إحتلال غير مرئى : ( مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ )
مقدمة :
1 ـ نعرف الاحتلال البشرى المرئى ، قديما وحديثا . الذى يتعرض له قد يقاوم وقد يصبر . الاحتلال الذى نتكلم عنه غير المرئى هو بعض مخلوقات البرزخ التى تحتل أنفسنا ، منها المُحايد ، ومنها العدو المُكايد .
2 ـ أرضنا المادية تتخللها برازخ أرضية ستة ، وتلك البرازخ الأرضية تتخلل أرضنا، ثم تتخللها برازخ السماوات السبع . أى 13 برزخا . بدأ العلم يطرق أبوابها فيما يطلق عليه الأكوان الموازية .
3 ـ آدم وحواء كانا فى جنة برزخية ، ثم كان هبوطهما الى أرضنا المادية . وفى تلك البرازخ تعيش أنفس المقتولين فى سبيل الله جل وعلا ، وفيها يستمر تعذيب فرعون وقومه وقوم نوح ، وتوجد فيه أنفس لم تأخذ دورها ولم تلبس الجنين الخاص بها وتولد ، وتوجد أنفس من مات وعادت أنفسهم الى البرزخ التى كانت فيه . كل هذه البرازخ ومن فيها غير مرئية لنا فى حياتنا الدنيا .
4 ـ النبى محمد عليه السلام هو الوحيد الذى رأى بفؤاده ـ وليس بعينية ـ أهم مخلوق برزخى وهو الروح جبريل، عندما تلقى منه الوحى القرآنى مكتوبا مرة واحدة ( النجم 4 : 18 ، التكوير 19 : 23 ). الروح ( جبريل ) تجسّد بشرا حتى رأته مريم عليها السلام ، والملائكة الذين قابلوا ابراهيم عليه السلام وزوجه ولوط عليه السلام كانوا متجسدين بشرا . الأنبياء يسرى عليهم ما يسرى علينا من إستحالة رؤية مخلوقات البرازخ المحايد منها والعدو .
5 ـ عند الاحتضار وبداية الدخول فى البرزخ يرى الانسان ملائكة الموت . وحين يراهما يستحيل عليه العودة للحياة . قال جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ). نعطى تفصيلا :
أولا :
1 ـ بعد أن قص الله جل وعلا قصة خداع الشيطان لآدم وزوجه وهبوطهما للأرض المادية بعد أن كانا فى جنة برزخية قال جل وعلا يحذّرنا : ( يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ )(27) الأعراف ). هما فى الجنة البرزخية كان بمقدورهما رؤيته ، ويتحدثان معه ، ونفهم هذا من الآيات السابقة : (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ ) (22) الأعراف ). هبطا الى الأرض المادية فأصبحا ـ وذريتهم فى ( حيثية ) مختلفة ، الشيطان وذريته يروننا من ( حيث ) لا نراهم . هذا معنى قوله جل وعلا لنا : (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) . ( وَقَبِيلُهُ ) تعنى مخلوقات البرازخ ، من الجن والشياطين والملائكة .
ثانيا : ملائكة محايدون :
1 ـ نحن لا نرى ملائكة تسجيل الأعمال التى تحتلُّ كل فرد فى حياته . لكل فرد إثنان من الملائكة موكلان بتسجيل أعماله ، هما ( رقيب وعتيد ) . ويوم القيامة سينكشف عن كل منا الغطاء فيراهما ، وقتها سيتحول كاتبا عمل الفرد ( رقيب وعتيد ) الى ( سائق وشهيد ) ، واحد يسوقه والآخر شهيد يحمل كتاب عمله ، الذى سيشهد ويشفع له إن كان عمله صالحا ، أو سيشهد عليه إن كان عملا سيئا ، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق ) . بعده الموت : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق ) ثم البعث : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) ق )، ثم الحساب ولقاء الرحمن جل وعلا ، قال جل وعلا : ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق ) لم نكن فى الدنيا بأجسادنا المادية نرى هذا العالم البرزحى الذى يحيط بنا ، ولكن فى ألاخرة سينكشف عن أنفسنا الغطاء وسنرى . فى الآية التالية قوله جل وعلا: ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق ).
2 : وعن تسجيلهم الأعمال وكتابتها قال جل وعلا :
2 / 1 :(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)الزخرف )
2 / 2 :( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) الانفطار ).
2 / 3 : ( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )(11) الرعد ).
ثالثا : الشيطان ، وذريته : الأعداء .
1 ـ عن عدائه لنا قال جل وعلا :
1 / 1 :( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ) (6) فاطر )
1 / 2 : ( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ) (50) الكهف )
2 ـ ذرية الشياطين يكونون قرناء لمن يرفض القرآن الكريم وحده حديثا . بمجرد أن يرفض أحدهم نور القرآن الكريم ، او ( يعشوا عن هدايته ) يقيّض الله جل وعلا له شيطانا يقترن به يتسلط عليه، يكون له ( القرين ) الذى يصدُّه عن الهدى ويزين له الضلال هدى . قال جل وعلا: ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) الزخرف ) . مع السيطرة الكاملة للقرين الشيطانى على الكافر فإنه لا يراه بعينيه فى هذه الدنيا ولكن سيراه فى يوم القيامة . إقرأ الآية التالية : ( حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) الزخرف ). وسيتجادل مع قرينه الشيطانى يوم القيامة ، قال جل وعلا : ( وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) ق )
3 ـ القرين الشيطانى ـ غير المرئى ـ حين يسيطر على نفس الكافر بالقرآن الكريم يقيم حاجزا يحول دون وصول نور الهداية الى نفسه . يسمع بأذنيه الوعظ القرآنى ويرى من يعظه بالقرآن الكريم بعينى رأسه ، ولكن القرين الشيطانى المسيطر على نفسه يحول ويمنع وصول الحق الى قلبه ، فيكون عند سماع الهداية كالمغمى عليه ، ينظر ولا يرى ، قال جل وعلا : ( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) الأعراف ). هذا لأن حجابا حاجزا مستورا غير مرئى تأسّس حول النفس ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) الاسراء ). وكم شهدنا هذا مع خصومنا الكارهين للقرآن الكريم .
وقال جل وعلا عن الكافرين وقرنائهم الشياطين : ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)فصلت ) ، وهذا بسبب كفرهم بالقرآن الكريم . إقرأ الآية التالية : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فصلت ).
4 ـ هذه السيطرة الكاملة للقرين الشيطانى ( الإحتلال الكامل ) هى ما عبّر عنه إبليس قبل طرده من الملأ الأعلى حين رفض السجود لآدم حقدا وحسدا وتكبرا . قال جل وعلا : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَوَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65) الاسراء ) . يهمنا هنا قوله ( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ ) وهو تعبير عن السيطرة الكاملة ، وقوله جل وعلا له : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ ) . الذى يحتنكه القرين الشيطانى متحكما فيه يكون معبرا عن شيطانه حين يصرخ وحين يعتدى ، فقد أقنعه قرينه شيطانى بأنه يجاهد فى سبيل الله جل وعلا . وفى ندوة لى فى مصر فى أواخر الثمانينيات وقف شاب يصرخ فى هيستيريا داعيا لقتلى وهو يرتجف . عندها تذكرت قوله جل وعلا : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ )، (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) ( 275 ) البقرة ).
5 ـ والشيطان يوسوس حتى للأنبياء . قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام :
5 / 1 : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) فصلت )
5 / 2 : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) الاعراف )
5 / 3 : ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) المؤمنون). فالنبى مأمور بأن يستعين على الشيطان بالله جل وعلا . فكيف بنا ؟ .
وقد تغلّب الشيطان على النبى محمد فأنساه . كان يحضر مع المشركين مجالسهم وهم يخوضون فى القرآن الكريم ، فأمره ربه جل وعلا مرتين أن يبتعد عنهم . قال له : ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ ( الزخرف( 83 ) ( المعارج 42 ). وأنساه الشيطان فقال له ربه جل وعلا فى المرة الثالثة : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الأنعام ). وإذا كان هذا حال النبى فكيف بنا ؟
6 ـ وعلى كل حال فيمكن التغلب على وسوسة الشيطان بالاستعاذة بالله جل وعلا كما كان النبى يفعل ، وخصوصا عندما تقرأ القرآن الكريم وتفتتح القراءة بالاستعاذة بالله جل وعلا من الشيطان الرجيم . عندها لا تكون للشيطان سيطرة عليك . وهذا ما قاله رب العزة جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) النحل ).
7 ـ الوسوسة والهمز والنزغ هى محاولات الشيطان للسيطرة . ولكنه عندما يسيطر ويتحكم و( يحتنك ) يصبح وحيا شيطانيا ، قال عنه جل وعلا :
7 / 1 : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) (112) الأنعام ).
7 / 2 : ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ) (121) الانعام ).
8 ـ وأحيانا يأتى هذا الوحى بصورة كلام شيطانى لهم . قال جل وعلا :
8 / 1 : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) الانفال ).
8 / 2 : ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) الحشر ).
أخيرا
1 ـ الاحتلال الشيطانى للانسان يجعله أسوأ من الأنعام ( الفرقان 44 ) ( الأعراف 175 : 179).
2 ـ يجعله ميّت الاحساس . إذا عايش النور القرآنى أصبح به حيا يمشى به فى الناس . قال جل وعلا : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الانعام ).