التلفزة المغربية و المسالة الثقافية الامازيغية منذ خطاب اجدير التاريخي الى الان بين مقاربات الماضي الأيديولوجي و مقاربات تطلعات الحركة الامازيغية؟

مهدي مالك في الخميس ٠٥ - سبتمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

التلفزة المغربية و المسالة الثقافية الامازيغية منذ خطاب اجدير التاريخي الى الان بين مقاربات الماضي الأيديولوجي و مقاربات تطلعات الحركة الامازيغية؟

مقدمة متواضعة                                                                

تم التاسيس للخطاب الثقافي الامازيغي رسميا صيف سنة 1991  اثر التوقيع على ميثاق اكادير المرحلي و المساير لعهد الراحل الحسن الثاني القامع للامازيغية بمختلف ابعادها و تجلياتها و الفاصل بين الامازيغية و الإسلام على مستوى السلطة و على مستوى تلفزيونها الرسمي و القناة الثانية الخاصة ادا صح التعبير وقتها .

ان هذا الخطاب الثقافي للحركة الجمعوية الامازيغية كان يركز على الحقوق الثقافية و اللغوية الامازيغية في التعليم و في الاعلام مع اعتراف الدولة عبر الدستور بان الامازيغية لغة وطنية حسب ميثاق اكادير المرحلي و اخراج معهد للدراسات الامازيغية .

لكن السلطة وقتها قد تجاهلت هذه المطالب الثقافية بشكل مطلق حتى سنة 1994 تحت ضغط الشارع بالجنوب الشرقي و كلميمة نواحي إقليم الرشيدة بالتحديد و تحت ضغط ارسال الوفود الامازيغية الى الغرب المسيحي أي أوروبا للمشاركة في اللجان الدولية لحقوق الانسان و حقوق الشعوب الاصلية مثلنا فكانت هذه الأسباب هي جعلت السلطة تخاطب الشعب المغربي في يوم 20 غشت 1994 و تعترف رغم عنها بوجود الامازيغية كلهجات محلية امام الملا منذ  سنة 1956 أي منذ الاستقلال الشكلي حيث ان هذا الخطاب الشكلي كما اسميه قد اقترح  إمكانية تدريسها بالمدرسة المغربية وقتها ....

غير ان هذا  الخطاب الشكلي لم يفعل الا باحداث نشرة اللهجات داخل التلفزة المغربية آنذاك أي  بعد  20 غشت 1994 .

و من منطلق التفاعل مع ذلك السياق التاريخي لقد أصدرت الرايسة الكبيرة فاطمة تاباعمرانت شريطها الصوتي آنذاك و به اغنية واهلي واهلي الشجاعة و الحاملة للجراة النادرة وقتها باعتبارها استحضرت امازيغي منطقة القبائل بالجزائر الشقيقة كما يقال و امازيغي دول جنوب الصحراء الافريقية و قارنت بين عيش الامازيغيين بالمغرب  و بين عيش الدواب في الوحل في جراة نادرة منها لانتقاد أوضاع الامازيغيين الثقافية و السياسية في ذلك العهد علما انني لا اعرف ادا كان هذا الشريط قد صدر قبل خطاب 20 غشت 1994 او بعده او ادا كانت تعرضت الرايسة الكبيرة فاطمة تاباعمرانت للاعتقال الخ باعتباري كنت طفل آنذاك ..

لكن الخطاب الثقافي الامازيغي قد دخل الى مسار اخر بعد انتقال العرش الى الملك محمد السادس صيف سنة 1999 حيث اصدر الأستاذ محمد شفيق بيانه الشهير تحت اسم من اجل الاعتراف الرسمي بامازيغية المغرب الصادر في فاتح مارس سنة 2000 .

لكن لسوء حظي وقتها باعتباري كنت غارقا حتى القاع في اوحال أيديولوجية التخلف القروي العميقة بعد سفر الوالدين الكريمين لاداء مناسك الحج و عرفت خبر هذا البيان الشهير من جريدة تامزيغت الأسبوعية ادا كانت ذاكرتي قوية  .

و بعد مرور ذلك السياق الحساس من حياتي فهمت ان بيان الأستاذ شفيق قد شكل وثيقة تلك المرحلة بحكم تولي ملك جديد عرش المغرب أي انطلاق العهد الجديد  لكنه أي هذا البيان مازال صالح الى حد الان باعتباره يتضمن على مطالب ملحة الان مثل إعادة كتابة تاريخ المغرب و مثل تنمية المناطق الامازيغية الخ حسب رايي المتواضع .

لكن من بين صدور البيان الامازيغي و خطاب اجدير التاريخي في 17 أكتوبر 2001 حدثت أمور لصالح تغليب الخطاب الثقافي الامازيغي على الخطاب السياسي مثل اقصاء  المرحوم الأستاذ احمد الدغرني من المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية حسب راي الأستاذ عبد الله بوشطارت في كتابه الامازيغية و الحزب الخ.

و بغض النظر عن هذه الآراء الناقدة فان السلطة وقتها قد اعتمدت على الخطاب الثقافي الامازيغي في خطاب العرش ليوم 30 يوليوز 2001 و في خطاب اجدير المؤسس للشرعية الثقافية للامازيغية في التعليم و في الاعلام فقط او في بعض مظاهر الحياة الثقافية ....

الى صلب الموضوع                        

لقد بدات التلفزة المغربية تتفاعل مع الوضع الجديد للثقافة الامازيغية بعد خطاب اجدير التاريخي بشكل نسبي للغاية من خلال بث السهرات الفنية هنا او هناك و انتاج برنامج ميراث حوالي سنة 2002 بتقديم الأستاذ براهيم باوش حيث شاهدت اشهاره فقط و اما  البرنامج فلا باعتباره كان يبث في وقت متأخر من الليل و انتاج بعض الأفلام الامازيغية من سوس و بث بعض المسرحيات الامازيغية الخ .

و انتجت التلفزة المغربية برنامج تيفاوين حوالي سنة 2003 حيث يعنى بالثقافة الامازيغية و تكريم رموزها على الصعيد الوطني و التعريف بحروف تيفيناغ باعتبارها أصبحت الحرف الرسمي لكتابة اللغة الامازيغية سنة 2003  بفضل راي المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و راي الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي.

 ان برنامج تيفاوين الذي كانت تقدمه الأستاذة خديجة رشوق يعتبر نافدة على الثقافة الامازيغية بشكل سطحي أي ان الامازيغية هي مكون أساسي للهوية الوطنية كما نص عليه خطاب اجدير التاريخي و ميثاق اكادير المرحلي الخ أي ان هذا البرنامج المتميز بالفعل لم يكن له بعد النظر حول الثقافة الامازيغية بشموليتها أي علاقتها بالتشريع أي الأعراف او القوانين الوضعية الامازيغية او علاقتها بالدين الإسلامي حيث انه لم يستضيف سيدي الحسين جهادي اباعمران الغني عن التعريف على الاطلاق في تلك المرحلة رغم انه كان معروفا وقتها بعمله الضخم و المتمثل في ترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية و الصادر آنذاك  مما سيعني ان السقف المحدد للامازيغية هو السقف الثقافي الضيق...........

و دون نسيان ان التلفزة المغربية انتجت برنامج رائع بصوت الأستاذ احمد عصيد حول المرحوم المؤرخ و الشاعر علي صدقي ازايكو في دجنبر 2004 بمشاركة اصدقاءه أمثال الأستاذ الحسين ايت باحسين عن جمعية إبراهيم اخياط رحمه الله و الأستاذة مريم الدمناتي مناضلة امازيغية معروفة و وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية الأستاذ احمد التوفيق و الأستاذ حسن اوريد الغني عن التعريف في الماضي و الحاضر................

و في دجنبر 2006 ظهرت البرامج الناطقة بفروع اللغة الامازيغية في التلفزة المغربية و في القناة الثانية بحكم الاتفاق بين المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و وزارة الاتصال في عهد الأستاذ نبيل بن عبد الله لتعزيز حضور الامازيغية لغة و ثقافة في التلفزيون المغربي حيث تبث هذه البرامج بعد الساعة الثانية  بعد الظهر حيث ان البعض منها تحاول اختزال الامازيغية في الثقافة الشعبية ببعدها المتخلف بالمقابل مع الثقافة العربية الإسلامية بالمركز.

 و زاد هذا التوجه عمقا سنة 2008 عندما قررت الدولة بالاحتفال بخرافة 12 قرن من حياة المملكة أي منذ تأسيس مدينة فاس .....

لكن الجميل في هذه الاحتفالات بالنسبة لي هو فكرة سيدي عمر امرير الا و هي الجمع بين فن الروايس و الطرب الاندلسي جنبا الى جنب في سهرة واحدة منذ سنة 1956 الى سنة 2008 .

ان السلبي في بعض هذه البرامج الناطقة بالامازيغية هو طغيان منظور الحركة الوطنية لمفهوم تاريخ المغرب من قبيل تجميد المعتمد بن عباد و سيرته و قبره  بنواحي إقليم مراكش باعتباره عربي سليل بني امية و تحقير ابن المغرب عموما و سوس خصوصا حيث اتحدث هنا عن القائد الامازيغي المرابطي يوسف بن

تاشفين الذي لا يعرف حرفا من اللغة العربية لكنه امن بالإسلام و جاهد في سبيله وفق الأرضية المعرفية لعصره لكي لا يهتمني البعض انني اقدس اجدادي الكرام في غزو الغير لان العرب قد شرعوا لغزو الغير أولا تحت غطاء الدين الإسلامي و ثم لا اعتقد ان اجدادنا قد ارتكبوا أخطاء جسيمة مثل العرب باعتبارهم يتحاكمون الى العرف الامازيغي  و العاقل سيدرك كلامي ......

و في سنة 2011 حدثت احداث مهمة على الصعيد الوطني كما يعلم الجميع مثل الإصلاحات الدستورية على ضوء خطاب 9 مارس التاريخي الذي انتقل بالامازيغية من وضع مكون أساسي للهوية المغربية الى وضع صلب الهوية المغربية و بعد ذلك تم تنظيم الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011 التي عرفت اكتساح حزب العدالة و التنمية بشكل مفاجئ بالنسبة لي وقتها و بعد تشكيل الحكومة و القاء التصريح الحكومي في يناير2012  ....

 و آنذاك سيكون لنا موعد مع أولى إجراءات تلك الحكومة الفاشلة هي إصدار دفاتر التحملات  للقنوات التلفزيونية و الاذاعية التي خلقت آنذاك نقاش  عمومي هام .

ان تلك الفترة أسست القناة الامازيغية في فاتح مارس 2010 حيث نصت هذه الدفاتر ان تبث القناة الامازيغية 80 في المائة من برامجها بالامازيغية بينما على القناة الأولى أي التلفزة المغربية و القناة  الثانية الخ بث 30 في المائة من برامجها بالامازيغية لكن هذا المقتضى لم يحترم نهائيا من طرف التلفزة المغربية باعتبارها قناة رسمية للدولة المغربية أي انها لم تنج برنامج او مسلسل او فيلم ناطق بالامازيغية منذ سنة 2012 الى الان علما انني عندما استيقظ  في الساعة السابعة صباحا اجد البرامج الناطقة بالامازيغية تبث على التلفزة المغربية و على القناة الثانية في استخفاف كبير لصلب الهوية المغربية حسب خطاب 9 مارس 2011 التاريخي  و لذلك تبخرت كل تطلعات الحركة الامازيغية في الهواء الطلق امام استخفاف القنوات التلفزيونية و الاذاعية بدفاتر التحملات بشان الامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني ..................................

توقيع المهدي مالك            

 

 

اجمالي القراءات 475