خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١١ - أكتوبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

أولا : عن القرآن الكريم

1 ـ الميزان يوم القيامة له كفتان : أحدهما فيه الكتاب الالهى ، وفى الأخرى كتاب الأعمال للفرد . قال جل وعلا : ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) الأعراف )

2 ـ للقرآن الكريم بلسانه العربى مكانة خاصة بين الكتب الالهية فهو كلمة الرحمن النهائية لكل البشر من وقته الى نهاية الزمان ، أى بلايين لا حصر لها . لذا فكل الكتب الالهية مصدرها ( أم الكتاب ) ، والقرآن هو فيها (علىُّ حكيم ) . قال جل وعلا : ( حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) الزخرف )

3 ـ يوم القيامة :

3 / 1 : يأتى الرسول محمد عليه السلام شاهدا شهادة خصومة على قومه ، ومحور شهادته أن القرآن تبيان لكل شىء يستلزم تبيانا ، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين الحقيقيين . قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل ).

3 / 2 : يأتى خصما لهم معلنا إنهم إتّخذوا القرآن مهجورا . قال جل وعلا : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) الفرقان ). لن يقول ( هجروا القرآن ) لأن القرآن الكريم محفوظ من لدن الرحمن جل وعلا رغم أُنوف كارهيه ، ولكن إتّخذوه مهجورا ، أى إصطنعوا من الوسائل ما يكون به حاضرا ومهجورا . وهم بذلك ينطبق عليهم قوله جل وعلا فى الآية التالية : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31)  الفرقان )

4 ـ العداء للنبى محمد فى أنهم ينسبون اليه أحاديث لم ينطق بها ، وأنهم بهذه الأحاديث إختلقوا له شخصية إلاهية رفعوها فوق مكانة الخالق جل وعلا  . وعداء المجرمين هو عملية مستمرة مع كل نبى من نوح الى خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . ومن الطبيعى أن يستمر هذا العداء الى قيام الساعة مرتبطا بالوحى الشيطانى ، يوحيه الشيطان الى أعوانه من الجن والإنس ، ويأتى التعبير عنه بالفعل المضارع . والشيطان لا ولن يقدم إستقالته ، وبالتالى فإذا إنتهى القرآن الكريم نزولا فى زمن مضى فالوحى الشيطانى بعده فى إستمرار الى آخر جيل من البشر ، وباستمرار أعداء النبى فى صناعة وتأليف أحاديثهم ونشرها وترويجها فإن الرعاع ينصتون لها ويهللون ، بينما ينفرون من تلاوة القرآن وحده . نرجو تدبر الآيات الكريمة التالية :

4 / 1 : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) الانعام ).

4 /2 : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) الأنعام )

4 / 3 : (  وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (47) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48)  الاسراء ). تدبر:

4 / 3 / 1 : (  وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ  ) أى ذكرت ربك وحده  فى القرآن وحده.

 4 / 3 / 2 : ( إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً ). هو نفس ما قاله البخارى وغيره عن أن بعضهم سحر النبى محمدا . نفس الوحى الشيطانى فالشيطان يعمل الى نهاية الزمان .

4 / 4 :( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222)الشُّعَرَاءُ  ). التعبير بالمضارع ( المستمر ).

5 ـ من أجل هذا ضمن الله جل وعلا أن يحفظ القرآن الكريم ، برسمه كتابة وتنقيطا ، وجمعا وقراءة وأن يكون بنفسه بيانا لنفسه وأن تكون آياته بينات مبينات  . قال جل وعلا :

5 / 1 : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)  الحجر )

5 / 2 : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة ).

5 / 3 : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت )

6 ـ تجلى عداء الكفرة للقرآن الكريم فى هذه التصرفات مع النبى محمد :

6 / 1 : رفضهم القرآن وطلبهم أن يأتى لهم النبى بقرآن آخر يوافق أهواءهم . وجاء الرد عليهم : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس )

6 / 2 :كراهيتهم الهائلة حين كان القرآن الكريم يُتلى عليهم . قال جل وعلا :

6 / 2 / 1 : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (31) وإذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) الأنفال ). لاحظ إيمانهم بالله وقسمهم به مع كفرهم بالقرآن الكريم .!

6 / 2 / 2 : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) الحج )

6 / 2 / 3 : ( قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ (67) المؤمنون). أى كانوا يتسامرون بالقرآن الكريم هجرا له وسخرية به . وهو نفس ما يفعله المحمديون من قرون .!

6 / 2 / 4 : ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52) القلم )

 7 ـ حاولوا التأثير على النبى محمد وكادوا أن يفتنوه لولا التدخل الالهى . قال جل وعلا : ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً (75) الاسراء )

 8 ـ فى الاسلام دين الله جل وعلا : الإيمان بالله جل وعلا وحده لا شريك له ، والايمان بالقرآن الكريم وحده حديثا ، لا حديث معه . قال جل وعلا :

8 / 1 : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2)الفرقان )

8 / 2 : (  مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) الكهف ). ( من دونه ) يعود الضمير على الله جل وعلا وعلى كتابه جل وعلا.

8 / 3 : ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف )

8 / 4 : ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات  )

8 / 5 : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)الجاثية ). 

ثانيا : عن كفرهم بالقرآن الكريم مع زعمهم الايمان به :

فى دولة النبى محمد فى المدينة والمؤسسة على الحرية المطلقة فى الدين :

1 ـ جاء فى سورة ( محمد ) آيات عن صحابة منافقين أعلنوا كراهيتهم للقرآن الكريم : قال جل وعلا :

1 / 1 : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16).

1 / 2 : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)

1 / 3 : ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)

2 ـ وحفلت سورة التوبة ـ وهى من أواخر ما نزل ـ بآيات كثيرة عن المنافقين الصُّرحاء الذن عبروا عن كفرهم بالأقوال والأفعال ، ومنها سخريتهم بالقرآن الكريم . منها قوله جل وعلا : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

3 ـ بالاضافة للمنافقين الصُّرحاء جاءت فى سورة التوبة إشارة لمنافقين مردوا على النفاق ، أى كتموا كفرهم وحقدهم فلم ينطقوا بما يؤخذ عليهم ولم يفعلوا بما يوحى بالشّك فيهم ، وكانوا الأقرب للنبى والدائرة المحيطة به ومحل ثقته ، فقد هاجروا معه للمدينة وأصهروا اليه . وبموته قفزوا الى السلطة بعده مستعينين بمكانتهم وبكونهم من قريش . المنافقون الصرحاء يوجد إحتمال فى توبتهم ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) النساء ) . أما أولئك الذين مردوا على النفاق فقد أنبأ الله جل وعلا أنهم لن يتوبوا بل سيموتون بكفرهم وسيعاقبهم الله جل وعلا مرتين فى الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم فى الآخرة . تدبر قوله جل وعلا : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ).

4 ـ كانت قريش على قدر هائل من الدهاء ، كانوا تجارا تحكموا فى التجارة بين الهند وأوربا ( رحلة الشتاء والصيف ) واستغلوا البيت الحرام فى جعل الأعراب المتقاتلين يقومون بحماية قوافلهم . نزل القرآن الكريم يهدد مصالحهم الاقتصادية ، فكذبوا به . قال لهم جل وعلا : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة ) .

5 ـ إزداد من يدخل فى الدين الجديد برغم الاضطهاد، ففكروا فى الخلاص من النبى محمد عليه السلام . كانت الخيارات المطروحة : القتل ، السجن ، الطرد . ليس القتل مناسبا لأن النبى ينتمى الى بنى عبد مناف ومنهم الأمويون والهاشميون، أقوى أسرتين فى  قريش . السجن ليس حلا أيضا . الحلُّ الأمثل فى دفعه وأصحابه للهجرة ، ومعهم جواسيس من أقرب الناس اليه ، يلتصقون به . فإن نجح فى المهجر قطفوا ثمار نجاحه بعد موته . عن تآمرهم والردُّ عليه قال جل وعلا : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال ).

هذا يفسّر الخلافة فتوحاتها الكافرة . والتى خلقت المناخ لنشأة علم النحو وغيره من العلوم والخرافات التى تطعن فى القرآن الكريم ـ ولا تزال .!

اجمالي القراءات 288