تطرح تساؤلات هامة حول تأثير دخول المرشحين الفريق أحمد شفيق، والدكتور محمد مرسي جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية على مصير الدستور الجديد وصلاحيات الرئيس، وكيفية تحديدها، ويرجع محللون تأخير تعيين لجنة الصياغة الى وجود نوايا لدى الاخوان المسلمين لوضع دستور يناسب مزاجهم.
القاهرة: وسط ترقب نتائج جولة الإعادة بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، عاد الحديث من جديد حول صلاحيات الرئيس في الدستور الجديد، حيث يرى البعض أنه في حال وصول مرسي ستكون صلاحيات الرئيس كبيرة، بل قد يتراجع الإخوان عن موقفهم الداعي بالأخذ بالنظام المختلط وسيطالبون بالنظام الرئاسي، أما في حال وصول شفيق للحكم في الإعادة فسيتم الحد من صلاحياته ليتحول إلى رئيس منصب رمزي فقط.
وحول مصير الدستور الجديد بعد وصول شفيق ومرسي إلى جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، قال الدكتور صلاح حسب الله أستاذ العلوم السياسية جامعة بنها لـ"إيلاف": أنه في حال وصول مرسي إلى الرئاسة، فسوف يُكتَب دستور يحول مصر إلى دولة دينية على الطريقة الإيرانية، أما في حال وصول شفيق إلى السلطة فسوف يكون هناك توافق بين الرئيس والبرلمان، بحيث يصاغ دستور يحدد صلاحيات متوازنة بين السلطات بما يعطي صلاحيات لرئيس الجمهورية تمكنه من تحقيق برنامجه الانتخابي.
وأكد أن الإخوان والبرلمان والجمعية التأسيسية مضطرون للتعاون مع الرئيس في هذا الأمر، تحت شعار أن البرلمان والرئيس جاءا باختيار الشرعية الشعبية وبعد انتخابات حرة، ومن حق الطرفين أن يتحدثا باسم الشعب كما يدعي الإخوان الآن .
وقال: "الأمر يتطلب الآن ضرورة إصدار المجلس العسكري دستورا مكملا، يحدد صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية، بحيث يتم القضاء على الأزمات والصدمات التي يتوقع حدوثها بين الرئيس والبرلمان، متمثلة في الجمعية التأسيسية عند كتابة الدستور الجديد، أما في حالة نقل صلاحيات المجلس العسكري الموجودة في الإعلان الدستوري الحالي إلى الرئيس المنتخب وخاصة شفيق فإن الصدام متوقع بين الطرفين إلى ما لا يحمد عقباه".
واتهم النائب مصطفى النجار، عضو مجلس الشعب جماعة الإخوان بتأخير عمل الدستور الجديد، ولأول مرة في تاريخ الدول يتم انتخاب رئيس بلا صلاحيات، وقال لـ"إيلاف" إن مصير الدستور الجديد في يد الإخوان والرئيس الجديد، فلو جاء محمد مرسي فالدستور سيتم وفقا لهوى الجماعة والإسلاميين دون مراعاة لرأي الأقليات من الأحزاب والقوى السياسية، فسلطات الدولة سوف تكون بيد الإسلاميين وسوف نكرر مبارك جديد، أما في حالة وصول شفيق فالإسلاميين سوف يتمسكون أكثر بالهيمنة على الدستور على اعتبار أنه المخرج الوحيد للحد من صلاحيات الفريق شفيق والتمكن من السيطرة على السلطة وقد يصل الأمر إلى المطالبة بتطبيق النظام البرلماني.
وأكد النجار أن الدستور الجديد مؤجل لأجل غير مسمى لحين معرفة الإخوان هوية الرئيس القادم وفقا لجولة الإعادة بين شفيق ومرسي، وبناء عليه سيتم تحديد تشكيل الجمعية وأهم البنود التي يجب أن يتضمنها الدستور، وخاصة في ما يتعلق بصلاحيات الرئيس، وموقف الجيش.
وقال: "سبب رفض الإخوان لصدور إعلان دستوري مكمل لتحديد صلاحيات الرئيس من أجل الانفراد بالدستور الجديد وفقا لأهوائهم ومصلحتهم،وفي حال وصول مرسي للسلطة فإن الدستور المكمل سوف يحد من صلاحياته وهو ما ترفضه الجماعة".
وقال عضو مجلس الشعب البدري فرغلي لـ"إيلاف" إن الإخوان يريدون شفيق في حالة نجاحه بلا صلاحيات، بحيث لا يكون له الحق في حل البرلمان وتشكيل الحكومة على أن يقتصر دوره على الخارج فقط، أما لو وصل مرسي فستكون له صلاحيات كبيرة منها حل البرلمان، والدعوة لتشكيل الحكومة، واختيار رئيسها كذلك رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، واختيار الوزارات السيادية، ورئاسة المجلس الأعلى للأمن القومي، وغيرها من الصلاحيات، مما يعطي الحق لخيرت الشاطر ومحمد بديع، المرشد العام في إدارة شؤون البلاد وفقا لمبدأ السمع والطاعة فلن يستطيع مرسي رفض تدخل المرشد العام .
وأضاف أن هناك أزمة متوقعة عند صياغة الدستور تتمثل في الصدام بين البرلمان متمثلا في الإخوان وبين الرئيس في وجود شفيق، حيث أن الأخير لن يرضى بصلاحيات محدودة أو بالتنازل عن النظام الرئاسي في حين سوف يسعى الإخوان لـ"قصقصة ريشه "، وبالتالي سيلجأ شفيق إلى حل البرلمان على اعتبارأنه الفيصل بين السلطات وفقا للإعلان الدستوري الحالي أو أن يقدم استقالته، وهو الأمر المستبعد في ظل التحدي فيما بينهما مما يعني دخول البلاد في فوضى جديدة لا تحسب نهايتها.
وقال إن القانون الجديد الخاص بتحصين الجمعية التأسيسية المنتظر إصداره من قبل البرلمان غير دستوري ويخالف المادة 60 من الإعلان الدستوري، وسوف يطعن به بعدم دستوريته مما يعيد تشكيل الجمعية التأسيسية إلى نقطة الصفر من جديد والإخوان يريدون ذلك.
كما اتهم الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، جماعة الإخوان بتعمد تأخير تشكيل الجمعية التأسيسية إلى حين إجراء جولة الإعادة بين مرسي وشفيق، منتظرين موقف مرشحهم حتى يحددوا إذا نجح مرسي سيضعون دستورا يعطيه بعض الصلاحيات، وإذا فشل فسيضعون دستورا ينتزع كل الصلاحيات من الرئيس بحيث يقتصرعلى اعتماد السفراء الجدد.
فالإخوان لم يستفيدوا من درس الانتخابات الرئاسية ببث الطمأنينة لدى الشعب والبعض عن تجنب "التكويش" على الجمعية التأسيسية بدليل قيامهم بتحصين تشكيل اللجنة بقانون خاص يلغي الحكم الصادر من قبل محكمة القضاء الإداري بإلغاء تشكيل الجمعية التأسيسية السابق،وقال: أنه لا يمكن أن نطمئن لنوايا الإخوان, ونتائج الانتخابات أفرزت أسوأ ما في الثورة .
وقال إن وصول شفيق ومرسي يتطلب صدور إعلان دستوري تكميلي يحدد صلاحيات الرئيس، وهذا هو الضامن للشعب لحمايتهم من طمع كل منهما في السلطة.
وقال معتز السعيد رئيس حزب الحرية لـ"إيلاف" إن الإخوان نجحوا في تعطيل تشكيل الجمعية التأسيسية إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية، وأخضعوا عملية وضع الدستور لنتائج الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن لجوء الإخوان لوضع قانون لتحصين الجمعية التأسيسية يؤكد نوايهم لوضع دستور على مزاجهم الخاص، بحيث لا يصدر حكما جديدا بالطعن على التشكيل الجديد للجمعية،
مؤكدا أن الإخوان عازمون على " قصقصة ريش" أحمد شفيق إذا نجح، بالنسبة لصالحيات الرئيس، بحيث يجبر على تقديم استقالته كما قال، وتعاد الانتخابات من جديد، أما في حالة نجاح مرسي فسيكون الدستور مختلطا كما يزعمون بحيث تكون صلاحيات الرئيس أكبر، أو يتراجعون عن كلامهم كما هو معتاد، ويدعون أن النظام الرئاسي هو الأفضل لمصر، بحيث يكون للرئيس سلطات أوسع لكي يتمكن المرشد العام من إدارة البلاد من خلف الستار .