ترجمان القرآن وأموال اليتامى والنسوان
دأب المسلمون إلا من رحم ربى عبر تاريخهم الطويل على صناعة القديسين وتسميتهم بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان .وكلما بعدالزمن ومرت السنين زادت قدسيتهم لدى العوام على حساب قدسية الملك القدوس العزيز الجبار .
ومن أولئك المقدسين فى تاريخ المسلمين (عبدالله بن عباس ) الملقب بترجمان القرآن
..وبداية نوضح للقارىء اننا لسنا فى خصومة مع عبد الله بن عباس (يرحمه الله) ولكننا ننظر إليه على أنه شخصية محورية فى تاريخ ال&atte;مسلمين وعلومهم حيث يعود نسب الدولة العباسيه إليه و كونه لدى الرواة والمحدثين ومشايخ التفسير من كبار المفسرين حتى اطلقوا عليه ترجمان القرآن ..وفى الحقيقه انا أفهم ان الترجمان هو من يستطع ان ينقل العلوم والمعارف من لسان إلى لسان بمعنى ان يترجم من العربية إلى لسان اخر أو العكس. وهذا ما لم يفعله إبن عباس ولكنهم أطلقوا عليه مجازا ترجمان القرآن لتصورهم انه يعلم تفسيره وأسراره ودقائقه .ولهذا اردنا ان نتعرف على شخصيته من خلال ما كتب عنه فى كتب (اهل السنه ) وليس من كتب خصومه من الشيعة ولنتعرف عليه اثناء تحمله أمانة بيت مال المسلمين فى لحظة إمتحان بين إختياره للدنيا أم الآخره فى خلافة الخليفة الرابع (على [ن ابى طالب ) يرحمه الله. ولنرى هل هو فعلا قديسا ملائكيا يستحق ان يلقب بترجمان القرآن ام أنه إنسان بشرى سرت عليه عوامل الضعف والقوة الإيمانية كما تسرى على البشر جميعا حتى تحول إلى لص سارق مختطف لأموال اليتامى والفقراء والمساكين .
فعبدالله بن عباس –هو إبن العباس بن عبد المطلب .إبن عم النبى محمد عليه الصلاة والسلام .ولد سنة ثلاث قبل الهجره .
وأسلم مع ابيه عام الفتح (فتح مكة ) ولم يقم مع النبى عليه الصلاة والسلام فى المدينه ولم يره إلا بضع مرات و لم يغادر مكة فى حياة ابيه العباس .وكان يشتغل بالتجارة مع ابيه ومع ابى سفيان والقرشيين وبذلك فلم يصاحب النبى ولم يتعلم على يديه ولم يشرب الإسلام من نبع محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام.ومع ذلك نسبت له كتب الروايات روايات كثيره مع ان رسول الله عليه الصلاة والسلام توفى وهو (اى عبدالله بن عباس ) فى الثالثة عشر من عمره .
وظل يعمل بالتجارة حتى إختاره الخليفة على بن ابى طالب يرحمه الله وولاه قيادة أحد أجنحة جيوشه فى معركتى الجمل وصفين .ثم ولاه عاملا وواليا له على البصره .ومن هنا وقع بين قوتى الإختيار والإختبار بين أداء ألأمانة او خيانتها ..ولنرى ماذا دار ..
ففى يوم ما ارسل ابو ألأسود الدوءلى رسالة إلى أمير المؤمنين على بن ابى طالب يقول له فيها (إن ابن عمك وعاملك على البصرة قد أكل ما تحت يده بغير علمك)
فكتب الخليفة رسالة إلى إبن عباس قال له فيها (أما بعد :فقد بلغنى عنك أمر إن كنت فعلته فقد اسخط ربك وأخربت أمانتك وعصيت إمامك وخنت المسلمين.بلغنى انك جردت ألأرض وأكلت ما تحت يدك فأرفع إلى حسابك وأعلم ان حساب الله أشد من حساب الناس .) وتلك كانت شكوى من ابو ألأسود الدؤلى يشكو فيها إبن عباس و اكله اموال الناس بالباطل .فطلب منه الخليفة ان يقدم كشف حساب يرد به على تلك الشكوى وليبرىء ذمته امام الله وامام الناس إن كان من المظلومين .
فماذا كان جواب ابن عباس؟؟ .قال ابن عباس فى رده (أما بعد فإن الذى بلغك باطل .وانا لما تحت يدى أضبط وأحفظ .فلا تصدق على الأظناء يرحمك الله).وهذا رد غير كاف ولا شاف ولا يبرىء متهما فقد رفض تقديم كشف حساب للخليفه .فكتب إليه الخليفة مرة أخرى كتابا قال فيه (فإنه لا يسعنى تركك حتى تعلمنى ما أخذت من الجزية ومن اين أخذته وفيما وضعت ما أنفقت منه فإتق الله فيما أئتمنتك عليه وإسترعيتك حفظه والسلام.) وهنا اصبحت الصورة اكثر من انها إتهام موجه له بل مطالبة بتقديم الدفاتر مشفوعة بمصادر المال ومصارف إنفاقه.
فأجاب إبن عباس بتقديم إستقالته عبر رسالة جاء فيها
(أما بعد :فقد فهمت من تعظيمك على مرزئةما بلغك أتى رزأته أهل هذه البلاد والله لأن ألقى الله بما فى بطن هذه ألأرض من عقيانها ولجينها وبطلاع ما على ظهرها .أحب إلى من أن ألقاه وقد سفكت دماء ألأمه لأنال بذلك ألملك والإماره.فأبعث إلى من أحببت) أى انه إعترف بما أخذ ونهب من أموال بيت مال المسلمين.ثم جمع ما تبقى من أموال فى بيت مال المسلمين وهرب بها إلى مكة تحت حماية أخواله فى البصره من بنى هلال
فأرسل إليه الخليفة على بن أبى طالب برسالة أخيره قال فيها(أما بعد فإنى كنت قد اشركتك فى امانتى ولم يكن فى أهل بيتى رجل أوثق منك فى نفسى لمواساتى ومؤازرتى وأداء ألامانه لى فلما رأيت الزمان على إبن عمك قد كلب .والعدو عليه قد حرب وأمانة الناس قد خربت وهذه ألأمة قد فتنت .قلبت له ظهر المجن ففارقته مع القوم المفارقين وخذلته اسوأ خذلان الخاذلين وخنته مع الخائنين فلا إبن عم اسيت ولا أمانة أديت كأنك لم تكن لله تريد بجهادك .أو كأنك لم تكن على بينة من ربك وكأنك كنت تكيد أمة محمد عن دنياهم أو تطلب غرتهم عن فيئهم فلما امكنتك الغرة اسرعت العدوة وغلطت الوثبة وإنتهزت الفرصة وإختطفت ما قدرت عليه من أموالهم إختطاف الذئب الزل دامية الماعز الهزيلةظالعها الكبير .فحملت أموالهم إلى الحجاز رحيب الصدر .تحملها غير متأثم من أخذها كأنك لا أبا لغيرك .إنما حزت لأهلك تراثك عن أبيك وأمك سبحان الله؟ أفما تؤمن بالمعاد ولا تخاف سوء الحساب ؟ أما تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما ؟ أو ما يعظم عليك وعندك أنت تثتثمن الإماءوتنكح النساء بأموال اليتامى وألارامل والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم البلاد ؟فإتق الله وأد الأموال القوم فإنك والله إلا تفعل ذلك ثم مكننى الله منك لأعذرنك الله فيك حتى آخذ الحق وأرده وأقمع الظالم وأنصف المظلوم والسلام) وفى تلك الرساله يذكره على بن ابى طالب ويخاطب الخير فيه ويحثه على صلة القربى بينهما وعلى ثقته فيه .ويعاتبه على خذلانه له وتركه وهجره مع من تركوه وهجروه ورحلوا عنه بل الأكثر مرارة انه تركه وحمل معه ما أئتمنه عليه من اموال الفقراء والمساكين وأهل البلاد (البصره) وذهابه بها إلى الحجاز يشترى الإماء والدور ويتزوج النساء . ويخاطب جانب التقوى فيه بتذكيره بيوم الحساب والوقوف بين يدى الله سبحانه وتعالى ثم يعظه ويخبره بأنه بفعلته هذه اصبح مأكله ومشربه حرام .ثم يتوعده لإن قدر عليه ليقتصن منه ويعيد الحق إلى اصحابه من المظلومين ..ولكن نسى أمير المؤمنين على بن ابى طالب انه يتحدث مع صديق معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص ملوك الدنيا الجديده فهل يترك المال وبريقه لأصدقاءه ويعود يأكل القديد مع على بن أبى طالب ؟؟
فبعث إليه إبن عباس برد جامع قاطعا على على بن أبى طالب كل أمل فى إصلاحه والعودة بمال المسلمين جاء فيه .
(أما بعد : بلغنى كتابك تعظم على إصابة المال الذى اصبته من مال البصره ولعمرى إن حقى فى بيت المال لأعظم مما أخذت ..ولئن لم تدعنى من اساطيرك لأحملن هذا المال إلى معاوية يقاتلك به ). وهنا برر الشيطان لإبن عباس فعلته بأن ما نهبه من بيت مال المسلمين والذى قدر بحوالى ستة ملايين درهم هو أقل من حقه ونصيبه فى خمس سهم رسول الله عليه الصلاة والسلام . ولئن لم تنتهى يا على من ارا جيزك سارسل هذا المال إلى معاويه ليقاتلك به ..وقد مات على بن أبى طالب بعد ذلك بفترة قصيره ولم يتمكن من إبن عباس (ترجمان القرآن) .
وهنا دعونا نسأل هل يختلف ترجمان القرآن فى سرقته ونهبه لبيت المال عن مختلسى أموال الدول والشعوب فى عصرنا الحالى ؟؟
هل هناك فرق بينه وبين الواد حنتيره الهجام حرامى الخزن ؟؟
أو الواد ملقاط حرامى المحافظ ؟؟
وهل بعد ذلك طبقا لقواعد علم الجرح والتعديل هل ما زال صالحا لتأخذ وا عنه دينكم ؟؟؟وهل حقا كان ترجمان للقرآن ام أنه إرتكب ما نهى القرآن عنه ؟؟