أثار تدريس جامعة استرالية بارزة لمقرر يتضمن نصائح عن أوضاع الجماع، وضعها رجل دين مسلم، إضافة إلى أحاديث حول معاشرة الرسول (صلى الله عليه وسلّم) لزوجاته، استياء طلاب وعلماء مسلمين في البلاد، معتبرين أنه يقدم صورة سلبية عن النساء في الاسلام خاصة أن المقرر يحمل اسم "النساء في الأدب العربي والإسلامي".
وقال رئيس "مجلس الأئمة الفيدرالي الاسترالي" لـ"العربية.نت" إن المقرر جمع معلومات من كتب جنسية غير معتبرة، أو أحاديث دينية تم اقتطاع ما يتعلق منها بالعلاقة الخاصة للرسول (ص) وزجته السيدة عائشة، وذلك بهدف رسم تصور سيء عن الاسلام والرسول.
بدوره قال رئيس جمعية الصداقة الاسلامية الاسترالية لـ "العربية.نت" إن سبب احتجاج المسلمين هو اعتبار الجامعة لهذا الكتاب نموذجا للنساء في الأدب الاسلامي، مشيرا إلى أن مدرّسته أنجزت رسالة دكتوراه عن السحاقيات في العالم العربي.
أما أستاذة المقرر فترى الجدل حول المسألة "سخيف لا يستحق الرد"، فيما اكتفت جامعة "ويسترن سيدني" بالقول إنها تراجع المقرر.
يُشار إلى أن الجامعة أحدثت العام الماضي المركز الوطني المميز للدراسات الاسلامية بتمويل حكومي، وذلك بهدف إلقاء الضوء على أهم قضايا الاسلام والمسلمين في الوقت الحاضر، ومقرر "النساء في الأدب العربي والاسلامي" من المقررات التي يدرّسها المركز.
طرق الجماع في "الروض العاطر"
ويتضمن المقرر معلومات من كتاب (الروض العاطر في نزهة الخاطر) الذي ترجم إلى الإنكليزية بعنوان: The Perfumed Garden وهو كتاب من تأليف الشيخ عمر بن محمد النفزاوي، المولود في نفزاوة الواقعة جنوب تونس. وُضع الكتاب في نهاية القرن الخامس عشر، ويتضمن نصائح حول أوضاع الجماع وعن كيفية نيل الرجل أكبر لذّة ممكنة في الجماع.
كما يشمل مجموعة من الحكايات المليئة بالتصوير "الحي" للمضاجعات، ومنها تلك التي تتم بين مهرج البلاط وزوجة الوزير حمدونة التي تطارحه المتعة. وترجم الكتاب إلى الإنكليزية عام 1886.
عريضة تنديد للمسلمين
وفي ردّ على المقرّر، أطلق "مجلس الأئمة الفدرالي الاسترالي" عريضة دعا المسلمين والجمعيات الاسلامية للتوقيع عليها، مطالبين جامعة "ويسترن سيدني" بالتراجع عن تدريس المقرّر الذي رأى المجلس أنه يتضمن "عبارات جنسية صريحة وإساءات للقرآن".
وقال رئيس المجلس الشيخ معز النفطي لـ"العربية.نت": أتاني بعض الطلبة والطالبات المسلمين من الجامعة يشتكون من مقرّر "المرأة في الأدب العربي والاسلامي"، وأنه مليء بآراء مناهضة لموقف الاسلام من المرأة. وعندما قرأت المقرر تبين وجود صور غير صحيحة عن موقف الاسلام من المرأة، أو المرأة عند العرب.
وأضاف: المقرر هو معلومات منتقات من مجموعة من المراجع التي لا تصلح لتمثيل موقف الاسلام من قضية المرأة، مثل كتب نوال السعداوي وفاطمة مرنيسي وأمينة داوود. ومع أنهن أحرار في إبداء الرأي، إلا أنهن لا يمثلن موقف الاسلام من المرأة.
وأشار الشيخ النفطي إلى أن المقرر اقتطع من صحيح البخاري أمورا تتعلق بالعلاقة الخاصة للرسول وزوجته السيدة عائشة ومعاشرته لها في الحيض، في محاولة لرسم صورة غير صحيحة عن موقف الاسلام من المرأة، في حين اعتمد كتبا تقرأ على سبيل الأدب والطرفة مثل طوق الحمامة أو النفزاوي.
وأكد إن كتاب الشيخ النفزاوي ليس من الكتب المعتبرة أو المراجع المتداولة، حيث نجد فيه فقرات تتحدث عن العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة وتصف العلاقة بطريقة تخدش الحياء، مؤكدا إخراج حديث البخاري من سياقه، ووضعه مع بعض الفقرات الأخرى عن الجنس، يرسم في الذهن تصورا سيئا جدا عن الاسلام وموقفه من المرأة، وعن الرسول وموقفه من المرأة.
استاذة متخصصة بالشذوذ
أما الأمر الآخر الذي أثار غضب المسلمين، وفق الشيخ النفطي، هو أن استاذة المقرر(الدكتورة سمر حبيب) التي تحمل دكتوراه عن "الشذوذ الجنسي في الشرق الأوسط"، وهو اختصاص لا علاقة له بموضوع المرأة في الأدب العربي والاسلامي، كما يقول. وأضاف : "الأسوأ من المقرر نفسه هو تعليقات المحاضرة حبيب، حيث تقول إن الحجاب ليس من الاسلام، وأن الحديث النبوي هو عبارة وشوشة صينية (همس) انتقلت من شخص لشخص، ولذا أتساءل من الذي خولها أن تتحدث باسم الاسلام؟".
وأكد النفطي أنه لا يعارض تدريس الكتاب الذي تحدث عن الأوضاع الجنسية على مستوى أكاديمي، و"نحن لسنا ضد حرية الرأي بعيدا عن المغالطات، ولكن اعتراضنا هو أنه لا ينبغي أن يقحم هذا الأمر في مقرر مخصص لتدريس الاسلام والمرأة وهو إقحام فيه هبوط وكلام عن الجنس بطريقة غير علمية".
وبخصوص التواصل مع الجامعة بهذا الخصوص، قال الشيخ النفطي للعربية.نت: كتبنا عريضة احتجاج ونظمنا جبهة معارضة والخبر وصل للجامعة التي أبدت تجاوبا ولم يصلنا شيء رسمي منهم . وشعرنا بالتجاوب من خلال ما صرحت به للصحافة هنا، حيث أكدت أنها لم تتلق اعتراضا رسميا ولكن بدأت بإعادة النظر بالمقرر قبل وصول الاعتراض، وهو ما اعتبرناه تجاوبا. وتابع: "الاعتراض وصلهم الآن، ولكن إلى أي مدى سيتم إعادة النظر بالمقرر لا نعرف، ولكن موقفهم هذا إيجابي ونتمنى أن يستمر".
كتاب جنسي
بدوره قال رئيس جمعية الصداقة الاسلامية الاسترالية قيصر طراد لـ"العربية.نت" إن جامعة (ويسترن سيدني) حصلت العام الماضي على منحة من الحكومة الاسترالية لإنشاء مركز مميز للدراسات الاسلامية، ولاحقا اكتشف بعض التلاميذ أن الكتاب الذي يُدرس لهم هذا العام هو كتاب عن الجنس، ويُدرس تحت عنوان المرأة في الأدب العربي والاسلامي.
وأضاف طراد، وهو مساعد سابق لمفتي استراليا الشيخ تاج الدين الهلالي، أن "هناك نماذج كثيرة أخرى عن المرأة في الأدب العربي والاسلامي؛ وحتى لو بدأنا مثلا بالقرآن الكريم، لدينا سورة مريم، عن حياة السيدة مريم العذراء وهذا نموذج عن المرأة في الأدب الاسلامي، فلماذا يدرّسون كتابا عن الجنس كنموذج عن المرأة العربية والمسلمة".
وتابع "ليس لدي مانع أن يُدرّس الكتاب كنموذج عن الكتابات الجنسية ولكن ليس نموذجا عن الأدب العربي والاسلامي، واختيار الكتاب لهذا المقرر هو اختيار خاطئ".
""الكاما سوترا"
كما انتقد قيصر طراد الربط بين هذا الكتاب وكتاب "الكاما سوترا". وقال: "الكاما سوترا" كتاب هندي، وهو جنسي وإباحي جدا. والبعض هنا قال إنه يتم تدريسه كنموذج للأدب الهندي، ولذلك يصح تدريس كتاب الشيخ النفزاوي كنموذج للأدب العربي وهذا خطأ لأن تدريس الكتاب الأخير كأدب عربي يسيء للمسلمين".
و"كاما سوترا "، هو من "كاما" اله الحب عند الهندوس و"سوترا" كلمة معناها دليل وبهذا يكون معنى الكتاب "دليل الحب".
نشر السحاق
وفي سياق الموضوع، شنّت جمعية اسلامية أخرى، هي "مسلمون من أجل السلام" في استراليا، هجوما على المركز الذي أسسته الجامعة ووصفته بأنه "مركز للشر"، كما اتهمت الدكتورة سمر حبيب التي تدرّس مقرراته بأنها "تنشر السحاق".
وقالت الجمعية إن حبيب تسعى لنشر السحاق، خاصة أنها أنجزت رسالة دكتوراه عن السحاقيات في الدول العربية والاسلامية، كما كتبت مقدمة لرواية سحاقية اسمها "أنا أنت".
وجمعية "مسلمون من أجل السلام" في استراليا تدعو لنشر مبادئ الاسلام من خلال ما تسميه مواجه الظلم معتبرة أن الجهاد يكون بمواحهة ونبذ الاستبداد.
حبيب: سخافة لا تستحق الرد
وفي مراسلات لـ"العربية.نت" مع الدكتورة سمر حبيب، عبر البريد الالكتروني، حيث رفضت التحدث عبر الهاتف، اعتبرت حبيب أن ما نشرته الصحافة الاسترالية حول هذه القضية "سخيف"، واكتفى بآراء المتطرفين والهدف منه النيل من سمعة المسلمين. وقالت: ما نشرته صحيفة "استرالين" سخيف ولا يستحق الرد.
وأضافت: الجالية المسلمة في استراليا تتعرض لهجوم من قبل وسائل الاعلام التي تحاول إبراز صورة سلبية لهم كلما سنحت لها الظروف، وبأنها جالية لا تتقبل تعدد الآراء، ولهذا السبب قامت صحيفة "استرالين" بنشر تقرير لشخص لديه آراء متطرفة دائما يهاجم جامعتنا.
وتابعت "الآراء الواردة في الصحفية شائعات ومجرد اداعاءات كاذبة ولا تعكس كلها المجتمع المسلم المتنوع هنا، وما قالوه عن المقرر يشوه الحقيقة عما يتم تدريسه في الجامعة".
وزادت "أعتقد أن هذا التقرير هو دعاية هدفها القول إن المسلمين غير قادرين على التعايش مع التعددية المدنية، وهذا تشويه للحقيقة".
وكانت "العربية.نت" طلبت من حبيب، في 9 مايو، توضيح موقفها أكثر بخصوص اتهامها بنشر السحاق وآرائها حول الحجاب والاسلام، ولم يصل رد على هذا التساؤل.