د. فاروق الباز يتحدث لـ«المصري اليوم»: أعضاء «العسكرى» «غلابة».. وينتظرون من الشعب كلمة «تمام يا أفندم» أجرت الحوار فى بوسطن بسنت زين الدين ٨/ ٤/ ٢٠١٢ |
أجرت «المصرى اليوم» حواراً مع العالم المصرى الدكتور فاروق الباز، رئيس مركز الاستشعار عن بعد فى جامعة بوسطن الأمريكية منذ عام ١٩٨٦، من داخل مقر المركز فى زيارة هى الأولى من نوعها، وقال الباز إن أعضاء المجلس العسكرى «ناس غلابة» وينتظرون من الشعب كلمة «تمام يا أفندم»، وأنه يجب على الشعب تقديم تعظيم سلام إليهم، رغم اتهامه لهم بأنهم عندما دخلوا فى السياسة «لبخّوا»، وعندما دخلوا فى الاقتصاد «خربوه»، واتهم جماعة الإخوان المسلمين بأنها فئة «لسانها طويل» تطاولت على الجيش، وتساءل: «من هى حتى تأمره بما يجب أن يفعل»، وتوقع أن يكشف تسلمها السلطة أنها دون خبرة أو حنكة سياسية. وأضاف الباز أن مصر تحتاج إلى المعونة الأمريكية لامتلاك الأسلحة، وأن الثورة لم تصل إلى البحث العلمى بسبب عدم وجود تعليم جيد، رافضاً الحديث عن أى مشروعات قبل أن نعرف «مصر رايحة على فين»، ورأى أن «الجمعية التأسيسية» للدستور يجب أن تتشكل من ١٢ عضواً فقط، وقال إنه لا يوجد بين المرشحين المطروحين لرئاسة الجمهورية صاحب شخصية جذابة، وبرامجهم الانتخابية لم تعجبه، وإلى نص الحوار: ■ هل وصلت الثورة إلى البحث العلمى فى مصر؟ - لا، لأن الوقت لايزال مبكراً جداً لذلك، كما أن وجود بحث علمى جيد يتطلب مستوى معيناً من التعليم وهو غير متواجد فى مصر الآن. ■ وهل أمامنا الكثير؟ - بالطبع، من ٥ إلى ٢٠ سنة، والأمر يتوقف على طبيعة الخطوات التى سنتبعها وتوقيت حدوثها، وهل سنبدأ الآن أم سننشغل فقط بالمشاكل والمهاترات التى تحدث. ■ وماهى الآليات المطلوبة لذلك؟ - القيادة والريادة فى المقام الأول، ووجود شخصيات على مستوى وعى عال وتركز على تقديم خدمة للبلد دون الالتفات إلى المصالح الشخصية، لأن ذلك مستقبل شعب وأمة لا يتوقف على كلمة «أنا». ■ لماذا توقف الحديث عن مشروع ممر التنمية الذى أعدت تقديمه للحكومة بعد الثورة؟ - الوقت غير مناسب الآن لطرح أى مشروع على الساحة، يجب أن نعلم أولاً «مصر رايحة على فين وإزاى»، ثم ندرس المشروعات كلها بشكل عام لنختار الأصلح والأنسب للمرحلة. ■ هل حاول المجلس العسكرى أو الحكومة الاستعانة بك فى أى من التطورات التى تحدث فى مصر؟ - إطلاقاً. ■ ولماذا لم تمثل فى الجمعية التأسيسية للدستور؟ - ليس من المفروض أن أكون عضواً بها. ■ لماذا؟ - الجمعية يجب أن تتكون من ١٢ عضواً من أعظم خبراء مصر فى القانون والفكر، يقضون شهرا أو شهرين فى كتابة صفحة أو صفحتين عن دستور جديد يتحدث عن حقوق الإنسان، وتقنين التعامل بين الأفراد والحكومة، على أن يكون الكلام رزينا ومختصرا ومفيدا جدا عن حماية الأفراد ودعم الدولة، لكن كل ما يحدث الآن ما هو إلا لبخ سياسى. ■ كيف ترى صعود التيارات الإسلامية خاصة الإخوان؟ - صعود الإخوان كان متوقعا بنسبة ١٠٠%، لأنهم من أوائل الذين عانوا فى ظل الحكم السابق، ومن حقهم أن يتنفسوا الآن سياسياً واجتماعياً، لكن إذا تسلموا مقاليد السلطة فى مصر، سيتضح أنهم لا يمتلكون خبرة ولا حنكة سياسية ولا إطاراً سياسياً محدداً، لأن ذلك الأمر يتطلب سنوات عديدة ليتم تقنينه. ■ نعلم أن لديك إخوة ينتمون للمؤسسة العسكرية فى مصر، بعيداً عن ذلك، كيف تقيم أداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ - أعضاء المجلس العسكرى «ناس غلابة»، فأولاً هم لايعلمون شيئاً عن السياسة مطلقاً، وثانياً لايمتلكون أى خبرة فى التعامل مع المدنيين، فأعضاء المجلس العسكرى ينتظرون كلمة «تمام يافندم» من الشعب، لكن الشعب لايعرف كيفية تنفيذ ذلك، وبالتالى وجد العسكريون أنفسهم فى هذا الوضع بشكل غير متوقع. ■ هل تقصد أن هناك ضرورة لتقديم الشكر للمجلس؟ - يجب أن نقدم لأعضاء المجلس «تعظيم سلام» لأنهم حموا الثورة ولم يستجيبوا للنظام السابق، و«نحمد ربنا» على ذلك، لكنهم لايعرفون كيفية التصرف حالياً، لأنهم لايمتلكون حنكة سياسية، وبالتالى يجب أن يبتعدوا عن الشارع السياسى ويتجهوا لحماية البلاد فقط، «لما دخلوا فى الاقتصاد خربوه، ولما اتدخلو فى السياسة لبخوا». ■ كيف ترى الصدام بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان المسلمين مؤخراً؟ - أمر خاطئ تماماً، من هى جماعة الإخوان المسلمين لكى تأمر المجلس العسكرى بما يجب فعله من عدمه، فالإخوان كانوا على خطأ عندما تحدثوا للجيش بهذه الطريقة، والمجلس العسكرى أيضاً أخطأ عندما ردّ عليهم، الأمر كان عبارة عن فئة تطاولت على المؤسسة العسكرية، وبالتالى المجلس كان عليه أن يتجاهلها وألا يتطرق إلى الرد على المدنيين مرة أخرى. ■ وما توقعاتك لنهاية هذا الصدام؟ - يجب ألا تلتفت المؤسسة العسكرية لأى إهانة إذا تعرضت إليها، والصراع الحالى لن يفضى إلى شىء، ولكن الطرفان لن يكسبا سوى ضياع أسهمهما لدى الشعب، والحل هو ابتعاد الإخوان عن إهانة ضباط الجيش وقياداته، وابتعاد المجلس العسكرى عن السياسة. ■ بماذا تفسر موقف المجلس العسكرى من قضية التمويل الأجنبى للمنظمات غير الحكومية فى مصر؟ - هناك سوء تعامل مع ملف منظمات المجتمع المدنى من البداية، ويرجع الأمر إلى عدم انتظام سير العمل فى وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية. ■ كيف؟ - سأضرب مثلا بى أنا شخصياً، أنا تقدمت للوزارة منذ ٦ أشهر لإطلاق مؤسسة مصرية مجانية تطوعية من أجل محو الأمية، تدعو طلاب الجامعات إلى المشاركة فى تعليم مواطنى القرى والمناطق الفقيرة، ورغم ذلك لم أتسلم الأوراق اللازمة من الوزارة لإطلاق المشروع حتى الآن. ■ وما السبب؟ - الأمر يرجع إلى بيروقراطية الحكومة المصرية، واعتمادها على العجل القديم الذى يسير ببطء شديد، لماذا يتطلب الأمر ٦ أشهر للموافقة أو الرفض على مشروع لمحو الأمية. ■ هل تتفق مع قرار وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون باستئناف المعونة إلى مصر؟ - مصر تحتاج إلى المعونة الأمريكية لامتلاك الأسلحة اللازمة، فالبلاد تعانى الآن من أزمة الغذاء، فكيف تستطيع الحكومة شراء طائرات وأسلحة وذخيرة لحماية الحدود والدول العربية التى تطلب الأمن. ■ لكن هناك مطالبات كثيرة بالاستغناء عن المعونة تجنباً للتدخل للأجنبى فى مصر، هل يوجد حل واقعى للاستغناء عنها؟ - فى البداية يجب تأمين الفرد أولاً وإصلاح البلاد، وتشغيل عجلة الاقتصاد لبيع المنتجات وتصديرها إلى الخارج، وجنى الأموال الكافية للتسليح، ومن هنا من السهل الاستغناء عن المعونة. ■ ما رأيك فى المرشحين المطروحين على الساحة لرئاسة مصر؟ - لا أزال أقرأ البرامج المتاحة على شبكة الإنترنت لكل منهم، ولا يوجد أى تصور أعجبت به حتى الآن. ■ لماذا؟ - لا يوجد أى مرشح يقول «أنا نازل عشان أوصل مصر فوق السما»، أو يوضح الكيفية التى سيستعين بها لتحقيق ذلك. ■ لكن هناك العديد من المرشحين بالفعل وعدوا بحل مشاكل البلاد فى فترة وجيزة؟ - من المستحيل أن يستطيع أى مرشح حل مشاكل قطاع التعليم والصحة والمواصلات وغيرها فى فترة رئاسية واحدة، وبالتالى لابد من ظهور مرشد يحدد وجهته الأساسية لتصليح مجال معين فى مصر فى فترة معينة، وكما يقول المثل «صاحب بالين كداب». ■ وبماذا تفسر التنوع الرهيب فى الراغبين فى الترشح من جهاز المخابرات إلى النجار والسباك؟ - هذا التنوع يرجع إلى عدم وجود شخصية جذابة تقول للشعب «تعالوا ورايا»، ويجب أن يزور المرشح الشعب من جميع الفئات ولايقرأ من الورق برنامجه، يجب أن يتكلم من قلبه بحرية وطلاقة بلغة الخلق. ■ هل أنت متفائل أم متشائم؟ - متفائل طبعاً، لأن بعد ١٠ سنوات على الأكثر كل هذه الأمور ستنتهى، ومن الأفضل للشباب تأسيس أحزاب عديدة ومتنوعة الفكر لتجربة الحياة السياسية والتعرض للنجاح والفشل، وعلى مدى طويل سيتبقى منهم عدد معين لقيادة الشعب.
|