قراءة في كتاب الرحمة مع الرجم
المؤلف فوزى سعيد وهو يدور حول رجم الزناة كعقوبة للزنى وقد استهل الرجل كتابه بأنه آتاه سؤال يصف الرجم بكونه عقوبة شنيعة فكان هذا الكتاب جوابه على السؤال :
"سؤال : لماذا جاء حد الزاني المحصن رجما بالحجارة المتوسطة الحجم حتى الموت وذلك من أشنع القتلات ، إذ هو قتل مع تعذيب مشهود أمام الناس حتى إن من خصوم الإسلام من يتهجم عليه في الرجم واصفا إياه بالبشاعة والوحشية ومجافاة الآدمية فكيف يكون تنزيلا من الرحمن الرحيم ؟! .
الجواب : هذا مما يقوله الخصوم علي العقوبات الشرعية عموما كالقصاص وقطع يد السارق وقتل المرتد ، ورجم الزاني المحصن ، وجلد غير المحصن بمائة جلدة ، وحد الحرابة وشارب الخمر وهكذا ، ولقد صنفت في ذلك الكتب والرسائل ،"
وذكر فوزى سعيد أن رده هو فى عشر نقاط فقال :
وسأتناول هنا قضية الرجم والرد علي الخصوص في عشر نقاط جامعة بإذن الله :
1 ـ إن قاعدة العقوبات حتى عند مشرعي القوانين الوضعية هي أن قسوة العقوبة إنما تحددها خطورة الجريمة ، فلا بد من التلاؤم بينهما ، وجريمة الزنا في الإسلام هي من أخطر الجرائم التي تعصف بالدين والعرض والنسل والنفس ، والمحصن قد عرف سبيل الإحصان وتمكن منه وأخذ أجرا عليه ، فإن سلك سبيل الفاحشة بعد ذلك فالرجم هو حكم الله فيه ، ( بخلاف البكر ) ، حيث تصيب الحجارة جسده كله فيتألم كله كما تجرأ وتلذذ كله بالفاحشة المحرمة بعد أن جرب وذاق الطريق الحلال ، فالرجم ابتداء عقوبة متناسبة مع خطورة الجريمة ،
أما عند خصوم الإسلام ، فالزنا حرية شخصية وليس جريمة ، فطالما أنه بالتراضي فهو قائم علي الحب والتلذذ بلا مفاسد ، سواء كان بحمل أو بغير حمل . وهذا الوصف من الخصوم إنما هو ظلم وجهل كما قال تعالي : (( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) . والله تعالي هو العليم الحكيم وقد بين مفسدة الزنا فقال : (( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) .
- نقول لهم : هذا شرع الله المنزل وعندنا الدليل أنه منزل من عند الله ، فهل أنتم أعلم أم الله ؟! وهل أنتم أرأف ؟! ومن ظلمهم وجهلهم في أمر العقوبات عموما : رأفتهم بالجاني القاتل والسارق والزاني والساعي بالفساد وغيره ، مع نسيان المجني عليه وأهله ، واعتبار مصلحة الجاني مع نسيان مصلحة المجتمع ، والغفلة عن قسوة الجريمة مع استكثار العقوبة ."
قط عا الرجم ليس شرع الله المنزل فلا توجد عقوبة فى كتاب الله اسمها الرجم على الزنى وإنما الموجود هو جلد الزناة ولم يذكر الله كون الزناة بكر أم ثيب وإنما هو تجنى على كتاب الله وافتراء على الله من خلال روايات كاذبة وفى هذا قال تعالى :
" الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة "
وكرره كلامه عن كونه شرع الله فقال :
2 ـ نقول لهم هذا شرع الله المنزل الذي نؤمن به ومعنا الدليل أنه منزل ، فهل أنتم أعلم وأرأف وأرحم أم الله الذي خلقكم !!! فإن كنتم في شك من التنزيل فتعالوا أولا نثبت لكم ذلك وهو سهل ميسور ، لكل فئات الناس ما يفهمه ويناسبه ، للطبيب والمهندس والزراعي والفلكي والكيميائي والبحار والعامة والخاصة ، أقصد الكلام علي إعجاز القرآن ."
قطعا سيهيد يتكلم عن شرع الله وشرع الله لم يذكر فيه الرجم كعقاب
وقال كلاما عن رحمة الله لا علاقة لها بالموضوع وهو الرجم فقال :
3 ـ الله تعالى هو الملك الحكم الحق وكل الخلق عبيده ، خلقهم وركب فيهم الشهوات وأحياهم ورزقهم ويطعمهم ويسقيهم ويشفيهم ويميتهم ويبعثهم ويحاسبهم وهو أرحم بهم من الأم بولدها ، فهو الذي يحكم ما يريد ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ، فلا اعتراض من العبيد على حكم الملك ولا مراجعة بل سمعنا وأطعنا ، وأحكامه تعالى تابعة لصفاته ، ومن صفاته غيرته الشديدة أن تؤتى محارمه ، أن يزني عبده أو أمته ، كما في الصحيحين : (( أتعجبون من غيرة سعد فوالله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) ومن صفاته أنه العليم الحكيم الخبير ، ويعلم الآثار المدمرة لإستعلان الفاحشة بغير رادع ، والمسلم مستسلم لله وحده لا شريك له "
ووصف سعيد الله بما لا يليق وهو الغيرة التى هى نقص وهو شعور فى المخلوقات لا يشبه الله خلقه فيه فقال :
4 ـ لو أن الرجل صاحب الغيرة والنخوة ، رأى امرأته أو ابنته أو أخته مثلا في حالة زنا ، فقد تدفعه غيرته وحمية الجاهلية إلى محاولة القتل أو الفتك بهما ، فلو كررنا هذه الغيرة في جميع الآدميين وتصورناها مجتمعة في مخلوق فكيف تكون ؟! فكيف بغيرة خالقها عز وجل ؟! فإذا اجتمعت له سبحانه تلك الغيرة مع كمال العلم والرحمة والحكمة والخبرة لزم بالضرورة تناسب الحكم مع خطورة الجريمة وحال الزاني كما يلي : -
الأمة المحصنة خمسين جلدة فقط ؛ لأن لها من الظروف والضعف ما ليس عند الحرة .
الزاني والزانية البكران الغير محصنان مائة جلدة لكل منهما .
الزاني والزانية المحصنان الرجم ؛ حيث عرف طريق النكاح الصحيح وما معه من السكن والمودة وذاقه وأخذ عليه أجرا ، فكيف يعتاض عنه بالحرام !!"
قطعا الله لا يغير كالخلق فهذا وصف نقص لا يجوز تشبيه الله به كما قال :
" ليس كمثله شىء "
والغريب فى كلامه أنه يقول أن المرأة الثيب وهى الأمة المحصنة عقابها خمسون جلدة فكيف يكون المقابل القتل وليس مائة جلدة ؟
إن المفروض هو مضاعفة العقوبة وليس قتل واحدة وترك الأخرى تعيش؟
وشرع الله قال أن هذه خمسين وتلك مائة ولم يقل أن هذه محصنة وهذة غير محصنة
ثم تحدث عما فى سورة النور من أحكام الزواج والزنى والرمى واللباس فقال :
5 ـ افتتح الله سورة النور بقوله تعالى: (( سورة أنزلناها وفرضناها ... الآية )) ، ففرض أحكام السورة فرضا ، وهي السورة التي تضمنت جل النظام الإسلامي المحكم في التعامل مع الشهوة المركبة في الإنسان وعنف إلحاحها على البشر ، ومن ذلك فرض الإجراءات والتدابير الواقية من الفاحشة والتي تصل إلى تسعة عشر إجراء منها: تيسير الزواج للجميع ((وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم )) .
وآداب دخول البيوت وآداب النظر وآداب الاستئذان وآداب التعامل مع الأطفال ثم إذا بلغوا الحلم ، ولا يتسع المقام هنا لبيان تلك التدابير المبسوطة في السورة والتي فرضها الله فرضا ، كما فرض الضوابط المشددة المشروطة في إثبات الجريمة التي لا تثبت إلا بأربعة شهود عدول ( مع أن باقي الجرائم تثبت بشاهدين على الأكثر ) كما تثبت بالاعتراف والإقرار المتكرر أربع مرات كما سيأتي بالتفصيل ، فإذا شهد ثلاثة عدول ولم يكن لهم رابع فقد حق عليهم حد القذف أي ثمانين جلدة لكل منهم ، ولا تقبل له شهادة ، ويعتبر في المجتمع من الفاسقين ، فإما أربعة شهود وإما السكوت والستر ، وإلا فحد القذف ، وذلك لا يكاد يثبت إلا بإستعلان وفجور ولا مبالاة ، وأيضا فرض الله في السورة حد الزنا للبكر في الآية الثانية ، كما فرض حد الزاني المحصن بالرجم في الآية التي رفع ونسخ تلاوتها وبقي حكمها . والمراد هنا أنه في النظام والمجتمع الإسلامي لا عذر يهون من شأن جريمة الزنا ، ولا تكاد تثبت بالشهود إلا على فاجر مستعلن بلا مبالاة يتعدى ضرره على المجتمع كله فيجب بتره منه إن كان محصنا ."
وغافلفوزى سعيد القراء بأن الرجم شرع الله وكما سبق القول ليس فى كتاب الله شىء منه كعقوبة على جريمة الزنى وإنما هو الجلد فقال :
6 ـ إن من يؤمن بالله ( وأسمائه وصفاته ) واليوم الآخر ( ومشاهده وأهواله وجنته وناره ) ليعلم يقينا أن جميع العقوبات الشرعية من رحمة الله بعباده ورأفته بهم الداخلة في قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) وبخاصة عقوبة الزاني ، لأنها : -
أولا : أدوية نافعة لا غنى عنها في حياة المسلمين ؛ لأن تطبيقها الذي يشهده الناس هو الذي يمنع وقوعها ابتداء ولا يحوج إلى اللجوء إليها إلا في أضيق الحدود ، فهو أسلوب تربوي وقائي أكثر من أن يكون انتقاما بعد الوقوع وليس كالمجتمعات التي تطبق فيها العقوبات الوضعية ، ومع ذلك فالجريمة تزداد فيها ازديادا هائلا بما يتبع ذلك من الفساد والانحلال المترامي بالأمم إلى الهلاك والاندحار ، علاوة على ما ينتظر الناس في الآخرة ، وأيضا ففي تطبيق العقوبة الشرعية تربية عملية على أخذ الإسلام بقوة وجدية ، فالأمر جد لا هزل فيه ، فيعود ذلك بالخير الكثير على الأمة في دينها ودنياها
وثانيا: بمقارنتها بعذاب الله في الآخرة ، فمثلا إذا كان الرجم قتلا بالحجارة بإيلام وعذاب ، فهو ردع وزجر عن الوقوع في الزنا وانتشاره في الناس ، ثم هو تطهير لمن أقيم عليه ، حيث لا يحتاج بعده إلى تطهيره منه في النار ، ولا نسبة لآلام الرجم لدقائق معدودة إلي عذاب الحريق ، وعذاب بطعام الزقوم الذي يغلي في البطون كغلي الحميم ، وعذاب بشراب الحميم والمهل يشوي الوجوه ، وعذاب بمقامع من حديد ، وعذاب بصب الحميم فوق الرأس ، وعذاب بالسحب على الوجه في النار ، وعذاب بالأغلال والأنكال ، وغير ذلك كثير من الأهوال ولمدة لا يعملها إلا الله ، فأين الرجم من هذا !!! وإنما يستبشعه من لا يؤمن باليوم الآخر ، أو من يؤمن به إيمانا مجملا ضعيفا لا يعلم عن أهواله وتفاصيله شيئا إلا القليل النادر وبدون تصور ، قال تعالى ( بل ادارك علمهم في الآخرة )) يعني قل أو انعدم علمهم بالآخرة وتفاصيلها ، وكذلك يستبشعه من لا يعلم عن صفات الله إلا أنه الخالق الرزاق الرحمن الرحيم الطيب وهكذا من صفات البر والإحسان والرحمة ، لكن لا يعلم قوله ( إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم )) وقوله ( إن الله عزيز ذو انتقام )) وقوله ( نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم * و أن عذابي هو العذاب الأليم )) وقوله ( إن بطش ربك لشديد )) وقوله ( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد )) وقوله ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )) وقوله ( ونمد له من العذاب مدا )) وأن الله هو الملك الحق وقد تجرأ عبيده عليه .
وهو الذي قال لرسوله صلى الله عليه وسلم : ((ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا )) .
إنه تعالى لا يلعب ولا يعبث بخلقه السماوات والأرض والناس ، بل خلقهم ليعبدوه فيكونوا محلا لإكرامه وفضله ، ومن أبى يكون محلا لبطشه وعدله ، فله تعالى حق العبادة والخضوع لأمره ونهيه ، والاستسلام لأحكامه ، والموافقة له فيما يحب ويكره ، وفيما يوالي ويعادي ، والمجاهدة في سبيله ، أما هؤلاء الذين يستبشعون الحدود والأحكام فهم غالبا لا يرون لله حقا إلا أنه يخلق ويرزق ويطعم ويسقي ويشفي وينعم وانتهى الأمر ، يعني كأنه سبحانه خادم لهم بلا حقوق ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ."
نعم الله رحيم ولا يعبث بأحد ولكن أنتم من لا تفكرون وتفترون على الله بأن تنسبوا له عقوبة لم يقلها والنبى(ص) لم ينطق بها وإنما من وضعوا ألأحاديث هم من ألفوا تلك الحكايات التى لم يكلف القوم النظر فيها ليعرفوا أنها موضوعة
وتحدث عن إرادة الناس البعد عن الجريمة وضرب لنا مثلا بجريمة الخمر وهو كلام بعيد عن الموضوع فقال :
"7 ـ يعتمد النظام الإسلامي في امتناع الناس عن الجريمة وقبول أحكامها واحترامها ، يعتمد على تربية القلب على الإيمان بالله واليوم الآخر ، وعلى مراقبة الله وخوف مقامه وعقابه ورجاء لقائه وثوابه ورحمته ، وذلك كما سبق بمعرفة أسماء الله وصفاته وآثارها ومقتضياتها ، ومعلوم أن القلب ملك والأعضاء جنوده ، فإذا صلح القلب صلح الجسد كله ، فإذا جاء الحكم الشرعي مخالفا للهوى ومقتضى الشهوة ، فإن القلب يخبت لله ويوجل ويدفع اللسان لأن يقول سمعنا وأطعنا ، والأعضاء لمسارعة الالتزام بالحكم . ولأهمية هذا الأمر نضرب له مثالا:-
لم يأت تحريم الخمر إلا في السنة الرابعة للهجرة بعدما حدث التدرج في التحريم ، وحدثت التربية القلبية المناسبة للامتناع الفوري بقولهم انتهينا ربنا انتهينا ربنا ، وأهريقت الخمور على الأرض ، وسالت منها سكك المدينة وانتهى الأمر بعد أن كانت الخمر جزءا من حياتهم ، وكانوا يتغنون بها وبأشعارها في الجاهلية .
أما في النظام العلماني في أمريكا مثلا لما أردوا منع الخمر سنة 1919 ، أصدرت الحكومة قانونا بمنع تعاطي الخمور وبيعها وتصنيعها ، على أن يبدأ تنفيذه أول يناير عام 1920 م ، وأنفقت في الدعاية ضد الخمر ما يزيد على 65 مليون دولارا ( يعدل الآن مليارا ) ، ونشرت الكتب والنشرات أكثر من 10 بليون صفحة ، وأعدمت في ذلك ثلاثمائة نفس ، وسجنت أكثر من 530 ألف نفس ، وصادرت من الأملاك بمئات الملايين ، ومع كل هذا لم يزدد الأمريكان إلا عنادا في تعاطيها حتى اضطرت الحكومة إلى إلغاء هذا القانون وإباحة الخمر سنة 1933، وهذا هو المنتظر من النظام البشري الظلوم الجهول القاصر ، فأين ذلك من النظام الإلهي العدل المحكم الكامل الذي يزيد مناعة القلب ضد الجراثيم ، وفي ذات الوقت يعمل على تطهير الجو من الجراثيم ، أعني تطهير المجتمع من وسائل الإغواء والإثارة مع غض البصر وحفظ الفرج ومجاهدة النفس والارتداع بشدة الحد إذا أقيم فيهم .
لقد كانت المجتمعات الإسلامية التي تنعم بالنظام الإسلامي كما في القرون الأولى بعد البعثة ، لقد كانت خير شاهد على ما نقول ، حيث لم تظهر الفاحشة إلا في أضيق الحدود، إذ لا يخلو زمان من المنافقين والفاسقين والضعفاء الذين قد تغلبهم رغبتهم . أما في النظم العلمانية الوضعية فمن لا يقع في الزنا ومقدماته من ذكر أو أنثى يعتبرونه حالة مرضية شاذة ، كما يعتبرون الإستعلان بالفاحشة حرية شخصية ولا عقوبة على ذلك طالما كانت بالتراضي ، بل عندهم حرية زواج الرجل بالرجل ( وذلك أشد من عمل قوم لوط لأنه زواج ) وبلغ هؤلاء في أمريكا فوق 20 مليونا ، وهنا نقول ( لكم دينكم ولي دين )) .
هؤلاء مستدرجون بما قدر الله لهم من التفوق التكنولوجي والمعارف الحديثة المذهلة ، والجمال وأسباب الترف ، كقوله تعالى ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم إن كيدي متين )) وذلك له سنن ربانية بخلاف السنن التي تحكم واقع المسلمين اليوم فتراهم معاقبين مستذلين مهانين بسبب ابتعادهم عن الدين ، واتخاذهم القرآن مهجورا ، وسماعهم الكذب وقبوله من خصوم الإسلام ، ولن يرفع ذلك الذل عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم"
واخيرا ذكر لنا الرحمة فى الروايات مع الرجم ذاكرا تأجيل رجم الغامدية حتى تلد وترضع الطفل سنتين ثم اقامة الحد عليها فقال : .
"8 ـ الرحمة مع الرجم : -
لقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة منهم المرأة الغامدية التي جاءته مقرة معترفة قائلة : إني قد زنيت وأنا أريد أن تطهرني فقال صلى الله عليه وسلم (( ارجعي )) فلو أنها سكتت ورجعت لانتهى الأمر ولكنها أبت إلا معاودة الإقرار ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرددها لعل لها شبهة تسقط الحد ، فأخبرته بأنها حبلى من الزنا ، وعلى الفور أمرها صلى الله عليه وسلم أن ترجع حتى تضع المولود ، ودعا وليها ، فقال له: (( أحسن إليها فإذا وضعت فأتني )) حتى لا تدفع الغيرة وحمية الجاهلية أقاربها إلى إيذائها والاعتداء عليها ، فهل يفهم خصوم الإسلام مثل هذه الرحمة ؟ !! ثم أتت المرأة بالمولود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تذهب حتى تفطمه ، وانقضت مدة الرضاع فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالطفل وبيده كسرة خبز ، فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل من الأنصار ، وأمر بها فرجمت ، فأقبل في الرجم خالد بن الوليد رضي الله عنه بحجر فرمي رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبها ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال : (( مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده : لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ( هو الذي يجمع الضرائب المحرمة أو يفرض الإتاوات على بائعي السلع في الأسواق وما شابه ) . ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت )) . فقال عمر رضي الله عنه : تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت ؟ قال صلى الله عليه وسلم : (( لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى ؟!! ))
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد رحم هذه المعترفة منذ البداية إلى النهاية وأثني عليها بعد رجمها ، إلا أنه صلى الله عليه وسلم لم تأخذه بها رأفة في دين الله وأقام عليها الحد بما أمر الملك عز وجل ، فانظر ـ رحمك الله ـ إلى رحمة الله لهذه المرجومة التائبة حيث التنعم عند الله منذ طهرت ولقيت ربها وإلى يوم القيامة ، حيث لو سئلت الآن : هل رأيت بؤسا قط ؟ لقالت : لا ، لم أر بؤسا قط ، فأين رأفة الدعار في دين الله ( وأيضا مرضى القلوب ) من هذه الرحمة الظاهرة والباطنة ؟! .
ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك الأسلمي الذي جاءه مقرا بالزنا يطلب التطهير ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وطرده قائلا : (( فتب إلى الله واستتر بستر الله )) فجاءه بعد ساعة يعاود الإقرار ، فأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الأولى ، ثم جاءه ماعز في اليوم التالي مصرا على الإقرار للمرة الثالثة ، فأعرض عنه الرسول أيضا ، فلما جاء للمرة الرابعة فهذه أربع شهادات على نفسه ، جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يردده يستفسر ويستفصل
( لعل شبهة تظهر تسقط الحد ) يقول له : (( لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ؟ )) . ويسأل قومه : (( أبه جنون ؟ .. أشرب خمرا ؟ )) ، وكانت الإجابات قاطعة بلا شبهة ، فسأله عن الإحصان ثم أمر به فرجم ، فجعل بعض الناس يتكلم في ماعز ، فمن قائل بأنه خبيث ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لهو أطيب عند الله من ريح المسك )) ، ومن شاتم له ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((لا تشتمه)) ، وقال : ((قد غفر له وأدخل الجنة)) وقال : (( لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم )) ، إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها . وأمر أصحابه قائلا : استغفروا لماعز ، وحدث أثناء رجمه أنه فر حين وجد مس الحجارة ومس الموت ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ((هلا تركتموه وجئتموني به ليستثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه)) فيرجع عن إقراره مثلا ، أو تظهر شبهة يسقط بها الحد ، أما ترك حد بعد البينة فلا .
وبعد ، فهل تحتاج هذه الواقعة إلى تعليق لبيان الرحمة البادية فيها من أولها ؟
لقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ، وأخبر أنه غفر له ( أي جميع خطاياه وليس الزنا فقط ) ، مع أنه إنما عوقب على الزنا فقط ، فينبغي لكل منصف أن يراجع هاتين الواقعتين ليعرف حقيقة الأحكام في الإسلام "
قطعا فوزى سعيد وأمثاله لم يفكروا لحظة فى أن تلك الأحاديث هى اتهام للنبى(ص) بالجهل فالجريمة التى لا ينفع فيها اعتراف هى الزنى لأنها تتم مع طرف أخر ولكن فى حكاية الغامدية وحكاية ماعز لا وجود للطرف الثانى وهذا يعنى أن الاعتراف لا قيمة له ويتحول الاعتراف إلى جريمة غير الزنى وهى رمى امرأة أو رجل بارتكاب الزنى وساعتها إن نفى الطرف الثانى يكون الاعتراف هو اتهام بلا دليل ويجلد ثمانين جلدة لأنه افترى على برىء حتى وإن كان زان بالفعل
إن الله جعل الدليل الأول هو :
أربعة شهداء كما قال :
" لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء"
ومن ثم فلا قيمة لأى اعتراف من فرد واحد بالزنى والدليل الثانى اعتراف الطرفين معا والدليل الثالث حمل المرأة
وتحدث عن الرحمة فى لأحاديث فقال :
"9 ـ جاء في السنة أن من أقيم عليه الحد - ولم يأخذ المؤمنين به رأفة في دين الله - فإنه يرحم من وجه آخر فيحسن إليه ويدعي له ويعان على الشيطان وليس العكس . كما سبق في ماعز والغامدية ، ولكن الجهلاء لا يفرقون بين هذه الرحمة وبين أن تأخذهم الرأفة به في دين الله فهذه منهي عنها ، قال تعالى ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )) فالرأفة : رقة وانعطاف في القلب على الزاني تمنع من إقامة الحد عليه ، فيأتي الإيمان بالله وصفاته واليوم الآخر كما سبق فتنتفي هذه الرأفة المانعة من إقامة أمر الله ، والشيطان يأمر الجهلاء والدعار وأشباههم بهذه الرأفة في العقوبات عموما وفي أمر الفواحش خصوصا لأن مبناها على المحبة والشهوة والرأفة التي يزينها الشيطان ، حتى يدخل كثير من الناس ـ بسبب هذه الآفة ـ في الدياثة ، وقلة الغيرة وهو يظن أن هذه من رحمة الخلق ولين الجانب ومكارم الأخلاق ، وإنما ذلك دياثة ومهانة ، وعدم دين ، وضعف إيمان ، وتعاون على الإثم والعدوان ، وترك للتناهي عن المنكر والفحشاء ، وفي السينما والتليفزيون الكثير من هذا .
ولذلك أمر تعالى أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ، لتنتفي تلك الرأفة من القلوب ، ويشتهر الأمر والجدية في الأحكام لأن مشاهدتها بالفعل مما يقوي به العلم ويستقر به الفهم ، علاوة على الإنزجار والارتداع في المجتمع المسلم ."
والرجل يتحدث عن رحمة منعها الله فقال :
" ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله "
وتحدث عن بتر الأعضاء الفاسدة فى المجتمع فقال :
"10 ـ إن المريض إذا اشتهى ما يضره أو جزع من تناول الدواء الكريه فأخذتنا رأفة عليه حتى نمنعه شربه فقد أعناه على ما يضره أو يهلكه وعلى ترك ما ينفعه ، فيزداد مرضه وسقمه بذلك فيهلك ، فهكذا الشاب حين يبلغ وليس معه تدين يحميه ، ليس الرحمة به أن يمكن مما يهواه من المحرمات ، ولا أن يمكن من ترك ما ينفعه من التدين والطاعات التي تزيل مرض قلبه ، بل الرحمة به أن يعان على الصلاة وما فيها من الأذكار والدعوات ، وأن يحمى عما يقوي داءه ويزيد علته وإن اشتهاه .
أما على مستوى الأمة ، فالطبيب يستأصل العضو الفاسد لمصلحة عموم الجسد ، وظاهره قسوة وشدة ومفسدة ، وحقيقته حكمة ورحمة ومصلحة ، إذ يترتب على تكرها هلاك وتلف الجسد كله بما فيه العضو التالف ، فهذا مثل الفرد الفاسد في المجتمع ، فالرحمة بالأمة والرأفة بها أن يقام الحد إذا ظهرت الفاحشة ، وإلا ترامت الشهوات بالأمة إلى الميل العظيم والهلاك والعطب "
قطعا البتر مطلوب ولكن ليس بظلم فما وجه العدالة فى رجم زناة وجلد زناة والجريمة واحدة ؟
والخطأ فى أحاديث الزنى:
هو أن الرجم عقاب للزناة من فئة الثيب وهو ما يخالف التالى :
أولا أن حد الأمة هو نصف حد الحرة فإذا كان حد الحرة الموت فكيف نطبق نصف الموت على الأمة تنفيذا لقوله تعالى بسورة النساء "فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب "؟قطعا لا يوجد طريق لهذا
ثانيا يخالف قوله تعالى بسورة الأحزاب "يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين "
فهنا حد زوجة النبى (ص)هو 200جلدة ضعف 100المذكورة بسورة النور فكيف نطبق حد الرجم على زوجة النبى (ص)إذا زنت مرتين إذا كان الإنسان يموت مرة واحدة أليس هذا جنون ؟
ثالثا يخالف قوله تعالى بسورة المائدة "من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا "
فهنا سببين للقتل قتل الغير والفساد فى الأرض وهو الردة وليس بينها الزنى ويخالف قوله تعالى "الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة لا ينكحها إلا زان أو مشرك "فهنا أباح الله للزناة الزواج من بعضهم بعد إقامة الحد فكيف يتزوجون بعد الرجم أليس قولهم جنونا ؟ .
ونلاحظ فى تلك الأحاديث شىء غريب هو عقاب المعترف دون وجود اعتراف الطرف الثانى أو وجوده أو تلبسه مما يجعل الإعتراف جريمة هى شهادة الزور لأن الزنى لا ينفع فيه اعتراف الزانى فقط وإنما لابد فيه من اعتراف الطرفين أو الشهادة عليهما