أثر دين التصوف في الزّى وشُرب القهوة عادة إجتماعية

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٢ - يوليو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

أثر دين التصوف في الزّى وشُرب القهوة عادة إجتماعية

 كتاب : أثر التصوف  الثقافى والمعمارى والاجتماعى فى مصر المملوكية

الفصل الثالث : أثرالتصوف فى الحياة الاجتماعية فى مصر المملوكية

أثر التصوف في العادات الاجتماعية فى مصر المملوكية :

فى الزّى وشُرب القهوة    

الزىّ  

1ــ الزى أساس فى أى دين أرضى، وبه يتميز أرباب الأديان الأرضية بعضهم من بعض ، ومع تشابهها فهناك إختلافات فى اللون والشكل . والتصوف بالذات بدأ دينه بالخرقة ، أى قطعة قماش يتميز بها الصوفى عن غيره ، ثم أصبحت ( الخرقة ) تعنى دين التصوف ، ثم أصبحت مع تنوعها تدل على الطريقة الصوفية عندما تكاثرت الطرق الصوفية وتتنوع ، وتتخذ كل طريقة الخرقة التى تميزها عن غيرها . وبهذا الاحتراف الدينى صار الزى مثل العلامة التجارية للصوفى الذى يرتديه ، وبه يجلب النذور والنقوط .  ( وقد سئل صوفي ان يبيع جبته فقال :اذا باع الصياد شبكته أبأي شيء يصطاد ؟! ) [1] . وكانت للتصوف لمساته على الزي في العصر المملوكي ...

2ــ فقد ترتب على ازدهار التصوف فيه أن أصبحت ( الخرقة ) أو ( المرقعات) ــ لباس التصوف المفضل ــ (موضة اجتماعية) للشيوخ الصوفية المترفين الميسورين للرياء والشهرة وحُبّ الظهور ، حتى أن ابن الحاج اهاب بالخياطين ان يحجموا عن خياطة (دلوق الشهرة والمرقعات التي اتخذها بعض الناس ... فتجد بعضهم يأخذ خرقة جُملة ، مختلفة الألوان ؛أبيض وأصفر وأحمر وأسود الى غير ذلك ، ويرتبونها واحدة بجنب الأخرى . وبعضهم يتغالى في تلك المرقعات فيجعلها من القماش الرفيع الفاخر ، الذي لتفصيله ثمن كثير ، فيقطعونها خرقة خرقة ، لأجل الشهرة الممنوعة في الشرع الشريف ــ فانظر رحمنا الله واياك إلى صفة هذه الرقعة أي شبه بينها وبين مرقعة عمر بن الخطاب ) [2]..فالخرقة التى كانت لدى رواد التصوف الأوائل فى القرن الثالث رمزا للفقر أصبحت فى العصر المملوكى موضة يتبارى الميسورين فى التزخرف بها .

 3ــ وهكذا لم يعد غريبا في العصر أن يصبح ارتداء الفاخر من اللباس تقليدا اجتماعيا . فالصوفية ــ وهم أساتذة العصر ـــ فعلوا ذلك ، بل أن بعضهم بالغ في لباسه واشتهر بذلك مما أثار عليه الإنكار، كالحنفي ، وقد قامت أساطير الكرامات بالدفاع عنه في كتاب مناقبه [3]  وبعض المجاذيب الصوفية كان ( لا يلبس إلا الحرير على بدنه )[4] . وكان القضاة أكثر الطوائف تأثرا بالتصوف فقبلوا أن يُخلع عليهم الحرير ، وهو مُحرّم لبسه للرجال وفقا للدين السّنى وللشريعة السنية التى يمثلونها . وعُدّ من الأثار الحسنة للفقيه ابن دقيق العيد انه رفض رداء الحرير عندما ولى القضاء واستبدل به رداء الصوف [5]

4ــ وشاع في العصر المملوكي بتأثير التصوف اتخاذ الزي الطويل افتخارا ، ومخالفة للدين السُّنى وللشريعة السنية التى تأمر بتقصير الثياب ، واستمر ذلك حتى نهاية العصر ، وبولغ فى ذلك الى درجة  يدعو معها الشعراني الصوفية الى تقصير ثيابهم . [6] ...

وقد كان السلطان جقمق من المنكرين على بعض تجاوزات الصوفية ، فهو الذي أبطل مولد البدوي ــ ويذكر له في مجال الزي أنه خالف عصره فكان متقشفا ، لا يلبس إلا القصير من الثياب ، ونهى الأمراء والأكابر من ارتداء الثوب الطويل (وأمعن في ذلك حتى انه بهدل جماعة من أعيان الدولة بسبب ذلك) على حد قول المؤرخ ابى المحاسن  [7]....

5ــ وبتأثير التصوف صار لكل طبقة اجتماعية في العصر المملوكي زيا معينا ، فهم الذين جعلوا لرجل الدين زيا معينا ، وجعلوهم طبقة اجتماعية خاصة ، وبهم صار الأشراف طبقة اجتماعية ، ومعظمهم صوفية إنتحلوا النسب للأشراف . وقد أمر السلطان الأشرف شعبان  القلاوونى أن يجعل للسادة الأشراف في عمائمهم( شطفات خضر تميزا لهم عن غيرهم وتعظيما لقدرهم ) [8]  .

6 ــ وامتد ذلك الى الوظائف ، فكان لكل وظيفة الزى الخاص بأصحابها ، وصار يُعبّر عن الوظيفة بالزي الخاصّ بها ، فيقال : (ترك الجندية وتزيّا بزيّ الفقهاء) أى لبس زى الفقهاء وصار فقيها ، ويقال ( وترقى في الخدمة حتى لبس زي الجند) أى ارتدى اللباس العسكرى ، وعن التعيين وزيرا يقال : (لبس خلع الوزارة )، وهذه متفرقات من تاريخ النجوم الزاهرة للمؤرخ المملوكى أبى المحاسن .[9]

 ويذكر الشعرانى أن من شأن الصوفي : ( ألا يقتصر على لبس الزي والهيئة وارخار العذبة وحضور الولائم ...)[10]  وهذه خصائص الصوفية في ذلك العصر ( لبس الزى الصوفى والهيئة الصوفية الخاصة وإرخاء طرف العمامة ) ثم لا يقتصر على ذلك المظهر بل يفعل كذا وكذا . ويذكر المؤرخ أبو المحاسن أنه فى حملة ( آمد ) سار السلطان برسباي هو الخليفة ومباشر الدولة بغير سلاح ( ليوهم انهم هم قضاة الشرع، لكون لبسهم على هيئة الفقهاء )[11]  .

وكان (لأهل الذمة ) ـ فى تعبير العصر المملوكى ــ زي خاص بهم ليعرفوا به بين المسلمين . وقد تعرض هذا الزي إلى تغيرات تأثرت بحركات التعصب التي كان يقوم بها الفقهاء الصوفية ضد أهل الكتاب ( فلبس المسيحيون عمائم زرقاء واليهود صفراء والسامراء حمراء ، وارتدى المسيحيون حزاما حول الوسط يطلق عليه زناد.)[12]

7ــ وتأثر زي القضاة والفقهاء بزي الصوفية ، يقول القلقشندى فى موسوعته ( صبح الأعشى ) إنهم استعملوا العذبة والدلق ولبس بعضهم الحرير  [13]  . ومع ذلك فقد تحرر بعض الصوفية من الالتزام بزي خاص ، بل ترك بعضهم زي الصوفية بالجملة ، وفقا لما ذكره المؤرخ ابن حجر  فى تاريخه ( إنباء الغمر ) [14]   بينما يذكر نفس المؤرخ فى كتابه ( الدرر الكامنة ) أن صوفيا آخر تولى القضاء فلم يغير زيه الصوفي  [15] .

أما القاضى الهروي ـ  وهو صوفي ــ فكان أعجوبة فى تغيير زيه تبعا لتغير وظائفه وتبعا لهواه ايضا ، ومما ذكره المقريزى عنه نعرف أنواع الزى وقتها ، فالهروى ظهر صوفيا فى البداية فى قدومه لمصر (يتزيا بزي العجم الصوفية ، فيلبس عامة عوجاء بعذبة عن يساره ، فلما ولى قاضي القضاة لبس الجبة والعمامة الكبيرة وأرخى العذبة بين كتفيه ، فلما ولى كتابه السّر تزيا بزي الكُتاّب وترك زي القضاة ولبس الذهب والحرير ، فلما أُعيد للقضاء أقام يمر في الشوارع بهيئة العجم ) [16]..أى الصوفية الأعاجم ..

8ــ وأثر التصوف في العمامة في ناحيتين : ارخاء العذبة وحجم العمامة . فرؤى الحنفي في منام ـ على حدّ زعمهم ــ ومعه الصحابة وأبوبكر يضع عمامة على رأس الحنفى  ويرخي عذبتها. وحين روى ذلك المنام صار كل من حضر ينزع عمامته من على رأسه ويرخى لها عذبة  [17]. وصارت موضة .!!.  وقد (ركب ابن ميلق الشاذلي الصوفي وهو قاضي للقضاة وعلى رأسه عمامة لها عذبة على جانب واحد مثل الصوفية ) [18]...

ومن ناحية أخرى ظهر أثر التصوف في حجم العمامة ، فكلما كانت كبيرة دلت على عظم صاحبها . وهذا واضح فى دين أرضى يعتمد على المظهر ، ويقيس العلم بحجم عمامة الفقيه ، لذا يصف  المؤرخ المملوكى أبو المحاسن كبار العلماء في العصر بكبار العمائم [19] ، وصار تكبير العمامة دليلا  على علو المنصب، فحين أضمر السلطان أن يجعل العيني قاضيا أوعز  إليه ان : (كبّر عمامتك غدا واحضر بكرة) من غير أن يفصح له بشيء . [20]

وفي زي النساء :

والأثر هنا غير مباشر .

1 ــ فقد أشاع التصوف انحلالا خلقيا في العصر المملوكي ، أسهم في ازدياده دعوتهم لعدم الاعتراض والانكار ، بل ان بعضهم أضفى على انحلاله الخلقي جانبا دينيا مثل طوائف القلندرية والمطاوعة، وقد اشتهر ذكرهم في العصر حتى وضعت فيهم المؤلفات التي  تؤكد اعتبارهم الزنا واللواط قربة لله وأهم تلك المؤلفات (المنازعة في حكم المطاوعة) للشيخ المقدسي الرجائي ورسالة ابن تيمية في التنفير من المردان ...وسبق تفصيل ذلك فى كتاب ( الانحلال الخلقى ).

2 ــ ومن الطبيعي في هذا الجو المُنحل خلقيا ان يصبح زي النساء معبرا عنه فيصير في تغيير وتبديل مستمر ، فأحيانا يلبسن القمصان الواسعة الأكمام الذي يظهر(جميع جسد المرأة من الداخل ويجعله مرئيا ) على حد قول المؤرخ الصيرفى   [21] . وبرغم النداءات المهددة والمتكررة فلم ترعو النساء عن هذا الزي بل وصفهن ابن اياس بانهن ( أفحشن في ذلك حتى خرجوا عن الحد )[22]  بل وصلت هذه (الموضة) إلى القرى والفلاحات فصاحب (هز القحوف) تزوج فلاحة وكثيرا ما كان يجامعها (من كم قميصها ) [23]....

3 ــ وقبلها وفى القرن الثامن عرفت النساء موضة الثوب الضيق ، وقد اشتهرت هذه الموضة إلى درجة أثارت ابن الحاج فأنكر عليهن هذا الزي الذي( لو عمل على عود لافتن بعض الرجال في الغالب لحسن منظره ومقالته ورقة قماشه.)[24] ، أي كان يصف ويشفّ.

4 ــ وفي هذا الجو المنحل أباحت الدولة البغاء وفرضت عليهن الضرائب تقوم بجمعها (ضامنة المغاني )، وكان لهن زي يعرفن به يطلق عليه (الملاءة ) [25]...وهى المعروفة حاليا فى الأحياء الشعبية ب ( الملاية اللف ) التى ترتديها المرأة على قميص النوم ـ تقريبا ـ وتشدها على جسدها تغطيه وتبرز مفاتنه فى نفس الوقت . كان هذا فى السبعينيات ، وربما إختفى الآن .

5 ــ وانتشر اللواط في العصر بجهد المطاوعة والقلندرية وغيرهم . وفي هذا الجو تشبهت النساء بالمردان حتى لبسن الطواقي ... يقول المقريزي( نشأ في اهل الدولة محبة الذكران فقصد نساؤهم التشبه بالذكران ليستملن قلوب رجالهن، فاقتدى بفعلهن في ذلك عامة نساء البلد )[26]  أي أن المقريزي يعتبر المماليك سبب نشر هذا البلاء . ولو أنصف لذكر الصوفية أساتذة العصر حكاما ومحكومين

فى القهوة : إكتشافها ونشرها وإدمانها شريعة دينية    

 1ــ ذكر اكثر من مصدر تاريخى ان مكتشفها هو (العارف بالله أبوبكر الشاذلي العيدروسي المتوفي سنة 909) وأنه وجد نبات القهوة أثناء سياحته، فاقتات من ثمره حين رآه متروكا مع كثرته (فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة... فاتخذه قوتا وشرابا وأرشد اتباعه إلى تعاطيه. ثم انتشرت في اليمن ثم الحجاز ثم في الشام ثم في مصر وسائر البلاد )[27]...

2ــ وذكر الشعراني ما يفيد ان القهوة  عرفت في عصر إبراهيم الدسوقي في القرن السابع وأنه حض مريديه على تعاطيها طلبا  للحكمة ،  يقول: ( يا أولاد قلبي ، عليكم بشراب القهوة القرقفية واستعمالها ، فوعزته وجلاله من صدق منكم واخلص لا يمسى إلا نبعث منه الحكمة وحصل عنده الشراب والسكر عن هذا الدار ) [28]....

3ــ وواضح أن الصوفية كالعادة بهم حين يدعون لشيء يضفون عليه الجانب الديني ليكون أكثر تأثيرا ، فالقهوة في دعوة العيدروسي فيها تنشيط للعبادة وفي دعوة الدسوقي جالية للحكمة والسُّكر الصوفي....

4ــ ومع الاختلاف الذي توحي به رواية الشعراني عن قول الدسوقي عن القهوة فإن الرأي الذى نراه هو في نسبة اختراعها للعيدروسي في القرن العاشر وليس للدسوقى فى القرن السابع . فلقد أثارت القهوة فى القرن العاشر جدلا وعراكا بين الفقهاء المنكرين عليها والصوفية المحبين لها والذين أعطوها مسوغا دينيا . ولم يكن هذا الجدل موجودا فى القرن السابع فى عصر الدسوقى . لذا نعتقد أن الشعرانى هو الذى نسب للدسوقى تزكية القهوة ضد المنكرين عليها من الفقهاء ، وفى وقت كانت للدسوقى مكانته المقدسة بين الفقهاء والصوفية .والمعروف عن فقهاء العصر المملوكي أنهم غالبا ما ينكرون على صوفية عصرهم مع الاعتقاد في الصوفية السابقين . ويدل على ذلك أن الشعراني نفسه عاب على الفقهاء المعارضين للقهوة بأنهم يقترفون الأمور المجمع على تحريمها كالغيبة والنميمة ، ( ومع ذلك تنفر نفوسهم من القهوة) [29] . أى إنه خصم لهم فى موضوع القهوة .

وقال عن القهوة شاعر في القرن العاشر يتغزل فى إمرأة :

 وترشف من ريقها قهوة :  تغني عن الشهد وقطر النبات  [30] ...

وما لبثت القهوة أن انتشرت حتى صارت المشروب المختار للمصريين أغنياء وفقراء [31] ... وصار لها ذكر في الأمثال الشعبية [32] ..

5ــ ومعروف أن الصوفية أقنعوا الناس بقدرتهم على معرفة الغيب . ولارتباط القهوة بهم فقد حملت انتحال العلم بالغيب ، أو ( الكشف الصوفى ) ، وذلك فيما يعرف في البيئات الشعبية حتى الآن من (قراءة الفنجان) او قراءة الغيب ، أو  كشف الغيب عن طريق فنجان القهوة ... ويقوم به حاليا الدجالون ، وهم أقل ضررا من شيوخ الدجل باسم الدين الذين أهلكوا ( المسلمين ).!.



[1]
ــ تلبيس إبليس 198

[2]ــ المدخل 1 / 47

[3]ــ مناقب الحنفى مخطوط في مواضع متفرقة 185 ، 189 ، 221 ، 227 ... إلخ ..

[4]ــ الطبقات الكبرى للشعرانى 2 / 124 ترجمة احمد المجذوب

[5]ــ السيوطى : حسن المحاضرة 2 / 134

[6]ــ الشعرانى : صحبة الأخيار 110 ، 220

[7]ــ النجوم الزاهرة 15 / 458

[8]ــ تاريخ ابن اياس 1 / 2 / 107

[9]ــ النجوم الزاهرة 15 / 487 ، 50 ، 16 ، 6 ، 85

[10]ــ الشعرانى آداب العبودية 38

[11]ــ النجوم الزاهرة 15 / 14

[12]ــ ماير : الملابس المملوكية 115 : 116

[13]ــ القلقشندى : صبح الأعشى 4 / 42

[14]ــ أنباء الغمر 2 / 215

[15]ــ الدرر الكامنة 3 / 94

[16]ــ السلوك 4 / 2 / 670 ، 4 / 1 / 448

[17]ــ مناقب الحنفى مخطوط 98

[18]ــ تاريخ ابن الفرات 9 / 15

[19]ــ النجوم الزاهرة 15 / 134

[20]ــ التبر المسبوك 377

[21]ــ نزهة النفوس 1 / 335

[22]ــ تاريخ ابن اياس 1 / 2 / 448 : 449

[23]ــ الشربينى : هز القحوف 2 / 115 طــ بولاق

[24]ــ المدخل 2 / 25

[25]ــ خطط المقريزي 2 / 96

[26]ــ خطط المقريزي 2 / 104

[27]ــ الغزى : الكواكب 1 / 114 ، شذرات الذهب 8 / 39 : 40 ، طبقات الشاذلية 133

[28]ــ الشعرانى الطبقات الكبرى 2 / 152 طــ صبيح

[29]ــ البحر المورود 266

[30]ــ السيوطي شقائق الأترج  فى دقائق الغنج : 244 مخطوط بالدار تحت رقم 72 بجامع تيمور رقم 14 في المجموعة ..

[31]ــ كلوت بك لمحة عامة على مصر 2 / 14

[32]ــ الأمثال الشعبية لتيمور : 136 ، 131 ، 226 ، 441 ..

اجمالي القراءات 1177