يسألونك عن إسرائيل
مقدمة
أسئلة كثيرة تأتى عن اسرائيل وبنى إسرائيل بين القرآن الكريم والتاريخ ، وبين الماضى والحاضر . ولنا فى هذا كُتُب ومقالات ، لكن كثرة المنشور لنا يجعل صعبا الحصول على المراد. هذا المقال يعطى لمحة وإضافة . وفى النهاية فنحن نكتب وجهة نظر تقبل النقد .
أولا : بنو إسرائيل فى القرآن الكريم :
1 ـ إسرائيل هو نبى الله ( يعقوب ) . وجاءت الاشارة اليه مرتين فى قوله جل وعلا : ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ) (93) آل عمران ) ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ ) (58) مريم ). أنجب ابراهيم : ( إسماعيل ) ومنه العرب المستعربة ، وأنجب إسحق الذى أنجب يعقوب ( إسرائيل ) وله 12 ولدا ، منهم يوسف . ويأتى وصفهم ب :
1 / 1 : الأسباط : ووردت كلمة ( أسباط ) ملحقة بيعقوب أبيهم فى قوله جل وعلا :
1 / 1 / 1 : ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ ) (136) البقرة )
1 / 1 / 2 :( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى ) (140) البقرة )
1 / 1 / 3 : ( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ ) (84) آل عمران )
1 / 1 / 4 : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ )(163) النساء )
1 / 2 : ، أو ب ( آل يعقوب ).
1 / 2 / 1 :قال يعقوب لابنه الطفل يوسف : ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ ) (6) يوسف )
1 / 2 / 2 : وفى دعاء زكريا : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ً (6) مريم ).
قيام دولة إسرائيل جعل بعضهم ينكر أن يكون إسرائيل هو يعقوب . لا يعلمون أن كلمة ( إسرائيل ) جاءت 41 مرة فى القرآن الكريم ، بينما لم يأت فى القرآن الكريم تسمية العرب بأنهم ( عرب ) .
2 ـ فى قصة يوسف أنه رأى فى المنام 11 كوكبا والشمس والقمر يسجدون له ، وحكى هذا لأبيه يعقوب : قال جل وعلا : ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)،، وفيما بعد تحققت الرؤيا ، وسجد والداه واخوته ال 11 له ، قال جل وعلا : ( وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً )(100) يوسف ).
3 ـ عاش يوسف واخوته فى وقت الهكسوس ، وكان الحاكم وقتها هو ( الملك )، وليس الفرعون . وتناسل أبناء يعقوب ( إسرائيل ) فى مصر وصاروا 12 قبيلة . وبعد سقوط الهكسوس جاء حكم الرعامسة الفراعنة فاضطهدوا بنى إسرائيل ، ونعرف قصة موسى وخروجه ببنى إسرائيل بقبائلهم ال 12 ، حيث ضرب الأرض لهم فانفجرت 12 عينا لكل قبيلة مشربها : ( البقرة 60 ) ( الأعراف 160 ) . طلب منهم موسى دخول الأرض التى كتبها الله جل وعلا لهم فرفضوا فعاقبهم الله جل وعلا بالتيه 40 عاما ( المائدة 21 : 26 ) .
أثناء فترة التية تجولوا فى الجزيرة العربية حيث يعيش أبناء عمومتهم من نسل اسماعيل ، وعاشوا فترة فى مكة ، وأظهر موسى عليه السلام آياته لقريش وقتها فاتهموه وأخاه بالسحر . قال جل وعلا عنهم : ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) القصص ).
4 ـ بعد فناء الجيل المتخاذل من بنى إسرائيل عادوا الى جنوب الشام ، فتعرضوا لتهجير قسرى من ملك فلسطين وقتها ( جالوت / جليات ) ، واشتكى بنو إسرائيل الى نبى لهم ، قال جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا )(246) البقرة ) وتعين لهم طالوت ملكا ، وحارب جالوت وانتصر عليه وقتل داود جالوت ، واصبح داود ملكا ونبيا : ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ )(251) البقرة ). وورث سليمان أباه داود : (النمل (16) . بعده إنقسمت الدولة قسمين ، ثم انتهت . وتعرض بنو اسرائيل لنوبات من التهجير القسرى ، وقال جل وعلا : ( وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً )(168) الأعراف )
5 ـ بنو اسرائيل منهم الصالحون ومنهم من خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، ومنهم عُصاة فاسقون ، هذا التقسيم الثلاثى ليس قصرا عليهم . هو نفس التقسيم الثلاثى لنا : ( فاطر 31 : 32 ) وللصحابة فى المدينة ( التوبة 100 ـ ) وللناس عند الاحتضار ، وفى يوم القيامة ( الواقعة : 7 ـ ، 88 ـ )
5 ـ آيات كثيرةعن الصالحين من بنى إسرائيل وأهل الكتاب ، منها : ( آل عمران 113 : 115 ، 199 ) ( النساء: 162) ( الأعراف 159) ( الاسراء 107 : 109 )( الشعراء 197 ) ( القصص 52 : 55 ) ( السجدة 24 ) . وآيات عن الصنفين الآخرين : ( المائدة 57 : 71 ).
6 ـ العُصاة منهم هم الأكثرية ، ليس هذا خاصّا بهم ، فأكثرية البشر عُصاة : ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف ) ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) يوسف ) ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) الانعام ) والأقلية مؤمنة ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) (24) ص )، ويوم القيامة سيكون أصحاب الجنة ( ثُلّة قليلة ) ( الواقعة 13 : 14 ، 39 : 40 ).
7 ـ العصاة من بنى إسرائيل لقبهم فى القرآن الكريم هو ( اليهود ) . وقد كانوا يؤمنون بالديانة المصرية القديمة أو ( الجبت ) ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) (51) النساء ) . بولس اليهودى أبرز عدو المسيح كان متأثرا بالديانة المصرية القديمة، فقام بتحريف رسالة عيسى عليه السلام ، ونشر هذا التحريف فوصل الى أوربا ، فأطلقوا على ( مصر ) إسم ( إيجيبت ) وأطلق العرب الغُزاة على المصريين إسم ( جبط / القبط ).
8 ـ تأثر بنى إسرائيل بالديانة الفرعونية :
8 / 1 : ظهر جليا ومبكرا بطلبهم من موسى أن يجعل لهم إلاها فرعونيا حين شاهدوا معبدا فرعونيا ، قال جل وعلا : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)الأعراف ) .
8 / 2 : ثم تطوّر الى تقديسهمعجل أبيس الفرعونى حين صنع لهم السامرى عجلا ذهبيا على شاكلته فعبدوه فى غياب موسى فى ميقات ربه جل وعلا : ( الاعراف : 148 : 153 ) ) ( طه : 83 : (98) .
8 / 3 : وأبرز تأثرهم بالديانة الفرعونية تقديسهم للإله الفرعونى ( أوزيريس ) عبدوه باسم ( عزير ). قال جل وعلا : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) (30) التوبة ). ( يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) أى يسيرون على نهج المصريين القدماء .
9 ـ عاش اليهود العصاة عصر نزول القرآن الكريم ، قال جل وعلا عمّن نقض الميثاق : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) المائدة ) وكان منهم من تفنّن فى الافتراء والحرب الفكرية ، وجاء الردّ عليهم كثيرا فى القرآن الكريم ، مثلما جاء فى سورة : البقرة 76 ــ ) ، وكان منهم معتدون يعتدون على آخرين منهم يهجرونهم قسريا ( البقرة 84 : 86 ). وكان بعضهم على تخوم المدينة ، وإعتدوا على دولة النبى مغترين بحصونهم وأسوارهم المحصّنة ومستوطناتهم ( الحشر 2 ، 14 ) ، وبعضهم نقض العهد وانضم للأحزاب وهم يحاصرون المدينة ، وكانت لهم أيضا (صياصى ) أى حصون ( الأحزاب 26 ).
10 ـ نتذكر قوله جل وعلا : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) الأعراف ). نلاحظ :
10 / 1 : الاستمرارية ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ومثله : ( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) (64 )المائدة )
10 / 2 : ليس الحكم عاما ( مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ )
10 / 3 : تشردهم فى الأرض : ( وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً ) .
ثانيا : بنو إسرائيل بعد نزول القرآن الكريم
1 ـ أجلاهم عمر بن الخطاب قسريا من الجزيرة العربية فانتشروا فى الأقطار المفتوحة .
2 ـ أدت الفتوحات الى تقسيم العالم الى معسكرين : معسكر ( الخلافة ) ومعسكر البيزنطيين . على تخوم الدولتين ظهرت دولة الخزر الأتراك القوقاز البيض الآريين بين البحر الأسود وبحر قزوين . وفى هذه السهول تقوم دول مؤقتة تزدهر ثم تسقط وتندثر ، خصوصا إذا كانت مطمعا لقوى تجاورها . خوفا من النفوذ البيزنطى ونفوذ الخلفاء إعتنق ملك الخزر الديانة اليهودية، واستقدم أحبارها ، وتحول شعبه الى اليهودية . ولأن اليهودية دين مسيطر على الحياة الاجتماعية والأسرية فقد تشكل سُكان الخزر باليهودية دينيا واجتماعيا وثقافيا ، وصاروا أكثر تمسكا بها من الاسرائيليين الأصليين . سقطت دولة الخزر فهاجر سكانها الى شرق أوربا ووسطها ثم الى أمريكا وروسيا . تعرضوا لاضطهاد كان أفظعه الهولوكوست . أسست بريطانيا فلسطين كيانا سياسيا ـ وقد كانت مجرد مصطلح جغرافى ـ وهذا لتجعل منها وطنا قوميا لليهود .
3 ـ سكان إسرائيل الآن : الإشكينازم ( اليهود الغربيون ، من نسل الخزر) ، ( السفارديم من نسل اليهود الشرقيين الأصلاء ) بالاضافة للعرب وعرقيات أخرى .