مفهوم الجاهلية بين الواقع و الوهم ؟

مهدي مالك في الجمعة ٢٩ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

                       

مفهوم الجاهلية بين الواقع و الوهم ؟      

مقدمة  متواضعة                                              

ان الانسان الامازيغي بعد سنة 1956 أي الاستقلال الشكلي ظل يسمع داخل بيوت الله أي المساجد او داخل البرامج الدينية في الإذاعة و المغربيتان خطاب ما يصطلح عليه بالحركة الوطنية المغربية ببعده الديني التراثي أي السلفية الوطنية كما تسمى علما ان الدولة الوطنية التي أسست بعد 1956 ليست دولة دينية خالصة مثل دولة الخلافة المسماة بالاسلامية او الدولة السعودية التي أسست سنة 1932 ...

بل هي دولة علمانية بمفهومها الفرنسي من حيث القوانين الوضعية و احداث البرلمان و الابناك الخ من مؤسسات الدولة الوطنية الحديثة لكن هذه الدولة تحتاج وقتها الى شرعية دينية استبدادية لقمع هوية هذه الأرض الامازيغية بكل تفاصيلها الثقافية و الدينية و السياسية فوجدت العلاج المناسب في خطاب الحركة الوطنية السلفي بشان هذه القضية الهوياتية او في قضايا أخرى مثل القضية النسائية و قضية الانتقال الديمقراطي الخ بمعنى ان الدولة المغربية  بعد الاستقلال قد قامت بصناعة الازدواجية بين التشريق و التغريب أي الاصالة و المعاصرة و قامت بصياغة حقل ديني رسمي على أساس العروبة و الإسلام حسب تاويل المخزن المركزي حينها أي في سنة 1956 دون تطبيق الشريعة الإسلامية و حدودها كما كان هذا المخزن العتيق يطبقها في مدن المركز القليلة قبل دخول جيوش الاستعمار المسيحي الى بلادنا أوائل القرن الماضي بشهادة التاريخ الاجتماعي للقبائل الامازيغية كلها .

و انما كانت الدولة حينها استهدفت الفصل التام بين الامازيغية و الإسلام و الامازيغيين و هويتهم الاصيلة على مختلف المستويات و الأصعدة من خلال التاطير الديني السلفي داخل المساجد الخ من مؤسسات التنشئة الاجتماعية.

ان من بين المفاهيم المستعملة هي تنصير البربر و فرنسيتهم و الجاهلية كمفهوم عظيم قد استعمل  في السياق المغربي منذ سنة 1930 ضد الهوية الامازيغية و تقاليدها و ضد الطرق الصوفية التي تمثل الإسلام المغربي الامازيغي منذ قرون رغم ما علق بهذه  الطرق من الخرافات مثل الكرامات  و الشعوذة الخ .

لكن هذه الطرق الصوفية في نهاية المطاف تعبر عن المتدين المغربي المسالم مع محيطه الاجتماعي و مع الاخر من الديانات الأخرى عبر تاريخ المغرب الإسلامي بمعنى ان الطرق الصوفية في تاريخنا كانت عامل للاستقرار الروحي و السياسي ظل سياسة القبائل الامازيغية و المعتمدة على القوانين الوضعية الامازيغية كما هو الحال اليوم مع القوانين الوضعية الفرنسية التي تدبر شؤون الدولة المغربية في الاقتصاد و الاتفاقات الدولية .

ان اجدادنا الكرام قد استطاعوا الملائمة بين القيم الروحية و الإنسانية للاسلام و هويتهم الاصيلة من خلال العديد من المظاهر و التقاليد الخ حيث انني لم اقرا قط في كتب الثقافة الامازيغية منذ سنوات طويلة ما يفيد ان القبائل الامازيغية و اتكرر القبائل الامازيغية كانت تقيم أسواق النخاسة لبيع الجواري على الاطلاق مع العلم ان اجدادنا كانوا يبيعون السود باعتبارهم عبيد كما موجود في الفقه الإسلامي القديم و مصطلح اسوقي الامازيغي الذي يعني الانسان ذو البشرة السوداء  هو متداول الى حد الان في لغتنا الامازيغية بسوس و في حين لا نجد أي مصطلح يعني الجارية حسب علمي المتواضع و حسب ما يقوله الفقه القديم في هذا الموضوع المثير و هنا اعبر عن ملاحظاتي قد تصيب او تخطئ  .

و  من بين قيم اجدادنا الإنسانية الإسلامية هي عدم تفيد عقوبة الإعدام او قطع الأطراف الخ لان الجسد له قداسته لدى اجدادنا الامازيغيين المسلمين لان اغلب القوانين الوضعية الامازيغية قد تعاملت مع الشرع الإسلام وفق الحدود العليا و الحدود الدنيا كما شرحها المرحوم الدكتور محمد شحرور في كتبه منذ  سنة 1990 الى وفاته سنة 2019 أي ان اجدادنا قد طبقوا هذا المنهج منذ مئات السنين باعتبارهم ذوي العقلانية الإسلامية في الاجتهاد الديني بما يناسب مع خصوصياتهم الاصيلة و مع تاريخهم الطويل قبل الإسلام مثل تكريم المراة التي كانت تحكم شمال افريقيا و مثل العمران الحضاري من خلال المؤسسات الدينية و المدنية و السياسية...

 و مثل الحس الديني السليم عندما يتعرض الوطن للاستعمار المسيحي منذ القرن 16 للميلاد حينما دخلت  البرتغال الى المغرب فوجدت المقاومة الشديدة من طرف الدولة السعدية التي انطلقت من منطقة سوس رغم انها ادعت النسب الشريف غير انها  استطاعت الانتصار على البرتغال في  معركة وادي المخازن الشهيرة الخ من هذه المحطات التاريخية .....

لكن عندما ولدت الحركة الوطنية بخطابها السلفي سنة 1930 وضعت الامازيغية و الامازيغيين في خانة الجاهلية بدون أي تدقيق او تحديد تاريخي لهذا المفهوم لدى الاعراب بعد الإسلام على الخصوص ........

الى صلب الموضوع                            

ان الهدف الاسمى لاغلب تيارات الإسلام السياسي  في هذه الجغرافية الشاسعة من العالم الإسلامي منذ سنة 1928 الى الان ليس نشر قيم الإسلام الإنسانية من قبيل الرحمة و العدل و المساواة و الخير للإنسانية  جمعاء تصديقا للاية الكريمة ما ارسلناك الا رحمة للعالمين كمقصد نبيل لديننا الإسلامي الحنيف الذي نزل بالحق على رسولنا  الكريم ليعلم الإنسانية كيفية الانتقال من الأحادية الى التعددية و من العبودية الى الحرية و من الجاهلية الى المدنية حيث اول عاصمة للدولة الإسلامية هي المدينة المنورة أي مصطلح المدنية و مصطلح المدينة لا يختلفان على الاطلاق  فمصطلح  المدنية يعني التقدم و الديمقراطية المباشرة كما سماها الأستاذ احمد صبحي منصور و مصطلح المدينة يعني الحضارة و تعدد الثقافات و المعتقدات الدينية ....

ان مفهوم الجاهلية الذي استعمل عندنا في المغرب للأسباب التي شرحتها في مقدمة مقالي هذا المتواضع هو مفهوم تاريخي يتعلق بتقاليد الاعراب قبل الإسلام و بعده على حد السواء فاصبحت من صريح الدين الإسلامي التراثي و الرافض لاي اجتهاد و لو كان من طرف اجدادنا الامازيغيين المسلمين من طبيعة الحال .

و ساشرح وجهة نظري المتواضعة فاقول ان تيارات الإسلام السياسي قد جاءت بهدف اسمى و وحيد الا و هو استرجاع دولة الخلافة المسماة بالاسلامية الى حيز الوجود لتقيم الشريعة الإسلامية و حدودها بصورتها الثابتة لا تتغير بتغير الزمان و المكان حسب قول السلف الصالح منذ 1200 سنة و الملاحظ ان هذا المبدئ يتناقض بشكل صرخ مع مقولة ان الإسلام هو صالح لكل زمان و مكان التي يقولها رموز تيارات الإسلام السياسي هنا او هناك لاشعال الحماس لدى العامة من  المسلمين نحو هذا المشروع الخطير على الإسلام أولا و أخيرا  ..

ان الاعراب كما سماهم الله تعالى في كتابه العزيز كانوا قبل ظهور نور الإسلام يعيشون في الجاهلية عبر تقاليدها من قبيل الغزو و استعباد العبيد و الاماء و اتخاذ الجواري للفسق و الفجور و احتقار المراة من خلال دفنه تحت التراب عندما كانت رضيعة لدى امها الخ ......

و عندما ارسل الله رسوله الأمين عليه الصلاة و السلام الى قومه الكفار بمكة المكرمة عانى هذا الأخير و معه المسلمين الأوائل من بطشهم و من قمعهم بمجرد دعوتهم الى عبادة الله الواحد لا شريك له في الملك و الكبرياء بمعنى ان الرسول الأمين قد عاني في سبيل دعوتهم بالتي هي احسن حتى اذن الله لرسوله الأمين بالهجرة مع أبو بكر الصديق الى يثرب أي المدينة المنورة لإقامة الدولة الإسلامية الأولى و الأخيرة حسب اعتقادي المتواضعة حيث لا اطعن في الخلفاء الراشدون على الاطلاق باعتبارهم قد فعلوا ما كانوا يستطيعون من جمع كلمة المسلمين الخ.

لكن رجع العرب شيئا فشيئا الى جاهليتهم الأولى فحدثت الفتنة الكبرى بين المسلمين و معركة الجمل الخ من هذه الاحداث الجسام حيث كان من بين نتائجها البارزة هي تأسيس الخلافة الاموية على الجاهلية العربية الأولى بمختلف تفاصيلها من الغزو بغطاء نشر الدين الإسلامي حيث كان الجيش الاموي حينما يدخل الى بلد معين مثل المغرب يقتل الرجال و يغتصب نسائهم امام اطفالهن بدون أي حياء ك ان لم ينزل الدين الإسلامي عليهم نهائيا فاين اذاب الإسلام المنصوصة في القران مثل الأستاذان لدخول بيت معين به الحرمات من النساء المتزوجات و بناتهن الخ من هذه الاذاب الإسلامية الرفيعة بمعنى ان الخلافة الاموية هي التي استرجعت الجاهلية العربية بكل وضوح و البستها ثياب الدين الإسلامي للطغيان على الناس و سلب حرياتهم الأساسية في الاختيار و التفكير في الفلسفة الإسلامية  الخ..

ان الجاهلية العربية قد دخلت الى كتب التراث الإسلامي السلفي في العصر العباسي فاصبح هذا الدين الحنيف يحتقر المراة بجعلها ناقصة العقل و الدين و جعلها غير فاعلة في مجتمعها العربي و بينما في  المغرب كانت الدولة المرابطية الامازيغية حسب ما قاله الأستاذ الحسين إسكان في كتابه حول الدولة الموحدية تعطي مكانة رفيعة للمراة الامازيغية في الدولة المرابطية بدليل ان زنيب النفزاوية التي كانت امراة عاقلة تحكم و زوجة ملك عظيم  الا و هو يوسف بن تاشفين و كان النسب يعود الى الام في ذلك العهد الخ حيث قلت هنا إشارات فقط ..........

ان مفهوم الجاهلية العربية صار من صحيح الدين الإسلامي التراثي داخل دولة الخلافة بالمشرق على الخصوص و التي تطبق الشريعة الإسلامية و حدودها حيث لا احد يسائل لماذا وجود أسواق النخاسة لبيع الجواري بلا ملابس داخلية في عز الظهر امام الناس و الفقهاء؟ علما ان الإسلام قد جاء لتكريم المراة بالمنطلق و صيانة شرفها و كرامتها الخ ....

غير ان الفقهاء في الخلافة الاموية و العباسية قد اجتهدوا  في ايات ملك اليمين لارضاء الخليفة و وزراءه الخ باعتبار الخليفة هو ظل الله في الأرض لكن  بالمقابل ان وجود مثل هذه العادات السيئة و المسيئة سيجعل الإسلام دين لامتهان جسد المراة او الفتاة في عز الخلافة المسماة بالاسلامية بامتياز...

 ثم الفرق بين عورة الحرة و عورة  الجارية حيث عورة الحرة هي كلها بينما عورة الجارية من السرة الى الركبة ما شاء الله على هذا الفجور الفقهي ك ان الجارية هي الفاجرة حيث انها تمارس الجنس مع سيدها خارج أي زواج أصلا أي العلاقات الرضائية التي كانت عنوان عريض لهجوم فقهاء اخر الزمان عندنا في سوس على النقاش العمومي الرصين حول تعديلات مدونة الاسرة الجديدة منذ شتبر 2023 الى مارس 2024 .

ليس من الغريب و المستغرب ان فقهاء الإسلام السياسي ببعده الوهابي و الاخواني لا يتحدثون عن امر بيع الجواري امام العامة من المسلمين كانه غير موجود أصلا باعتبار ان التحدث عن هذا الامر او عن أمور أخرى سيساهم في كشف وثائق سرية حول اخلاق دولة الخلافة الفاجرة للغاية امام البسطاء من المسلمين ........

ان هؤلاء أي فقهاء  اخر الزمان بسوس خصوصا و المغرب عموما  يتحدث عن المراة بعنف كبير باعتبارها يجب ان ترجع الى البيت عوض العمل مع الرجال في المكاتب المغلقة او في الفنون مثل الغناء و مثل السينما الخ من هذه الاعمال الشريفة 1000 مرة من أسواق النخاسة التي تشبه الى حد عظيم اوكار الدعارة في أوروبا او مثل الأفلام الإباحية الذي يشاهد الانسان لوحده و الله يغفر الذنوب جميعا لكن هؤلاء القوم يتصرفون كانهم شركاء الله سبحانه و تعالى في الحكم و في الملك حيث يدخلون ما يريدون الجنة او النار .

و هكذا فان مفهوم الجاهلية كان موجود في دولة الخلافة المسماة بالاسلامية و موجود في كتب التراث الإسلامي لان الإسلام له قيم إنسانية عليا لكن تيارات الإسلام السياسي عملت منذ اكثر من 40 عام داخل دولنا و مجتمعاتنا على مختلف الأصعدة و المستويات بهدف جعلنا نقدس الجاهلية العربية ببساطة شديدة و ليس قيم الإسلام الإنسانية......................

 

انني انتظر ملاحظاتكم و اراءكم الخ في ايميلي

 

تحرير المهدي مالك

mehdi1983k@gmail.com

اجمالي القراءات 629