كشف المشاركون في المؤتمر الدولي الخامس لمركز المخطوطات المعنون بـ(المخطوطات المطوية) الذي اختتم أمس عن وجود قصور معرفي بالتراث العربي والإسلامي، وأن المعلوم والمنشور منه لا يزيد عن 5% من مجموعه العام.
وشارك في المؤتمر الذي عقد بمكتبة الإسكندرية في السادس من مايو/أيار الحالي أكثر من خمسين باحثا عربيا وأجنبيا من أبرز المتخصصين في المخطوطات يمثلون مراكز ومعاهد علمية حول العالم.
وشدد المشاركون على ضرورة تبديد حالة الجهالة التراثية العامة، وإصلاح القصور الشديد في صناعة المعرفة العميقة بالتراث والمخطوطات.
"
شدد المشاركون على ضرورة تبديد حالة الجهالة التراثية العامة، وإصلاح القصور الشديد في صناعة المعرفة العميقة بالتراث والمخطوطات
"
وأكدوا على أهمية المخطوطات المطوية كأحد وسائل قيام نهضة عربية ثانية وإضافة قرائن جديدة إلى أصالة ما توصل إليه العرب في العديد من العلوم، وأننا لن نفهم ما بين أيدينا من التراث ما لم نبحث فيما انطوى منه، فالمنظومة التراثية متكاملة فيما بينها، ولن يغني المتداول المشهور عن المطوي والمتواري.
وناقش المؤتمر أبحاثا مهمة، مثل أنماط من نصوص مخطوطات الرياضيات والعلوم ومخطوطات الفلك المطوية، والمخطوطات الإباضية المطوية، وظاهرة إغراق النصوص ومحوها بالماء في التراث العربي والإسلامي، وأسفار التوراة، ودور الوراقين في عمليات الطي، ومخطوطات الفلك المطوية وغيرها.
وأكد مدير مكتبة الإسكندرية إسماعيل سراج الدين في الافتتاح أن المؤتمر هو إحياء لسمة أصيلة من سمات مكتبة الإسكندرية القديمة الجديدة بالاعتناء بالعلوم المعاصرة وفى الوقت ذاته بالتراث القديم وكشف كثير من جوانب التراث العربي.
وأضاف أن لدى مركز المخطوطات بالمكتبة عدة إصدارات تراثية مهمة، ولا تزال هناك أعمال أخرى في طريقها للنشر، مشيرا إلى أن المركز جمع حوالي خمسين ألف مخطوطة "من أندر المخطوطات النادرة والمصورة".
أهمية الطي
ويقول مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية الدكتور يوسف زيدان إن البعض يظن المطوي أو المخفي أو الضائع من التراث والمخطوطات هو جزء ضئيل لكن الحقيقة بخلاف ذلك تماما، إذ إن الظاهر المعلوم والمنشور من تراثنا هو الجزء الأقل، فالتراث العربي والإسلامي في مجمله لم يزل مجهولا، نظرا لأن المنشور منه لا يزيد عن 5% من مجموعه العام.
يوسف زيدان (الجزيرة نت)
وأوضح زيدان أن للطي والإخفاء تراث إنساني طويل بدأ قبل أن يبدأ تراثنا العربي الإسلامي ذاته، وأن للعرب قبل الإسلام تاريخا مطويا بالكامل في معظمه، وفى التراث العربي الإسلامي ذاته طي لا حصر له.
ورأى زيدان أن الطي المتعمد كان ينجح أحيانا في إبادة النصوص للأبد، شريطة عدم الإعلان عن الرغبة في طيها.
ونبه الدكتور حسن حنفي من جامعة القاهرة إلى أن البحث عن المخطوطات المطوية هو أحد وسائل قيام نهضة عربية ثانية بعد النهضة العربية الأولى والتي قد تأتي بالجمع بين النشر للمخطوطات المطوية والترجمة لتراث النهضة العربية.
وحذر من أن الترجمة وحدها قد توقع في الاغتراب وقسمة الثقافة الوطنية، والنشر وحده قد يقوي القديم على الجديد ويعزله عن التراث البشري المعاصر، والإبداع وحده لا يتم إلا بعد التفاعل الخلاق بين الموروث والوافد.
وتوقف الدكتور رشدي راشد من المركز القومي للأبحاث العلمية بباريس عن ما تعانيه مخطوطات العلوم الرياضية من الاحتجاب والطي أكثر مما عانته مخطوطات المعارف الأخرى قائلا "إذا كانت معارفنا التراثية الحالية لا تزيد عن 5% فإن معارفنا التراثية عن العلوم الرياضية أقل من هذا بكثير".
وأوضح رشدي أن المحاولات الإصلاحية لم تتطور في المجتمعات الإسلامية والعربية إلى مؤسسات بحثية مستتبة مضمون لها البقاء إلا ما ندر.
فيما رصد الدكتور حسان الطيان من الجامعة العربية في سوريا العلوم الخفية التي اكتنفها الغموض والتشكيك ومنها المخطوطات المطوية في علم التعمية واستخراج المعمي أو علم الشفرة وكسر الشفرة الذي نبغ فيه العرب والمسلمون ثم طويت مخطوطاته، بل أن كبار المشتغلين في تتبع حركة التأليف عند العرب وتأريخها عزوا هذا العلم إلى الفرس وجعلوا العرب تابعين لهم في التصنيف به.