ماذا سيختار حضرته لنفسه ؟؟

عثمان محمد علي في الثلاثاء ٣٠ - يوليو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا سيختار حضرته لنفسه ؟؟
أحيانا أتصور أن رحلة حياة كُل إنسان تُشبه وكأنه يسير في شارع (همفرس –بولاق الدكرور – جيزة –مصر) أزحم شارع وأزحم حى ومنطقة في جمهورية مصر العربية.وفى نهاية الشارع مدينتين ،إحداهما مدينة مُلوثة ولا يستطيع الإنسان العيش فيها ثانية واحدة ، والأُخرى مدينة رائعة فائقة الجمال والتنظيم والخدمات والهدوء ورُقى أهلها وحًسن أخلاقهم . وأن هذا الإنسان وهذا الشخص الذى يسير في شارع همفرس هو الذى سيختار ويُحدد مكانه إما في المدينة السيئة الملوثة ،وإما في المدينة الراقية ذات الأنهار والبحار والحدائق والمناظر الخلابة . وذلك ب هل سيسير في الشارع طبقا لمحددات وأوامر القانون ويحترمها ويحترم حقوق السائرين معه في نفس الشارع ، ام سيخترقها ويتعدى عليها ويبطش بالمارين من جنبه ومن أمامه في الشارع ، فيسب هذا ،ويتعدى على حق هذا ، ويبطش بهذا ،ويدوس على رقبة هذا وووو؟؟
فبناءا على طريقة سيره ومدى إلتزامه بآداب وقواعد المرور وحُسن معاملته مع المارين والسائرين معه وعدم التعدى عليهم وعلى حقوقهم سيكون قد إختار سكنا الترا سوبر لوكس في المدينة الراقية الجميلة التي تُطل على أجمل أنهار ومُحيطات وحدائق الكون ، وإن كان من المعتدين الذين لم يحترموا الناس وقانون المرور وآدابه وتعليماته ونواهيه فليس له خروج من باب ذلك الشارع المُزدحم إلا على المدينة الملوثة التي إن لمس جدارن مبانيها ستنصهر يداه وتسيح أمام عينيه ، وللأسف فليس له عودة أو مُلحقا للسيرلإعادة تصحيح طريقته التي كان عليها .
فهذا بإختصار مثلا للحياة الدُنيا .فهى مجرد سير إجبارى في شارع مزدحم بالإبتلاءات،ولكن يوجد ومتاح لكل شخص في وال سيره في أول الشارع دليل شامل كاف واف لكل تعليمات السير في شارعها من (تعليمات للإيمان بالله – تعليمات لعبادة الله – تعليمات للتعامل مع الناس والبيئة المُحيطة به ). وهو دليل مجانى ومتوفر 24 ساعة وكل إنسان يستطيع أن يقرأ تعليماته ويفهمها بيسر وسهولة ودون عناء. فلو سار اثناء رحلته في شارع الحياة مُتبعا للتعليمات فسيكون خروجه من الشارع إلى جنة النعيم (النعيم بكل ما تحمله الكلمة في كل شيى مادى ومعنوى ) ، وإن سارمخالفا للتعليمات متكبرا عليها معتديا عليها وعلى الناس وعلى الشارع ،فسيكون خروجه من البوابة التي تفتح على أبواب جهنم وبئس المهاد خالدا فيها أبدا .وليست لديه فرصة ثانية لإعادة السير وتصحيح الأخطاء وتعديل مسيرته مرة أُخرى،وليست هناك فرصة لتخفيف العذاب عنه ثانية واحدة .
فكل إنسان وكل شخص هو من سيختارلنفسه ،ومن سيُقرر لنفسه في أي المدينتين سيسكن ،(الجنة أم النار) .
فيا ترى ماذا سيختار حضرته ، هل سينخدع بأن مسيرة شارع (همفرس) التي سيقطعها في نصف ساعة بأنه خالدا فيها ،ولذلك سيخالف التعليمات ويعتدى عليها ،أم سيكون عاقلا وواعيا وراشد ويؤمن بأنها مجرد رحلة عابرة ، مجرد ثوانى لا تساوى أن يُخالف فيها تعليمات ولا أن يظلم فيها أحدا ؟؟
==
فعن نتيجة الرحلة ،وعقاب وثواب السائرين كُل حسب إختياره يقول المولى جل جلاله ((قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ (15) لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ )) .
ويقول جل حلاله عن ألذين آمنوا وإتبعوا التعليمات وطبقوها .
((لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ (20))) الزمر .
==
هذا ليس حديثا عن ترغيب وترهيب ولكن تذكرة لنا جميعا بحقيقة من حقائق القرءان عن الدنيا المنتهية سريعا ،بل إنها ستنتهى أسرع مما نتخيل ، وعن حقائق الآخرة الباقية خالدين فيها أبدا .فكل منا يختار لنفسه بنفسه .
اجمالي القراءات 680