السيدة خديجة بين القرآن الكريم والتاريخ
أولا : فى القرآن الكريم
1 ـ جاء عن نساء النبى تشريعات فى سورة الأحزاب :
1 / 1 : إنهن أمهات المؤمنين : ( الآية ( 6 ).
1 / 2 : تحريم الزواج ممّن تزوج بها النبى : ( الآية ( 53 ).
1 / 3 : أوامر تشريعية خاصة بهن مع تهديد لهن : ( الايات 28 : 34 )
1 / 4 : تشريعات خاصة للنبى بالزواج بدون مهر ، ثم بعده تشريع بألا يتزوج يعد ذلك أو أن يبدّل ازواجه : ( آيات 50 : 52 )
1 / 5 : تشريعات للمؤمنين فى دخول بيوت النبى وفى التعامل مع زوجاته : ( آيات 53 : 55 ) .
2 ـ وجاء عنهن قصص ، فى سورة التحريم ، وفيه لوم عنيف للنبى ولهنّ : ( آيات 1 : 5 )
3 ـ نلاحظ :
1 ـ ان التشريعات محلية وخاصة بزمانها ، ولا تسرى على غيره .
2 ـ إنها نزلت فى المدينة ، أى لا شأن للسيدة خديجة بها .
3 ـ فيها حقائق لم تذكرها السيرة المكتوبة فى العصر العباسى ، وهى قوله جل وعلا للنبى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ). ومع حرص كتب السيرة فى ذكر الأنساب فلا وجود لما ذكره رب العزة جل وعلا عن زوجات من بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته اللاتى هاجرن معه . علينا أن نؤمن بالقرآن وحده وأن نكفر بما يخالفه .
4 ـ ليس مذكورا أى إسم لواحدة من نساء النبى . بالتالى فليست فلانة أو فلانة بالاسم جزءا من الاسلام . هُنّ شخصيات تاريخية ، ومنهن عائشة التى عصت أمر الله جل وعلا : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ). عائشة لم تخرج من بيتها لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولو فعلت لكانت عاصية . فماذا إذا كانت قد خرجت لتقود أول جيش فى أول حرب أهلية ؟ عليها لعنة الله جل وعلا ..!
5 ـ السيدة خديجة ليست جزءا من الاسلام . هى مجرّد شخصية تاريخية تستحق الاحترام . ماذا قالت كتب السيرة عن السيدة خديجة والتى لم تكن ضمن زوجات النبى فى المدينة ؟
ثانيا : السيدة خديجة فى ( الطبقات الكبرى ) لابن سعد .
1 ـ خصّص ابن سعد الجزء الأخير ( الثامن ) من موسوعته ( الطبقات الكبرى ) للنساء . وبدأ بالسيدة خديجة . توفى ابن سعد فى بغداد عام 230 . ونقل كتاباته عن السيدة خديجة من مؤرخ سابق هو ابن هشام الكلبى المتوفى عام 204 . وقد نقل ابن هشام الكلبى معظم ( السيرة ) التى كتبها عن ( محمد بن إسحاق ) المتوفى حوالى 152 . وقد كتب ابن إسحاق هذه السيرة ، وصنع لها من عنده إسنادا ، وزعم أنه سمع من إبن شهاب الزهرى ، مع إنه لم ير ولم يقابل ابن هشام الزهرى . كتبها بطلب من الخليفة العباسى أبى جعفر المنصور وابنه ( المهدى ) . كتبها من دماغه ، فهى أول سيرة للنبى وجعل فيها شخصية النبى أقرب ما تكون لشخصية أبى جعفر المنصور . ولنا حلقات فى برنامج ( ندوة الجمعة ) نتعرض فيها للأكاذيب ابن إسحاق عن النبى . نقل ابن هشام الكلبى أكاذيب ابن اسحق فى سيرته ( سيرة ابن هشام ) وزاد عليها من دماغه أيضا ، وصنع مثل ابن إسحاق إسنادا زائفا ليكتسب صُدقية لدى المواشى البشرية الأنيقة ، وبهذا أصبحت أكاذيبهم دينا ، ومن ( المعلوم ) عندهم (من الدين بالضرورة ) مثل غزوة خيبر وغزوة بن المصطلق ، واتهام عائشة فى موضوع ( حادث الإفك ) و ( غزو ابرهة للكعبة بالفيل ) وما نتج عنه من التأريخ ب ( عام الفيل ). أصبحت أكاذيب ابن إسحاق وابن الكلبى من ثوابت الدين السُّنّى. خصوصا بعد أن نقل عنهما الطبرى وابن سعد .
ماذا قال إبن سعد عن السيدة خديجة .
1 ـ ذكر نسبها نقلا عن ابن هشام الكلبى ، قال : ( أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن بن العباس قال هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن الهرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهم بن مالك ) ثم نسب جداتها .. اكمل هشام الكلبى سيرته ، ونقل عنها ابن سعد ، أى لم يكن بحاجة لأن يقول ( أخبرنا هشام .. ) ولكنه إدمان الكذب والغرام بصناعة الاسناد .!
2 ـ وذكر أنه كان لها مشروع زواج ب ( ورقة بن نوفل ) ، ولم يتم . ( فتزوجها أبو هالة. واسمه هند بن النباش.. ) ، فولدت خديجة لأبي هالة رجلا ، يقال له هند ، وهالة رجل أيضا. ). أى أنجبت من زوجها ( هند بن النباش ) رجلين ، هما هند وهالة .! ثم تزوجت بعده ( عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ) ( فولدت له جارية يقال لها هند.) أى لها ابن رجل إسمه ( هند ) وبنت أنثى اسمها أيضا ( هند ). هل كانت هناك أزمة فى الأسماء ؟ لماذا لم يكن هناك أيضا شيرين وسوزان وأنوشكا !!؟ . ثم تزوجت ( صيفي بن أمية ...فولدت له محمدا، ....وكان له بقية بالمدينة وعقب فانقرضوا . ). ثم تزوجت محمدا بن عبد الله الذى صار نبيا ، عليه السلام . هل قامت بتسمية ولد لها باسم محمد قبل أن تتزوج محمدا ؟ تم التعمية على هذه الأسطورة بزعم أن أصحابها إنقرضوا .
3 ـ وهناك إختلافات عن فارق السّن بين خديجة ومحمد . وقد نقلها ابن سعد . قال نقلا عن ابن هشام الكلبى : ( أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن بن عباس قال كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ثمان وعشرين سنة ). ثم قال نقلا عن الواقدى ( محمد بن عمر ) : ( قال محمد بن عمر ونحن نقول ومن عندنا من أهل العلم إن خديجة ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وإنها كانت يوم تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة . أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا المنذر بن عبد الله الحزامي عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال سمعت حكيم بن حزام يقول تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وهي ابنة أربعين سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بن خمس وعشرين سنة وكانت خديجة أسن مني بسنتين ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وولدت أنا قبل الفيل بثلاثة عشرة سنة.. أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا مغيرة بن عبد الرحمن الأسدي عن أهله قالوا سألنا حكيم بن حزام أيهما كان أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خديجة فقال كانت خديجة أسن منه بخمسة عشرة سنة. ) هنا اسطورة عام الفيل. لم يكن هناك سجل مدنى لتسجيل المواليد . الواقع إنه نوع فريد من الأكاذيب .ولكن تصدّقه المواشى البشرية الأنيقة . هنيئا لهم ، ( أو هنيقا لهم ).!
4 ـ ثم مارأيكم فى هذه الأسطورة التى إخترعها ابن سعد ؟ قال : ( أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله القرشي عن أبي عمرو المديني قال أخبرنا طلحة بن عبد الله التيمي عن أبي البحتري الخزاعي وعن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن : نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب ، فلم يتركن شيئا من إكبار ذلك العيد إلا أتينه ، فبينا هن عكوف عند وثن مثل لهن الشيطان كرجل في هيئة رجل ، حتى صار منهن قريبا ، ثم نادى بأعلى صوته:" يا نساء تيماء أنه سيكون في بلدتكن نبي يقال له أحمد يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا فلتفعل . " فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له. وأغضت خديجة على قوله، ولم تعترض له فيما عرض فيه النساء. ). إبن سعد ينسبها الى عبد الله بن عباس ، وهذا يعنى أن إبن عباس كان رجلا راشدا فى الجاهلية قبل أن تتزوج خديجة من محمد ابن عبد الله قبل أن يكون نبيا. واضح أن يتقرب بهذه الرواية للعباسيين . لم يفكّر أحد فى إسم هذا العيد فى شهر رجب ، وما موقف الشيطان من إهانة النساء له ، ولماذا غضبن منه أصلا ؟ وهل كان قريبا جدا من خديجة وقتها حتى عرف مشاعرها . هُراء ، والأفضل ان نجعل الهاء ( خاءا ) .
5 ـ ثم هناك أساطير عن الصلاة .
5 / 1 : الصلاة السرية : ( أخبرنا محمد بن عمر عن إبن أبي ذئب عن الزهري قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخديجة يصليان سرا ما شاء الله ) . هنا الواقدى ( محمد بن عمر ) يروى عن من إسمه (إبن أبي ذئب ) ، وبالتالى لا بد أن يكون من العصر العباسى ، فكيف يروى عن إبن شهاب الزهرى فى العصر الأموى وبينهما حوالى قرن من الزمان ؟ وهل كان الزهرى الذى عاش فى العصر الأموى يتسلل سرا الى بيت النبى ليراه وزوجه يصليان سرا ؟
5 / 2 : الصلاة العلنية : ( أخبرنا يحيى بن الفرات القزاز حدثنا سعيد بن خثيم الهلالي عن أسد بن عبيدة البجلي عن بن يحيى بن عفيف عن جده عفيف الكندي قال: " جئت في الجاهلية إلى مكة وأنا أريد أن ابتاع لأهلي من ثيابها وعطرها ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب..فأنا عنده وأنا أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس فارتفعت إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة فرفع رأسه إلى السماء فنظر ثم استقبل الكعبة قائما مستقبلها إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه ثم يلبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما ثم ركع الشاب فركع الغلام وركعت المرأة ثم رفع الشاب رأسه ورفع الغلام رأسه ورفعت المرأة رأسها ثم خر الشاب ساجدا وخر الغلام ساجدا وخرت المرأة ..فقلت: يا عباس إني أرى أمرا عظيما.! فقال العباس : " أمر عظيم. هل تدري من هذا الشاب؟ قلت: لا. ما أدري. قال : " هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إبن أخي. " هل تدري من هذا الغلام ؟ قلت : : لا. ما أدري" قال : " علي بن أبي طالب بن عبد المطلب إبن أخي." هل تدري من هذه المرأة ؟ قلت: " لا ما أدري . قال : " هذه خديجة بنت خويلد زوجة إبن أخي . هذا إبن أخي هذا الذي ترى حدثنا أن ربه رب السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه فهو عليه. ولا والله ما علمت على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة . " قال عفيف : " فتمنيت بعد أني كنت رابعهم ."). هذا سيناريو فيلم هندى هابط . من تأليف ابن سعد ، أسند بطولته لشخص مجهول سمّاه ( عفيف الكندى ) وجعل دورا هاما للعباس جد الخلفاء العباسيين .
5 / 3 : ( أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر بن الراشد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.). هذه رواية أخرى عن الواقدى عن معمر ( فى العصر العباسى ) عن الزهرى ( فى العصر الأموى ) . وفيها أن خديجة ماتت قبل فرض الصلاة . هنا تناقض مع الرواية السابقة .
6 ـ ثم القصة المشهورة عن أن محمدا كان يتاجر بأموال خديجة وكان ذلك سببا فى زواجهما . ولا نرى فيها بأسا .!