إن القرآنيين هم أشد حبا لله.

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ٠٢ - سبتمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم  الله  الرحمن  الرحيم

****

إنّ  القرآنيـين  هم  أشدُّ  حبا  لله.

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ (165) إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ (166) وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ  (167)-  البقرة –

        وقد  يكون  الفهم  الصائب  هو:  أن  المحمديين  وقعوا،  من  حيث  يدرون  أو  لا  يدرون  في  غيابات  الحُبّ،  أي  حبّ  سيدنا  محمد  بن  عبد  الله  (عليه  الصلاة  والتسليم )،  بل  لقد  أدّت  بهم  تلك  الغيابات  إلى  درجة  عشق  الرجل.  ولعل  ذلك  مفضوح  من  خلال  ذلك  المديح  المشهور  تحت  عنوان  "الحبّ  الأعظم"،  وهو  من  تأليف  "اسي  أحمد"،  مقدم  فرع  الزاوية  الهبرية  الدرقاوية  الشاذلية،  فرع  مدينة  أحفير،  ذلك  المديح  الذي  يبتدئ  كما  يلي:

إن  جبرتم  كسر  قلبي  أنتم  أهل  الزمام

أو  هجرتم  يا  حبايب  فعلى  الدنيا  السلام

قالت  أقمار  الدياجي  قل  لأرباب  الغرام

كل  من  يعشق  محمد  في  أمان  وسلام

مرج  البحرين  دمعي  كان  أن  يلتقيان  بين  سمعي  وفؤادي  برزخ  لا يبغيان.

وحبيبي  وجنتاه  وردتان  كالدهان

ودموع  العين  تجري  مثل  هطال  الغمام

*****

قالت  أقمار  الدياجي  قل  لأرباب  الغرام

كل  من  يعشق  محمد  ينبغي  ألا  ينام.

*****

        ولنراجع  ونتأمل  جزءا  من  الآية   القرآنية   في   سورة  البقرة (164) : (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ)، فإن  هذا  الفريق  من  الناس  يكون  اتخذ   ذلك  الانسان،  ذلك  البشر،  محمدا  بن  عبد  الله  ندّا  من  دون  الله،  وحباه  بالحب،  وبالحب  كله،  بل  وتجاوزه  إلى  غيابات  العشق،  أي  كل  من  يعشق  محمدا  ينبغي  له  ألا  ينام.

        ولنفرض  أن  ذلك  الفريق  من  أولئك  الناس  هبّ  وسارع  مدافعا  عن  نفسه  مستمسكا  بحجته  القائلة :  نحن نحب  محمدا  بن  عبد  الله   كحبنا  لله  تعالى،  فإن  حجتهم  تلك  التي  جاؤوا  بها  فرحين،  تأتي  مع  الأسف  مصابة  بضعف  عضال،  ذلك  الضعف  الذي  جعلها  ترزح  في  ذلك  المستوى  الدنئ،  الذي  كانوا  فيه  فرحين،  أو  متناسين  في  نشوة  نزوتهم  تلك،  وفي  عشقهم  ذلك،  الذي  أغرقهم  في  بحار  من  الغفلة  الشاملة،  وجهلوا تماما  أن   هناك  مستوى  أو  درجة  عليا  يطل  ناسها  عليهم  من  عل،  ألا  وهم  أولئك  المؤمنون  حق  الإيمان،  الذين  جاؤوا بحب  أشد  لله  تعالــــى: (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ).  ثم،  ولعله  لأمر  ما  جاءت  الآية  كما  يلي: (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ (165) إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ (166) وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ  (167)-  البقرة –

        وهكذا،  يبدو أن المحمديين  غيرُ  واعين  حق  الوعي،  وكل  الوعي  ذلك  الحديث  الصحيح  الذي  لم  يرد  لا  في  صحيح  البخاري،  ولا  في  صحيح  مسلم،  ولا  في  أي  صحيح  او  غير  صحيح  آخر،  من  بين  تلك  الأمهات  الحوامل،  تلك  التي  تشير  كل  الفحوصات،  وحتى  التكهنات  والرهانات  أن  ما  في  بطونها  لا يبشر  بأي  خير،  بل  ينذر  بكل  أنواع   الانذارات،  لأن  ما  ستضعه  تلك  الحوامل  هو  حتما  وفقط  نوع  من  ضروب  الأقزام  أو  الوحوش.

        أما  عن  ذلك  الحديث  الصحيح  المنزل  من  عند  الله  تعالى  في  سورة  آل  عمران  فنصه  كما  يلي: (قُلۡ إِن كُنتُمۡ  تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞرَّحِيمٞ (31) قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ (32)آل  عمران.  وهنا  لا  يسعنا  إلا  أن  نقول  إن  الواقع  يفضح  المحمديين،  متهما  إياهم  بأن  لسان  حالهم،  وفهمهم،  ووعيهم،  قد  حوّلهم  إلى  أصحاب  قلوب  لا  يفقهون  بها، وإلى  أصحاب  أعين  لا  يبصرون  بها،  وإلى  أصحاب  ءاذان  لا  يسمعون  بها،  وتنطبق  عليهم  تمام  الانطباق  الآيات  الواردة  في  سورة  الأعراف (179): (وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ).

        1)-  ومن  الناس  أولئك  الذين  يسارعون  إلى  تجريد  محمد  بن  عبد  الله،  ذلك  الانسان،  من  إنسانيته،  ولأمر  ما  عجيب،  أصيبوا  بإصابة  غريبة  جعلت  قلوبهم  وأبصارهم  وأسماعهم  معطلة،  ورفضوا  الانصياع  إلى  ذلك  الحديث  المنزل  في  سورة  الكهف  الآية 110 : ﴿ قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَايُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا ﴾.

        2)-  ومن  الناس  الآخرين،  أولئك  الذين  اتخذوا  محمدا  بن  عبد  الله  ندا  لله،  بل  وجعلوه  كفؤا  له،  وهذا  يفيد  أنّ  حبهم  لمحمد  بن  عبد الله  يساوي  أو  يشبه  تماما  حبهم  لله .

        3)-  ومن  الناس،  أولئك  الذين  بلغوا  حقا  الرشد،  وتشبعوا  بملة  إبراهيم  عليه  السلام، وارتقى  إيمانهم  حتى  بلغ  المرتبة  العليا، وعظم  حبهم  وتجاوز  كل  المستويات،  مما  جعلهم  أشد  حبا  لله. (......وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗوَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ)- سورة  البقرة (165). وبتدبر  هذه  الآية  وتأملها  يقتنع  المرء  بأن  الذين  ءامنوا  حق  الايمان  لا  يكون  حبهم  لله  أشد  وأعلى  من  أي  مستوى  إلا  إذا  بلغ  حبهم  لحديث  الله  المنزل  تلك  الدرجة  السامية  وتجاوزها  إلى  درجة  العشق  الحقيقي  لحديث  الله  سبحانه  وتعالى، ويجعلهم  قليلا  من  الليل  ما  يهجعون، وهذا  هو  لسان  حال  القرآنيــين.

*******

 

 

اجمالي القراءات 1519