الذكرى 49 لانطلاق المسيرة الخضراء المباركة اية دروس في الوطنية الخالصة ؟
مقدمة متواضعة
ان أي شعب عريق في التاريخ و الحضارة مثلنا له امجاد و ذكريات خالدة تجعل من المواطنين داخل هذه الشعوب التاريخية و الحضارية يشعرون بحب الانتماء اتجاه هذه الأوطان الاصيلة و يشعرون بالفخر العظيم حيال ما حققه الأجداد و الاباء على مختلف المستويات و الأصعدة بفضل التطور و تراكم المعارف الإنسانية عبر مختلف الحقب الزمانية .
ان العقل الإنساني الذي خلقه الله سبحانه و تعالى من اجل تحقيق الاستخلاف في الأرض و استعمارها حسب السنن الناظمة لحركة الأرض الى الامام و ليس الى الخلف على الاطلاق كما يقول شيوخ الفكر السلفي الماضيوي و من اجل عبادته و فعل العمل الصالح بتعدد وجوهه و ابعاده ......
ان الإنسانية قد تعلمت كيفية الدفاع عن متملكاتها الفعلية مثل الأرض او المال الخ و عن متملكاتها الرمزية مثل اللغة و الثقافة و الدين حيث تطورت هذه الحياة تطورت معها هذه المتملكات الفعلية و الرمزية الى تشريعات اممية لحقوق الانسان من قبيل الإعلان العالمي لحقوق الانسان في 10 دجنبر 1948 الخ من هذه التشريعات الأممية ..
لقد تطورت هذه التشريعات الأممية الى السلوك المدني في الدول التي تحترم المبادئ المعاصرة في الحكم في التدبير بشكل نسبي مثل الانسان من قبيل الديمقراطية و الحداثة و المساواة بين الجنسيان الخ .....
و في حين مازال العقل السلفي العتيق يحاول فرض حجته الخرافية باستعمال المقدس الديني بينما ان الله سبحانه و تعالى قد منح الإرادة و العقل للإنسان للاختيار بين الخير و الشر و بين الطاعة و المعصية الخ أي ان الحرية هي قيمة اصيلة في ديننا الإسلامي الحنيف.
و يحق لنا في وطننا الغالي المغرب بدون مبالغات او مزيدات سياسوية ضيقة ان نعلن عن مدى فخرنا و اعتزازنا بما تحققته الدبلوماسية الملكية من الانتصارات المصيرة في قضيتنا الوطنية الأولى أي قضية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية منذ سنوات بدون تحديد التاريخ لكي لا ادخل الى دائرة الاتهامات بانني اساند جهة خارجية على أخرى الخ لأننا نعيش في بلد يسمى بالمغرب له تاريخ شاسع قبل الإسلام و بعده و خصوصيات فريدة من نوعها في ظل ما يجمعنا كالشعب المغربي من الثوابت الضرورية من قبيل النظام الملكي و الدين الإسلامي السمح و المساير للعصر كما مارسه اجدادنا الامازيغيين الكرام قبل ولادة مؤسس الإرهاب محمد عبد الوهاب في الحجاز.
و الخيار الديمقراطي كاحد الثوابت الوطنية الجديدة بعد دستور 2011 الحالي و الوحدة الوطنية و الوحدة الترابية كامة عريقة في التاريخ و في الحضارة حسب الأبحاث الحديثة في علم الاثار و التاريخ القديم.....
ان تخليدنا للذكرى 49 لانطلاق المسيرة الخضراء المباركة في هذا المقال المتواضع قد جاء لتعليم دروس في الوطنية الخالصة للأجيال الحالية و القادمة لان الاعمار في يد الله الواحد لا شريك في الملك او في الحكم .....
الى صلب الموضوع
يبدو لي ان الوطنية المغربية قد اختزلت في الحركة الوطنية التي تاسست سنة 1930 في ظل سياق تاريخي اصبحنا نعرفه عز المعرفة حيث ان هذه الوطنية المزعومة قد الغت تاريخ مقاومة اجدادنا الأوائل أي الامازيغيين الطويل و العريض ضد الغزاة قبل اسلامهم و بعد اسلامهم الى سنة 1930 أي تم تهميش هذا التاريخ الطويل و العريض لصالح تضخيم تاريخ المشرق العربي على الخصوص و تاريخ الغرب المسيحي كذلك بعد الاستقلال الشكلي سنة 1956 حيث ان التلميذ المغربي وقتها يتعلم ان الفاتحين العرب قد حرروا اجدادنا الكرام من اغلال الجاهلية و الشرك الى مدارك الحضارة العربية الإسلامية الخ من هذه الأسس الخرافية للحركة الوطنية.
الدرس الأول هو ان مقاومة الاستعمار يعتبر فعل اصيل مارسه اسلافنا الامازيغيين طيلة تاريخهم الطويل و العريض ضد الاستعمار مهما كان الى سنة 1975 تاريخ انطلاق المسيرة الخضراء المباركة بالامر السامي من جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله تعالى و قد يستغرب البعض من ترحمي على الحسن الثاني رغم سيئاته المعروفة لكن يبقى انسان خلقه الله و منحه حرية الاختيار الخ...
الدرس الثاني هو ان الاعتماد على ايديولوجيات المشرق العربي منذ سنة 1930 قد ساهم في احداث الكوارث العميقة في شخصيتنا المغربية الاصيلة و في احداث التقسيم في ترابنا الوطني و الحق في تقرير المصير حيث دخلت القومية العربية الى حياة المغاربة التعليمية و السياسية و الدينية بعد سنة 1956 ...
فكانت النتائج الأولى هي سرقة الصحراء الشرقية المغربية من طرف فرنسا بغية تسليمها على طبق من الذهب للنظام الجزائري و تأسيس جبهة البوليساريو الانفصالية سنة 1973 من طرف الشباب المغربي و المتعلم في الجامعات المغربية لكن تحت اطار القومية العربية و مناصرة شعوب الشرق الأوسط وقتها الخ........
الدرس الثالث لو انطلق النضال الامازيغي السياسي الحقيقي منذ سنة 1958 على اقل لكان المغرب في افضل حال من هو الحال اليوم على مختلف المستويات و الأصعدة حيث خسر المغرب عقود طويلة من الاعتماد على ايديولوجيات المشرق العربي من قبيل القومية العربية و من قبيل الإسلام السياسي..
و في هذا الاطار يجدر بي التذكير ان الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي و المؤسس سنة 2005 قد طالب بتطبيق الحكم الذاتي في المناطق المحافظة على امازيغيتها كما كان هو الحال قبل دخول الاستعمار الأجنبي الى المغرب بمعنى ان النضال الامازيغي السياسي قد انتج فكرة الحكم الذاتي ثم اعتمدها المخزن الموقر سنة 2007 في الأمم المتحدة كحل نهائي للنزاع حول الصحراء المغربية تحت السيادة المغربية من طبيعة الحال أي ان نجاح مخطط الحكم الذاتي المغربي يرجع الى اصالته التاريخية لكن بعض السلفيين سيقول لي سبحان الله انتم تقدسون سلفكم الامازيغي و ارد عليهم بالقول ان اجدادنا قد ابدعوا قوانين وضعية تتحرك مع الزمان و مع المكان مثل الدين الإسلامي كما هو مفروض غير ان العقل السلفي قد جعل الإسلام برمته ملك حصري للماضي بدون الحاضر او المستقبل ........
الدرس الرابع هو اجماع المغاربة التاريخي حول حدث المسيرة الخضراء المباركة و حول حدث زلزال الاطلس الكبير المؤلم في 8 شتنبر 2023 حيث ان المغاربة هم امة تاريخية لها تقاليد اصيلة في التضامن و التدين الحقيقي بين العبد و خالقه الذي يملك مفاتيح الجنة او الجحيم لوحده ..........
توقيع المهدي مالك