أحداث لبنان تُذكِّر بالحرب الماضية مع تفاصيلها المؤلمة

في الثلاثاء ٢٢ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ما عاشه اللبنانيون خلال اليومين الماضيين ليس فقط خوفًا على امنهم بل ايضًا اعادة لشريط مؤلم من حرب ماضية بكل تفاصيلها الموجعة، فكان الشعور الطاغي لدى الجميع هو الإحساس بالاحباط والقلق وعدم القدرة على التكيّف مع أحداث تذكّر بالحرب المؤلمة.


 

بيروت: تنظر رولا الى دفاترها وهي تدخل حرم الجامعة وتقول :" كان الأجدى عدم الذهاب للتعلم اليوم، حالتي النفسية سيئة بعد سماع كل تلك الاخبار عن الاحداث في الشمال وبيروت، كلها تذكّرنا بما عايشه اهلنا ونحن ايضًا منذ فترة خلال العام 2008."

جهاد لا يتحدث سوى عن الامور الامنية، لقد طغت كل تلك الاحاديث على يومياته، يتحدث عن بوسطة عين الرمانة وبأنها جاهزة للانقضاض مرة أخرى على حياة اللبنانيين وتحويلها الى جحيم وهذه المرة لن ينجو منها أحد.

تقلا شعرت خلال اليومين الماضيين أنها عادت لتعايش الحرب اللبنانية بكل تفاصيلها، وتقول:" سئمنا الحرب نريد أن نعيش ويعيش ابناؤنا حياة طبيعية، اذا كنا نفكر في الماضي بالبقاء في لبنان وعدم هجره، فلن نبقى على هذا الرأي في المستقبل، هل كتب علينا أن نتحمل وزر الحرب وآثارها العمر كله؟.

عاش شمال لبنان وبعض مناطق بيروت، حالة ارباك بعد مقتل الشيخ احمد عبد الواحد ومرافقه، هذه الاحداث أعادت الى ذهن اللبنانيين حال الحرب التي عايشوها في الماضي، حرب بوسطة عين الرمانة التي استمرت لسنوات.

وكان معظم اللبنانيين خلال هذه الاحداث يعايشون حالة نفسية تعكس تكرار الحروب عليهم، والسؤال ما هي الانعكاسات للحروب المتكررة على الاشخاص الذين يتعرضون لها ويعانون منها؟

يقول الدكتور غسان فخري ( معالج نفسي) لـ"إيلاف" إن استعادة الحدث أي الحرب اللبنانية عند وقوع أي اشكال تتم بصورة تلقائية، اذ إن ذكريات الحدث بما فيها من صور ومشاعر وافكار مؤلمة تغزو رأس الشخص بحيث لا يقوى على مقاومتها، الامر الذي يدفع به الى الشعور بالذنب والحزن والعدوانية.

ولدى سؤاله كيف يتم ذلك، يجيب:" أن عوارض ما بعد الصدمة تتفاقم عندما يتعرض المصاب الى أمور أو أنشطة تذكره بالحدث الصدمة، مثال على ذلك الاحداث الاخيرة التي ذكّرت اللبنانيين بما عاشوه من حرب ماضية فخلقت لديهم حالة من الاضطراب النفسي.

كيف يظهر ذلك؟ يجيب :" أن الشعور بالانفصال والنفور من الآخرين مسألة شائعة عند المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، كذلك عدم القدرة على التعامل الطبيعي، والشعور العميق بالاحباط".

ويتابع " أن المصاب باضطراب ما بعد الصدمة يعاني من التشنج العضلي وخفقان القلب والضغط الدموي بالاخص عندما ينفعل ويتذكر الصدمة، وكذلك صعوبة النوم وظهور الارق واضطراب الذاكرة في بعض الاحيان والتركيز".

اشكال الاضطرابات

يرى الدكتور فخري أن هناك ثلاثة اشكال لاضطراب ما بعد الصدمة : الشكل الحاد والشكل المزمن والشكل المتأخر.

اما كيف يتطور هذا الاضطراب؟ يجيب:" أن تحديد هذه المراحل مسألة هامة لأنها تساعدنا من جهة على فهم ردات الفعل عند المصدوم، ومن جهة أخرى، على التقويم ورسم المخطط العلاجي.

كيف يتم العلاج؟ يجيب:" أن مضادات الاكتئاب والمهدئات العصبية وملح الليتيوم والكلونيدين تعطي نتائج ايجابية غير أن العلاج الطبي لا يكفي وحده ولا بد من اقترانه بالعلاج النفسي"، ويشير الدكتور فخري إلى أن اكثر من نصف اللبنانيين يعانون من اضطرابات نفسية ناتجة عن الحرب وما عايشوه خلال تلك الفترة، ومن الطبيعي اليوم أن تعود اثار اضطرابات ما بعد الصدمة لتظهر عوارضها مع بعض الاحداث التي تذكّر معظم اللبنانيين بالفترة البشعة والعصيبة التي عايشوها.

اجمالي القراءات 1911