آه .. يا مصرُ ..!!

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٦ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

آه .. يا مصرُ ..!!

مقدمة :

جاءنى هذا السؤال فأثار المواجع . ورددت عليه ، ثم آثرت أن أقوم بتحويله الى مقال مُفصًّل .

السؤال يقول : (الإسلام دعوة للتعارف بين الثقافات في مواجهة دعوة الغرب للتصادم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" السؤال المطلوب رايكم فيه كيفية تحويل هذه الدعوة إلى واقع وحدودها ومراميها؟ )

وأقول :

1 ـ فى ترتيب زيارته لمصر كان مقررا للرئيس أوباما أن يخطب فيها خطابا مؤثرا . رأى أن يستشهد فيه بآية قرآنية . جاء سؤال عن إختيار آية قرآنية مناسبة الى صديقنا د سعد الدين ابراهيم . كنت مشغولا فأرسل د سعد الدين ابراهيم بهذا الى ابنى شريف منصور ، وكان شريف معروفا لوزيرة الخارجية السيدة هيلارى كلينتون . جاءنى السؤال فاخترت قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)  الحجرات ) مع شرح مبسط لها . إستشهد بها أوباما فحاز الإعجاب . ولكن لم يتم حل مشكلة المحمديين بأن يعلن رئيس أقوى دولة فى العالم هذه الآية القرآنية ، فهم يعرفونها ولكن لا يؤمنون بها ، بل يؤمنون بما يناقضها .

2 ـ من السهلالاستشهاد بالآيات القرآنية وعظا نظريا . ولكن الدعوة لتطبيقها واقعا يعنى الاضطهاد والذى يصل الى السجن بتهمة ( إزدراء الدين ) على يد النظام الحاكم المستبد (العلمانى ) أو القتل على يد الحاكم باسم الدين أو على يد الارهابيين . ذلك إن الدعوة ( السلمية ) الى تطبيق النصوص القرآنية يفرض على الداعية أن ينفى ما يناقضها من أحاديث وتشريعات ، أى لا بد أن يوضح التناقضات بين الاسلام الذى نزل به القرآن الكريم وبين أديان أرضية شيطانية تسيطر على المنتسبين الى الاسلام ، وهم فى الحقيقة كما نسميهم ( محمديون ) يقدسون إلاها أسموه محمدا يخالف شخصية النبى محمد فى القرآن الكريم ويتناقض معها . وهذا هو أساس إضطهادنا ــ أهل القرآن ـ وتعرضنا وتعرض أهالينا فى مصر لموجات من السجن ، برغم أننا ندعو سلميا الى إصلاح دينى وسياسى لتأسيس وعى يتعرف به الناس على حقائق الاسلام المنسية من خلال القرآن الكريم الذى إتخذوه مهجورا . من عام 1977 بدأنا مشوار التعرف على حقائق الاسلام وتناقضها مع ( المحمديين ) تاريخا وتشريعا وثقافة ، ولا زلنا فى هذا الطريق ، ونرجو أن نموت متمسكين به .

3 ـ يرتبط قول الحق القرآنى بإزهاق الباطل . قال جل وعلا :( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81)  الاسراء ) وردّ الفعل جاء  فى الآية التالية ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء ) .

4  : ولكن أكبر ردّ فعل لأئمة الكفر يكون دائما فى إستغلال نفوذهم وسلطتهم فى الصّدّ عن سبيل الله جل وعلا ، وهذا يعنى إيقاع الأذى بدُعاة الحق . قال جل وعلا :

4 / 1 : فى تطرفهم فى ضلالهم :( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (167) النساء )

4 / 2 : ولأنها عادة سيئة مستمرة لهم جاء الحديث عنها بالفعل المضارع : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال )

4 / 3 :هؤلاء لن يغفر الله جل وعلا لهم ، وسيحبط أعمالهم . قال جل وعلا :

4 / 3 / 1 : (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) محمد )

4 / 3 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) محمد )

 4 / 4 :  فى حالهم يوم القيامة :

4 / 4 / 1 : عن شهادة الأشهاد عليهم : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود )

4 / 4 / 2 : عنهم فى الجحيم :

4 / 4 / 2 / 1 : ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45) الاعراف )

4 / 4 / 2 / 2 :  ( وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3) ابراهيم )

4 / 4 / 2 / 3 : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) النحل ) .

5 ـ كان سهلا أن نستشهد بالقرآن الكريم دون أن نتعرض لما يناقضه من أديان المحمديين الأرضية من سُنّة وتصوف وتشيع . بهذا سنكتسب شهرة وجاها وأموالا . لكن هذا لن يقوم به إصلاح . القرآن الكريم أتى بما يفعله المشركون وردّ عليها ، ولم يكتف بأنه ( لا إله إلا الله ). بل إن ( لا إله الا الله ) لا تعنى ألوهية الله جل وعلا فقط بل تعنى الكفر بأى إله معه أو إله غيره . وكُلُّ ( أقول : كُلُّ ) المشركين يؤمنون بالله إلاها ، ولكن يزعمون له شركاء . وكُلُّ ( أقول : كُلُّ ) آيات القرآن الكريم هى فى نفى أنه لا إله معه ولا إله غيره ، وهذا من خلال القصص والتشريع والوعظ .

5 / 1 : يكفى قوله جل وعلا فى سورة النمل فى أنه لا إله معه : (  أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) ( 60 ) أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ (62 ) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 64 ) .

5 / 2 : فى عدم إيمانهم بالله جل وعلا وحده :

5 / 2 / 1 : ( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (70) الاعراف   )

5 / 2 / 2 :(  وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) الاسراء ) ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)الزمر )

5 / 2 / 3 : (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) غافر )

5 / 2 / 4 : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) غافر ) .  

6 ـ أما عن القول بدعوة الغرب للتصادم فليس هذا صحيحا على إطلاقه . إنه صدى لغسيل المخ وثقافة المؤامرة التى ينشرها الفرعون ليوجّه غضب الناس وإحباطاتهم نحو الغرب ، ولتكون شمّاعة لخطاياه وجرائمه ، ولتحبط آمال الاصلاح . الغرب هو الذى أسّس الأمم المتحدة ومؤسّساتها للتعايش السلمى ، وهو ما يتحقق جزئيا  . الغرب لا يتصادم مع نفسه ، فليس فيه حاكم مستبد يملك قرار الحرب . الغرب ( أمريكا ) تتدخل فى الخارج لتحقق مصالحها ، وهذا يتعارض مع الأخلاق ، ولكن السياسة ليس فيها أخلاق بل مصالح ، ثم إنها لا تتدخل فى فراغ ، بل لأن الحاكم المستبد يستقوى بها ضد شعبه وضد خصومه . أمريكا لا تحارب دول أوربا ، بل تتعاون معها ، ولكن المستبدين فى ( كوكب المحمديين ) هم الذين يتقاتلون فيما بينهم ، ويشترون السلاح ليقتلوا به أنفسهم وشعوبهم من الغرب . أنظر الى حال الصومال واليمن وأفغانستان وسوريا والعراق وليبيا والسودان وباكستان ، وانتظر ما سيحدث فى مصر والأردن وشمال أفريقيا . إنه عالم موبوء . والوباء هو سيطرة الأديان الأرضية على شعوبه وتحالف أكابر المجرمين فيه من المستبدين ورجال الدين .

7 ـ نعرف أن كلامنا هذا لن يعجب الكثيربن . وهذا دليل نجاح لنا ، فالذى يقوم بالاصلاح يضع الأصبع على الجُرح ، فيجعل المريض يتأوّه . المصلح لا يقول للناس ما يحبون ، بل يواجههم بالحقائق ، وهى ما يكرهون . بداية الاصلاح هى تحديد الداء ( الدين الأرضى المسيطر والذى يحتمى به الفرعون الحاكم ) . والاصلاح يبدأ بالاصلاح الدينى بتوضيح حقائق الاسلام وتناقض واقع ( المحمديين ) معها . الذى يسجد لقبر مقدس أو لشيخ أو قسيس لا يجد غضاضة فى السجود للفرعون . وأى فرعون لا بد أن يزعم الالوهية صراحة أو ضمنا ، على الأقل يكون ( الزعيم المُفدّى أو الزعيم المُلهم ) .

8 ـ نحن نصدم الناس ونصفعهم بحقائق الاسلام ، ونجعلهم فى مواجهة مع ما وجدوا عليه آباءهم . وهذا هو طريقنا فى الاصلاح السلمى الذى يستهدف حقن الدماء وتحقيق الحرية الدينية والعدل والقسط وحقوق الانسان وكرامته . مهما كانت الكلمة فى الاصلاح السلمى فهى مجرد كلمة . الخطير فعلا وحقا هو سفك الدماء أنهارا ظلما وعدوانا والذى تحاربه الكلمة .

9 ـ  عملنا فى الاصلاح مثل ما يفعله الطبيب المعالج ؛ يحدد الداء أولا ثم يضع له الدواء . الفارق بين المصلح والطبيب العادى أن المريض يذهب بنفسه الى الطبيب راضيا أن يفحصه ومستعدا لتلقى العلاج . أما المُصلح الدينى فهو الذى يأتى للناس فيكرهون نُصحه .

10ـ والعادة أن مجتمعا تسيطر عليه الأديان الأرضية الشيطانية يكره الناصحين هذا ما قاله :

10 / 1 : نوح عليه السلام لقومه الذين أتهموه بالضلال . إقرأ قوله جل وعلا : (  قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (62)  الأعراف )

10 / 2 : وهو نفس ما قاله النبى هود عليه السلام لقومه بعد هلاكهم . إقرأ قوله جل وعلا : ( فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) الأعراف ).

10  / 3 : ونفس الحال مع النبى شعيب عليه السلام . قال جل وعلا عن ( مدين ) : ( فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمْ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93) الأعراف ).

10 / 4 : وظل مؤمن آل فرعون يعظ قومه بلا فائدة ، وفى النهاية قال لهم : ( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)  غافر ). وإعتدت أن أقول هذا حين كنت فى مصر تحت ارهاب فرعونها حسنى مبارك وأزهرها وأخوانها المجرمين والسلفيين الوهابيين . ولا زلت أحمل مصر جُرحا نازفا فى القلب ، وأنا أراها ــ فى غُربتى عنها ــ يتدهور حالها وهى تحت سيطرة العسكر والكنيسة والأزهر . 

اجمالي القراءات 2308