- كتبت: أماني زكي
- منذ 3 ساعة 54 دقيقة
يشتد الصراع يوماً بعد يوم على تقسيم كعكة مصر.. بعد أن تحولت الى كرة طائشة بين أقدام من يتصارعون على تركة النظام السابق وسلطاته، وليس على تحقيق أهداف الثورة التى حكموا أو فى طريقهم للحكم باسمها.
لم تعد مطالب «عيش وحرية وعدالة اجتماعية» التى خرج المصريون يصرخون طلباً لها من نظام لم يسمع فسقط ضحية «صممه».. فإذا بأول مؤتمن على الثورة وأهدافها ومطالبها يمنحهم بدلاً منها حزباً «دينياً» اكتفى من هذه المطالب بشعار ممدد بالحبر على لافتة مقره تقول هنا «الحرية والعدالة».
عدد من السياسيين والاقتصاديين يتفقون على أن الصراع المحتدم بين الطرفين قد يؤدى الى اندلاع ثورة أخرى لا يحمد عقباها قد تقضى على الأخضر واليابس بسبب عدم مبالاة «العسكرى» وجنرالاته والقوى الإسلامية وشيوخها بما تؤول إليه لعبتهم بالوطن الخبير الاقتصادى صلاح جودة يقول: لابد من الأخذ في الاعتبار ان تيار الإسلام السياسى ظل يعمل قرابة نصف القرن فى خانة المعارضة المختبئة خلف ستار ولم يتمكن من الوصول الى المجالس التشريعية، فيما أن الحكومة الحالية مقصورة الفكر وضيقة الأفق، تصدع رؤوسنا بكلام عن الحد الأقصى والأدنى، ولم تقتص من الصناديق الخاصة لتوفر دعماً وميزانية وفشلت فى الحصول على قروض وركعت أمام الولايات المتحدة وأخذت معها القوى الإسلامية فى البرلمان الى الفشل فتركت المواطن يعانى الأزمات المتفاقمة دون حراك.
وأضاف جودة: المجلس العسكرى خبرته بالحياة السياسية منعدمة، والطرفان تناسيا الهتاف الذى خرج به الثوار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» ليكون نصيب الشعب من الهتاف الحرية والعدالة حزباً لا فعلاً.
فيما يرى عبدالغفار شكر القيادى بحزب التجمع ان مصر تعيش أزمة سياسية بسبب الصراع على السلطة من جانب الشيوخ والعسكر، فضلاً عن الخلاف بين القوى السياسية الأخرى، مشيراً الى عدم أخذ أى طرف فى الاعتبار الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تعيشها الغالبية البسيطة.
المشاكل الاقتصادية فى نهايتها قد تؤدى الى خطر لا يعلم أحدمدى وصوله الى نتيجة بعينها ـ يضيف شكر ـ فالشلة الحاكمة والقوى الإسلامية لا تكترث بالاستقرار أو العدالة الاجتماعية والسياسية، مشيراً الى ان الشعب فى حالة احتجاج مستمر بسلسلة يومية من الاضرابات والمظاهرات وقطع الطرق أمام مجلس الشعب ذاته وفى لحظة فقدان الأمل ستنقلب الحالة الى ثورة ثانية.
طارق زيدان المنسق العام لائتلاف شباب الثورة يقول: للأسف فإن أطراف المعادلة ينحصر صراعها على السلطة فقط، بينما لا أحد يتحدث عن المستقبل، والشعب هو الضحية،مصر تنزف دماً هذه كارثة.. مضيفاً: الصراع توسع وتدخل فيه قوى خارجية بجانب الداخلية التى تحاول تثبيت الفوضى وإفشال الثورة، وتعمل على تحصين نفسها بضخ أموال فى الداخل للتحريض على الفساد وإفشاله ومن هنا تلاقت المصالح الداخلية والخارجية، فضلاً عن عرض العرب مساعدات مالية لم يقدموا منها أى شىء.
ومضي يقول: في ظل هذه المعادلة يبدو الخلاف بين العسكر والإخوان صراعا صريحاً في عشق السلطة والسباق لأحضانها، فالإخوان باعوا مصر بصفقاتهم السرية مع المجلس العسكري ولحساباتهم الشخصية.. مؤكداً أن الطرفين يستهينان بالشعب ودماء الشهداء حتي أن التغيير الشكلي «مستكترينه» علينا.
ويري زيدان أن ثورة ثانية في الطريق ضد أي جماعة يشعر الشعب بأنها وريث للديكتاتورية والاستبداد قائلاً: غير صحيح إن الشعب كاره للثورة أو أن قواه منهكة حالياً، فكلما ضغطت عليه يكتم بداخله ليجدد ثورته ولكنها هذه المرة ستكون دموية وعنيفة، وهنا لابد أن يترك الطرفان اللعب بالحديد والنار مع الشعب.
الخبير الاقتصادي رشاد عبده يؤكد أن الجنرالات والشيوخ تناسوا الثورة والشهداء والمصائب التي تحيط بنا ومضوا في الصراع علي السلطة لأبعد مدي.. قائلاً: الإخوان كانوا محظوظين واستفادوا من الثورة واحتلوا فراغ الحزب الوطني في الساحة وطمعوا في المزيد، فيما تحفظ المجلس العسكري في اشباع رغباتهم السلطوية فاستخدموا جميع أوراق الضغط ضده بترشيح أحد قياداتهم للرئاسة ورفض اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي، ولكن رفضت أطماعهم ومحاولة تكويشهم علي السلطة والحكومة، فحاولوا امتلاك التشريع والتنفيذ والهيمنة علي الرئاسة، رغم أن هذه الجماعة ظلت تعمل لعقود طويلة تحت الأرض بلا خبرة سياسية في التشريع أو الحكومة أو الرئاسة، ومشروعاتهم مجرد حبر علي ورق وأحلام بلا واقع.
ويضيف عبده: خلو الساحة السياسية من منافس منظم وقوي من أحزاب وقوي ثورية وترك الفرصة سانحة أمام الإسلاميين جعلتهم أكثر شهوة للسلطة، ولم يعد للمواطن غيرهم وهذه فرصة لم تتجدد ولم تتكرر أمامهم، يحاولون استغلالها بشتي الطرق، والمواطن يشعر الآن بالخديعة فلم يتحقق أي مطلب رحل من أجله شهداء، ويعيش في فقر وضنك، والبطالة تزايدت وفرص العمل تلاشت وأزمات السلع الغذائية لم تحدث في عهد مبارك نفسه، ولا يبدو أن هناك أملا قريبا يلوح لحل هذه الأزمات.. بمعني نهائي «الشعب اتنصب عليه» من الإخوان والعسكر، موضحاً أن القوي الإسلامية لا تفسد الواقع فقط وإنما تظلم المستقبل بمحاولتها اختطاف الدستور دون تصور واضح تجاه أي أزمة، ومن علامات ذلك التدهور الاقتصادي الذي نعانيه وانخفاض الاحتياطي النقدي الاجنبي من 36.1 مليار دولار في عام 2011 إلي 15.7 مليار دولار، ويكفي أن هذا الاحتياطي تضاءل في يناير الماضي 2 مليار جنيه وهذا مؤشر خطير، فضلا عن أن خسارة الاحتياطي النقدي الاجنبي ينذر بالخطر لأنه يهدد السلع الغذائية والاستراتيجية والدولة التي لا تمتلك احتياطيا ولا تمتلك غذاءها خاصة من القمح، بخلاف أن رفض الصندوق الدولي قرض مصر يعود إلي رغبته في التوافق السياسي غير المتوفر حالياً، ولفت إلي تراجع التصنيف الائتماني 5 مرات وفي عام 2012 مرتين بخلاف عجز الموازنة الذي بدأ بـ134 وانتهي إلي 144 ملياراً والمديونية العامة التي وصلت إلي 1357 مليار جنيه وغلق 8500 مصنع، وتشريد عمالهم وانخفاض السياحة.
واختتم عبده بقوله: رفقاً بالوطن ومن وثقوا فيكم ايها العسكر والإخوان والسلفيون، ولابد من تغليب مصلحة المواطن وفهم لغة لقمة العيش، لأن البلد يتجه إلي مرحلة صعبة ومن الممكن أن نتحول في يوم ما إلي أن نأكل بعضنا البعض من أجل رغيف الخبز.