حوار صحفي حقيقي مع الباحثة المغربية في التنوير الإسلامي لطيفة الحياة و المقيمة في الولايات المتحدة الامريكية؟

مهدي مالك في الأحد ٣١ - مارس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

حوار صحفي حقيقي مع الباحثة المغربية في التنوير الإسلامي لطيفة الحياة و المقيمة في الولايات المتحدة الامريكية؟

مقدمة متواضعة                                           

ان التفكير في نهضة الدين الإسلامي في هذا القرن الحالي يعد في ذاته انجاز حضاري لا يتعارض مع نصوص القران الكريم الداعية الى التفكر و اعمال العقل الخ من هذه القيم النبيلة التي ظلت تقاوم الجمد الفقهي منذ 1200 سنة ...

ان اغلب تيارات الإسلام السياسي المتواجدة في شمال افريقيا و في الشرق الاوسط بدعم علاني او سري من الوهابية ظلت تحارب هذه القيم النبيلة داخل مجتمعاتنا المختلفة من ناحية العادات و الثقافات و أنماط التدين اكثر من 40 سنة تحت عناوين بارزة من قبيل العودة الى السلف الصالح كما يسمون في ادبياتنا الدينية الرسمية أي ان نرجع الى فترة الخلافة الاموية الفاجرة بكل المقاييس الدينية و التاريخية حيث ان دعاة الإسلام السياسي يقومون باخفاء الحقائق عن عامة المسلمين التي تتعلق بتلك الفترة و يتهمنا بصريح العبارة باننا غارقين في الذنوب و شهوات الدنيا ك ان خلفاء بني امية كانوا نموذجا للتقوى و الصلاة في اوقاتها و غض البصر الخ من أكاذيب هؤلاء الدعاة للعامة في خطبة الجمعة او في  برنامج ديني يبث على الإذاعات و الفضائيات المعروفة الخ.

ان هدف اغلب تيارات الإسلام السياسي الاسمى ليس هداية الناس الى الإسلام كاركان خمس و كقيم نبيلة من قبيل الرحمة و الاحسان الى الوالدين الخ من هذه القيم الكثيرة  في  ديننا الإسلامي بدون ادنى شك .

و انما هدفها الاسمى هو الرجوع بنا الى الوراء ك ان الإسلام عاجز على مسايرة كل العصور الى يوم القيامة و ك  ان الله سبحانه و تعالى لم يكن يعلم ان الإنسانية ستتحقق كل هذا التطور في العلوم الإنسانية و في النظم الديمقراطية و الحقوقية أي ان هذه التيارات هي عاجزة عن تقديم الحلول لمشاكل المسلمين المعاصرة انطلاقا من منظور اجتهادي ...........

يشرفني ان اجري هذا الحوار المتواضع مع الباحثة المغربية في التنوير الإسلامي لطيفة الحياة و المقيمة بالولايات المتحدة الامريكية حيث تعرفت عليها في الفايسبوك منذ دجنبر الماضي بفضل الأستاذ احمد مرادي مدير دار التوحيدي بالرباط  ..

الى صلب الحوار الصحفي                  

قبل أن نبدأ هذه الدردشة أقول لك: شكرا سيد مالك مهدي على ما تمنحني من وقتك وجهدك وتفكيرك في هذه اللحظة الانية (هنا والان)، التي هي رأسمالنا الحقيقي. فالماضي (كان) قد فات أما المستقبل (سوف) فهو في علم الغيب، الذي يسعى الانسان يوما عن يوم  إلى تحويله إلى شهادة بالعلم والتدبر والسير في الأرض.

السؤال الأول:نبدأ حوارنا بالسؤال التقليدي، الذي يقربنا من معرفة المحاور وتقديمه للقراء، فمن تكون لطيفة الحياة أو الحياة لطيفة ؟

 لست أدري بماذا سأعرفها، ولا حتى هل يجوز لنا تعريفها وهي مخلوق كوني تسري عليه سنة التغيير واللاثبات، لكن دعني أقول: هي روح تسكن جسدا، قدر له أن يولد في المغرب من والد عربي وأم امازيغية وفي وسط عائلي محسوب على الديانة الإسلامية. قلت قدر له ، لأنه أمر فوق إرادتي ولا يد لي فيه. فلا أحد منا يختار والديه ولا مسقط رأسه ولا ديانته ومعتقده ولا لونه ولا جنسه ولا عرقه ولا شكله. فإلى غاية هذه اللحظة هي أمور ترافقنا أو نرافقها إلى هذا الوجود. لذلك، لا مجال للتفاضل ما بين الناس في هذه الأمور البيولوجية الصرفة. ومن يفعل فقد مرغ نفسه، في الخطيئة التي تجلب اللعنة للعالم بأسره.

وعليه، من أراد أن يتفاضل على غيره، فليتفاضل فيما نبذل من أجله جهدا ولنا فيه حق الاختيار والتعلم والتقدم والتأخر.أي ماهو رهين بقلوبنا التي بها نعقل.

وفي هذا السياق، أعتقد أن أفضل تعريف للطيفة الحياة في هذه اللحظة الوجودية  المتحركة هو هذا الحواراللحظي. فلإنها روح حية لا تكاد تستقر على حال من الأحوال ولأنها متجددة منسابة مع سنة الخالق في خلقه العجيب الغريب، فهي غير قابلة لتعريف يضعها في قالب  جاهز وتابث.

السؤال الثاني : كيف أصبحت لطيفة  الحياة  متنورة أو كيف  دخلت مجال التنوير؟

بالنسبة لي التنوير ليس مكانا مسطرا أو مجالا محددا بحدود ما وله باب ندخل أو نخرج منه.ولهذا، يصعب تحديد نقطة بداية التنوير في حياتي، لأنني أعتبره مسار حياة أو لنقل عنه تجربة وجودية حلقاتها متكاملة ومترابطة فيما بينها، إذ لا يمكن الحديث عن النور دون الحديث عن الجهل، كما لا يمكن الحديث عن الخير دون الحديث عن الشر. اعتقد ان الحياة عبارة عن مجموعة ثنائيات متقابلة ومتكاملة الابعاد، اذ كل بعد يقابل الاخر ويتفاعل معه في تماه شديد يكاد يجعلهما واحدا لا اثنان. فلولا أنني كنت اقتنع بأفكار محافظة ومتشددة ما كنت لأقتنع بأفكار منفتحة.ولنقل ان هذه سنة الحياة، اننا نعبر من حالة إلى حالة اخرى ومن فكرة إلى اخرى ومن ضفة إلى أخرى كما هو الحال عند الثعبان الذي ينمو بتجديد كسائه القشري مرات عدة عبر عملية الفسخ الطبيعية.

السؤال الثالث: كيف انقلبت لطيفة الحياة من حالة التدين المتشدد إلى ماهي عليه الان من انفتاح وتنوير قد يصفه البعض بالالحاد؟؟؟؟

شخصيا لا اسمي هذا التغيير الذي نمر منه انقلابا ولا تحولا ولا الحادا. أفضل أن اسميه عبورا أو خروجا. فأنا عبرت أو خرجت من مرحلة التدين المتشدد الى ما أنا عليه الان مثلما يخرج الثعبان من كسائه القشري. أي أنني لم اخرج من حالة التدين المتشدد (التدين التراثي) مرة واحدة وإنما عبر مسار زمني استمر معي ومازال مستمرا لغاية هذه اللحظة (هنا والان).

السؤال الرابع:لماذا تشبه لطيفة الحياة التنوير بحالة فسخ الثعبان لكسائه القشري؟

أشبه التنوير بفسخ الثعبان لكسائه القشري، لأن كلاهما يعتبر حالة حيوية ينتج عنها تغيير حقيقي. هذا التغيير الحقيقي هو النمو الذي يأتي تدريجيا وليس مرة واحدة. فالثعبان لا يلجأ إلى فسخ كسائه إلا حينما يصل إلى مرحلة ما بين الحياة والموت، أي أنه بعد كل 48 يوما يحتاج الى عملية فسخ تجدد طاقته وتمنحه القوة والحيوية. إنه لا يكاد يستطيع الاستمرار بكسائه القشري القديم، الذي أصبح يشكل خطرا عليه بل، يهدده بالاختناق والموت. لهذا، فان الرغبة في البقاء والحياة تدفعه إلى البحث عن مكان امن، يحتك فيه بماهو خشن من احجار وصخور تساعده على الفسخ. فمتى خرج من كسائه القشري تركه حيث فسخه ثم استمر في حلة أخرى أكثر نموا وحيوية وقوة. وما أن تمر 48 يوما اخرى حتى تجده يبحث مجددا عن مكان امن اخر يساعده على الفسخ ثانية وثالثة ورابعة ووو.

هكذا اذن، تصبح كل عملية فسخ هي نمو جديد للثعبان، تنعكس على شكله وحجمه وطوله وحيويته ونشاطه.هذا النمو الحي الذي يحدث عند الثعبان هو نفسه، ما يحدث لكل متنور يعبر بقلبه من فكرة إلى فكرة أخرى ومن مفهوم إلى مفهوم أخر. أقول انها حالة تحدث للمتنور الذي يعبر بقلبه الذي به يعقل ويتدبر ويتفكر وليس للمقلد الحافظ الذي يجمع الأفكار من هنا وهناك حتى يتشبه بالمتنورين أو يقال عنه انه متنور. فالمتنور هو ذاك الشخص الذي لا تكاد تصنفه في خانة محددة، لأنه سريع الفسخ، اذ لا يكاد يدخل حالة تفكير حتى يخرج منها.  فالخروج هنا ضرورة حيوية،لأنه كلما أطال البقاء في حالة تفكير محددة، إختنق فيها ومات. وبهذا، يتوقف نموه فيتحول إلى خانة التكاثر، حيث يصبح مجرد دابة تدب على الأرض وتستهلك الاكسجين.

السؤال الخامس:هل يمكن أن نفهم من كلامك هذا، عن توقف التنور بمجرد التوقف عن العبور ان هناك متنورين موتى؟؟؟

طبعا، هذا ما أعتقده. فبمنطق السنن الكونية التي هي قانون هذا الوجود الجميل، من توقف عن التدبر والتفكر، توقف حتما عن العبور من حالة تفكير إلى حالة اخرى. أي أن قلبه الذي به يعقل توقف عن الحركة والعبور، اللذان هما عنوان النمو والتجدد والانسياب.  وحيث توقف  الفرد، قدس حالة التفكير التي هو فيها او متوقف عند حدودها بل، اعتبرها الحقيقة المطلقة. وفي هذا السياق، نتفهم بعض الأشخاص الذين (كانوا يحسبون على التنوير في زمنهم) تحولوا إلى دعاة يدعون الناس إلى ماهم فيه وما توقفوا عنده على اساس انه الحقيقة بل، أحيانا تراهم لا يقبلون من ينتقد ما عندهم وما بين أيديهم.

السؤالالسادس: عملت لطيفة  الحياة إلى حانب المفكرين الكبيرين محمد ابو القاسم حاج حمد ومحمد شحرور، مما يجعلك تلميذة لقطبين فكريين مختلفين في طريقة التفكير وعمقه. أين تتموقع الآن لطيفة الحياة فكريا وروحيا بالنسبة لهذين العظيمين؟

أجل، لقد قدر لي القدر أن أعيش فترات زمنية مختلفة ومتفاوتة مع كل من المفكر السوداني محمد ابو القاسم حاج حمد والمفكر السوري محمد شحرور. قدر القدر ذلك ، لأنه أمر لم أخطط له ولم أتوقعه. فلقد ساقهما القدر في طريقي كما ساقني في طريق كل واحد منهما لحكمة أو حكم ما. عشت معهما فترة زمنية، جعلتني أتعرف على محمد أبو القاسم الانسان والمفكر ومحمد شحرور الانسان والمفكر .

من أجل الحديث عن هاذين الرجلين وعلاقتي بهما وتاثيرهما على مساري، وموقعي من مشروع كل واحد منهما، افضل لو يخصص لهذا الامر حلقة حوارية أخرى .  

 

تحرير المهدي مالك                                    

 

 

 

 

اجمالي القراءات 1684