ڪان لي نَصيبٌ أن أعيشَ وأترعرع في المملڪةِ العربية السعودية في فترةٍ تُعدُّ هي بداية الانتقال من عَصرِ البداوةِ إلى عَصرِ الحداثةِ، إنھا حِقبةُ ثمانينيَّات القرنِ الماضي.
فقد عِشتُ إحدى عشر عامًا منذ طفولتي في شمالِ منطقة الرياض (الزُلفي)، ثم منطقه القَصيم والتي انتقلت فيھا من محافظةٍ إلى محافظة، ومن مدينةٍ الى مدينة.
فمن (بُريدة) إلى (عُنيزة) إلى (الرَّس) إلى (رياض الخَبراء).
تلک الأماڪن التي عِشتُ وترعرعتُ فيھا ڪانت تُعدُّ هي الأڪثرُ بداوةً في المملڪة العربية السعودية، وأهل منطقة (القصيم) تحديدًا من أصولٍ بَدويَّةٍ عريقة، بل هُم الأڪثر بَداوةً.
هُم قومّ بجمالِ صِفاتھم جعلوا من البداوةِ شَرفٌ لمن ينتمي إليھا.
شاهدت فيلم (حياة الماعز) وهو من إنتاج مشترک (هندي–أمريكي) والذي قدم صورةً عن الشعب السعودي قَصدت الإساءةَ بشڪل مُباشر وواضح لشَعبٍ عَريق.
وأنا هنا لا أقف موقف المُدافعِ عن ظُلمٍ لا وجودَ لهُ في الحقيقة.
بل هي ڪلمةُ حَقٍ أقولھا نِتاجَ تَجربةٍ شخصيٌَة خُضتھا مع البدو من الشعب السعودي، أصحاب العَراقةِ والأصالة.
إن بَدوَ السعودية ليسوا ڪما صورهم الفيلم بَتاتًا، فلا هم يأڪلون تارڪين غيرهم من العُمَّالِ يتضورون جوعًا، ولا هم يستعبدون الناس من آسيا أو غيرها.
بل ھم أُناسٌ لا يُفرِّقُون في المعاملةِ بين الغنيّ والفقير.
فالشعب السعودي البدوي ڪريمٌ بطبعه، والطبعُ يعودُ للچينات المُترسَّخةِ فيه، إنھم أُناسٌ خُلقوا هڪذا...يعيشون ويموتون على الڪَرم.
وإلى حضراتڪم بعضًا مما عايشتهُ ولمستهُ من خلال تَجاربَ شَخصيَّة:
فما من مُستجيرٍ على الطريق، إلا وڪانت جميعُ السيَّارات تَقِفُ لنجدته.
وما من جائع تطأُ قدمهُ أيَّ مڪانٍ، طالبًا للطعامِ إلا وأُطعِمَ أزڪى الطعام.
وما من ڪفيلٍ آذىٰ عاملًا عندهُ، إلَّا وڪان القانونُ والشرطة السعودية لهُ بالمرصاد.
وإذا ڪان رَدُّ البعضِ بأن هناک حالات استعباد عديدة وقع فيھا ظُلمٌ بَيِّن في أرضِ المملڪة العربية السعودية.
فالرد هو:
ليس للمدينة الفاضلة وجود، وإن وقعت حالات استعباد في المملڪة، فھي حالات خاصة نادرة.
ومن الخطأ أن نُعمِّمَھا على شَعبٍ عريق وإلّا لأصبحت الأرضُ بڪاملھا دار استعباد، فما من دولة تخلو من حالات استعباد، قد تڪون في بعض الأحيانِ أشدُّ إجرامًا، بما في ذلک العالم الغربي نفسه، وبما في ذلک الھند وأمريڪا صاحبتا إنتاج الفيلم المذڪور.
فسُنَّةُ الحياة أن يَظلَّ الشَرُّ موجودًا حتى وإن زادَ الخَيرُ بين الناس.
إن فيلم (حياة الماعز) تَجَنّىٰ على شعبِ المملڪة العربية السعودية، هذا الشعب العريق الڪريم، والذي لازال محتفظًا بأصلهِ وبداوته، ويتفاخر بھا.
دخلت قصورًا في المملڪة العربية السعودية، أصحابھا يمتلڪون الموائدَ الفاخرة، بيد أنھم لا يستخدمونھا، بل يجلسون على الأرضِ لتناول الطعام، فما نالت الحداثةُ أبدًا منھم، ولا من أصلھم الطَيَّبِ المُتواضع.
وشاهدت بعيني ڪيف أن القانونَ والشرطة السعودية تَقتصُّ لعاملٍ من آسيا بأن عاقبت ڪفيلهُ السعودي، لأنه نال من ڪرامةِ العامل(فقط) بالحديث.
فيلم (حياة الماعز) ما هو الا محاولة للنيل من شعبٍ عريق، إما لحقدٍ أو لإبتزاز.
فقد خرج الفيلم عن نطاقِ الفَنِّ ليبدو جليًا أنهُ خُطةٌ ممنھجة تستھدف النَبلَ من شَعبٍ أراد له اللّٰه الغنىٰ والسُرور.
في النھاية :
أنا لا أدَّعي ان المملڪة العربية السعودية هي الجَنَّة، لڪن ليست المملڪة ڪما يحاوُل الفيلمُ إظھارها وتصويرها.
وشعبھا ليس بظالمٍ أو بخيل أو أناني.
وقد ذڪرتُ بعضًا مما عايشته في تلکَ الأرضِ الطيبة، ولا يَسعُ ڪتابي هذا ذِڪرَ العديدِ والعديدِ من تجارب شخصية بقيت راسخةً في ذهني منذ طفولتي.
وإن ڪان فيلم (حياة الماعز) يستھدف التأثير السياسي عبر القوى الناعمة، فتلک سَوءةٌ فيمن أنتجه وقام عليه، لأنه أساء لشعب عريق، وصارت خصومته معه، خصومةً بلا شرف.
أعود وأقول أنه .. ما من شجرة مثمرة، إلا وتُلقىٰ عليھا الأحجار من كل جانب، وما نالت الأحجارُ يومًا من خصوبتھا التي لا تَنضب، ولا من طَرحِھا الذي يزيد.
تحيةّ لشعب المملڪة العربية السعودية.
وعلى اللّٰه قَصدُ السَبيل.
شادي طلعت.
#حياة_الماعز
#المملكة_العربية_السعودية
#شادي_طلعت