عزمت بسم الله،
بعد وفاة النبي محمد عليه السلام أصبحت أكثر خطب الجمعة منبرا لهجر القرآن وتضليل الناس عن الذكر والكتاب الحكيم، رغم أنه كتاب هدى ورحمة للمحسنين. الم* تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ* هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. لقمان 1/5. إن كتاب القرآن هو كتاب هدى ورحمة للمحسنين الموقنين بالآخرة. (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). لكن أكثر خطباء الجمعة (مع الأسف) هجروا القرآن الذي هو أحسن الحديث كتابا، واتبعوا لهو الحديث المضل عن سبيل الله تعالى. وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِعِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ* وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. لقمان 6/7. لاحظوا أعزائي تتابع سياق الآيات من سورة لقمان كيف بين الله تعالى الفرق بين من يتبع أحسن الحديث، ومن يتبع لهو الحديث المضل عن سبيل الله تعالى المبشر بعذاب أليم.
إن خطيب الجمعة هذه المرة تحامل على طالبات العلم في الجامعة، ففي الدقيقة السابعة قال الخطيب: أولا آفة الاختلاط وما يترتب عليها من معاص كثيرة فمما لا يستطيع أن ينكره أحد هو وجود الاختلاط بين الجنسين وبقوة في الجامعة، والذي هو منطلق كثير من الشرورحيث الاختلاط في الحافلات ثم الأقسام والساحات والإقامات التي غدى بعضها أوكارا للفساد، ولعظم الاختلاط وخطره على قلوب المؤمنين فقد أمر الله تعالى المهاجرين والأنصار ونساء النبي وهم ذو الشرف والطهر والعفاف بعدم التخاطب إلا من وراء حجاب.
التعليق: إن الطامة الكبرى في نظري هو ما يقع فيه الكثير من الخطباء، هو قطع كلمة أو آية من سياقها فَيَضَلُّ ويُضِلُّ بها الناس، نعم إن الله تعالى كرم الرسول وأزواجه فحرم على المؤمنين أن يدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لهم، وإذا سألوهن متاعا فيجب أن يكون من وراء حجاب، الآية 53 الأحزاب. لأن نساء النبي لسن كأحد من النساء، فإن الله تعالى يضاعف العذاب لمن يأت منهن بفاحشة مبينة، وللقانتات لله ورسوله والتي تعمل صالحا يؤتها الله تعالى أجرها مرتين. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا* وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا* يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا* وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِوَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا* يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا* وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا الأحزاب 28/34.
أما باقي النساء فلهن مثل الذي على الرجال، من تقوى الله تعالى والواجبات والعمل الصالح وعمارة الأرض بما ينفع الناس، فلم يفرق الله تعالى بين الجنسين، فمن يعمل صالحا منهما يجز به. مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. النحل 97. قال رسول الله عن الروح عن ربه:وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا* وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا* إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا* وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا* وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا* وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا* وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا* وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا* أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا* خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا* قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا. الفرقان 63/77. صدق الله العظيم.
أعود إلى الخطيب الذي قال: من الجامعيات من كانت تستنكر محادثة الشباب بداية نظرا للمبادئ الإسلامية التي تربت عليها، ثم أصبحت تراه أمرا عاديا بمرور الأيام والشهور، ثم صارت تفعل ما كانت تستنكره، وكل ذلك باستدراج الشيطان، فالاختلاط المتكرر يوميا من الصباح إلى المساء في الحافلات والساحات والقاعات مع ما يصحب ذلك من نظرة وحديث ونكتة وابتسامة إلى غير ذلك مما يندى له الجبين، واعتياد المشاهدة اليومية للشباب رفقة زميلاتهن تسبب في تبلد الحس لدى البنات، حتى عدن من الرجعية والتخلف عند بعضهن عدم اتخاذ الخليل.
التعليق:
أولا: هل للخطيب إحصاء لمثل هذه التصرفات في الأوكار التي ذكرها ؟
ثانيا: هل البنت التي نشأت بين أسرة ووالدين أتقياء يتحاورون مع أولادهم ويزرعون بينهم الحب والطمأنينة، يمكن أن تنزلق إلى ما كان الخطيب يُهَوِّلُ في خطبته؟ كأن لسان حاله يقول: كل بنت دخلت الجامعة لن تسلم من كيد الشيطان والشياطين.
ثالثا: حسب الخطيب فقد صور لنا الجامعة ومرافقها وكرا للرذيلة وشرا لمن يتعلم فيها، وليست جامعة لطلب العلم والمعرفة ليتخرج منها رجال ونساء أتقياء، ليكنا خلفاء في الأرض فيعمروها بالعلم والعمل الصالح، لأن الله تعالى سخر لعباده (الذكر والأنثى) ما في السماوات والأرض جميعا ليعبدوا بالعلم إلها واحدا لا شريك له وله يُسلمون، وهو الذي سوف يحكم بين عباده فيما كانوا يعملون وإلى الله عاقبة الأمور. إن الله تعالى يخاطب عباده المؤمنين ذكورا وإناثا فقال سبحانه في 89 آية في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) إلا ثلاث آيات تخص الذكور فقط، وهي:
الطلاق 1. الممتحنة 10. الأحزاب 49. وباقي الآيات عامة لجميع المؤمنين ذكورا وإناثا ولا فرق. يقول سبحانه:
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ* وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ* وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ. لقمان 20/22.
قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. الأحقاف 13/14.
قبل الختام، إنما الهداية من الله تعالى لمن اهتدى واتقى وتيقن بيوم الحساب، لقد ضرب الله سبحانه لنا مثلا في القرآن العظيم عن امرأة نوح وامرأة لوط، فلا الأولى تخرجت من الجامعة ولا الثانية، لكنهن خانتا أزواجهن نوح ولوط عليهما السلام، وضرب الله تعالى لنا مثلا امرأة فرعون الذي علا في الأرض واعتبر نفسه إله وكان من المفسدين. وهي الأخرى لم تتخرج من الجامعة. إذن الجامعة لا دخل لها في صلاح الإنسان وفساده. قال رسول الله عن الروح عن ربه:ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ* وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. التحريم 10/11.
المهم على الولي أن يجتهد في تربية أولاده ذكورا وإناثا من صباهم إلى أن يبلغوا سن الرشد وبعد ذلك لن يُسأل عما عملوا، لأن الله تعالى مُحاسبٌ كل نفس ما عملت.
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍتَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ. آل عمران 30.
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. النحل 111.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.