رسالة مفتوحة الى الفقيه الجليل لحسن بن إبراهيم سنكفل رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة في موضوع الهوية الامازيغية
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الإسلام سيدنا محمد و على اله و صحبه .
اما بعد فالسلام عليكم يا سيدي الفقيه الجليل لحسن بن إبراهيم سنكفل رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة حيث اقدم لك نفسي انا اسمي المهدي مالك شاب معاق لا استطيع المشي و لا النطق أي بني ادم لكنني كاتب جد متواضع بمعنى انني انشر مقالاتي في موقع اهل القران بامريكا منذ سنة 2016 و صدر لي كتاب تحت عنوان الامازيغية و الإسلام و أيديولوجية الظهير القامعة لهما في صيف 2023 عن دار افريقيا الشرق للنشر بالدار البيضاء ..
ان هدفي من هذه الرسالة المفتوحة ليس المساس بقيمتكم العلمية و الاجتهادية و الاعتبارية في مجتمعنا المغربي المسلم باعتباركم متعدد المسؤوليات و المهام مثل الامامة و قيادة المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة و مقدم متميز للبرامج الدينية داخل قنوات الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة بالامازيغية و بالعربية على حد السواء.
لن ينسى تاريخ المغرب المعاصر انكم كنتم اول خطيب الجمعة قد تناول موضوع الهوية الامازيغية من خلال اباحة الاحتفال بالسنة الامازيغية دينيا في يناير 2021 لان كما تعلمون علم يقين ان الامازيغية اعتبرتها الحركة الوطنية في ثلاثينات القرن الماضي مشروع استعماري فرنسي للتنصير و التفرقة بين الشعب المغربي الخ من هذه الخرافات كما نعتبرها داخل الحركة الامازيغية الان بحكم ان ما يسمى بالحركة الوطنية عند تاسيسها سنة 1930 اخترعت اكذوبة الظهير البربري لعدة اهداف مركزية من قبيل صناعة وعي وطني و ديني يستمد شرعيتهما من المشرق العربي كتاريخ و كنظام سياسي مثل الخلافة الإسلامية .
ان هذا الوعي الكاذب قد ناهض هوية المغرب الاصلية أي الامازيغية و فصلها عن الإسلام على المستوى الرسمي منذ حصول المغرب على الاستقلال الشكلي من فرنسا سنة 1956 حيث قلت في موضوعي الأخير ان الفترة من بين سنة 1956 و سنة 2001 عرفت حصار شديد بالنسبة للهوية الامازيغية على مستوى الدولة و مؤسساتها المختلفة بحكم ان الهوية الامازيغية بكل تجلياتها و ابعادها كانت تمثل الوطنية المغربية الحقيقية في سنة 1956 و كانت تمثل مشروع سياسي حداثي ينطلق من سياسة الدول المتعاقبة على حكم المغرب منذ ما قبل الإسلام و اثناء العهد الإسلامي و ينطلق كذلك من سياسة القبائل الامازيغية ذات العوائد الامازيغية كما اسميها الان علما انها كانت تسمى بذات العوائد البربرية سواء في الادبيات الفرنسية الاستعمارية او في ادبيات ما يسمى بالحركة الوطنية المغربية .
ان هذه الفترة بالذات عرفت تضخيما لما هو عربي مشرقي على حساب ما هو امازيغي مغربي على مختلف الأصعدة و المستويات بهدف اماتة الذاكرة الجماعية للمغاربة منذ ما قبل سنة 1912 بغية انخراط المغرب في نادي الدول الوطنية المشرقية ذات القوانين الوضعية الغربية مثل مصر و سوريا و لبنان و الأردن الخ بمعنى ان الدولة المغربية ابان الاستقلال الشكلي كانت تريد مشرقية كل شيء تقريبا و كانت تريد بناء الدولة الوطنية الحديثة على ميراث الاستعمار الفرنسي من ناحية القوانين الوضعية أي العلمانية الفرنسية بصريح العبارة و من ناحية اللغة و الثقافة الفرنسيتان و الحاضرتان بالقوة في التعليم و في الاعلام السمعي البصري و في الاعلام المكتوب ....
لكن عندما تستحضر موضوع الثقافة الامازيغية في أي نقاش عمومي في تلك الفترة يتم استحضار أيديولوجية الظهير البربري مباشرة بدون تردد و بشكل حقير للغاية لان الدولة المغربية في تلك الفترة فرضت حصار شديد على الثقافة الامازيغية و على العمل الثقافي الامازيغي لان العمل السياسي الامازيغي الحقيقي تم اقباره في أواخر الخمسينات من القرن الماضي باغتيال عدي اوبيهي عامل تافيلالت من طرف السلطة باعتباره كان يريد تأسيس حزب امازيغي وقتها حسب راي الأستاذ عبد الله بوشطارت في كتابه الرائع تحت عنوان الامازيغية و الحزب .
اذن ان الذي اريد الوصول اليه هو لو لم تؤسس الحركة الوطنية المغربية في سنة 1930 لاصبح المغرب دولة امازيغية علمانية بمفهومها الأصيل سنة 1956 و ليس بمفهومها الفرنسي المطبق منذ ذلك الحين الى الان في المغرب و الإسلاميين يعلمون هذا علم اليقين باعتبارهم تلاميذ المشرق العربي و تاريخه السياسي أي ما يسمى بالخلافة الإسلامية بكل الأمانة و الدقة أي انهم جهلاء او يتجاهلون تاريخنا الاجتماعي قبل دخول الاستعمار المسيحي الى بلادنا ..
ان هذه الحقيقة الواضحة بالنسبة لي على اقل تجعلني اعتقد ان الدولة المغربية قد قامت بقمع الامازيغية و الامازيغيين منذ سنة 1956 الى سنة 2001 بهدف تطويع الامازيغية تحت شعار ثقافي حقير للغاية لا يرقى الى مستوى تسيير الدولة المغربية حيث لا يعني هذا انني ضد السياسة الرسمية التي انطلقت مع خطاب اجدير التاريخي بتاريخ 17 أكتوبر 2001 و تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بالعموم .
يا أيها الفقيه الجليل ان الثقافة الامازيغية و عناصرها قد تأثرت بالإسلام بشكل واضح و صريح منذ 14 قرنا من التعايش السلمي و التبادل المشترك علما ان اجدادنا الامازيغيين قد عرفوا عقيدة التوحيد أي عبادة الاله الواحد منذ مئات القرون قبل العرب في جزيرتهم العربية حسب قول الدكتور عبد الخالق كلاب بصفته متخصص في تاريخ المغرب أي ان اجدادنا لم يعرفوا الوتينية او الجاهلية قط كما يتوهم فقهاء اخر الزمان بمنطقتنا العزيزة و المسماة بسوس العالمة دلالة على تعاقب العلماء و الفقهاء و الإمبراطوريات الكبرى من قبيل الامبرطورية المرابطية و الامبرطورية الموحدية و الامبرطورية السعدية حتى قبل ولادة محمد عبد الوهاب في بلاد الحجاز .
و كما تعلمون يا أيها الفقيه الجليل فان منطقة سوس معروفة منذ عقود سحيقة بالتدين الأصيل في المساجد و في الزوايا او كما نسميه داخل الحركة الامازيغية بالإسلام الامازيغي .
ان رايكم المحترم حول عادة بلماون الاصيلة في سوس و الذي صرحتم لموقع العمق المغربي و للإذاعة الامازيغية في اطار برنامج ابرد ن لخير أي طريق الخير الذي تقدمه بكل الاقتدار الأستاذة فاطمة اكبوض و على فكرة انني استمع الى هذا البرنامج بشغف كبير في كل يوم الخميس ابتداء من الساعة الثامنة مساءا او ترسله لي الأستاذة الموقرة عبر الاشعارات بالفايسبوك .
ان رايكم بشان عادة بلماون فيه الكثير من الظلم و المبالغة في حق هذه العادة الاصيلة في عيد الأضحى كاكبر الأعياد لدى المسلمين باعتباره يذكرهم بقصة سيدنا إبراهيم مع ابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام و المذكورة في القران الكريم و يذكرهم بمراسيم فريضة الحج.
انني اعتقد ان اجدادنا الكرام قد عرفوا معنى تقديم الاضحيات و الهدايا الى الاله الواحد منذ مدة غابرة حيث انني لم ابحث عن عادة بلماون كثيرا في مقالاتي او في كتابي الأخير ..
لكن من الواضح ان اجدادنا الامازيغيين قد اختاروا مناسبة عيد الأضحى لممارسة هذه العادة الاحتفالية و المسرحية لنشر الفرح و السرور في قرى سوس العالمة و غيرها من المناطق المغربية حسب قول الأستاذ عصيد في احدى فيديوهاته الأخيرة حول هذا الموضوع .
ان الغريب انني لم اسمع طيلة طفولتي في تسعينات القرن الماضي ان جدي الفقيه رحمه الله قد قال ان هذه العادة هي حرام في الدين الخ من هذا الكلام خصوصا انه كان يعيش في احدى قرى منطقة اداوتنان حتى سنة 1998 أي انني لم اسمع منه شيئا من هذا القبيل في تلك الفترة ....
ان من المستغرب ان عادة بلماون الاصيلة لم تتوقف في سوس العالمة طيلة 14 قرن الماضية رغم تعاقب العلماء و الفقهاء و الامبرطوريات العظمى و مد الحركة الوطني السلفي بعد سنة 1956 ..
و هذه ملاحظات مشروعة بالنسبة لي بكل التواضع خصوصا امام اكتساح التيار الوهابي الخطير لسوس العالمة حيث لا شك انكم على علم باخبار هذا التيار المدمر لحضارتنا الامازيغية الإسلامية في سوس العالمة خصوصا و المغرب عموما لان الحركة الامازيغية ليس لها اي لوبي قوي داخل ساحتنا الدينية الرسمية و الغير رسمية بحكم عدة أسباب موضوعية ...
و في ختام هذه الرسالة المفتوحة انني اعتذر لكم ادا تجاوزت حدودي مع مقامكم الجليل لدي لانني اؤمن بدوركم القيم في الارشاد الديني المساير لحاجات المؤمنين في عصرنا الراهن و دوركم الأساسي في التعريف بالثقافة الامازيغية لدى الدوائر الدينية الرسمية من قبيل المجلس العلمي الأعلى و السلام عليكم توقيع المهدي مالك
mehdi1983@gmail.com