الغزالى حُجّة الشيطان ( 5 )
نماذج من إفتراءات ( أبى حامد الغزالى ) على الله جل وعلا فى كتاب ( إحياء علوم الدين )
الحلقة الخامسة :
قبل أن تقرأ :
1 ـ تدبّر قول ربك جل وعلا :
1 / 1 : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)الأنعام )
1 / 2 : ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) الزمر )
2 ـ تذكّر :
2 / 1 : قال جل وعلا : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) (149) الأنعام ) ، ولكن المحمديين أطلقوا على الغزالى لقب ( حُجّة الاسلام ). أى ظلّ الاسلام بدون حُجّة حتى ظهر هذا الغزالى المتوفى عام 505 هجرية .
2 / 2 : قال النووى عن كتاب إحياء علوم الدين : ( كاد الإحياء أن يكون قرآنا ) ، وردّد شيخ الأزهر عبد الحليم محمود هذه المقولة ، سمعتها منه بنفسى فى برنامج إذاعى .
إقرأ هذه النماذج من إفتراءت هذا المخلوق على رب العزّة جل وعلا :
نسترجع إفتراءات الغزالى السابقة فى تبغيض الدنيا ومن يسعى للتمتع بها :
1 ـ ( قال ابن عباس : يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية ومشوه خلقها، فتشرف على الخلائق فيقال لهم : " أتعرفون هذه؟ " فيقولون : " نعوذ بالله من معرفة هذه " فيقال : " هذه الدنيا التي تناحرتم عليها ، بها تقاطعتم الأرحام ، وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم" . ثم يقذف بها في جهنم فتنادي : " أي رب أين أتباعي وأشياعي؟ " فيقول الله عز وجل : " ألحقوا بها أتباعها وأشياعها "..
2 ـ ( لقد بلغني أن بعض الصحابة وهو أبو بكر رضي الله عنه عطش فاستسقى فأتي بشربة من ماء وعسل فلما ذاقه خنقته العبرة ثم بكى وأبكى ثم مسح الدموع عن وجهه وذهب ليتكلم فعاد في البكاء فلما أكثر البكاء قيل له أكل هذا من أجل هذه الشربة قال نعم بينا أنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه أحد في البيت غيري فجعل يدفع عن نفسه وهو يقول إليك عني فقلت له فداك أبي وأمي ما أرى بين يديك أحدا فمن تخاطب فقال هذه الدنيا تطاولت إلي بعنقها ورأسها فقالت لي يا محمد خذني فقلت إليك عني فقالت إن تنج مني يا محمد فإنه لا ينجو مني من بعدك فأخاف أن تكون هذه قد لحقتني تقطعني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم )
3 ـ ( وقال الفضيل : بلغني أن رجلا عرج بروحه فإذا امرأة على قارعة الطريق عليها من كل زينة من الحلي والثياب وإذا لا يمر بها أحد إلا جرحته فإذا هي أدبرت كانت أحسن شيء رآه الناس وإذا هي أقبلت كانت أقبح شيء رآه الناس عجوز شمطاء زرقاء عمشاء. قال فقلت : " أعوذ بالله منك " قالت : " لا والله لا يعيذك الله مني حتى تبغض الدرهم " قال فقلت : "من أنت" قالت : "أنا الدنيا " .! ) :
التعليق :
ليس من الاسلام كراهية الدنيا والزهد فيها . قال جل وعلا :
1 ـ عن ابراهيم عليه السلام :
1 / 1 : (وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ)النحل:122
1/ 2 : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ)العنكبوت:27
2 ـ وعن المؤمنين :
2 / 1 : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) البقرة ) (
2 / 2 :(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ)النحل:30
2 / 3 : (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)النحل:41
2 / 4 : (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ ) القصص:60)
2 / 5 :( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)الشورى:36 )
2 / 6 : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) القصص:77
غاية ما هناك أن تكون الدنيا سبيلا للفوز بالجنة .
3 ـ الأسوأ إستخدام دين الله وإسمه العظيم فى إرتكاب أبشع الجرائم ، كما فعل أبو بكر ومن تلاه من الخلفاء الفاسقين . كان عندهم المال الإله الأعظم ، فى سبيله كانت فتوحاتهم الشيطانية بسفك الدماء والسلب والنهب والسبى والاسترقاق ، وفى سبيله كانت الفتنة الكبرى وملا تلاها من حروب أهلية ، والبداية كانت بسبب منطقة ( السّواد ) أو الأراضى الزراعية فى العراق وإستئثار قريش بها على أنها ( بستان قريش ) مما تسبّب فى الثورة على الخليفة عثمان ثم قتله . وتوالى سفك الدماء على نحو ما فصّلناه فى كتابنا عن (مسلسل الدماء فى تاريخ الخلفاء ).
ثورة الزنج :
1 ـ تركز المال فى قصور الحكام وأتباعهم بينما عاشت الأغلبية تحت الفقر والقهر . إنفجر الوضع فيما يعرف بثورة ( الزنج ) فى العصر العباسى الثانى ، حيث إعتاد الخلفاء إعطاء إقطاعات زراعية لأعوانهم من الأراضي البور في منطقة البطائح بالبصرة ، ووقع علي الزنوج العبيد عبء استصلاحها، وتخصص التجار في استجلاب هؤلاء الزنوج إلي جنوب العراق وحول الخليج ، وتكدست بهم هذه المنطقة حيث عملوا في استزراع الأراضي تحت ضرب السياط وسوء التغذية ، يحملون علي البغال الطبقة الملحية التي تكونت بفعل ظاهرة المد من الخليج العربي ويكشفون عن التربة الزراعية تحتها ويقومون بنقل أكوام الطبقة الملحية إلي حيث تباع ، وفي نظير هذا العمل الشاق كانوا يحصلون علي غذاء بائس من تمر وسويق ، في الوقت الذي كان فيه المترفون في بغداد بجانب الخليفة يأكلون طبق ( الجام) وهو لسان السمك ، ويبلغ ثمنه أكثر من ألف درهم!!. لذا كانت معسكرات الزنوج وقودا لثورة الزنج التي قادها مغامر مجهول الاسم تسمى باسم علي بن محمد وقد ادعي النسب العلوي والتشيع ودعا للثورة في المنطقة بين الأعراب النجديين ، وانتقل بهم الى جنوب العراق ،بعد أن غيّر دينه من التشيع الى الخوارج ، كى يتحبب الى الزنوج ويتألف ويتودد الى قادتهم . وبين دينى التشيع والخوارج استغل سوء الأوضاع والفجوة الهائلة بين الفقراء المعدمين في جنوب العراق وحول الخليج وبين المترفين في بغداد حول قصور الخلافة العباسية.وقد استمرت ثورته من 255 ــ 270هـ . وتكاثر أتباعه ولم تتغلب عليه الدولة العباسية إلا بشق الأنفس ، وقد دخل بأتباعه من الزنج البصرة وأعمالها وخربوها وسبوا النساء وأحرقوا ما وجدوه ، وأعقب ذلك الوباء الذي أفني خلقا لا يحصون ، وذكر المؤرخ الصولي المعاصر للثورة إن صاحب الزنج قتل من المسلمين نحو مليون ونصف المليون ، وأنه قتل في يوم واحد بالبصرة نحو ثلاثمائة ألف ، وكان له منبر في مدينته يصعد عليه يسب فيه الصحابة ، وقالوا أن المرأة الهاشمية في معسكره كان ثمنها بدرهمين وثلاثة دراهم ، وأنه كان عند الواحد من الزنج العشر من السبايا الهاشميات يطؤهن ويستخدمهن..
2 ـ شهد هذه المأساة ( الإمام مسلم ) المتوفى عام 261 فإخترع الحديث المشهور الذى يُشرّع الزهد بديلا عن الثورة المسلحة ، وهو ( رُبَّ أَشْعَثَ أغبرَ مَدْفُوعٍ بالأبواب لو أَقسم على الله لَأَبَرَّهُ») . وهذا الحديث يعبر عن ( المثقفين ـ أو الفقهاء ) الفقراء من وضّاعى الحديث ، وكانوا يضعون أحلامهم الضائعة وأراءهم فى صيغة أحاديث تكتسب الصُّدقية وتصبح دينا أرضيا . وبذلك تأسّس دين الزهد كراهية فى الدنيا والتكالب عليها . وحديث ( مسلم ) يعبّر عن أحوال أولئك الفقهاء المحدثين الفقراء المحبطين المهمشين المثقفين الذين تميزوا برثاثة الهيئة وتعرضوا لاحتقار السادة ، وكان محرما عليهم الاقتراب من أبواب السلاطين والولاة ، كان البوابون والحراس مأمورين ب ( دفع ) أولئك ( العوام / السُوّقة ، الدهماء / الفقراء ) من الاقتراب من قصور المترفين السادة . لذا وضع أولئك المثقفون المهمشون إحباطاتهم فى هذا الحديث (رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه) . ، القصور مفتوحة على مصراعيها للشعراء و النخاسين تجار الرقيق والقادة وأصحاب الجاه ، وهم مطرودون بالأبواب . وبالتالى فلهم جاههم ( المزعوم ) ومنزلتهم ( المزعومة ) عند الاله الذى إخترعوه ، والذى ـ بزعمهم ـ لو أقسموا عليه لأكرمهم وأبرّهم وإستجاب لهم .كان أحدهم لا يجرؤ على الاقتراب من أبواب الولاة والسلاطين ، وكان لا يجرؤ أن يتصور نفسه فى حضرة السلطان وهو ( يُقسم عليه ) أن يفعل كذا ، ويستجيب له السلطان . نقول هذا من واقع الفهم للعصر حيث يملك الوالى ـ أن يضرب عنق من يريد بكلمة يقولها ، فكيف بالخليفة نفسه ؟ . لم يكن يجرؤ أحدهم على هذا التخيل مع السلطان ، لكن وجدوا الجرأة لكى يزعموا هذا على رب العزة جل وعلا ، إذ يجعلون الأشعث الأغبر يقسم على الله جل وعلا فيستجيب له الله جل وعلا . يقسم على الله يعنى يأمر الله .!! وهى عادة سيئة فى كل الأديان الأرضية أنهم يرفعون أنفسهم وآلهتهم المخلوقة فوق رب العزة جل وعلا . . ومنها هذا الحديث الذى يزعمون فيه ان شخصا ( زبالة ) يقسم على الله جل وعلا ، وبزعمهم يستجيب له الله جل وعلا . إن المؤمن لا يمكن أن يكون أشعث أغبر أبدا ، لأنه مأمور بالطهارة الحسية والطهارة القلبية المعنوية . مأمور أن يتطهر بالوضوء وبالغسل ، بل ألّا يقترب جنسيا من زوجته عند الحيض لأنه أذى ، أى مأمور بالتطهر الحسى من النجاسة والقذارة الحسية كما هو أيضا مأمور بالتطهر من رجس الاعتقاد فى البشر والحجر . المؤمن الذى يصلى خمس فرائض يوميا محافظا على طهارته مستحيل أن يكون ( اشعث أغبر ). ولكن الدين الأرضى يقوم بتصنيع آلهته من هواه وبأحاديث الشيطانية ، مفتريا على رب العزة جل وعلا ، ومتناقضا مع الاسلام دين الرحمن . ورأينا أن مؤلف هذا الحديث الفاجر الكافر قد صنع الاها يدخل عليه الأشعث الأغبر ويقسم على هذا الاله المزعوم أن يفعل ( كذا ) فيستجيب له هذا الاله المزعوم .
أخيرا :
ونأتى للغزالى فى ( الإحياء ) وهو يصنع أحاديث تؤكد حديث الأشعث الأغبر ، وتفترى إن الله جل وعلا يستجيب له فى صلاة الإستسقاء . يقول الغزالى :
1 ـ ( وقال الأوزاعي خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " يا معشر من حضر ألستم مقرين بالإساءة ؟ فقالوا : " اللهم نعم " ، فقال : " اللهم إنا قد سمعناك تقول ما على المحسنين من سبيل وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا اللهم فاغفر لنا وارحمنا واسقنا " . فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا ) .
2 ـ ( وقال عطاء السلمي : " مُنعنا الغيث فخرجنا نستسقي ، فإذا نحن بسعدون المجنون في المقابر ، فنظر إلي فقال : " يا عطاء أهذا يوم النشور أوبعثر ما في القبور ؟ ، فقلت " لا ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي" ، فقال : " يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية "؟ فقلت : " بل بقلوب سماوية" ، فقال : " هيهات يا عطاء قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا فإن الناقد بصير. " ثم رمق السماء بطرفه وقال : " إلهي وسيدي ومولاي لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ولكن بالسر المكنون من أسمائك وما وارت الحجب من آلائك إلا ما سقيتنا ماء غدقا فراتا تحيي به العباد وتروي به البلاد يا من هو على كل شيء قدير ". قال عطاء : فما استتم الكلام حتى أرعدت السماء وأبرقت وجادت بمطر كأفواه القرب ، فولّى وهو يقول :
"أفلح الزاهدون والعابدونا إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أسهروا الأعين العليلة حبا فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شغلتهم عبادة الله حتى حسب الناس أن فيهم جنونا )
3 ـ ( وقال ابن المبارك : قدمت المدينة في عام شديد القحط ، فخرج الناس يستسقون ، فخرجت معهم ، إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش قد اتزر بإحداهما وألقى الأخرى على عاتقه، فجلس إلى جنبي فسمعته يقول : " إلهي أخلقت الوجوه عندك كثرة الذنوب ومساوي الأعمال وقد حبست عنا غيث السماء لتؤدب عبادك بذلك فأسألك يا حليما ذا أناة يا من لا يعرف عباده منه إلا الجميل أن تسقيهم الساعة الساعة " فلم يزل يقول : " الساعة الساعة " ، حتى اكتست السماء بالغمام وأقبل المطر من كل جانب . قال ابن المبارك : " فجئت إلى الفضيل فقال : " ما لي أراك كئيبا ؟ " فقلت : " أمر سبقنا إليه غيرنا فتولاه دوننا . " وقصصت عليه القصة ، فصاح الفضيل ، وخرّ مغشيا عليه . )
إخترعوا غلاما أسود بديلا عن الزنج الحقيقيين الثائرين .