حوار صحفي خيالي مع رايس الارشاد الديني بامتياز؟
مقدمة متواضعة
ان الفنون بصفة عامة في المجتمعات الإنسانية هي تعبير اصيل لا شك فيه عن مقومات شخصية هذه الأخيرة المتعددة من بين الثقافية و التاريخية و الدينية و السياسية الخ من هذه الابعاد الهامة في أي مجتمع انساني منذ بداية الخلق الى يوم القيامة بالنسبة لنا كمؤمنين بخاتم الرسالات السماوية .........
لن ادخل هنا في الجدال العقيم حول هل الفنون هل حلال ام حرام في ديننا الإسلامي باعتباري لست فقيه سلفي او وهابي الخ بل انني مجرد كاتب متواضع و تلميذ لمدارس الحركة الامازيغية و الحركة التنويرية .......
ان تاريخنا الإسلامي الرسمي أي المدون في المصادر الإسلامية المعتبرة يفيد ان الفنون بشتى أنواعها و اشكالها قد عرفت ازدهار عظيم في عصور الخلافة المسماة بالاسلامية خصوصا في العصر العباسي مع وجود مظاهر المجون في قصور الخلفاء و الوزراء الخ ..
و في العصر الحديث قد عرفت الفنون في المشرق العربي ادزهار عظيم حيث ان السعودية بجلاء قدرها و باعتبارها مهد الوهابية المتوحشة لم تحضر الفنون الغنائية على ارضها طيلة تاريخها الحديث أي منذ سنة 1932 الى الان قط بل أسست قنوات فضائية عديدة منذ تسعينات القرن الماضي لعرض الأفلام المصرية و مسلسلاتها بشكل عادي ك ان السعودية لا تتوفر على المذهب الوهابي المعادي للفنون جملة و تفصيلا باعتبارها تشغل الناس عن ذكر الله و إقامة الصلوات الخمس في اوقاتها الخ من هذه العبادات الدينية....
و بعيدا عن هذه الجغرافية المشرقية و عن هذه المتاهات فان المغرب هو ارض للفنون بتعدد اشكالها و أنواعها منذ قرون عديدة قبل الإسلام و بعده من طبيعة الحال.
و من بينها فن الروايس المشهور في الجنوب المغربي منذ قرون عديدة حسب الدراسات القليلة حول هذا الفن الأصيل سواء عند الفرنسيين اثناء عهد الحماية او عند المغاربة بعد ظهور الحركة الثقافية الامازيغية رسميا بالمغرب سنة 1967 حيث ساهمت هذه الندرة في المصادر التاريخية حول فن الروايس او ترويسا في ضياع العديد من المعلومات القيمة حول ظروف نشاته التاريخية و الاجتماعية و السياسية مع رود بعض الإشارات من افواه أساتذة الحركة الثقافية الامازيغية تقول بصريح العبارة ان فن الروايس هو عريق في المغرب قبل نزوح اهل الاندلس الى المغرب بعد سقوط غرناطة كاخير معاقل المسلمين في ايادي الاسبان سنة 1492 ميلادية .....
انني اشتغلت على هذه الإشارة في كتابي الأخير الامازيغية و الإسلام و أيديولوجية الظهير القامعة لهما كثيرا لان المخزن بعد سنة 1956 جعلت من الطرب الاندلسي سادس اركان الإسلام و يمثل الاصالة الدينية المغربية طيلة عقود من الزمان و جعلت فنوننا الامازيغية الاصيلة مثل فن احواش و فن الروايس الخ في الهامش طيلة عقود من الزمان نصرة لايديولوجية الظهير البربري القائلة ان الامازيغية بشموليتها هي جاهلية قائمة الذات أي انها بعيدة كل البعد عن الإسلام كاكذوبة حقيرة ساهمت طيلة اكثر 40 سنة من الاستقلال في الفصل التام بين الامازيغية و الإسلام...
و باختصار شديد فان فن الروايس له اسهامات كبرى في الارشاد الديني كما شرحته مطولا في كتابي الأخير حيث اعتقد ان هذه الاسهامات الكبرى لم تعد في خانة النسيان او في خانة التغييب كما هو الحال في عهد الراحل الحسن الثاني بفضل جهود باحثي الثقافة الامازيغية قبل سنة 2001 و بعدها في ابراز ان ترويسا ساهمت بشكل عظيم في الارشاد الديني باركان الإسلام الخمس عموما و فريضة الحج خصوصا و قصص الأنبياء و مقاومة الاستعمار المسيحي بخلفية دينية لان استغلال الدين في الأمور الإيجابية مثل مقاومة الاستعمار الغربي او المحافظة على البيئة و على النظافة الخ من هذه المسائل يعتبر امر جميل و مطلوب.....
انني اعتقد شخصيا ان دين الإسلام احب من احب و كره من كره هو محرك الشعوب نحو غاية معينة حسب السياق التاريخي حيث اذا استغلنا الدين لترسيخ قيم عصرنا فاننا سنصل الى الدولة المدنية الإسلامية حتما .
و اذا استغلنا الدين لترسيخ قيم سلفهم الصالح في المشرق العربي فاننا سنبقى نعاني من مشاكل الاستغلال السلبي للاسلام الى يوم القيامة حسب اعتقادي المتواضع......
الى صلب الحوار الخيالي
يشرفني ان استضيف الرايس الحاج مولاي سليمان امراكشي المعروف بقصائده حول قضايا المجتمع المختلفة و حول الارشاد الديني حيث تجول في مناطق المغرب كما يفعل معظم الروايس قصد تعلم اذاب المهنة من قبيل كيفية التعامل مع الجمهور في السهرات في القرى و في المدن ........
السؤال 1 من يكون الحاج مولاي سليمان امراكشي ؟
الجواب أولا بسم الله الرحمان الرحيم اسلم على امازيغي المغرب و الناطقين بالدارجة و الله ينصر ملكنا الحبيب سيدي محمد السادس ..
لقد ولدت في احدى قرى إقليم مراكش سنة 1949 في عائلة فنية حيث كان ابي شاعر فن احواش في منطقة موزضة منذ أوائل القرن الماضي و كان عمي رايس متجول في مدن المركز أي الدار البيضاء و الرباط و سلا و كان مقاوما بقصائده المناهضة للاستعمار الكافر كما كان يسميه مما جعله يدخل الى السجن العديد من المرات حتى اصبح رقم 1 في صفوف الإرهابيين لدى الفرنسيين .
انني لم أعيش كل هذا باعتباري فتح عيناي على عهد الاستقلال في قريتنا البسيطة حيث كان الناس فرحين برجوع سلطاننا الحبيب سيدي محمد الخامس رحمه الله مع اسرته الشريفة أي كانت الافراح و الاحتفالات عمت منطقتنا خصوصا و المغرب عموما آنذاك.......
لقد دخلت الى كتاب مسجدنا حيث كان الفقيه يعلمنا كتاب الله و سنة رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام .
لم ابقى طويلا في المسجد لانني كنت اعشق الغناء و الرقص مثل ابي و عمي الرايس الذي جاء لزيارتنا في صيف سنة 1966 و آنذاك مازلت مراهق لم اكتشف وراء قريته البسيطة و لدى طلب ابي من عمي الرايس ان اذهب معه الى
الدار البيضاء بغية تعلم مهنة ترويسا لدى نجوم هذا الفن الأصيل هناك مثل المرحوم الحاج محمد البنسير و الحاج المهدي بن امبارك الخ.......
السؤال 2 متى سجلت اول عمل غنائي لك؟
الجواب سنة 1978 باعتباري كنت في جولة في العديد من مناطق مغربنا الجميلة بطبيعتها الخلابة و باهلها الكرام حيث كان عمي الرايس يعلمني أصول مهنة ترويسا من قبيل الاحترام و التوقير و اختيار الكلمات المناسبة في شعري الغنائي و خصوصا في موضوع الغزل حيث ان الرايس الذكي هو يستعمل مصطلحات تعبيرا عن جمال المراة من قبيل الحمام الأبيض و الغزال الخ من هذه المصطلحات لان مجتمعنا المحافظ يعشق الروايس القدامى مثل المرحوم الحاج بلعيد و المرحوم بوبكر انشاد الخ باعتبارهم عندما يتحدثون عن موضوع الحبيب او الحبيبة يستعملون لغة الرموز الطبيعية احتراما للحياء العام في مجتمعنا المسلم.....
السؤال 3 ماهية المواضيع التي تحدثت فيها بعملك الغنائي الأول سنة 1978 ؟
الجواب آنذاك بعد حدث المسيرة الخضراء سنة 1975 كان الروايس قد ابدعوا العديد من القصائد الوطنية تتحدث عن استرجاع الصحراء المغربية بفضل حكمة المرحوم الملك الحسن الثاني و في ذلك السياق الوطني جاء اول عمل غنائي لي سجلته في الإذاعة الامازيغية بالرباط ....
السؤال 4 ما هو الدافع الذي جعلك تجه نحو الارشاد الديني في قصائدك الغنائية؟
الجواب أولا ان فن الروايس قد نشئ في بيئة دينية حيث انك تسمع الحزب الراتب يقرا في مساجد بوادينا السوسية مرتان في اليوم الواحد اي بعد صلاة الصبح
و بعد صلاة المغرب و ترى مقدار تدين الناس و التزامهم بالاخلاق الإسلامية حتى في فن احواش الخ .
ثانيا ان الروايس القدامى قد ابدعوا جواهر خالدة من القصائد الدينية تعلم عامة الامازيغيين دينهم الإسلامي الحنيف من ناحية الأركان و الاخلاق و قصص الأنبياء الخ.
ثالثا وقتها كان تلفزيوننا الوطني قد فرض حصار فضيع على الامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني كما تقوله دائما في مقالاتك المنشورة في الانترنت ....
وقتها كنا باعتبارنا روايس نشعر بالعنصرية و بالحكرة تجاه تلفزيوننا المغربي الوحيد و الذي لا يبث اغانينا الدينية نهائيا في مختلف مناسباتنا الدينية من قبيل شهر رمضان و صباح الأعياد كاننا لسنا بالمسلمين بالمرة او مسلمين لكن من الدرجة الثانية او الثالث وراء اهل الطرب الاندلسي و اهل الطرب العربي الأصيل من قبيل عبد الحليم حافظ رحمه الله و ام كثوم رحمها الله الخ
السؤال 5 هل عملت مع النساء الراقصات ؟
الجواب أولا ان مهنة ترويسا هي مهنة شريفة للرجال و النساء على حد السواء حيث ان هروب النساء او البنات من ظروف البادية القاسية مثل الزواج الفاشل او زوجة الاب الخ الى فن الروايس في المدن هو خير لهن من الوقوع في بيوت الدعارة داخل المغرب او داخل دول الخليج العربي او داخل دول أوروبا ..
و في الحقيقة ان الصور النمطية التي ياخذها الناس عن عمل المراة في مجالنا الفني هي صور التي اخذت من السينما المصرية التي تقدم لنا الراقصة باعتبارها سيدة غير شريفة ترقص نصف عارية قصد اثارة شهوات الرجال في الخانات مع كؤوس الخمر..
اما الراقصة في تيروسا فانها تلبس ملابسها التقليدية الكاملة من فوق الى تحت و ترقص امام جمهور عريض من الرجال و النساء و الأطفال في القرى او في المدن حيث لا يمكننا نقول ان فن الروايس هو طاهر بنسبة 100 في 100 مثل جميع المهن الموجودة في العالم.......
السؤال 6 هل سافرت الى الخارج لاحياء السهرات؟
الجواب عدة مرات مع الروايس الكبار مثل المرحوم الحاج محمد البنسير و المرحوم الحاج احمد امنتاك الخ حيث كانت جاليتنا الامازيغية تشتاق الى ثقافتهم الاصلية طيلة العقود الماضية نظرا لغياب القنوات الفضائية المغربية و اذا كانت موجودة منذ سنة 1993 فانها كانت تعطي الأولوية للطرب الاندلسي و الموسيقى المغربية الحديثة الخ.....
السؤال 7 هل تم دعوتك للحضور في برنامج تلفزيوني طيلة مسيرتك الفنية الطويلة؟
الجواب نعم قد دعوتي لتصوير برنامج تيفيراس على القناة الامازيغية مع الأستاذ إبراهيم باوش في صيف 2018 للحديث عن مساري الفني الطويل و كما تم دعوتي للحضور في إذاعة راديو بلوس اكادير لدى الأستاذ محمد ولكاش لنفس هذا الغرض ....
السؤال 8 هل تم دعوتك للحضور في المعهد الملكي للثقافة الامازيغية؟
الجواب افضل عدم الإجابة على سؤالك حاليا ........
السؤال 9 ماهية وضعية فن الروايس الان ؟
الجواب نقول الحمد لله على اية حال بالرغم من وجود المشاكل على مختلف الأصعدة و المستويات و بالإضافة الى هناك خطاب ديني عنيف تجاه فنوننا الاصيلة حيث لست الا مجرد رايس يبحث عن طرف الخبز بالحلال و لا اهتم كثيرا باقاويل فقهاء اخر الزمان لأننا مسلمين نصلي و نصوم شهر رمضان و حجنا الى بيت الله الحرام مرتان و الله يغفر ذنوبنا .........
السؤال الأخير ماهية كلمتك الأخيرة ؟؟
شكرا
توقيع المهدي مالك