مقارنة بين الأنبياء إبراهيم، موسى، عيسى، ومحمد عليهم السلام.

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الخميس ١٢ - سبتمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

في كل عام من ربيع الأول يحتفل المسلمون بميلاد نبي الله تعالى محمد عليه السلام، فلا ضير في ذلك الاحتفال بيوم مولده، إنما الضرر في المبالغة في تقديسه وإخراجه من كونه بشرا مثل باقي البشر الذين اصطفاهم الله سبحانه بتبليغ رسالة ربهم، فالمصطفون في تبليغ الرسائل هم في الأصل بشر مثلنا، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق. يقول سبحانه:

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا* الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِوَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا* وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا* وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا* وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا* قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِلَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا* أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا* انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا. الفرقان 1/9. وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا* وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا* أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً* وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً* قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً* قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا* وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا. الإسراء 89/97. صدق الله العظيم.

إن هذه الآيات العظيمة تعكس واقع المسلمين اليوم بل منذ قرون، لقد بالغوا في مدح النبي محمد عليه السلام، لدرجة أنهم أخرجوه من كونه بشرا مثل كل البشر، وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا. قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ. يونس 49.  بينما نجد أن الله تعالى لم يذكر لنا في القرآن ولو إشارة إلى مولد النبي محمد عليه السلام، ولا عن بداية حياته وفتوته إلى أن بلغ أشده أتاه الله تعالى حكما وعلما وعلمه ما لم يكن يعلم.

أما أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، الذي جابَه قومه وتحداهم وأباه وكان من الذين يعقلون ويفكرون، وهو فتى. وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ* قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ* قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ* قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ* قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ* وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ* فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ* قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ* قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ* قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ* قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ* قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ. الأنبياء 51/63.

 وأما النبي موسى عليه السلام، فقد ذكره الله تعالى من الأيام الأولى لولادته حيث كان فرعون يُذبِّح أبناء طائفة من قومه ويستحيي نساءهم، فكانت أم موسى خائفة على ولدها من فرعون، فأوحى الله تعالى إليها أن أرضعيه ثم القيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني. وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. القصص 7. لقد حرم الله تعالى على موسى المراضع ليرده إلى أمه كما وعدها من قبل. فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. القصص 13. وبعد أن بلغ أشده واستوى أكرمه الله تعالى بالرسالة لبني إسرائيل مكلما موسى تكليما فقال سبحانه: يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ* إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍفَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ* فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ* وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. النمل 9/14. هذه بعض آيات الله ( معجزات) التي وهبها الله تعالى لموسى عليه السلام فهي آيات حسية مشاهدة لكن قومه بعد أن استيقنتها أنفسهم (قالوا هذا سحر مبين).

أما النبي عيسى عليه السلام فقد قص الله تعالى لنا قصته من بداية الحمل إلى أن توفاه الله تعالى، وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا* فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا* قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا* قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا* قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا* قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا* فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا* فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا* فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا. مريم 16/24. وبعد حوار مع قومها ونكرانهم لما قامت به مريم عليها السلام أخبرنا الله تعالى بالآية الأولى التي هي كلام صبي في المهد فقال: فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا* ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ. مريم 29/34. إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ* قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ* وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ* وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ. آل عمران 45/51. في الحقيقة يجب على المسلمين المؤمنين أن يحتفلوا بنبي الله تعالى عيسى عليه السلام، لأنه في حمله وولادته آيات من آيات الله تعالى الذي إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون.

أما آخر من اصطفاه الله تعالى من الأنبياء هو محمد عليه السلام، فلم يرد في القرآن له ذكر لا قبل ولادته ولا بعدها، إلا بعد أن كلفه الله تعالى بتبليغ الرسالة الخاتمة التي هي عباره عن آيات تتلى وقرآن يقرأ، ولم يجعل الله تعالى له آيات حسية مثل سابقيه من الأنبياء، فاراد الله تعالى مخاطبة الإنسان العاقل الذي بلغ أشده واستوى، فسخر له أدوات لينزل بها إلى قاع البحار ويصعد بها إلى السماوات، ولم يعد بحاجة إلى المشاهد السحرية التي يتخيلها الإنسان البدائي، فقد تطور كل شيء وأصبح كل شيء بين أيدي البشر يتحكمون فيه بالعلم والمعرفة. لكن مع الأسف الشديد لا يزال أكثر الناس يتبعون ما وجدوا عليه آباءهم الذين ورثوا عن سلفهم ما كتبت أيدي البشر نقلا عن النبي الزردشتي، الذي نجد قصة مولده تشابهت قصة مولد محمد عليه السلام، لمعرفة شيء عن زردشت في هذا الرابط.https://iqtp.org/archives/8319

بينما لم أجد في القرآن ولو إشارة إلى مولد النبي محمد عليه السلام، لكن نجد آيات تأمره أن يقول إنما أنا بشر مثلكم، أي أنه ولد من والد وأم كغيره من البشر، فلما لم يجد الأولون ذكرا لمولده في القرآن لجأوا إلى تلفيق آيات الأنبياء السابقين له فجعلوا الماء ينبع من بين أصابعه في روايات وفي أخرى توضأ بالنبيذ لعدم وجود الماء. 24   باب الوضوء   بالنبيذ حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي حدثنا مروان بن محمد حدثنا ابن لهيعة حدثنا قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود ليلة الجن معك ماء قال لا إلا نبيذا في سطيحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة طيبة وماء طهور صب علي فصببت عليه فتوضأ به هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة وله شاهد من حديث ابن مسعود رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. مصباح الزجاجة ج 1 ص 57 قرص 1300 كتاب.

وجعلوا له جميع الآيات التي وهبها الله تعالى للأنبياء السابقين، فهناك أدوات البحث متاحة للجميع للاطلاع عليها قبل أن يرتد إليكم طرفكم.

خلاصة القول إن الاحتفال بمولد النبي لا إشكال فيه، إنما الإشكال في تقديسه وتأليهه وإخراجه من إنسانيته البشرية، وكل ذلك يعتبر في نظري من الشرك بالله تعالى وقول الزور، ومن كان يحب الله تعالى ورسوله، فعليه أن يتبع ما أُنزل إليه من الحق وهو القرآن العظيم فيحرم حرامه ويحل حلاله ويجعل الرسول ( القرآن) قدوته في تقواه وإيمانه بوحدانية الله تعالى ويعمل صالحا. قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ. آل عمران 31/32. وبهذا إن شاء الله تعالى يكون من الذين يأتون مطمئنين يوم الفرقان.  إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ* لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ* مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ. فصلت 40/43.

قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. آل عمران 84.  وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا* وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا. الجن 13/15.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.

اجمالي القراءات 2161