الموت المؤقت والموت الدائم
سؤال :
فى برنامج ( غموض ) الذى يقدمه الاستاذ عماد عصام شاهدت حلقة عن حالة سيدة اسمها بام رينولدز من ولاية أتلانتنا فى أمريكا كانت فى عام 1991 فى عملية مخ بسبب تمدد أوعيتها الدموية فى المخ ، وسحبوا كل الدم من مخها فحدث لها موت دماغى استمر 45 دقيقة ، وبعد أن عادت للحياة وأفاقت من العملية أخبرت الأطباء انه خرجت من جسدها ورأت كل ما كانوا يعملون ، ووصفت بدقة كل شىء بما فيه منشار العظم وبقية المعدات الطبية . وقالت انها رأت نفسها تخرج من جسدها وبقيت تحوم حولهم ترى كل شىء ومنها محاولتهم لانعاشها . وما قالته أذهل الأطباء . وجاء فى البرنامج ان آلاف الناس حدث لهم ما يسمى بتجربة الاقتراب من الموت بالخروج مؤقتا من الجسد ، وأن أول من تكلم عن هذا رايمون مودى فى كتابه ( الحياة بعد الحياة ) . وحكى آخرون عن تجربتهم ، ومنها أنهم رأوا نورا قويا ودخلوا نفقا طويلا اسود بعده نور ، وسمعوا أصواتا ورأوا أضواءا غير معروفة ، وتذكروا شريط حياتهم ، وهناك عشرة فى المائة من الذين أجروا عمليات قلب مروا بتجربة الموت المؤقت . ما هو رأيك القرآنى فى هذا الموضوع ؟
أولا :
مصطلحات القرآن الكريم الخاصة بالموضوع :
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61) الأنعام ) .
1 / 1 : ( يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ) : الوفاة بالليل هنا تعنى النوم . ( وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ) " جرحتم " أى ما فعلته جوارحكم وأعضاؤكم أثناء يقظكتم بالنهار . ( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ) والبعث يعنى اليقظة فى النهار. ( ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ )، أى اليه وحده رجوعنا يوم القيامة . ( ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) عن الحساب .
1 / 2 : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) أى المتحكم فيهم بالنوم وبالموت ، لا يستطيعون منهما فرارا . ( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) هم ملائكة حفظ الأعمال . قال جل وعلا :
1 / 2 / 1 : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق ) .
1 / 2 / 2 : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) الزخرف ) الوفاة التى تأتى عن طريق رسُل الله أى الملائكة هى الموت . الحفظة هم ملائكة تسجيل الأعمال . ورسل الله هنا هم ملائكة قبض النفس عند الموت ، وهم لا يفرطون يعنى لا بد من تنفيذ المهمة إذا جاء للفرد أجل الموت ، فلا مهرب من الموت ، أو كما قال جل وعلا :
1 / 2 / 3 : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) (78) النساء ) ، أى إن الموت خلفنا .
1 / 2 / 4 : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) (8) الجمعة ) . أى إن الموت ينتظرنا .
2 ـ ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (42) الزمر ). الوفاة نوعان : عند النوم ، وعند الموت . الوفاة بمعنى توفية العمل ، أى كتابته ، وهى توفية جُزئية بالنوم ، وتوفية كلية بالموت. ثم هناك توفية الحساب يوم القيامة ، قال جل وعلا : ( وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر )
3 ـ ( فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً (12) الكهف ). هذا عن أصحاب الكهف. الضرب على الأُذُن يعنى النوم العميق . وبه لا يسمع النائم شيئا . البعث هنا يعنى اليقظة .
ثانيا : عن الموت المؤقت بالاغماء أو النوم الطويل :
1 ـ عن حالة الموت المؤقت ــ الذى يعود به صاحبه للحياة ــ جاءت إشارات قرآنية فى قوله جل وعلا :
1 / 1 : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ ) (56) البقرة ) . الموت هنا إغماء ( موت مؤقت ) والبعث يعنى اليقظة . ومثله عندما طلب موسى أن يرى ربه : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) الاعراف )
1 / 2 : ( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى )(73) البقرة ) هذا فى قصة ذبح البقرة ، والتى جاء تفصيلها فى ( البقرة 67 : 73 ).
1 / 3 : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ) (259) البقرة )
1 / 4 : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) (243) البقرة )
1 / 5 : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (25) الكهف ) عن أهل الكهف .
1 / 6 : ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ) (49) آل عمران ). وأيضا ( المائدة 110 ). كان من آيات عيسى عليه السلام إحياء الموتى .
2 ـ حالة هذه السيدة تدخل فى نوعية الموت المؤقت ، والذى تخرج فيه النفس ثم تعود .
أخيرا : الموت الدائم برؤية ملائكة الموت
1 ـ الموت هو للنفس ، وليس ( الروح ) . كتبنا من قبل أن ( الروح ) هو جبريل . وأن الانسان هو جسد ونفس ، وأن النفس هى الكائن الحقيقي الذى يسير بالجسد ، تتركه النفس مؤقتا بالنوم ، وتتركه نهائيا بالموت . وحين تتركه بالموت يصبح جثّة سوأة يسوء منظرها ، ويكون من إكرام صاحبها الذى تركها أن تُدفن فى التراب ليعود الجسد ترابا . كل الأنفس تم خلقها فى البرزخ ، فى عالم مواز لعالمنا المادى ، وكل نفس تدخل الجنين الخاص بها ، وتولد به طفلا ، وتعيش الفترة المحددة لها سلفا فى هذه الحياة الدنيا لتلقى إختبارها ، ثم بالموت تعود الى البرزخ الذى أتت منه وهى تحمل كتاب عملها . أى فى البرزخ أنفس لم تدخل بعد فى أجسادها ، وأنفس ماتت بعد أن أخذت حظها من إختبار هذه الحياة . وعندما تأخذ كل الأنفس هذا الاختبار ينتهى هذا اليوم الدنيوى ، ويأتى اليوم الآخر بتدمير كل هذا العالم ، ورجوعنا الى لقاء الله جل وعلا ليحاسبنا على ما عملنا فى إختبار حياتنا . قال جل وعلا :
1 / 1 :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ) .
1 / 2 : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70 ) الزمر ).
لا موت فى الآخرة ، بل خلود فى الجنة أو فى الجحيم . قال جل وعلا :
1 / 2 / 1 :( مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ) (17) ابراهيم ).
1 / 2 / 2 : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ) (36) فاطر )
2 ـ فى هذه الدنيا تكون حالة الموت الدائم عندما ترى النفس ملائكة الموت ، بهذا يستحيل أن يرجع صاحب هذه النفس للحياة . وفى القرآن الكريم آيات كثيرة عن لحظة الاحتضار والحديث بين المحتضر وملائكة الموت ، حيث يختلف وضع المحتضر ، ويكون إما من أولياء الله الذى تبشره ملائكة الموت بالجنة ، وإما أن يكون من أولياء الشيطان فتبشره ملائكة الموت بالنار ، وعندها يصرخ يرجو العودة الى الحياة ليعمل صالحا ، ولكن بلا فائدة . نقرأ قوله جل وعلا :
1 : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون )
2 : ( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا )(11) المنافقون )
3 : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الأنفال )
4 : ( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد )
5 : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) النحل ) ، ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32) النحل )
6 : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) (64) يونس )
7 : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) فصلت )
8 : ( فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) الواقعة )
أخيرا :
لنا كتاب عن الموت منشور هنا ، كان قد صدر فى أوائل تسعينيات القرن الماضى ، تحت عنوان ( موت الجسد وموت النفس ) قلت :
1 ـ ( للموت علاقة عضوية بالجسد ، فمعناه أن ذلك الجسد قد فقد القدرة على الحياة بمؤثر داخلي كالمرض أو خارجي فجائي كالقتل. وتحديد وقت الموت للجسد عند الأطباء يكون بتوقف الدماغ عن العمل بضع دقائق . وإن كان الأمر لا يزال محل البحث والدراسة . وقد جاءنا التقدم العلمي بظاهرة غريبة وهي أولئك الموتى الأحياء أو (الموت السريري) ، ممن فقدوا الوعي مدة طويلة وماتوا وانتهت علاقتهم بالأحياء غير أن الأجهزة العلمية المتطورة تقوم بالعمليات الضرورية لبقاء الجسد حيا فترة طويلة لابد أن يعقبها عجز الجسد المنهك عن الاستمرار فيذبل بعد أن يكون المريض الميت قد أستهلك كل أموال أهله في تلك الفترة . والجدل القائم الآن هو ، هل من الرأفة أن يظل ذلك المريض الميت هكذا أم يجب قطع شرايين الحياة الصناعية لذلك الجسدالذي " أنتهي عمره الافتراضي "؟
2 ـ الذي يهمنا هنا أن النفس ــ وهى المعيار الحقيقي في تحديد وفاة الإنسان وموته ــ قد تركت ذلك الجسد وأصبح صاحبه ميتا ،وما تقوم به أساليب التكنولوجيا المتطورة من أعطاء الجسد المتهالك تغذية صناعية مؤقتة وتنفسا صناعيا لن يجدي في نهاية الأمر، لأن الأنسجة الميتة في الجسد لن تصمد طويلا مهما أوتيت من وسائل حياة صناعية .
3 ـ وقد فطن العلم الحديث إلى العلاقة العضوية بين الجسد وتغذيته الصناعية التي تمكنه من الاستمرار في حياة مؤقتة حتى بعد تدمير معظم خلايا الدماغ ودخوله في غيبوبة . الأمر الذي خلق فجوة بين موت الجسد وموت النفس ، ثم عرفوا أنه قد توقف الدماغ .. وهم الآن يحاولون بث الحياة بقوة التكنولوجيا في ( جسد) متهالك و ( نفس ) تركت الجسد الذي إن عاش قليلا فلأن حياته تستمر مؤقتا من الغذاء صناعيا أو طبيعيا . ).انتهى .