثا أن الطيور لونها مرة بيضاء كما فى رواية" طيرا كثيرة متتابعة بيضاء" ومرة سوداء كما فى رواية : "خرجت عليهم طير سود بحرية في مناقيرها وأظافيرها الحجارة"
إذا سورة الفيل لا علاقة لها بموضوع أبرهة وعبد المطلب والأفيال وغيرها من روايات الناس لأنه لا يوجد اى لفظ يدل على هذه الحكاية
والحكاية تعارض القرآن فى أن هلاك الأقوام لا يكون إلا وقد بعث لهم رسول كما قال تعالى :
"وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث فى أمها رسولا"
والحكايات الكاذبة كلها ليس فيها رسول أرسل إلى أبرهة وقومه أو عبد المطلب وقومه
سميت بهذا الاسم لذكر الفيل بقوله "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل".والسورة ليس لها أى علاقة بالأحاديث التى نقلت فى تفسيرها لأن السورة لم يذكر التالى فيها :
وجود أبرهة الحبشى
الكعبة
وجود أفيال وجيش جرار أتى من اليمن لمكة
السورة ألفاظها ظاهرة لا يوجد فيها أى شىء من ذلك وهى :
" ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول "
يسأل الله نبيه (ص)ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل والمراد ألم تدرى كيف صنع إلهك بأهل الفيل؟
ويجيب على السؤال بسؤال الغرض منه إعلامه بفعل الله مع أصحاب الفيل :
ألم يجعل كيدهم فى تضليل والمراد ألم يجعل تدبيرهم فى تدمير؟
ويبين له أنه أرسل عليهم طيرا أبابيل والمراد بعث على أصحاب الفيل طيورا أفرادا ترميهم بحجارة من سجيل والمراد تقذفهم بصخر مهلك من طين فكانت نتيجة القذف أن جعلهم كعصف مأكول أى كورق محطم ممضوغ مهشم والخطاب للنبى(ص)
إذا السورة تتحدث عن قوم اشتهروا بعبادة الفيل كما اشتهر قوم شعيب(ص) بعبادة الآيكة وهى الشجرة
وتحكى كتب التفاسير حكايات لا علاقة لها بالسورة منها كما فى كتاب الدر المنثور فى التفسير :
"وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن عثمان بن المغيرة بن الأخنس قال : كان من حديث أصحاب الفيل أن أبرهة الأشرم الحبشي كان ملك اليمن وأن ابنته أكسوم بن الصباح الحميري خرج حاجا فلما انصرف من مكة نزل في كنيسة بنجران فغدا عليها ناس من أهل مكة فأخذوا ما فيها من الحلي وأخذوا متاع أكسوم فانصرف إلى جده مغضبا فبعث رجلا من أصحابه يقال له شهر بن معقود على عشرين ألفا من خولان والأشعريين فساروا حتى نزلوا بأرض خثعم فتنحت خثعم عن طريقهم فلما دنا من الطائف خرج إليه ناس من بني خثعم ونصر وثقيف فقالوا :
ما حاجت إلى طائفنا وإنما هي قرية صغيرة ولكنا ندلك على بيت بمكة يعبد وحرز من لجأ إليه من ملكه تم له ملك العرب فعليك به ودعنا منك فأتا حتى إذا بلغ المغمس وجد إبلا لعبد المطلب مائة ناقة مقلدة فأنتهبها بين أصحابه فلما بلغ ذلك عبد المطلب جاءه وكان جميلا وكان له صديق من أهل اليمن يقال له ذو عمرو فسأله أن يرد عليه إبله فقال :
إني لا أطيق ذلك ولكن إن شئت أدخلتك على الملك فقال عبد المطلب افعل ، فأدخله عليه فقال له : إن لي إليك حاجة ، قال : قضيت كل حاجة تطلبها ، قال : أنا في بلد حرام وفي سبيل بين أرض العرب وأرض العجم وكانت مائة ناقة لي مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عير أهلها وتخرج إلى تجارتنا وتتحمل من عدونا عدا عليها جيشك فأخذوها وليس مثلك يظلم من جاوره ، فالتفت إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجبا فقال :
لو سألني كل شيء أحوزه أعطيته إياه أما إبلك فقد رددنا إليك ومثلها معها فما يمنعك أن تكلمني في بنيتكم هذه وبلدكم هذه
فقال له عبد المطلب : أما بنيتنا هذه وبلدنا هذه فإن لهما ربا إن شاء أن يمنعها منعهما ولكني إنما أكلمك في مالي فأمرعند ذلك بالرحيل وقال : لتهد من الكعبة ولتنهبن مكة فانصرف عبد المطلب وهو يقول :
لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك *لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك فإذا فعلت فربما تحمى فأمر ما بدالك * فإذا فعلت فإنه أمر تتم به فعالك
وغدوا غدا بجموعهم والفيل كي يسبوا عيالك * فإذا تركتهم وكعبتا فوا حربا هنالك
فلما توجه شهر وأصحاب الفيل وقد أجمعوا ما أجمعوا طفق كلما وجهوه أناخ وبرك فإذا صرفوه عنها من حيث أتى أسرع السير فلم يزل كذلك حتى غشيهم الليل وخرجت عليهم طير من البحر لها خراطيم كأنها البلس شبيهة بالوطواط حمر وسود فلما رأوها أشفقوا منها وسقط في أيديهم فرمتهم بحجارة مدحرجة كالبنادق تقع على رأس الرجل فتخرج من جوفه فلما أصبحوا من الغد أصبح عبد المطلب ومن معه على جبالهم فلم يروا أحدا غشيهم فبعث ابنه على فرس له سريع ينظر ما لقوا فإذا هم مشدخين جميعا فرجع يرفع رأسه كاشفا عن فخذه فلما رأى ذلك أبوه قال :
إن ابن أفرس العرب وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا فلما دنا من ناديهم قالوا ما وراءك قال : هلكوا جميعا ، فخرج عبد المطلب وأصحابه فأخذوا أموالهم
وقال عبد المطلب شعرا في المعنى :
أنت منعت الجيش والأفيالا * وقد رعو بمكة الأفيالا
وقد خشينا منهم القتالا * وكل أمر منهم معضالا
* شكرا وحمدا لك ذا الجلالا
فانصرف شهر هاربا وحده فأول منزل نزله سقطت يده اليمنى ثم نزل منزلا آخر فسقطت رجله اليمنى فأتى منزله وقومه وهو جسد لا أعضاء له فأخبرهم الخبر ثم فاضت نفسه وهم ينظرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فأتاهم عبد المطلب فقال : إن هذا بيت الله لم يسلط عليه أحد ، قالوا : لا نرجع حتى نهدمه وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليهم الطين فلما حاذتهم رمتهم فما بقي منه أحد إلا أخذته الحكة فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : أقبل أصحاب الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب فقال لملكهم : ما جاء بك إلينا ألا بعثت فنأتيك بكل شيء أردت فقال : أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا أمن فجئت أخيف أهله فقال : إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى أن يرجع إلا أن يدخله وانطلق يسير نحوه وتخلف عبد المطلب فقام على جبل فقال : لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله ، ثم قال : اللهم إن لكل إله حلالا فامنع حلالك لا يغلبن محالهم أبدا محالك اللهم فإن فعلت فأمر ما بدا لك فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر حتى أظلتهم طيرا أبابيل التي قال الله ترميهم بحجارة من سجيل فجعل الفيل يعج عجا فجعلهم كعصف مأكول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله : {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} قال : أقبل أبرهة الأشرم بالحبشة ومن تبعه من غواة أهل اليمن إلى بيت الله ليهدموه من أجل بيعة لهم أصابها العرب بأرض اليمن فأقبلوا بفيلهم حتى إذا كانوا بالصفاح فكانوا إذا وجهوه إلى بيت الله ألقى بجرانه إلى الأرض فإذا وجهوه قبل بلادهم انطلق وله هرولة حتى إذا كانوا ببجلة اليمانية بعث الله عليهم طيرا أبابيل
بيضا وهي الكبيرة فجعلت ترميهم بها حتى جعلهم الله كعصف مأكول فنجا أبو يكسوم فجعل كلما نزل أرضا تساقط بعض لحمه حتى إذا أتى قومه فأخبرهم الخبر ثم هلك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} قال : أبو يكسوم جبار من الجبابرة جاء بالفيل يسوقه معه الحبش ليهدم - زعم - بيت الله من أجل بيعة كانت هدمت باليمن فلما دنا الفيل من الحرم ضرب بجرانه فإذا أرادوا به الرجعة عن الحرم أسرع الهرولة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : أقبل أبو يسكوم صاحب الحبشة ومعه الفيل فلما انتهى إلى الحرم برك الفيل فأبى أن يدخل الحرم فإذا وجه راجعا أسرع راجعا وإذا ارتد على الحرم أبى فأرسل الله عليهم طيرا صغارا بيضا في أفواهها حجارة أمثال الحمص لا تقع على أحد إلا هلك. وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس قال : جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فأتاهم عبد المطلب فقال : إن هذا بيت لم يسلط عليه أحد ، قالوا : لا نرجع حتى نهدمه وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليها الطين فلما حاذت بهم صفت عليهم ثم رمتهم فما بقي منهم أحد إلا أصابته الحكة ، وكانوا لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط جلده ..
وأخرج أبو نعيم في الدلائل " من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
إن فتى من قريش خرج في أصحاب له متوجهين نحو الحبشة فنزلوا بشاطيء آواهم المقيل إلى مصلى كان للنصارى كان على شاطىء البحر كانت تدعوه النصارى ماء سرجسان فلما كان عندهم رحيلهم جمع الفتى القرشي وأصحابه حطبا كان فضل من طعامهم فألهب فيه النار وارتحل هو وأصحابه فأخذت النار في مصلى النصارى وأحرقته فغضب النجاشي غضبا شديدا فأتاه أبرهة الصباحي وأبو الأكسم الكندي وحجر بن شرحبيل الكندي العدوي فقال : أيها الملك ما يغضبك من هذا ؟ فلا يشق عليك فنحن ضامنون لك بناء ماء سرجسان وإحراق كعبة الله فإنها حرز قريش فيكون ماء سرجسان فنحن نسير بك إلى الكعبة فنحرقها ونخربها مكان سرجسان التي إحرقها القرشي ونضمن لك فتحمكة فتختار أي نساء قريش شئت منها . فلم يزالوا به حتى استخفوه فأخرج جموعه وعديدا من الناس ثم سار إلى مكة وسار معه المقلوش في عصابة من اليمن فيهم حي من كنانة حتى نزلوا بوادي المجاز واد يقال له : وادي المجاز فنزل به.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة (طيرا أبابيل) قال : طيرا كثيرة متتابعة بيضاء جاءت من قبل البحر مع كل طائر منها ثلاثة أحجار حجران في رجله وحجر في منقاره لا تصيب شيئا إلا هشمته.
وَأخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد (طيرا أبابيل) قال شتى متتابعة مجمعة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير في قوله : (طيرا أبابيل) قال : الكثيرة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن مثله.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد والفريابي ، وَابن جَرِير عن عبيد بن عمير في قوله : (طيرا أبابيل) قال : هي طير خرجت من قبل البحر كأنها رجال الهند معها حجارة أمثال الإبل البوارك وأصغرها مثل رءوس الرجال لا تريد أحدا منهم إلا أصابته ولا أصابته إلا أهلكته والأبابيل : المتتابعة.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير : (طيرا أبابيل) قال خرجت عليهم طير سود بحرية في مناقيرها وأظافيرها الحجارة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة ومجاهد : (طيرا أبابيل) قالا : عنقاء المغرب.
وَأخرَج ابن المنذر عن عبدالرحمن بن سابط قال :الأبابيل :الزمر.
وَأخرَج الفريابي عن سعيد بن جبير قال :هي طير لها مناقير تختلف بالحجارة فإذا أصابت أحدهم نطف جلده وكان ذلك أول ما رأى الناس الجدري.
وَأخرَج الطسي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : (طيرا أبابيل) قال :ذاهبة وجائية تنقل الحجارة بمناقيرها وأرجلها فتبلبل عليهم فوق رءوسهم قال :وهل تعرف العرب ذلك قال :نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : وبالفوارس من ورقاء قد علموا ** أحلاس خيل على جرد أبابيل . "
ومن يقرأ الروايات السابقة يجد تناقضات عدة منها :
أولا أن عبد المطلب فى الرواية ألأولى طلب إبله ولم ينصح الملك كما فى القول " وكانت مائة ناقة لي مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عير أهلها وتخرج إلى تجارتنا وتتحمل من عدونا عدا عليها جيشك فأخذوها وليس مثلك يظلم من جاوره ، فالتفت إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجبا فقال :
لو سألني كل شيء أحوزه أعطيته إياه أما إبلك فقد رددنا إليك ومثلها معها فما يمنعك أن تكلمني في بنيتكم هذه وبلدكم هذه "
بينما فى الروايات ألأخرى لم يطلب إبلا وإنما نصخ الملك بالتراجع كما فى القول " فقال : أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا أمن فجئت أخيف أهله فقال : إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى أن يرجع إلا أن يدخله"
ثانيا سبب الحرب ففى رواية سرقة العرب لخلى الكنيسة ومتاع أبرهة كما فى رواية " فلما انصرف من مكة نزل في كنيسة بنجران فغدا عليها ناس من أهل مكة فأخذوا ما فيها من الحلي وأخذوا متاع أكسوم" ومرة احراق رجل قرشى للكنيسة فى رواية :"جمع الفتى القرشي وأصحابه حطبا كان فضل من طعامهم فألهب فيه النار وارتحل هو وأصحابه فأخذت النار في مصلى النصارى وأحرقته"
ثالثا أن الطيور لونها مرة بيضاء كما فى رواية" طيرا كثيرة متتابعة بيضاء" ومرة سوداء كما فى رواية : "خرجت عليهم طير سود بحرية في مناقيرها وأظافيرها الحجارة"
إذا سورة الفيل لا علاقة لها بموضوع أبرهة وعبد المطلب والأفيال وغيرها من روايات الناس لأنه لا يوجد اى لفظ يدل على هذه الحكاية
والحكاية تعارض القرآن فى أن هلاك الأقوام لا يكون إلا وقد بعث لهم رسول كما قال تعالى :
"وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث فى أمها رسولا"
والحكايات الكاذبة كلها ليس فيها رسول أرسل إلى أبرهة وقومه أو عبد المطلب وقومه