الذكرى الرابعة لوفاة المفكر الإسلامي محمد شحرور من اجل رد الاعتبار لبعض أفكاره التنويرية
مقدمة مطولة
يصعب لاي انسان مسلم ذو الخليفة السلفية ببعدها الوهابي و الاخواني ان يدرك ما ذهب اليه المفكر الإسلامي محمد شحرور رحمه الله طيلة نصف قرن من الزمان لاجل تحديث الوعي الإسلامي الجمعي من خلال قراءة كتاب الله قراءة معاصرة وفق العلوم الإنسانية باعتباره كان مهندس في الهندسة المدنية في وقت من الأوقات في بلده الام سوريا ......
و من خلال تجديد المفاهيم الإسلامية السائدة منذ أواخر العهد الاموي الى الان حسب رايه الشخصي لان هذه الاجتهادات قد حصلت بعدما فشلت كل النخب الدينية الرسمية و غير رسمية داخل مجتمعاتنا الإسلامية طيلة 100 سنة و اكثر في إيجاد حلول واقعية لاشكاليات تخلف المسلمين السياسي و الديني الخ .
و بالإضافة الى تنامي الرجعية الإسلامية التي انطلقت رسميا بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1923 حيث كان السلفيون قد اعتبروا هذا الحدث التاريخي بمثابة سقوطا للاسلام و شريعته الخ .
لقد كان هذا الشعور حاضر حينما تاسست جماعة الاخوان المسلمين بمصر سنة 1928 و المملكة العربية السعودية سنة 1932 كما أقوله دائما في مثل هذه المناسبات.
لكن الرجعية الإسلامية قد ربحت كثيرا من فشل مشاريع التحديث و القومية العربية في مصر و في سوريا الخ من هذه الدول المشرقية و بالإضافة الى هزيمة العرب امام إسرائيل سنة 1967 .....
و من ذلك السياق التاريخي انطلقت الرجعية الاسلامية من بلاد الحرمين الشرفين منذ أواخر سبعينات القرن الماضي بهدف غزو العالم عموما و دول المسلمين تحت شعار خالد الا و هو الرجوع الى ما كان عليه سلف الامة من الامجاد و القوة في ما يسمى في ادبيات الإسلاميين بالخلافة الإسلامية على منهاج النبوءة كما سمعنا من افواه شيوخنا من اعلى منابر الجمعة في مختلف بلداننا الإسلامية منذ 20 سنة حيث انني الان ابلغ من العمر 40 سنة أي ان الرجوع الى سلف الامة سيحقق لنا التقدم و الإسلام كاخلاق و كقيم كما يدعي أصحاب هذه الدعوة الغبية ...
ان هذه الرجعية الإسلامية لم تقدم للعقل الإسلامي الجمعي الا التغني بان قال فولان عن فولان وصولا الى الرسول الاكرم عليه الصلاة و السلام بانه كان يطوف على نساءه بغسل واحد في ساعة الخ من هذه الاحاديث التي لا تصح ان تقال عن الرجل العادي و بالأحرى ان تقال عن رسول الإسلام و خاتم النبيين لان من الذوق السليم ان لا يخبر احدنا الاخر عن اسراره خلف الأبواب المغلقة و بالتالي فانني لا اصدق هذه الاحاديث المنسوبة الى المقام النبوي الشريف لان الرسول الأعظم لا يمكنه ان يتحدث عن اسرار فراشه مع صحابته الكرام تحت اية دريعة كانت..
ثم ان هذه الرجعية الإسلامية كانت و مازالت تكفر أي اجتهاد الذي جاء من الغرب المسيحي او الذي جاء من داخل البيئة الإسلامية الشاسعة من قبيل اجتهادات اجدادنا الامازيغيين في المغرب الكبير بغية ملائمة الدين الإسلامي مع حاجات الامازيغيين القانونية و الثقافية الخ حيث انني شرحت هذه الأمور في مقالات مطولة للاظهار ان اجدادنا قد ساهموا في ما نسميه بالتنوير الإسلامي قبل النهضة العربية بالمشرق العربي في القرن التاسع عشر الميلادي ..
الى صلب الموضوع
انني هنا لن ادعي انني فهمت كل أفكار المرحوم محمد شحرور التنويرية بشكل تام و نهائي باعتباري قد قرات كتابه القيم الكتاب و القران مرتان و قرات كتابه الدولة و المجتمع هلاك القرى و ازدهار المدن مرتان حيث ساحاول رد الاعتبار لبعض أفكاره التنويرية انشاء الله ..
ان التنزيل الحكيم كما سماه هو كتاب ذو النص الثابت مع حركة المحتوى الى قيام الساعة أي ان كل جيل يجتهد في قراءته و ادراك معانيه حسب ارضيته المعرفية أي ان من حق هذا الجيل ان يقرأه و ان يدرك معانيه حسب ارضيته المعرفية في العلوم الإنسانية ليصبح الإسلام دين مناصر للعلم و حقوق الانسان و الدولة المدنية تحقيقا لمقولة ان الإسلام هو الحل بالفعل على ارض الواقع لان دعاة الإسلام السياسي في دولنا الإسلامية مازالوا يعتبرون ان الرجوع الى سلف الامة بشكل كلي هو امر جوهري لتحقيق النهضة المنشودة من طرف العقل الجمعي للامة الإسلامية من إندونيسيا الى المغرب .
و هنا تكمن الإشكالية العظمى لدى دعاة تيارات الإسلام السياسي و فقهاء الخلافة الإسلامية الا و هي تقديس السلف الصالح كما يسمى اكثر أحيانا من كتاب الله العزيز و تكفير المستقبل بشكل مطلق كانه وحش كافر سيأكل الإسلام و المسلمين ...
ان من بين أفكار المرحوم محمد شحرور التنويرية فكرة التطور و التطوير فمنذ خلق الله سيدنا ادم كابو البشرية ادا فهمت جيدا انتقل هذا المخلوق من مراحل كثيرة من قبيل خروجه من المملكة الحيوانية الى مرحلة الانسان الواعي مع نبي نوح باعتباره اول بشر ارسله الله للناس حسب المرحوم رحمه الله حيث ان مفهوم التطور و التطوير قد رافق البشر منذ خلق الله سيدنا ادم من تراب الى الان حيث كم من مرحلة قطعها هذا المخلوق من اجل الوصول الى الوعي الإنساني مع نزول الرسالات السماوية بفضل مفهوم التطور و التطوير كسنة من بين سنن الله في هذا الكون ك ان المرحوم محمد شحرور يريد ان يجيب على نظرية التطور بشكل من اشكال من داخل القران الكريم نفسه .
ان من الجميل انه كان يفرق بين مصطلح البشر و مصطلح الانسان لان المصطلحات كانت ذات أهمية قصوى بالنسبة اليه لأننا لا نقول العلوم البشرية ابدا بل نقول العلوم الإنسانية دائما حيث ان هذا المعنى يحمل معاني كبرى لا يدركها سجناء الرجعية الإسلامية من فقهاء الوهابية على الخصوص و فقهاء تيارات الإسلام السياسي ...
ان من بين أفكار المرحوم التنويرية المدنية و الأحادية حيث ان الأحادية هي سلوك يكرس الاستبداد و تشبث بتراث الأجداد كما حدث في عهد رسولنا الاكرم ص مع قومه بمكة كام القرى كما وصفها الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز ك ان المرحوم محمد شحرور يريد ان يقول ان القرى و الأحادية وجهان لعملة واحدة الا و هي الكفر بالله و بقوانينه و سننه في هذا الكون الفسيح..
لقد ارسل الله رسوله الكريم ليحارب الأحادية في السلوك الإنساني الواعي لان الأحادية لله وحده لا شريك له في الملك و الانسان هو كائن حي خلقه الله تبارك و تعالى لعباده و استخلاف في هذه الأرض الى ما شاء الرحمان الرحيم .
و بالتالي فان الرسول الأعظم قد جاء برسالته الخاتمة رحمة للعالمين و تحريرا للناس من قيود العبودية من خلال إجراءات من قبيل تحرير العبيد و الاماء ادا فعل المسلم أخطاء قاتلة مثل جماع زوجته في نهار رمضان او القتل الخطا الخ بمعنى ان الإسلام كان سباقا لمحاربة العبودية قبل الغرب المسيحي بقرون عديد حيث بدا يحارب هذه الظاهرة في منتصف القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة الامريكية اثناء الحرب الشهيرة بين الشمال و الجنوب ..
و كان الإسلام في العهد النبوي يعطي الإشارات القوية للتقدم في حقوق المراة حسب الأرضية المعرفية لذلك الزمان أي القرن السابع الميلادي و للتقدم في المدنية من خلال الشورى و العيش المشترك في مدينة رسول الله بين المسلمين المهاجرين و الأنصار و اليهود ...
غير ان هذه الإشارات القوية اختفت بالتدريج امام صعود جاهلية بني امية العربية التي قتلت اسباط الرسول الأعظم و هدمت الكعبة المشرفة الخ من هذه المناكر لكن سجناء الرجعية الإسلامية عندما يتحدثون عن تلك المرحلة يتحدثون عنها بنوع من القدسية و من الخداع للبسطاء في درس ديني او في خطبة الجمعة تحت عنوان عريض الا و هو السلف الصالح الذي دخل الى بلادنا ليس لنشر الإسلام بالحسنى و الموعظة الحسنة و بل لسبي النساء و البنات او بعبارة أخرى لاغتصابهن و ارسالهن الى خالفتهم بدمشق ك ان الإسلام لم ينزل بعد على بني امية .................
ان المرحوم محمد شحرور قد اجتهد في القراءة المعاصرة لكتاب الله العظيم و تجديد المفاهيم الإسلامية من قبيل التعددية و الاختلاف عوض الأحادية في السلوك الانسان الواعي و المناسب بالنسبة لمكة المكرمة التي جعلها الله مكانا لاداء مناسك الحج العظيمة و ذات السلوك الأحادي في لباس الاحرام و في التلبية و الوقوف بصعيد عرفات الطاهر الخ من هذه المناسك التي يتمناها مسلمي العالم و من بينهم انا بطبيعة الحال.
انني ارجوا انني نجحت في رد الاعتبار لبعض أفكار المرحوم المفكر الإسلامي محمد شحرور التنويرية حيث اعرف ان هناك أفكار له حول القضاء و القدر و التنزيل و الانزال الخ حيث رحم الله محمد شحرور .........
توقيع المهدي مالك