حوار صحفي خيالي مع قيادي سابق في حزب الاستقلال بقبائل ايت باعمران المناضلة ؟

مهدي مالك في الثلاثاء ١٩ - سبتمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

حوار صحفي خيالي مع قيادي سابق في حزب الاستقلال بقبائل ايت باعمران المناضلة ؟

مقدمة متواضعة                                    

ان الكثير من الكلام قالوه  و يقال و سيقال حول حزب تاريخي و كبير مثل حزب الاستقلال الذي تم تاسيسه في سنة 1944 أي في سياق تاريخي قد تميز بولادة ما يسمى بالحركة الوطنية سنة 1930 بسبب ما يسمى في تاريخنا الرسمي بالظهير البربري .

و الاتجاه نحو اختراع ما يسمى بالسلفية الوطنية و نحو أحضان المشرق العربي بكل تفاصيله الدقيقة الخ من هذه المفاهيم المساهمة في ولادة هذا الحزب العريق في تاريخنا السياسي المعاصر بمرجعيته و المعروفة و القائمة على العروبة و اسلام المخزن و ليس اسلام  الشعب المغربي الذي نسميه الان بالإسلام الامازيغي لاسباب عديدة و من بين هذه الأسباب الواضحة اليوم هي ان الامازيغيين هم عماد الحضارة الإسلامية المغربية منذ انتصار المقاومة الامازيغية على جيود الخلافة الاموية الفاجرة بصريح العبارة في  سنة 123 هجرية كما يقوله الدكتور كلاب الله يحفظه في فيديوهاته الرائعة حول تاريخ هذا البلد الكريم..........

ان حزب الاستقلال قد مثل منذ تاسيسه سنة 1944 كارثة وطنية عظمى مثل كارثة زلزال الاطلس الكبير حسب اعتقادي المتواضع لا اقل و اكثر ....

 انني استعملت مصطلح الكارثة الوطنية العظمى ليس لمجرد هواء في نفسي بل لتجسيد الحقائق و الوقائع التاريخية على الارض حيث ان حزب الاستقلال بعد سنة 1956 قد خرب هويتنا الوطنية ببعدها الديني و الثقافي و السياسي بغية إبادة ما هو امازيغي اصيل باحالته الى الجاهلية مرة و الى الاستعمار الفرنسي على الخصوص مرة أخرى أي ك ان حزب الاستقلال يريد ان يقول لنا ان العروبة هي اصل الشعب المغربي الوحيد منذ ما يسمى بالفتح الإسلامي حتى سنة 1956 بمعنى ان كل الدول التي حكمت المغرب بعد الإسلام هو دول عربية إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية الخ أي ليس هناك أي ذكر لاسهامات الامازيغيين الضخمة بعد اسلامهم  في تأسيس الحضارة الامازيغية الإسلامية ليس في المغرب فقط بل في دول المغرب الكبير و في دول جنوب الصحراء الافريقية و الاندلس أي ان حزب الاستقلال قام بالضوء الأخضر من السلطة العليا بطمس كل ما يتعلق بالبعد الامازيغي و بالإسلام الامازيغي و بالمقاومة الامازيغية الخ....

و خلاصة القول ان حزب الاستقلال قد ارتكب جرائم ثقيلة في حق الامازيغية بشموليتها لعل ابرزها هي جريمة الظهير البربري كاكذوبة تحولت بعد سنة 1956 الى أيديولوجية حقيرة تم تقويتها بعد سنة 1979 أي بعد ادخال الوهابية الى بلادنا.....                            

ان قبائل ايت باعمران بإقليم تيزنيت تعتبر فريدة من نوعها في المغرب بدون اية مبالغة في عدة مجالات من قبيل مقاومة الاستعمار الاسباني من خلال تاريخ مشرف بدا بمعركة تيزي سنة 1917 و مرورا برفض قبائل ايت باعمران لقانون التجنيس الذي أصدره الاستعمار الاسباني سنة 1947 لتغيير الهوية الثقافية و الدينية للساكنة في هذه القبائل أي ان هذا الحدث التاريخي تم تحقيره للغاية في تاريخنا الرسمي..

 في مقابل تم تعظيم و تضخيم اكذوبة الظهير البربري حتى أصبحت سيف مسلط على رقاب رموز النضال الامازيغي ببعده الثقافي و السياسي الى يوم الناس هذا حيث ينبغي التذكير هنا ان قبائل ايت باعمران قاومت الاستعمار الاسباني حتى بعد حصول بلادنا على الاستقلال الشكلي سنة 1956 بالروح الوطنية الخالصة حتى يوم 30 يونيو 1969 تاريخ عودة حاضرة قبائل ايت باعمران الا و هي سيدي ايفني الى أحضان الوطن الام ...

و ينبغي التذكير كذلك ان هذه القبائل المناضلة قد انجبت رموز في الثقافة و السياسة الامازيغيتان حيث  ساذكر بعض الأسماء على سبيل المثال المرحوم الرايس محمد اباعمران و المرحوم الأستاذ احمد الدغرني و الرايسة فاطمة تاباعمرانت  و سيدي الحسين جهادي اباعمران المولود في مدينة الدار البيضاء سنة 1943 لكنه نشا في ايت باعمران ...

و الأستاذ عبد الله بوشطارت و الأستاذ عمر افضن و الأستاذ عبد النبي ادسالم و الأستاذ رشيد بوقسيم و الأستاذ علي موريف الخ من هذه الأسماء التي شكلت النواة الأولى لتاسيس الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي سنة 2005 مع المرحوم احمد الدغرني أي ان قبائل ايت باعمران قد  ساهمت بشكل كبير في تكوين تجربة سياسية امازيغية أولى على صعيد المغرب و ربما على صعيد شمال افريقيا و اتكرر ربما...............

الى صلب الحوار الخيالي                    

يشرفني ان استضيف قيادي سابق في حزب الاستقلال بمنطقة ايت باعمران  حيث انه من المواليد سنة 1955 هناك قبل ان يرحل مع الوالدين الى مدينة فاس سنة 1958 حيث كان ابوه صاحب دكان لبيع المواد الغدائية هناك .........

السؤال 1 من تكون ؟                                                                 

الجواب انني ادعى الحاج إبراهيم ايت بيهي حيث ولدت في احدى قرى ايت باعمران سنة 1955 ثم فتحت بصري على بيت عتيق بمدينة فاس الجميلة بعمرانها الامازيغي الإسلامي شانها في ذلك شان جميع المدن العتيقة بوطننا الغالي .

لقد ادخلني الوالد الى المدرسة العمومية في  سن 7 سنوات مع أطفال العائلات الفاسية المعروفة مثل بنشقرون و بنجلون و الفاسي الخ .

ثم خرجت من المدرسة في سن 17 سنة صوب دكان الوالد لبيع المواد الغدائية لان الوالد كان مريض و توفي بعد ذلك أي في سنة 1962 ..

و بحكم حبي و عشقي للسياسة انخرطت في حزب الاستقلال بمدينة فاس سنة  1966 حيث آنذاك كنت جاهل بتاريخ هذا الحزب الأسود تجاه الامازيغيين او مبادئه العنصرية لانني كنت اسمع عبر الإذاعة الوطنية ان حزب الاستقلال قد حررنا كشعب مغربي من الاستعماران الفرنسي و الاسباني بفضل يقظة زعيمه الروحي علال الفاسي الذي حارب الفرنسيين و مخططاتهم الخبيثة لتقسيم المغاربة و تنصير الامازيغيين من خلال الظهير البربري أي كنت تحت تأثير هذه الأيديولوجية الخطيرة لسنوات عديدة..

السؤال 2 هل قمت بالزيارة الى ايت باعمران ؟                                   

الجواب في سنة 1970 قالت الوالدة لي يا ابني عليك ان تتزوج لكي أرى اطفالك قبل ان ارحل الى الاخرة مثل ابوك و تعالى لنسافر الى قريتنا بايت باعمران قصد صلة الرحم مع الاهل و الجيران و فعلا ذهبنا الى هناك بسيارتي المتواضعة وقتها حيث كان الطريق الى قريتنا شاق و واعر للغاية حيث وصلنا بشق الانفس و زورنا بيتنا القديم حيث ملابس الوالد و سلاحه الناري و رسائله و صور المرحوم محمد الخامس ..

و بعد ذلك ذهبنا الى خالي محمد الفقيه الذي استقبلنا احسن الاستقبال بالعسل و بكؤوس الشاي الخ من مظاهر كرم الضيافة و العناية بنا ...

و اخذت اتعرف على خالي الفقيه فوجدته يتحدث عن مقاومة ايت باعمران  الباسلة للاسبان و عندما سالته عن مسالة الظهير البربري و رد بالقول انه لا يعرف شيئا عن هذا الموضوع حتى رجوعهم الى أحضان الوطن الام سنة 1969 و  قلت في نفسي يومها لا يمكن ان يكذب حزبنا و الإذاعة الوطنية علي نهائيا .

و قالت الوالدة لي قد اتفقت مع زوجة عميك عبد الكريم على خطبة ابنتهم الصغيرة التي لا تتجاوز سن 14 سنة ثم الزواج مباشرة و تم هذا بالفعل  .........

 

السؤال 3 متى أصبحت قيادي في حزب الاستقلال ؟                               

الجواب في سنة 1980 تم اختياري بين تجار مدينة فاس لاكون قيادي في المجلس الوطني الى جانب أعضاء اخرين بمختلف المدن المغربية و آنذاك فقط اكتشفت الوجه الحقير لحزب الاستغلال تجاه الامازيغيين و الامازيغية لكنني كنت اتظاهر بالغباء و بالولاء و بالاخلاص للحزب و للعروبة و الإسلام السلفي و كنت احضر في ندواته الفكرية حول المرحوم علال الفاسي و فكره الهدام لهويتنا الوطنية .........

و كنت احضر في الدروس الدينية من تاطير اطر حزب الاستقلال حول الالتزام بالسلفية الوطنية كمصطلح كنت اجهله وقتها حيث تستحضر في هذه الدروس شخصية العالمة الحاج المختار السوسي باعتباره  امن بالسلفية الوطنية و حارب الظهير البربري كسياسة فرنسية لتنصير البرابرة حسب كلام اطر تلك الدروس  .

السؤال 4 ماذا كان شعورك داخل هذه الدروس ؟                                   

الجواب كنت استمع اليها باهتمام كبير لكن عقلي اخذ يتساءل العديد من الأسئلة الجوهرية من قبيل اين هي اثار هذه السياسة التنصيرية على واقع الامازيغيين آنذاك أي في ثمانينات القرن الماضي و الان في سنة 2023 ؟

و من قبيل لماذا تم تهميش البعد الديني لدى الامازيغيين او الإسلام الامازيغي كما تسمونه انتم الان الخ من هذه الأسئلة المقلقة بالنسبة لي وقتها بحكم ان ذلك الزمان كان مجرد ذكر الثقافة الامازيغية بالاسم خصوصا داخل حزب الاستقلال سيتعرض صاحبه لانواع من الاهانات قد تصل الى الإخراج من الملة الإسلامية  او السجن ......

السؤال 5 متى فكرت لأول مرة في الانسحاب من حزب الاستقلال ؟

الجواب  بعد التوقيع على ميثاق اكادير صيف سنة 1991 فكرت في الانسحاب من هذا الحزب العنصري بشكل  معين حيث كنت قيادي بارز و رئيس جماعة قروية بايت باعمران باسم  حزب الميزان أي ان الوقت لم يحن بعد ........

و في يوم 20 غشت 1994 حيث خاطب الراحل الحسن الثاني خطابه الشهير حول تدريس اللهجات كما سماها .

في اليوم التالي حيث كان عيد المولد النبوي الشريف  و كنت سعيد للغاية بهذا الخطاب الملكي التاريخي وقتها و الشكلي الان و يومها كنت في بيتي في مدينة فاس فجاة رين الهاتف الثابت فاجابت على هذه المكالمة التي كانت من مكتب حزب الاستقلال الوطني الذي دعاني الى الحضور في  الاجتماع الطارئ في الرباط حول الخطاب الملكي في يوم 24 غشت 1994 .

و فعلا حضرت في اجتماعهم الطارئ حيث كانت قيادة الحزب غاضبة للغاية من قرار الراحل الحسن الثاني القاضي  بتدريس اللهجات الامازيغية و تدخل قيادي معروف  بصفته استقلالي حتى النخاع ليقول انها كارثة عظمى حلت بنا كبلاد العروبة و الإسلام حيث ان حزبنا المناضل جاهد من اجل وحدة المغرب الترابية و اللغوية أي ان اللغة العربية هي لغة كتاب الله العزيز و هي اللغة الرسمية الوحيدة في دستورنا الجديد لسنة 1992 الخ من كلامه المهين للامازيغية و حركتها الجمعوية انذاك..

السؤال 6 ماذا فعلت بعد هذا الاجتماع الطارئ ؟                

الجواب لا شيء لانني مازلت متردد في قرار الانسحاب من هذا الحزب العنصري حتى سنة 2002 تاريخ صدور كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر للمرحوم محمد منيب حيث قراته عدة مرات و احضرته الى احدى اجتماعات الحزب بالرباط بهدف عرضه على الجميع  و اثناء عرضي لهذا الكتاب صرخ الجميع في وجهي حيث قالوا انك مطرود من حزبنا الأصيل الى غير رجعة و كنت انتظر مثل هذا الرد من هذا الحزب الذي تجاوزه التاريخ و السياق ....

لقد رجعت الى قريتي بايت باعمران كانسان عادي مثل جميع خلق الله بعد كنت قيادي بارز و رئيس  جماعة قروية بايت باعمران باسم حزب الظهير البربري و حزب تحقير الثقافة الامازيغية في مختلف مناحي حياتنا العامة بما فيها الدين الإسلامي حيث جلست مع الفقهاء بمدينة فاس طيلة الثمانينات و التسعينات فوجدتهم دعاة تقديس العروبة و الوهابية الى حد الجنون ..

السؤال 7 هل اتصلت بالحركة الامازيغية ؟                                         

الجواب منذ تسعينات القرن الماضي كنت اقرا مقالات رموز الحركة الثقافية الامازيغية في الجرائد الوطنية أمثال الأستاذ عمر امرير و الأستاذ احمد عصيد و الأستاذ محمد مستاوي حيث ان تدور هذه المقالات حول محور التعريف بالثقافة الامازيغية و عاداتها و تقاليدها الخ .

و كنت اشاهد برنامج كنوز التي كانت تقدمه التلفزة المغربية منذ الثمانينات و هو من اعداد الأستاذ عمر امرير حول محور التعريف بالثقافة الامازيغية بما يسمح به ذلك الزمان من طبيعة الحال..

السؤال 9 هل سافرت الى الخارج لتمثيل حزب الاستقلال ؟                       

الجواب لقد قمت بأداء فريضة الحج مع الوفد الرسمي سنة 1995 حيث كانت تجربة لا تنسى على الاطلاق .....

و كما سافرت لتمثيل حزب الاستقلال في احتفالات السفارة المغربية بالعاصمة الامريكية بمناسبة عيد العرش لسنة 1993 و كان يتزامن هذا العيد مع شهر رمضان المبارك و كنت لا اعرف غير اللغة الفرنسية ........

السؤال 10 هل ندمت على مسارك السياسي ؟                                  

الجواب علينا الرضا بما كتبه الله لنا في هذه الحياة الدنيا حيث ان الانسان هو مخير بين طريق الخير و طريق الشر حيث اذا حصل على 50 في المائة من الخير فانه نجح في الاخرة و الله اعلم بخلقه و بيوم القيامة و بمن سيدخل الى الجنة و بمن سيدخل الى الجحيم..................

السؤال الأخير ماهية كلمتك الأخيرة                            

شكرا لكم                                              

توقيع المهدي مالك                                   

 

 

اجمالي القراءات 1718