حوار صحفي خيالي مع صحفي بالقناة الامازيغية ببلادنا؟

مهدي مالك في الجمعة ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

                   

حوار صحفي خيالي مع صحفي بالقناة الامازيغية ببلادنا؟

مقدمة مطولة                                       

لقد تاسست اول قناة تلفزيونية  وطنية ببلادنا في يوم 3 مارس 1963 و كانت تسمى الى عهد قريب بالتلفزة المغربية حيث وجدتها في أوائل التسعينات أي عندما كنت صغير تبث برامجها من السادسة مساءا الى حدود منتصف الليل قبل انتقالها الى البث من منتصف النهار الى حدود منتصف الليل في يناير 1992 .

لقد كنت كجميع الأطفال المغاربة احب مشاهدة الرسوم المتحركة و برنامج القناة الصغيرة في كل يوم الاحد صباحا ..

اما بخصوص حضور الثقافة الامازيغية في تلفزتنا المغربية كان قليل الى مهمش بسبب موقف الدولة الرسمي من القضية الامازيغية ببعدها الثقافي كما طرحت في ذلك الزمان القاسي على هويتنا الاصيلة ........

و كان برنامج وحيد يهتم بالتعريف الاولي بالثقافة الامازيغية على التلفزة المغربية الا و هو برنامج كنوز الذي وجدته في تسعينات القرن الماضي و كان يقدمه الأستاذ الجليل سيدي عمر امرير الذي يعتبر من الجيل الأول للحركة الثقافية الامازيغية و اول من طرح موضوع الثقافة الامازيغية في بحث جامعي بالمغرب في أوائل سبعينات القرن الماضي بمدينة فاس و ما ادرك مدينة فاس وقتها بمعنى ان الأستاذ امرير هو كنز يمشي على الأرض كما سماه الأستاذ عبد الله بوشطارت في احدى مقالاته سنة 2018 حول هذا الهرم من اهرام الثقافة الامازيغية ببلادنا و باحث عالي في فن الروايس الخ من اسهامات هذا الرجل القيمة للغاية ....

لقد تاسست القناة الثانية يوم 4 مارس 1989 بإرادة قوية من الدولة انذاك على الانفتاح و التجديد و فتح ملفات المصالحة مع قوى اليسار القومي ببلادنا ..

ان هوية القناة الثانية كانت تجمع بين قيم التغريب و قيم التعريب لسنوات عديدة في وقت واحد بهدف إرضاء ذوي الفكر الفرنكفوني بصريح العبارة في مغرب الحسن الثاني .

و إرضاء ذوي الفكر القومي العربي من طبيعة الحال لان تيارات القومية العربية كانت قوية داخل الدولة و المجتمع وقتها بشكل عظيم..

ان هوية القناة الثانية لعشر سنوات الأولى من عمرها تقريبا تستحق تحليل سياسي و ديني عميقان على اعتبار ان السلطة كانت تحارب الامازيغية بشموليتها منذ سنة 1956 الى حدود سنة 2001 تحت ذرائع وهمية من قبيل تنصير البربر و

فرنستهم الخ من خرافات الحركة الوطنية قديما و الحركة الإسلامية حاليا.

غير ان اغلب برامج القناة الثانية كانت باللغة الفرنسية بالدرجة الأولى ثم باللغة العربية بالدرجة الثانية حسب ذاكرتي المتواضعة كطفل و كمراهق من طبيعة الحال ..

لقد كانت القناة الثانية لا ترفع الاذان للصلاة لسنوات طويلة حتى جاءت حكومة العدالة و التنمية في يناير 2012 بمعنى ان القناة الثانية كانت علمانية حسب النموذج الفرنسي في ظل دولة امارة المؤمنين حيث ان هذا التناقض الخطير يظهر ان المغرب منذ سنة 1956 قد طبق العلمانية الفرنسية و همش علمانيتنا الاصيلة..

انني أتذكر قليلا في صيف سنة 1994 حيث استضافت القناة الثانية الفنانة و المناضلة الامازيغية فاطمة تاباعمرانت ربما تم استقبالها بعد احداث فاتح ماي 1994 بكلميمة المعروفة في تاريخ الحركة الثقافية الامازيغية ..

ان القناة الامازيغية قد تاسست في يوم فاتح مارس 2010 بعد مخاض عسير منذ ظهور اول فيلم ناطق بالامازيغية سنة 1993 ببلادنا بكل الصراحة و الموضوعية لان امازيغي المغرب ظلوا يحلمون بتاسيس قناة تلفزيونية ناطقة بلغتهم الجميلة و تكرم هويتهم و ثقافتهم و بعدهم  الديني الضخم.

فمنذ تأسيسها عملت القناة الامازيغية العديد من الأشياء الإيجابية لصالح امازيغية المغرب بفضل برامجها المتنورة و الناجحة مثل برنامج مبعوث خاص للأستاذ عبد الله بوشطارت و برنامج تيفيراس للأستاذ إبراهيم باوش و برنامج أضواء على الامازيغية للأستاذ احمد عصيد و برنامج اغبولا للأستاذ عبد النبي ادسالم و برامج الأستاذ حمو الحسناوي و برنامج حضارة المدن للأستاذ عمر امرير و برنامج طريق المواطنة للاستاذة فاطمة اوشرع و برامج الأستاذ الحسين بوزيت و برامج الأستاذة نادية السوسي  الخ من هذه البرامج الناجحة في مجالات التحقيق و الثقافة و السياسة و الدين الخ .

الى صلب الحوار الخيالي                     

يشرفني ان استضيف احد رموز الاعلام و النضال الامازيغيان منذ منتصف السبعينات حيث خاض نضال مرير من اجل حق الامازيغية في التلفزة المغربية و في القناة الثانية الخ..

السؤال 1 من تكون ؟                                                       

الجواب أولا تحية نضالية لجميع مكونات الحركة الثقافية و السياسية الامازيغية داخل وطننا الحبيب و داخل دول شمال افريقيا و دول جنوب الصحراء الافريقية ...

ثانيا ادعى المهدي بن الحاج طاهر حيث ولدت في سنة 1954 في منطقة اداوسملال نواحي إقليم تيزنيت حيث كان ابي رحمه الله يعمل في الإذاعة الامازيغية بالرباط او قسم اللهجات كما كانت تسمى حيث كان يتجول في قرى سوس المنسية آنذاك بهدف تسجيل فن احواش بغية بثها في الإذاعة الامازيغية.

لقد كبرت في مدينة الرباط حيث عمل الوالد و كنت اذهب معه لمقر الإذاعة الامازيغية لتعلم أسس مهنة المذيع بالامازيغية السوسية و كنت وقتها تلميذ في السنة الأخيرة أي شهادة الباكورية و اخذتها بتقدير حسن في اللغة العربية ..

السؤال 2 اين اتجهت بعد ذلك ؟                                    

الجواب في صيف 1967 كنت متحمس للقومية العربية بحكم هزيمة العرب امام إسرائيل في ذلك التاريخ و لدى دخلت الى الإذاعة الوطنية و الناطقة باللغة العربية  للعمل في قسم الاخبار بفضل تدخلات أصدقاء الوالد و كنت مقدم نشرة الاخبار للساعة الرابعة عصرا و الساعة 11 ليلا يوميا طيلة سنوات قليلة ثم رجعت الى  الإذاعة الامازيغية سنة 1974 عندما أصبحت تبث 12 ساعة يوميا أي اربع ساعات لكل فرع من فروع اللغة الامازيغية ببلادنا .......

السؤال 3 كيف وجدت العمل بالاذاعة الامازيغية وقتها ؟                     

الجواب قبل العمل بالاذاعة الامازيغية كنت اجلس في المقهى مع زملائي في الإذاعة الوطنية نتجاذب اطراف الحديث حول مواضيع الساعة آنذاك ثم في احد أيام أكتوبر سنة 1973 حيث كان شهر رمضان و جلسنا في المقهى المعتاد بعد صلاة القيام نتحدث و فجاة  تساءل صديق من الاطلس المتوسط سؤال خطير وقتها الا و هو ما هو مصير الضباط الامازيغيين الذين قاموا بمحاولتين للانقلاب على ملكنا الحبيب؟

 و أجاب اخر ضحكا انه القتل باعتبارهم مساخيط المخزن حيث أرادوا احياء الظهير البربري من جديد لتنصير البرابرة و خلع الإسلام و المخزن معا.

 و رد صديق اخر عليهم قائلا ان هذا الكلام فيه الكثير من الاسرار سياتي عصر اخر ليكشفها لنا اذا كنا على قيد الحياة و كنت استمع الى احاديث أصدقائي ببالغ الاهتمام حتى اصبح راسي يؤلمني و ذهبت بعد اعتذار لهم لعدم جلوسي معهم وقت أطول كما هي عادتي ..

و في يوم عيد الفطر لتلك السنة جلست مع الفقيه السوسي ببيته بالرباط قصد توضيح الأمور المتعلقة بالثقافة الامازيغية و قال لي أشياء مشجعة للثقافة الامازيغية وقتها و قال لي لا تصدق كل ما يقال عن الامازيغية و الظهير البربري لأننا مسلمين منذ 13 قرن ..

في مارس  سنة 1974 دخلت للعمل في الإذاعة الامازيغية باعتباري ابن الحاج طاهر و عملت في قسم الاخبار بحيث كنت مقدم لنشرة الاخبار للساعة العاشرة ليلا لسنوات طويلة..

 و كانت الإذاعة الامازيغية مجرد بوق لتطبيل المخزن و خطابه الديني المعادي للامازيغية بشموليتها و خصوصا في عهد الحاج عمون مولاي البشير .

السؤال 4 متى بدات نضالك المرير من اجل حق الامازيغية في الإذاعة و في التلفزة؟

الجواب وقتها أي في منتصف السبعينات لا يوجد أي شيء ملموس من طرف الدولة تجاه انقاد الثقافة الامازيغية من الموت المحقق و كنا في الإذاعة الامازيغية لا حول لنا او قوة  ..

و كنت اكتب مقالات صحفية في جريدة المحرر باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و في جريدة بيان اليوم باسم حزب التقدم و الاشتراكية حول الاهتمام بالثقافة الشعبية كما كانت تسمى آنذاك و الاهتمام باللغة الامازيغية

و ادماجها في وسائل الاعلام العمومية وقتها من قبيل الإذاعة و التلفزة .

السؤال 5 ما رايك آنذاك في تأسيس القناة الثانية ؟                               

الجواب كنت وقتها مازلت اعمل في الإذاعة الامازيغية حيث شعرت بنوع من الامل بتاسيس القناة الثانية المستقلة بشكل كبير عن المخزن و قمت بشراء جهازها الفائز لتكون القناة بالواضح في بيتي بالرباط .

لكن املي ان تكون القناة الثانية هذية ثمينة للثقافة الامازيغية قد تحطم بعد مرور سنوات قليلة عن تاسيسها حيث كتبت مقالات و رسائل الى مقر القناة الثانية بسبب اقصاء اللغة و الثقافة الامازيغيتان في برامجها الموجهة الى أصحاب الفكر التغريبي بالدرجة الأولى و الى أصحاب الفكر العروبي بالدرجة الثانية أصلا .

ان القناة الثانية كانت تستحضر الثقافة المغربية الرسمية في شهر رمضان من خلال بث حصص من الطرب الاندلسي و الملحون و المسلسلات الفكاهية لسعيد الناصري و عبد الخلق فهيد الخ من الانتاجات الوطنية التي اكن لها بالغ الاحترام و التقدير ...

السؤال 6 ماذا كان شعورك عندما ظهر اول فيلم ناطق بالامازيغية ببلادنا أي  فيلم تامغارت ؤورغ ؟

الجواب كان شعور لن ينسى لان فيلم تامغارت ؤورغ قد شرف امازيغي المغرب و ثقافتهم الاصيلة لدرجة  انني اطلقت اسم بطلة هذا الفيلم تيليلا على ابنتي الأولى التي ولدت في مارس 1994 بالرباط و كان تسجيل الأسماء الامازيغية في دفتر الحالة المدنية شبه مستحيل دون المرور الى المحاكم و كتابة المقالات في الجرائد المهتمة بالقضية الامازيغية التي ظهرت آنذاك ....

السؤال 7 ما هو سبب مغادرتك للإذاعة الامازيغية ؟                               

الجواب بل تم طردي من هناك برسالة رسمية من طرف وزير الداخلية و الاعلام ادريس البصري يقول فيها انني تجاوزت كل الخطوط الحمراء في برامجي الاذاعية بعد خطاب 20 غشت 1994 حيث قلت مصطلح ايمازيغن و تمازيغت عدة  مرات على الاثير و كنت انتظر هذا الطرد  صراحة ....

السؤال 8 ما هو موقفك الحالي من الإذاعة الامازيغية ؟                        

الجواب ان الإذاعة الامازيغية المركزية قد تغيرت نحو 180 درجة للاحسن

بفضل المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و بفضل الجيل الجديد من الشباب و الشابات و بفضل المدير الجديد للإذاعة الامازيغية و القناة الامازيغية سيدي الحاج عبد الله طالب على الذي اعطى حياته لخدمة الثقافة و اللغة الامازيغيتان حيث ان مثل هؤلاء الرجال يجوز لنا اطلاق لقب سيدي عليهم من باب التقدير و الاحترام...

السؤال 9 باعتبارك صحفي في القناة الامازيغية ما رايك  في اداءها ؟

الجواب كنا نحلم منذ تسعينات القرن الماضي بتاسيس قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الامازيغية تكرم هويتنا الام كثقافة و كعادات و كفنون و كبعد ديني ضخم الخ حيث جاءت القناة الامازيغية لتعزير حضور  هويتنا الام في مشهدنا السمعي البصري الوطني أي قامت القناة الامازيغية بمجهود خرافي في اظهار الواقع المعاش لدى المغرب المنسي الى الامس القريب ..

و ما يدخل الفخر و السرور الى قلوبنا هو حضور القناة الامازيغية بعد كارثة زلزال الاطلس الكبير في تغطية يومية على مدار الساعة .

 و شاهدنا الأستاذ بوشطارت و هو يقدم برنامجه مبعوث  خاص من هناك و شاهدنا الأستاذ ادسالم و هو يتجول في قرى الاطلس الكبير يسائل المواطنين بلسانهم الامازيغي  و كذا بالدارجة المغربية و شاهدنا الأستاذة نادية السوسي و هي تنقل معانات السكان الأصليين للاطلس الكبير الذي عرف منذ قرون ولادة الإمبراطورية الموحدية الامازيغية الإسلامية من ناحية المساحة و التاريخ العريق به أمور إيجابية و أخرى سلبية كحياتنا بشكل عام  .

السؤال 10 ما رايك في مسلسل بابا علي ؟                                        

الجواب ان مسلسل بابا علي قد اعجب الصغار قبل الكبار داخل المغرب او خارجه لكن ينبغي على القناة الامازيغية التفكير بشكل جدي في الدراما التاريخية في شهر رمضان لسنوات قادمة لأننا نشتاق الى مشاهدة مسلسل تاريخي حول شخصياتنا التاريخية سواء قبل الإسلام بقرون عديدة و بعده في رحاب حضارتنا الامازيغية الإسلامية كما تسميها يا المهدي مالك و انا المهدي بن الحاج طاهر الذي ناضل من اجل الوصول الى هذه المحطة التي تطالبنا بالمزيد من العمل ضد فقهاء وطئ الفروج و تشويه ثقافتنا الامازيغية الإسلامية منذ 14 قرنا من الجهاد حسب الزمان و المكان .

ثم ان الدراما التاريخية بالامازيغية ستكون  لها قيمة مضافة على مختلف الأصعدة و المستويات حيث يكفي الإشارة الى مصر التي استطاعت ان تسوق لتاريخها و تاريخ الإسلام من خلال الدراما التاريخية الناطقة باللهجة المصرية او باللغة العربية منذ عقود عديدة على صعيد شمال افريقيا و الشرق الأوسط خدمة للتعريب و اظهار الخلافة الإسلامية بوجه إيجابي الى حد ما .

السؤال الأخير ماهية كلمتك الأخيرة ؟                    

شكرا لكم                                          

توقيع المهدي مالك 

اجمالي القراءات 1836