عندما تدخل مشيخة الأزهر بحديقة الخالدين بالدراسة وتصعد سلالم المبني المكون من سبعة طوابق، ستقع عينك علي لافتة مكتوب عليها بشكل واضح "غرفة إشهار الاسلام"، يتردد عليها بشكل أساسي عدد كبير من الأجانب.
الغرفة والمكتوب عليها تغري بالبحث، فهي من اسمها يعلن فيها من يريدون إسلامهم، أردنا أن نقتحم بكم هذه الغرفة والغرف الأخري الكثيرة المنتشرة في أماكن كثيرة في مصر لمعرفة الإجراءات المتبعة للإشهار، وما دور المؤسسة الدينية الاكبر في العالم ومصر وهي الأزهر في هذا الامر، وهل يقتصر دور علمائها علي اشهار الاسلام، ومن هم رواد هذه الغرف، وهل جاءوا لاشهار الاسلام من اجل الاسلام وحده ام لأغراض أخري، وما هي هذه الأغراض؟
غرفة اشهار الاسلام الموجودة بمقر مشيخة الازهر في الدور الارضي مخصصة لاشهار اسلام الاجانب من غيرالمصريين ومرقمة 104/103، بمجرد دخولك من الباب ستجد مكتبة خشبية أرففها مزدحمة بالكتب الإسلامية، وبها صالون وثلاثة مكاتب، احدها لمدير الغرفة الشيخ عبدالحليم طه الذي يزيل شهادة اعتناق الاسلام بتوقيعه بعد عرضها علي شيخ الأزهر لمباركة الشهادة، والثاني للدكتور محمد البعددي وهو حاصل علي الدكتوراة في علوم الدعوة الإسلامية ويجيد ثلاث لغات هي الإنجليزية والألمانية والفرنسية، ويتولي الحديث مع الشخص الذي يريد إشهار إسلامه وينطقه الشهادتين باللغة التي يجيدها الشخص، والقاء محاضرة عليه، أما المكتب الثالث فهو اقل حجما ويجلس عليه موظف درجة ثالثة ويتولي أمور تسجيل شهادات اشهارالاسلام واستقبال الوافدين إلي الغرفة.
حضرنا مراسم اشهار إسلام أحد الاشخاص بالصدفة، تركني مدير الغرفة لاعتقاده انني صديق لهذا الشخص ولكن عندما تعرف علي هويتي الصحفية رفض اعطائي ي معلومات عما يحدث، وأكد أنه ينفذ تعليمات الدكتور طنطاوي ومن قبله شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق بعدم اعطاء ي معلومات لأحد، وفرض حظر علي كل ما يحدث في غرف الإشهار في مصر، وطلب مني الخروج من الغرفة وعدم الحديث عن الحالات الثلاث التي شهدتها.
لم أتعهد لمدير الغرفة بشيء ولذلك فهذه هي الحالات الثلاث:
الحالة الاولي: دخل شاب مصري أسمر البشرة طويل القامة وقال ان زوجتي تريد ان تدخل الاسلام ان شاء الله، زوجته طويلة القامة ملامح وجهها اوروبية خالصة ترتدي بنطلون جينز وتي شيرت ضيقاً شعرها مكشوف وتظهر عليها علامات الحمل، جلس الزوج والزوجة في الصالون الذي يتوسط الغرفة لملء استمارة بيضاء منقسمة لقسمين، الأول مدون باللغة الاجنبية والثاني بالعربية، وكانت البيانات كالتالي: الاسم جاسمن شوبر، سويسرية الجنسية، الديانة مسيحية المذهب كاثوليكي، الزوج محمد مصطفي مصري الجنسية ومسلم، الديانة التي ترغب الدخول فيها عن اقتناع الاسلام، ثم تدون رقم جواز السفر الخاص بها، بعدها تدون النطق بالشهادتين بخط يدها وتزيل الاستمارة بتوقيعها وتوقيع زوجها.
يقوم الموظف المختص الموجود بالغرفة بتدوين هذه المعلومات في السجلات الخاصة بكل حالة، سواء ذكر او انثي ومدون عليها اسم الشهر وتجهيز الشهادة الخضراء واعطائها للدكتور البعددي ليقوم بدوره بتسجيل بياناتها الاسلامية واسمها الذي تختاره بعد دخول الاسلام، وتظل هذه الشهادة في مقر مشيخة الازهر ويتم بموجبها استخراج شهادة اعتناق الإسلام.
بعد الانتهاء من تسجيل البيانات يقوم البعددي بإلقاء محاضرة لا تتجاوز 15 دقيقة باللغة الاجنبية، يتحدث فيها عن الاسلام ومبادئه وأركانه ويعطيهم كتابين يحملان نفس المعاني باللغة التي يجيدها من يشهر إسلامه وهي من تأليف الدكتور طنطاوي شيخ الأزهر.
وفي اليوم التالي يتم استخراج شهادة اعتناق الاسلام المزيلة بختم الازهر الشريف، بعد إجراءات بسيطة لاتستغرق أكثر من ساعة واحدة، بعد تسليم الشهادة تنقطع صلة الازهر وعلمائه بهذا الشخص، ولا يتعامل مع الأزهر مرة ثانية إلا في حدود المعاملات الروتينية مثل استخراج أوراق وخلافه.
محمد مصطفي زوج جاسمين التي أعلنت اسلامها يعمل بائع تحف أثرية مع والده بالزمالك، تعرف عليها في احدي رحلاته الي شرم الشيخ، ارتبط بها علي أمل أن يسافر معها إلي سويسرا ويستقر هناك بحثا عن فرصة عمل وحياة أفضل.
قررت جاسمين الرجوع الي سويسرا لكي تضمن لطفلها حياة افضل والحصول علي جنسية بلادها، ذهبت الي سفارة بلادها للحصول علي تأشيرة سفر، والحصول علي اذن هجرة لزوجها ولكن خشيت من رفض سفارة بلادها سفر زوجها لاختلاف الديانة فقررت دخول الإسلام خاصة بعدما أخبرها ان اجراءات إشهار الاسلام في مصر لا تستغرق سوي ساعة لا اسبوع كما تتوقع وبالفعل حصل علي شهادة اعتناق الاسلام لزوجته التي ضمن بها جواز المرور والهجرة الي اوروبا وسافرا يوم السبت الماضي.
الحالة الثانية كانت علي النقيض تماما، بطلتها سارة الفتاة الجامعية المصرية المسلمة، تعرفت علي جيمس شيرار الامريكي الجنسية عن طريق احد اصدقاء الاسرة، الذي يعمل في مجال السياحة بعدما اخبرها ان جيمس صديقه الامريكي يريد الارتباط بفتاة مصرية جميلة ورشيقة، ورصد لها سيارة فولكس باسات وشقة باسمها في مصر الجديدة والسفر لأمريكا والحصول علي الجنسية الأمريكية بجانب شيك غير محدد القيمة لها.
بدون تردد طلبت سارة التعرف عليه والارتباط به، وقف لها والدها ورفض ارتباطها بهذا الشخص لأنه ليس مسلما، قالت سارة للدكتور البعددي:طلبت من جيمس اشهار الاسلام من اجل اقناع والدها به فلم يتردد لحظة واحدة وذهب معها لمقر مشخية الأزهر بالدراسة للحصول علي شهادة اعتناق الاسلام لإتمام صفقة الزواج، الطريف ان كلا من سارة وجيمس ليجيدان لغة الآخر ولا يستطيعان التفاهم الا عن طريق مترجم.
الحالة الثالثة مختلفة تماما، استيفن الامريكي الذي يعيش بمدينة نصر نزل مصر من اجل السياحة ولكن وقف أمامه عائق اللغة في نفس الوقت تعرف علي طالبين من اندونيسيا يدرسان في جامعة الازهر الشريف فأخبراه بمنحة شيخ الأزهر لتعليم اللغة العربية للاجانب المسلمين.
علي الفور قرر استيفن دخول الاسلام وخاصة أنه يريد فتح مكتبة في امريكا تحتوي علي كتب عربية واسلامية تكون ثمرة لبيزنس كبير في العالم وهذا لن يحدث الا عن طريق حصوله علي شهادة اعتناق الاسلام من مشيخة الازهر والحصول علي منحة من شيخ الازهر تؤهله للالتحاق بجامعة الازهر، علي الجانب الآخر هنأ الطالبين الاندوسيين انفسهم بالحصول علي المكافأة المالية الكبيرة التي ترصدها سفارة بلادهم لي شخص استطاع اقناع أحد بالدخول في الاسلام ناهيك عن جنسيته الامريكية.
غرفة اشهار الاسلام بمشيخة الازهر ليست الوحيدة لاشهار اسلام معتنقي الديانات الأخري من الاجانب غير المصريين، ولكنها تستقبل من يشهرون اسلامهم في مختلف دول العالم الاسلامي ولكن ينقصهم الحصول علي صك البركة وهي شهادة اعتناق الاسلام الصادرة من مشيخة الازهر والمزيلة بختم شيخ الأزهر والتي تفتح امامهم الابواب المغلقة داخل مصر من حيث الالتحاق بالدراسة بجامعة الازهر وحرية التحرك دون قيود وفي بلادهم يضا وحصولهم علي مكانة مميزة وتضمن لهم المناصب العليا ومعاملتهم معاملة العلماء في الدين الإسلامي، والكلام لمحمد المالي الذي حضر لمقر المشيخة مع أبناء وطنه الماليين الدارسين بالازهر لاشهار الاسلام من اجل ضمان الحصول علي منحة الدراسة بالازهر.
تركنا غرفة اشهار اسلام الاجانب غير المصريين بمشيخة الازهر بالدراسة، الي غرفة اخري موجودة بالجامع الازهر تتبع لجنة الفتوي التابعة لمجمع البحوث الاسلامية وهي مخصصة لاشهار اسلام المصريين من المسيحيين.
بمجرد دخولك من الباب الرئيسي للجامع الازهر المطل علي شارع الازهر بمنطقة الحسين تجد علي يمينك باباً صغيراً مكتوباً عليه لجنة الفتوي بالأزهر، ولافتة تشير إلي عدم دفع ي رسوم علي الفتوي، ولا توجد ي علامة اوكتابة تدل علي وجود غرفة لإشهار الاسلام في هذا المكان تنفيذا لتعليمات شيخ الأزهر.
بمجرد تجاوزك لهذا الباب تجد ممرا طويلا ينتهي بساحة يجلس بها مجموعة من المشيخ وامامهم بعض طالبي الفتوي، في الممر تجد غرفة ضيقة لا تتجاوز 2متر في 2متر، مكتوباً علي بابها غرفة اشهار الاسلام للمصريين وشروط الراغبين في اشهار اسلامهم وهي احضار شهادة ميلاد وبطاقة الرقم القومي وعدد2 صورة فوتوغرافية واثنين من الشهود البالغين العاقلين وعدم دفع ي رسوم لاشهار الاسلام.
تضم الغرفة مكتبين لاثنين موظفين درجة ثالثة بالازهر، الاول يتولي امور تسجيل البيانات في السجلات الموجودة امامه وامور اشهار الاسلام بنفسه، حيث يكتفي بان ينطق بالشهادتين امامه وامام الشهود الحاضرين معه ليقروا بأن «فلان الفلاني» حضر الي مقر الجامع الازهر لاشهار الاسلام في يوم كذا.
المكتب الثاني للكمبيوتر الذي يتم تسجيل البيانات عليه من اجل استخراج شهادة اعتناق الاسلام في نفس اليوم ليذهب بها بعد ذلك للسجل المدني لتغيير بطاقته ولا يتم ذلك قبل المرور علي مباحث امن الدولة للبت في الامر والموافقة عليه من عدمه.
لا يوجد ي دور للازهر وعلمائه في غرف اشهار الاسلام للمصريين والذي يتولي امور اشهار الاسلام مجرد موظفين لا يعلمون عن الاسلام شيئاً واكتفي بدوره الروتيني في استخراج شهادات بدون رسوم وإزالة الصليب باجراء عمليات جراحية مجانية في مستشفيات جامعة الازهر ومستشفي الحسين ومستشفي السيد جلال بباب الشعرية.
غرف إشهار الاسلام موجودة في معظم محافظات مصر وهي تتبع لجان الفتوي الموجودة فيها مثل غرفة اشهار الاسلام الموجودة في منطقة الوعاظ ببور سعيد والثانية توجد في مكتب بمنطقة سموحة بالاسكندرية.