فن الروايس الأصيل و التلفزة المغربية في عهد الراحل الحسن الثاني اية ذكريات و اية ملاحظات؟

مهدي مالك في الإثنين ٢٦ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

فن الروايس الأصيل و التلفزة المغربية في عهد الراحل الحسن الثاني اية ذكريات و اية ملاحظات؟

مقدمة مطولة                                                   

نواصل علي باركة الله هذه الرحلة المتواضعة مع مقالاتي حول موضوع الاعلام السمعي البصري و إشكاليات الهوية و التاريخ في المغرب حيث اسال الله تعالى ان تكون هذه المقالات في المستوى المطلوب لأننا نتمتع بهامش كبير من الحرية المسؤولة  الان بفضل العهد المحمدي الزاهر ل 25 سنة من الإنجازات و المشاريع في شتى الميادين و المجالات رغم وجود العديد من المشاكل بسبب ميراث الماضي الثقيل بابعاده السياسية و الدينية و الثقافية بسبب ان مغرب سنة 1956 قد اعتمد على الدخيل سواء من المشرق العربي او من الغرب المسيحي و همش الأصيل بكل تجلياته السياسية و الدينية و الثقافية و التنموية .............

لقد قلت في مقالي لي كتبته بمناسبة الذكرى 34 سنة على رحيل الحاج محمد البنسير الذي يعتبر من رموز فن الروايس في القرن الماضي حيث قلت آنذاك

ان شرعية الامازيغية الثقافية قد ولدت مع تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية سنة 2001 أي ولدت مع تعاطي السلطة الرسمي مع القضية الامازيغية حيث ساهمت هذه الأخيرة إيجابيا في الادماج الاولي للامازيغية في التعليم و في الاعلام دون ادنى شك.

   غير ان هذه الأخيرة أي شرعية الامازيغية الثقافية لم تستطيع ترسيخ الثقافة الامازيغية بمعنى الكلمة في بلادنا حيث لم نسمع قط ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية مع احترامي الشديد له قد نظم ندوة وطنية كبر ى حول العرف الامازيغي و مقاصد الشريعة الإسلامية او اسهامات الدولة البرغواطية في استقلال المغرب عن المشرق العربي الخ من هذه المواضيع الثقيلة التي هي تتجاوز شرعية الامازيغية الثقافية بالاف من الكيلومترات.

ان هذه الشرعية لم تستطيع حتى إعادة الاعتبار لفنوننا الامازيغية الاصيلة مع التسجيل بكل العدل و الانصاف ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية قد قام بواجبه الاكاديمي و الإعلامي من خلال اصدار الكتب و التنسيق لاعداد برامج إذاعية و تلفزيونية منذ سنة 2006 للتعريف بهذه الفنون الاصيلة و أدوارها في المجتمع قديما و حديثا الخ من واجبات هذه المؤسسة الموقرة ..

غير انني أقول ان هذه الشرعية لم تستطيع إعادة الاعتبار لهذه الفنون ضمن الاصالة الإسلامية المغربية حيث ناخذ الطرب الاندلسي كمثال حي و جوهري في هذا السياق حيث دخل هذا الاخير الى المغرب سنة 1492 ميلادية و بقي لقرون في مدن المركز من قبيل فاس و الرباط و سلا حتى سنة 1956 حيث صار هذا الطرب يمثل الاصالة الإسلامية المغربية لوحده طيلة عقود من الزمان

و بل اكثر من هذا لا يتعرض له أي احد سواء فقهاء وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية او فقهاء التيار السلفي الوهابي ببلادنا و لو بكلمة واحدة علما ان الطرب الاندلسي يوظف النساء لاجل الغناء و من بين المغنيات المشهورات زهرة الفاسية ذات الأصول اليهودية كما  سمعت في برنامج تلفزيوني على القناة الأولى منذ سنوات.

و كان هذا الطرب المحترم يحيي سهراته في إسرائيل منذ سنة 1986 الى سنة 2000 بشكل علاني أي منذ استقبال الراحل الحسن الثاني لرئيس الوزراء الإسرائيلي سنة 1986 الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب و إسرائيل سنة 2000..

 

 و بعد سنة  2000 الى سنة 2020 كانت هذه الاسفار لاجواق الطرب الاندلسي تفعل بشكل سري للغاية حسب قول الناشط الامازيغي منير كجي  و العاقل سيفهم كلامي و ابعاده المختلفة ..

انني باحث جد متواضع في فن الروايس منذ سنة 2006  حيث كتبت اول مقال حول المرحوم الحاج محمد البنسير و ارسلته عبر الايميل الى الأستاذ احمد عصيد الذي رد علي بترحاب كبير و كان هذا اول اتصال بيننا حيث ان عشقي لفن الروايس الاصيل خصوصا ينطلق من منطلق إحساس بالانتماء لمنطقة سوس الكبير او الأقصى أي من إقليم مراكش شمالا الى الصحراء المغربية جنوبا من الناحية التاريخية و من ناحية التوازن او التمييز بين الدين و الحياة العامة بدون أي فصل تام او جزئي بينهما فان الدين انزله الله تعالى لخير الإنسانية الى يوم القيامة بينما ان الحياة العامة هي خاضعة للتراكم المعرفي الذي انتجته الإنسانية منذ اقدم العصور الى الان حيث يدخل الدين ضمن هذا التراكم المعرفي الى جانب العلوم الإنسانية الأخرى ..

و من هذا المنطلق فان فن الروايس الأصيل يحمل هوية منطقة سوس الكبير الثقافية و الدينية بكل الجدارة و الاستحقاق منذ قرون عديدة قد تجاوزت عهد دخول الطرب الاندلسي الى المغرب في سنة 1492 ميلادية حسب ما فهمته من شهادة الأستاذ الصافي مومن علي أوائل التسعينات من القرن الماضي في سياق التنظير لشرعية الثقافة الامازيغية آنذاك .

ان من بين المشاكل التي تقف امام تحقيق حلمي الا و هو تاليف كتاب حول فن الروايس و الدين الإسلامي مشكل تاريخ بداية هذا الفن في سوس العالمة و تعامل الدول المتعاقبة على حكم المغرب عموما و الدولة الموحدية خصوصا الخ من هذه المشاكل الواقفة في طريقي لتحقيق هذا الحلم لدى اتصلت بباحثان كبيران في فن الروايس بغرض الاشراف على هذا العمل المتواضع بدون ذكر الأسماء لان مجالس الناس اسرار بالنسبة لي ..

الى صلب الموضوع                                 

لسوء حظ فن الروايس بعد سنة 1956 ان ادخلته السلطة الى خانات الهامش الامازيغي و الفلكلور الشعبي الحقير الخ من خانات الذل و العار رغم ان الروايس الكبار قد ساهموا في مقاومة الاستعمار المسيحي من المنطلق الديني الصرف أي يجب محاربة الاستعمار الكافر الذي دخل الى بلادنا بهدف استغلال خيراتنا و اغتصاب نساءنا الخ حيث يستحضر التاريخ أسماء الروايس الكبار مثل الحاج عمر واهروش رحمه الله و الرايس المقاوم الحسين جانطي رحمه الله و الحاج احمد امنتاك رحمه الخ من هؤلاء الروايس الذين جاهدوا بالكلمة التي كانت اقوى من الرصاص....

غير ان مغرب الاستقلال قد همش كل ما يتعلق بالمقاومة الامازيغية بالاطلاق علما ان المرحوم الحاج احمد امنتاك قد عبر عن فرحه الشديد ببزوغ فجر الاستقلال و الحرية من خلال قصيدته الشهيرة الله اوطن و الحاملة لمعاني الوحدة بين المسلمين .

ان تكوين اغلب الروايس الديني من المدارس العتيقة بسوس الكبير هو الذي جعلهم يجتهدون في ابداع قصائد دينية في المستوى المطلوب سواء ما قبل الاستقلال و ما بعده لان اهل سوس يميلون الى الارشاد الديني لكن بلسانهم الامازيغي الاصيل حيث كما اشرت سالفا ان التلفزة المغربية لا تبث أي برنامج ديني واحد بفروع اللغة الامازيغية تجسيدا لايديولوجية الظهير البربري القامعة للاسلام الامازيغي و مظاهره ...

و آنذاك أي في العقود الماضية بمعنى من الستينات الى الامس القريب لم يظهر اي وعي سلفي او وهابي يطالب الدولة المغربية باعتماد فروع اللغة الامازيغية في التلفزة المغربية قصد إيصال الخطاب الديني الى الامازيغيين داخل مناطقهم باعتبارهم قد تعرضوا لعمليات التنصير في ثلاثينات القرن الماضي كما تدعي الحركة الوطنية المغربية كما تسمى أي لم يوجد أي وعي سلفي او وهابي  يطالب الدولة بهذه الأمور الثقافية لصالح الامازيغيين لان أولى تيارات الإسلام السياسي قد دخلت الى المغرب أوائل الستينات لتاطير الدروس الحسنية الرمضانية برغبة من الراحل الحسن الثاني حسب شهادة الأستاذ عبد الوهاب رفيقي بمعنى ان هذه التيارات ليست اصيلة في هذه الأرض المباركة بل هي دخيلة من المشرق العربي بخلفية تتعارض مع ما اسميه الان بالمرجعية الامازيغية الإسلامية بشكل كلي..

و من هذا المنطلق لا احد وقتها قد اهتم بالارشاد الديني بفروع اللغة الامازيغية الا ما يبث على الإذاعة الامازيغية المركزية او إذاعة اكادير او إذاعة تطوان الجهويتان من البرامج الدينية و بالتالي فلا وجود لعمليات تنصير الامازيغيين من الناحية التاريخية او من الناحية الاجتماعية او من الناحية الفنية بدليل لدي الا و هو ان فن الروايس باصالته الامازيغية الإسلامية قد قام بوظيفة الدولة عبر وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية في الارشاد الديني بالامازيغية السوسية من خلال شرح اركان الإسلام الخمس و خصوصا فريضة الحج العظيمة عبر  المئات من القصائد الحجازية منذ أوائل القرن الماضي الى الامس القريب ............

ان الحديث عن موضوع اسهامات فن الروايس في الارشاد الديني لا ينتهي حيث انتقل بكم الى موضوع ذكرياتي مع فن الروايس في التلفزة المغربية في عهد الراحل الحسن الثاني حيث فتح عيناي على الوالدين بالدار البيضاء أواخر ثمانينات القرن الماضي حيث كانوا يسجلون ما يبث على التلفزة المغربية من سهرات فن الروايس و المرحوم عموري امبارك الخ تحت شعار الثقافة الشعبية على اشرطة الفيديو قصد مشاهدتها في صباح اعيادنا الدينية او عند زيارة احد افراد عائلتنا الكبيرة آنذاك .....

 انني أتذكر كم كان المرحوم الحاج محمد البنسير شامخ شموخ جبال سوس عندما يظهر على التلفزة المغربية في سهرة داخل الوطن و في فرنسا عند الجالية المغربية المقيمة هناك حيث لا أتذكر ان المرحوم قد تحدث في برنامج تلفزيوني و ربما أكون مخطئ باعتباري كنت صغيرا آنذاك.......

أتذكر اول ظهور للرايسة الكبيرة في التلفزة المغربية سنة 1990 في برنامج مسجل لان المرحوم الحاج البنسير كان حاضر كعازف على الة الرباب و معلوم ان هذا الأخير قد انتقل جوار ربه في نونبر 1989 الخ من هذه الذكريات ....

المهدي مالك                                        

اجمالي القراءات 458