نظرات في كتاب فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نظرات في كتاب فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن
مؤلف الكتاب علي الضباع بن محمد بن حسن بن إبراهيم المصري وفى مقدمته قال الضباع:
"هذه نبذة لطيفة في بيان آداب قارىء القرآن، وكاتبه، ومن يعلمه أو يتعلمه، أو يحضر مجالس المحتفلين به، لخصتها من كتب الأئمة المعتبرين، كالتبيان والاتقان واللطائف والاتحاف والنهاية وتحفة الناظرين. وسميتها: (فتح الكريم المنان، في آداب حملة القرآن) "
وقد استهل الضباع كتابه بأداب القارىء للقرآن فقال :
"آداب القارىء:
يجب عليه ن يخلص في قراءته وبريد بها وجه الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة، أو مدح، أو نحو ذلك، وأن لا يقصد بها توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة، وأن لا يتخذ القرآن معيشة يتكسب بها، فلو كان له شيء يأخذه على ذلك فلا يأخذه بنية الأجرة، بل بنية الإعانة على ما هو بصدده، وأن يراعي الأدب مع القرآن، فيستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه ويقرأ كتابه، فيتلوه على حالة من يرى الله تعالى، فإن لم يكن يراه، فإن الله سبحانه وتعالى يراه، وذلك بأن يقدر كأنه واقف بين يدي الله تعالى، وهو ناظر إليه ومستمع منه."
إذا الاخلاص فى القراءة هو أساس القراءة والمرد القراءة بنية الطاعة لله بتنفيذ ما يقرأ من الآيات وتحدث عن طهارة الفم عند القراءة واباحة قراءته للمتحدث والمستحاضة فقال :
"ويستحب له إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالخلال ثم بالسواك أو نحوه من كل ما ينظف أما متنجس الفم فتكره له القراءة. وقيل تحرم كمس المصحف باليد النجسة، ولو قطع القراءة وعاد إليها عن قرب استحب له إعادة السواك قياسا على التعوذ، وأن يكون متطهرا متطيبا بماء ورد ونحوه، ولا تكره القراءة للمتحدث، وكذا المستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهرها وأما الجنب والحائض فتحرم عليهما القراءة. نعم يجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب"
وتحدث عن أن المحدث الريح له قراءة القرآن فقال :
" وإذا عرض للقارىء ريح فليمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجه ثم يعود إلى القراءة،"

وكل هذا يخالف أن القرآن لا يقرأ إلا على طهارة وهى إما وضوء أو غسل لأن قراءة القرآن هى الصلاة ولذا قال تعالى عند الصلاة :
يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا"
وتحدث عن التثاؤب وقراءته فى الأسواق والطرق وغيرها فقال :
" وكذلك إذا تئاءب أمسك عنها أيضا حتى ينقضي التثاؤب، وأن يقرأ في مكان نظيف، وأفضله المسجد بشرطه، ولتحصل فضيلة الإعتكاف، وهو أدب حسن. وكره قوم القراءة في الحمام والطريق. واختار الشافعية أن لا تكره فيهما ما لم يشتغل وإلا كرهت كحش، وبيت الرحا وهي تدور، والأسواق، ومواطن اللغط واللغو، ومجمع السفهاء، وبيت الخلاء، وتكره أيضا للناعس مخافة الغلط، وفي حالة الخطبة لمن يسمعها، وأن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له، وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب، شريف النفس، مرتفعا على الجبارة والحفاء من أهل الدنيا، متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين، وأن يجتنب الضحك والحديث الأجنبي خلال القراءة إلا لحاجة والعبث باليد ونحوها، والنظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن، وأن يلبس ثياب التجمل كما يلبسها للدخول على الأمير"
ويجوز قراءة القرآن فى الصلاة فى أى مكان طاهر كما قال سبحانه :
" وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره "

وتحدث عن كيفية القراءة ,احوال الناسي الحركية فقال :
وأن يجلس عند القراءة مستقبل القبلة، مستويا، ذا سكينة ووقار، مطرقا رأسه غير مترفع، ولا على هيئة التكبر، بحيث يكون جلوسه وحده كجلوسه بين يدي معلمه. فلو قرأ قائما أو مضطجعا جاز، وله أجر أيضا ولكنه دون الأول، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة، وقبل بعدها لظاهر الآية وأوجبها قوم لظاهر الأمر، فلو مر على قوم فسلم عليهم وعاد إلى القراءة حسن إعادة التعوذ، وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة، وتتأكد إذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل، ويخير القارىء عند الابتداء بالأوساط. والسنة أن يصل البسملة بالحمدلة، وأن يجهر بها حيث يشرع الجهر بالقراءة. والاسرار بالقراءة أفضل إن خيف الرياء، أو تأذي مصلين أو نيام، وإلا فالجهر أفضل. "
والقراءة لا يجب أن تكون جهرية ولا سرية كما قال تعالى :
" ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا"
وتحدث عن الكلام فى أثناء القراءة فقال :
"ويسن أن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه، وإذا مر بأحد وهو يقرأ فيستحب له قطع القراءة ليسلم عليه ثم يرجع إليها، ولو أعاد التعوذ كان حسنا، ويقطعها لرد السلام وجوبا، وللحمد بعد العطاس، وللتشميت، ولإجابة المؤذن ندبا، وإذا ورد عليه من فيه فضيلة من علم أو صلاح أو شرف فلا بأس بالقيام له على سبيل الإكرام، لا للرياء، بل ذلك مستحب"
قطعا لا يجوز الكلام لا من المصلى وهو القارىء ولا يجوز لمن حوله تكليمه وهو يقرأ حتى ينتهى من قراءته كما قال تعالى :
" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض"
وتحدث عن ترتيب القراءة فقال :
"ويسن أن يقرأ على ترتيب المصحف، لآن ترتيبه لحكمة، فلا يتركها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه، فلو فرق السور أو عكسها كما في تعليم الصغار جاز وقد ترك الأفضل، وأما قراءة السورة منكوسة فمتفق على منعه، ويكره خلط سورة بسورة، والتقاط آية أو آيتين أو أكثر من كل سورة مع ترك قراءة باقيها، وإذا ابتدأ من وسط سورة أو وقف على غير آخرها فليبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض، وليقف على الكلام المرتبط، ولا يتقيد بعشر ولا حزب، والقراءة في المصحف أفضل منها عن ظهر قلب، لأنه يجمع القراءة والنظر في المصحف وهو عبادة أخرى"
قطعا القراءة لابد لها من تنظيم خلال الشهر سواء فى القراءة الجماعية وهى الصلاة فى المساجد العامة أو فى القراءة الفردية فى المساجد فى البيوت أو خارجها وتكون القراءة من المصحف لعدم الخطأ
وتحدث عن الخشوع فى القراءة فقال :
نعم إن زاد خشوعه وحضور قلبه في قراءته عن ظهر قلب، فهي أفضل في حقه، قاله الإمام النووي تفقها وهو حسن، ولا يحتاج قراءة القرآن إلى نية كسائر الأذكار إلا إذا نذرها، فلا بد من نية النذر،"
وتحدث عن قراءة القرآن فى الدروس أو القضاء أو غير هذا من فقال :
"وتستحب قراءة الجماعة مجتمعين سواء كانت مدارسة أو إدارة، وتجوز قراءة القرآن بالقراءات المجمع على تواترها دون الروايات الشاذة، ومن قرأ بالشاذة يجب تعريفه بتحريمها كما عليه الجمهور إن كان جاهلا، وتعزيره ومنعه منها إن كان عالما، وإذا ابتدأ قارىء بقراءة أحد القراء فينبغي أن يستمر على القراءة بها ما دام الكلام مرتبطا، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بغيرها، والأولى دوامه على الأولى في هذا المجلس، ولا تجوز القراءة بالعجمية مطلقا، كما لا تجوز بجمع القراءات في محافل العامة دون العرض على الشيوخ مع ما فيه، وتستحب القراءة بالترتيل وتحسين الصوت بشرط أن لا تخرج عن حدود الواجب شرعا من إخراج كل حرف من مخرجه موفى حقه ومستحقه، وإلا كرهت، وتكره بالإفراط في الإسراع مطلقا، وتستحب القراءة أيضا بالتدبر والتفهم بأن يشغل القارىء قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك، ولا بأس بتكرير الآية وترديدها حتى يتم له ذلك، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر"
وقراءة القرآن فى الدروس والمحاضرات وغيرها لا تستلزم الطهارة لأنها ليست صلاة فالقرآن هو من ضمن الكلام وليس الجلسة كلها قرآن ومن الصعب على الناس أن يحتفظوا بطهارتهم فى ساعات الدرس فالبعض قد يدخل دوره المياه عدة مرات ولو توضأ كل مرة فذلك إسراف فى الماء لأن هذا سيحدث من الكل وليس من واحد
وتحدث عن الصلاة على النبى (ص) والاستغفار والتعوذ .............عند كل آية فيها أمر من ذلك وهو قوله :
"وإذا مر بآية فيها ذكر محمد صلى الله عليه وسلم صلى عليه سواء القارىء والمستمع، ويتأكد ذلك عند قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) . وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوذ، أو تنزيه نزه وعظم، أو دعاء تضرع وطلب، وليقل بعد خاتمة والتين: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وبعد خاتمة القيامة: بلى وبعد خاتمة المرسلات: آمنا بالله وبعد خاتمة الملك: الله رب العالمين وبعد: فبأي آلاء ربكما تكذبان، ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، وبعد ختم والضحى وما بعدها يكبر وليخفض صوته بقوله: وقالت اليهود عزيز ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله ونحو ذلك، وإذا فرغ من لفاتحه يقول آمين."
وكل هذا محرم فلا يجوز التحدث بشىء غير القرآن أثناء القراءة أيا كان لأن ذلك يصرفهم عن العلم بمعانى الآيات كما قال تعالى :
" حتى تعلموا ما تقولون"

وتحدث عن البكاء والتباكى عند القراءة فقال :
"ويستحب أن يكثر من البكاء عند القراءة والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع، وطريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن، فمن الحزن ينشأ البكاء، ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ثم يتأمل في تقصيره في امتثال أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية، فليبك على فقد ذلك منه فإنه من عظم المصائب."
قطعا البكاء عند القراءة لا يعنى انزال الدموع والرعشة وإنما يعنى فهم القرآن وطاعته فالبكاء لا يفيد من يقرأ فيعص
وتحدث عن سجود التلاوى فقال :
"ويستحب أن يراعى حق الآيات، فإذا مر بآية سجدة من سجدات التلاوة سجد ندبا، خلافا للحنفية حيث قالوا بوجوبها، وهي عند الشافعية في الجديد أربع عشرة سجدة: في الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، واثنان في الحج، وفي الفرقان، والنمل، والم السجدة، وحم السجدة، والنجم والانشقاق، والعلق وأما سجدة ص فسجدة شكر.
وعند الحنيفة أربع عشرة أيضا، لكن بإسقاط ثانية الحد وإثبات سجدة ص. وعن أحمد روايتان. إحداهما كالشافعية. والثانية خمس عشرة سجدة. وعن مالك قولان. أولهما كالشافعية. والثاني إحدى عشرة بإسقاط النجم والانشقاق والعلق، ويدعو في سجوده بما يليق بالآية التي قرأها، ويشترط في هذه السجدات شروط الصلاة من ستر العورة، واستقبال القبلة، وطهارة الثوب والبدن والمكان، ومن لم يكن على طهارة عند التلاوة يسجد بعد أن يتطهر"
والخطأ وجود سجود للقرآن وهو ما يخالف التالى :
-أن السجود لله وحده وليس للقرآن أو غيره ومن المعلوم أن الله غير القرآن الموجود فى الكون وفى هذا قال تعالى بسورة النجم "فاسجدوا لله واعبدوا "وقوله بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض ".
-أن الكلمات المأخوذة من الجذر سجد فى القرآن ليست كلها سجدات عند القوم ولا حد فاصل بين الإثنين ولا سبب يدعو لذلك .
-إن هناك معنى واحد تكرر فى آيتين مختلفتين ومع هذا اعتبروا واحدة سجدة والأخرى ليست سجدة وهذا المعنى هو سجود النجوم والشجر وفى هذا قال تعالى بسورة الرحمن "والنجم والشجر يسجدان "وقال بسورة فاطر "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر "وهذا لا يعقل .
-أنهم جعلوا قوله تعالى بسورة ص"فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب "سجدة رغم عدم وجود أى كلمة مشتقة من الجذر سجد كبقية السجدات أليس هذا خبلا ؟
-أن سورة الحج فيها أكثر من آية بها لفظ مشتق من السجود غير آيتى السجدتين المزعومتين مثل "الركع السجود"و"المسجد الحرام "و"مساجد "فلماذا تركوا هذه الآيات وأخذوا تلك الآيات والسجود فى السجدتين يعنى عبادة الله بدليل ذكر العبادة وراء لفظ السجود فى قوله "واسجدوا واعبدوا "فالواو بينهما واو التفسير .
-أن مخترعى الحكاية لماذا تركوا ألفاظ الركوع فلم يجعلوا لها ركوعات أيضا فهل السجود أحسن من الركوع ؟قطعا لا،لماذا نسجد للقرآن ولا نركع له؟طبعا لا جواب على هذا .
-أن سورة ص ليس فيها سوى سجدة ليس بها لفظ من الجذر سجد شىء واختير بدلا منها لفظ راكعا فلماذا تركوا قوله "فقعوا له ساجدين " فى السورة رغم أنه سجود حقيقى فلماذا أخذوا الركوع وتركوا السجود الحقيقى ؟أليس هذا كاشفا لكذبهم ؟.
والملاحظ فى السجود أن السجود الكاذب رغم ورود كلمات سجد وسجدوا واسجد وتسجد وتسجدوا ويسجدان ويسجدوا واسجدى والسجود وساجدا والساجدون والساجدين ومسجد ومسجدا والمساجد لم يكونوا كلهم يستحقون السجود رغم كون كل الكلمات من جذر واحد ونلاحظ فى القرآن أن كلمة يسجدون وردت 4 مرات فى القرآن اعتبر منها سجدتين والأخريين لم يعتبرا سجدتين وكلمة سجدا وردت 11اعتبر منهم 3 وكلمة اسجدوا وردت 8 مرات اعتبر منهم 4 وكلمة اسجد وردت مرتين اعتبر منهم واحدة وهو أمر غريب وجنونى فإما الكل وإما لا لأنها نفس الكلمة .
وتحدث عن وقت القراءة فقال :
" ويسن أن يتعاهد القرآن ويكثر من قراءته ما أمكن في كل وقت بلا استثناء خلافا لمن كرهها بعد صلاة العصر، وقال إنها من فعل اليهود، وليكن اعتناؤه بها في الليل أكثر لكونه أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والملهيات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، وليحترس من نسيانه، فإن نسيانه كبيرة، وكذا نسيان شيء منه كما صرح به النووي في الروضة وغيرها، وإذا ارتج على القارىء فلم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي أن يتأدب في سؤاله ولا يتكلم بما يلبس عليه. والسنة أن يقول أنسيت كذا، لا نسيته، إذ ليس هو فاعل النسيان. ويستحب للقارىء إذا انتهت قراءته أن يصدق ربه ويشهد بالبلاغ لرسوله صلى الله عليه وسلم ويشهد على ذلك أنه حق فيقول: صدق الله العظيم، وبلغ رسوله الكريم، ونحن على ذلك من الشاهدين.
اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، ويسن صوم يوم الختم، وجمع الأهل والأصدقاء عنده والدعاء عقبه ثم الشروع في ختمة أخرى، وجرى عمل الناس على تكرير سورة الإخلاص ومنعه الإمام أحمد"

بالقطع قراءة القرآن تكون فى الأوقات التى طلبها الله وهى صلاتى الفجر والعشاء ومن أراد الزيادة عليه بقيام الليل كما قال تعالى :
"إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
ومن ثم لا يجوز قراءة فى غير الأوقات الثلاثة لا عصرا ولا ظهرالأن الظهر وقت الراحة حيث يتم تغيير ثياب العمل بثياب البيت كما قال تعالى :
" وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة"

وتحدث عن مس المصحف فقال :
"آداب مس المصحف وحمله وكتابته:
يحرم على المحدث ولو أصغر مس شيء من المصحف وحمله، وكذا مس خريطة وصندوق فيهما مصحف بشرط أن يكونا معدين له، وكذا مس علاقة لائقة به بشرط أن يكون عليها المصحف، وكذا يحرم عليه مس ما كتب لدراسة ولو بعض كلوح وعلاقته، ويجب منع المجنون والصبي الذي لا يميز من مسه مخافة انتهاك حرمته. وأما الصبي المميز فلا يمنع من مس مصحف ولوح لدراسة وتعلم، ولا يكلف بالطهارة لذلك خوف المشقة، أما لتعليم وغيره فلا يجوز له ذلك، ولكن أفتى الإمام ابن حجر بأنه يسامح لمؤدب الأطفال الذي لا يستطيع أن يقيم على الطهارة في مس الألواح لما فيه من المشقة، لكنه يتيمم وهو أولى. ويمنع الكافر بتاتا من مس المصحف كله أو بعضه، ولا يمنع من سماع القرآن، ويجوز تعليمه إن رجى إسلامه.
أما ما كتب تميمة للتبرك فلا يحرم مسها ولا حملها، لكن بشرط أن تجعل في حرز يقيها من كل أذى، ولا يجوز جعل صحيفة بالية منه وقاية لكتاب بل يجب محوها بماء طاهر ويصب في بحر أو نهر جار، ويحرم كتب القرآن وكذا أسماء الله تعالى بنجس أو على نجس ومسه به إذا كان غير معفو عنه، ويكره كتبه على حائط ولو لمسجد وثياب وطعام ونحو ذلك، ويجوز هدم الحائط ولبس الثياب وأكل الطعام: ولا تضر ملاقاته ما في المعدة بخلاف ابتلاع قرطاس فإنه يحرم عليه، ولا يجوز كتبه على الأرض، ولا على بساط ونحو مما يوطأ بالأقدام، ولا يكره كتب شيء منه في إناء ليسقى ماؤه للشفاء خلافا لما وقع للإمام ابن عبد السلام في فتاويه من التحريم، ويسن كتبه وإيضاحه إكراما له، وكذا يستحب نقطه وشكله صيانة له من اللجن والتحريف، وينبغي أن يكتب على مقتضى الرسم العثماني لا على مقتضى الخط المتداول على القياس، ولا يجوز لأحد أن يطعن في شيء من مرسوم الصحابة، إذ الطعن في الكتابة كالطعن في التلاوة، وتجب صيانة المصحف من كل أذى، ويحرم سبه والاستخفاف به، ويستجب تطييبه وتعظيمه وجعله على كرسي أو في محل مرتفع فوق سائر الكتب تعظيما له، وتقبيله قياسا على تقبيل الحجر الأسود، والقيام له إذا أقدم به، وعدة بعضهم بدعة لكونه لم يعهد في الصدر الأول ويستحب تعاهده بالقراءة فيه يوميا، ويحرم توسده، ومد الرجلين إليه، وإلقاؤه على القاذورة، والمسافرة به إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، ويحرم محوه بالريق: أي بالبصق عليه. فإن بصق على خرقة ومحاه بها لم يحرم، ويصح بيعه وشراؤه على الصحيح وكرهه جماعة، ويحرم بيعه من الذمي مطلقا."

قطعا مس المصحف وهو القرآن لا يجوز إلا لطاهر كما قال تعالى :
" لا يمسه إلا المطهرون"
والتطهر يكون فى المساجد عامة أو خاصة كما قال تعالى :
"لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين"
وأما الاستشفاء وكتابة القرآن فكلام باطل يتعارض مع كونه شفاء نفسى أى صدرى وليس جسدى كما قال تعالى :
"يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور"
وتحدث عن أداب معلم القرآن وشروطه فقال :
"آداب المعلم وشرطه
شرط المعلم أن يكون مسلما بالغا عاقلا ثقة مأمونا ضابطا متنزها عن أسباب الفسق ومسقطات المروءة، ولا يجوز له أن يقرىء إلا بما سمعه ممن توفرت فيه هذه الشروط أو قرأه عليه وهو مصغ له أو سمعه بقراءة غيره عليه، ويجب عليه أن يخلص النية لله تعالى، ولا يقصد بذلك غرضا من أغراض الدنيا كمعلوم يأخذه أو ثناء يلحقه من الناس أو منزلة تحصل له عندهم، وأن لا يطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه، سواء كان مالا أو خدمة وإن قل، ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه، واختلف العلماء في أخذ الأجرة على الإقراء، فمنعه أبو حنيفة وجماعة، وأجازه آخرون إذا لم يشترط، وأجازه الشافعي ومالك إذا شارطه واستأجره إجارة صحيحة لكن بشرط أن يكون في بلده غيره؛ وينبغي له أن يتخلق بالأخلاق الحميدة المرضية من الزهد في الدنيا والتقلل منها، وعدم المبالاة بها وبأهلها، والسخاء والحلم والصبر ومكارم الأخلاق وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة، وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع؛ وأن ينزه نفسه من الرياء والحسد والحقد والغيبة واحتقار غيره، وإن كان دونه، ومن العجب وقل من يسلم منه، ومن المزاح ودنيء المكاسب، وأن يصون بصره عن الالتفات إلا لحاجة، ويديه عن العبث بهما إلا لحاجة، وأن يزيل نتن إبطه وماله رائحة كريهة به، ويمس من الطيب ما يقدر عليه، وأن يلازم الوظائف الشرعية من قص الشارب وتقليم الظفر، وتسريح اللحية ونحوها، وأن يكون ساكن الأطراف متدبرا في معاني القرآن، فارغ القلب من الأسباب الشاغلة إلا إذا احتاج إلى إشارة للقارىء فيضرب بيده الأرض ضربا خفيفا أو يشير بيده أو برأسه ليفطن القارىء لما فاته ويصبر عليه حتى يتذكر وإلا أخبره بما ترك، وأن يحسن هيئته ولتكن ثيابه بيضاء نقية، وليحذر من الملابس المنهى عنها ومما لا يليق بأمثاله، وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويعول عليه في جميع أموره، وأن لا يقصد التكثر بكثرة المشتغلين عليه، وأن يصلي ركعتين إذا وصل إلى محل جلوسه ويتأكد له ذلك إن كان مسجدا ويستحب له أن يوسع مجلسه ليتمكن جلساؤه فيه ويظهر لهم البشاشة وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم ويسوي بينهم إلا أن يكون أحدهم مسافرا أو يتفرس فيه النجابة أو نحو ذلك. وليقدم الأول فالأول. فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه. ولا بأس بقيامه لمن يستحق الإكرام من الطلبة وغيرهم، وينبغي له أن يوفق بمن يقرأ عليه ويرحب به ويحسن إليه بحسب حاله ويكرمه وينصحه ويرشده إلى مصلحته ويساعده على طلبه بما أمكن، ويؤلف قلبه ويتلطف به، وبحرضه على التعليم، ويذكره فضيلة الاشتغال بقراءة القرآن وسائر العلوم الشرعية ليزداد نشاطه ورغبته، ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها، ويجريه مجرى ولده في الشفقة عليه والاهتمام بمصالحه، والصبر على جفائه وسوء أدبه، ولا يكره قراءته على غيره ممن ينتفع به ولا يتعاظم عليه بل يلين ويتواضع معه، ويحب له ما يحب لنفسه من الخير، ويكره له ما يكره لنفسه من النقص، ويؤدبه على التدريج بالآداب الشرعية والشيم المرضية، ويعوده الصيانة في جميع أموره، ويحرضه على الإخلاص والصدق وحسن النية ومراقبة الله تعالى في جميع حالاته، وأن يحرص على تعليمه مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية غير الضرورية. ويحرص على تفهيمه ويعطيه ما يليق به، ويأخذه بإعادة محفوظاته، ويثني عليه إذا ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره، ويعنفه تعنيفا لطيفا إذا قصر ما لم يخش تنفيره، وينبغي أن لا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، وأن يصون العلم فلا يذهب إلى مكان ينسب إلى المتعلم ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، ويجوز له الإقراء في الطريق خلافا لمن عابه، ولا يجوز له تأخير الإجازة بالإقراء في نظير مال ونحوه عن كل من استحقها، إذ الإجازة ليست مما يقابل بالمال."
وكل ما سبق فيه تجاوزات كثيرة فمعلم القرآن إن كان معلما فى مدرسة أو كلية أو حضانة يجب أن يكون مسلما فقط وكلمة مسلم داخلة فيها كل الصفات والأخلاق الحسنة وهو يسمى حاليا محفظ القرآن وأما شروط التعليم فلا شروط لتعليم القرآن وهو تحفيظه لمن أراد لأن الله قال أن المطلوب هو تعليم قراءته وليس تحفيظه
والمعلم ياخذ أجر لأن هذه وظيفة إذا لم يأخذ عليها أجرا مات وهو أسرته جوعا أو تعروا أو غير هذا فمن اختصه المجتمع بعمل يجب أن يكون عليه أجر فالتحفيظ ليس دعوة إلى دين الله حتى لا يكون عليه أجر فالدعوة هى التى ليس عليها أجركما قال تعالى على لسان الرسل :
" قل لا أسألكم عليه أجرا"

وتحدث عن آداب المتعلم فقال :
"آداب المتعلم
يجب عليه أن يخلص نيته، ثم يجد في قطع ما يقدر عليه من العلائق والعوائق الشاغلة له عن تمام مراده، وليبادر في شبابه وأوقات عمره للتحصيل، ولا يغتر بخدع التسويف فإنه آفة الطالب، ولا يستنكف عن أحد وجد عنده فائدة، وليقصد شيخا كملت أهليته، وظهرت ديانته، جامعا للشروط المتقدمة أو أكثرها وليطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره، وليكن حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل، وليبكر بقراءته على شيخه، وليحافظ على قراءة محفوظاته، ولا يؤثر بنوبته غيره إلا إذا أمره الشيخ بذلك لمصلحة، ولا يعجب بنفسه، ولا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقة الله إياها، ويجب عليه أن ينظر شيخه بعين الاحترام، ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على نظرائه فهو أقرب إلى انتفاعه ورسوخ ما يسمعه منه في ذهنه، ويلزم معه الوقار والتأدب والتعظيم ويتواضع له وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا ولا يأخذ بثوبه إذا قام، ولا يلح عليه إذا كسل، ولا يشبع من طول صحبته وينقاد له ويشاوره في جميع أموره، ويقبل قوله، ويقعد بين يديه قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين، ولا يدخل عليه بغير استئذان إذا كان في مكان يحتاج إليه، وإن ناظره في علم فليكن مع السكينة والوقار، ولا يشيرن بيده، ولا يغمزن غيره بعينه، ويتحرى ضاه وإن خالف رضا نفسه، ولا يغشي له سرا، وإذا وقع من شيخه نقص فليجعله من نفسه بأنه لم يفهم قوله، ولا يذكر أحدا من أقرانه عنده، ولا يقول له قال فلان خلاف قولك، ويرد غيبته إذا سمعها إن قدر. فإن تعذر عليه ردها قام وفارق ذلك المجلس، وإذا قرب من حلقه الشيخ فليسلم على الحاضرين وليخص الشيخ بتحية ويسلم عليه وعليهم إذا انصرف، ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث انتهى به المجلس، إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من إخوانه إيثار ذلك ولا يقيم أحدا من مجلسه. فإن آثره لم يقبل إلا أن يقسم عليه أو أمر الشيخ بذلك، أو يكون في ذلك مصلحة للحاضرين، ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا بين صاحبين بغير إذنهما، وإذا جلس فليوسع وليتأدب مع رفقته وحاصري مجلس الشيخ. فإن ذلك تأدب مع شيخه وصيانة لمجلسه، ولا يرفع صوته رفعا بليغا ولا يضحك، ولا يكثر الكلام إلا لحاجة، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا بلا حاجة بل يتوجه إلى الشيخ ويصغي لكلامه، ولا يغتاب عنده أحدا، ولا يشاور أحدا في مجلسه، وليحتمل جفوة الشيخ وسوء خلقه، ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ولا يقرأ عليه في حال شغله وملله وغمه وجوعه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه، أو يمنعه من كمال حضور القلب ونشاطه، وإذا وجده نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف، وإذا جاء إلى الشيخ فلم يجده انتظره ولازم بابه، ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه دون غيره، ويجوز له القيام لشيخة وهو يقرأ، أو لمن فيه فضيلة من علم أو صلاح أو سن أو حرمة بولاية أو غيرها، واستحب ذلك الإمام النووي، لكن بشرط أن يكون على سبيل الإكرام والاحترام، لا على سبيل الرياء والإعظام."
وما سبق من الكلام عن آداب المتعلم فيه تجاوزات كاختصاص المحفظ بالتحية أو انتظاره حتى يصحو أو غير هذا من ألأمور التى ليس عليها دليل من آيات القرآن فالتحية عامة لكل من فى المجلس
وحكاية التدريس فى البيوت لا تجوز لأن المجتمع المسلم مجتمع منظم والتدريس في البيوت لابد وأن تنتهك حرمتها بسبب كثرة الداخلين والخارجينومن ثم يخصص المجتمع مقرأة أو فصل خارج المساجد أو فى المدارس والكليات لهذا المحفظ ليقوم بعمله
وتحدث عن آداب سمع القرآن فقال :
"آداب الناس والسامعين:
يجب على جميع الناس الإيمان بأن القرآن هو كلام الله تعالى وتنزيله، ثم تعظيمه، والخشوع عند تلاوته، والاعتناء بمواعظه، والعمل بأحكامه وتنزيهه وصيانته من كل نقص، وينبغي لهم في مجلسه اجتناب الضحك وللغط والحديث إلا كلاما يضطر إليه، وليمتثلوا قوله تعالى (وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) وليجتنبوا النظر إلى ما يلهي أو يبدد الذهن وإلى الأمر ونحوه، ولينهوا عن ذلك غيرهم متى قدروا عليه، وينبغي لهم تعظيم قرائه واحترامهم والقيام بمصالحهم والتأدب في حقهم كما يتأدب في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لو كان موجودا لأنهم ورثوه كما تلقى من الحضرة النبوية. ويحرم عليهم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، ويحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق."
قطعا المطلوب سماع القرآن بمعنى طاعته وليس مجرد سماع من القرآن مباشرة أو عبر وسائل الإعلام فالسماع بدون طاعة أى اتباع للقرآن ليست مطلوبة ولذلك قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون"

اجمالي القراءات 657