عزمت بسم الله،
إرادة الله سبحانه اقتضت أن يجعل بينه وبين عباده المؤمنين الصادقين صلة دائمة بين اليوم والليلة، وذلك بفرض خمس صلوات، يتقرب بها العبد إلى ربه إيمانا واحتسابا وشكرا لأنعمه الكثيرة، والتي لا تعد ولا تحصى.وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ. إبراهيم 34.وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. المائدة 7.إن الصلاة المفروضة على المؤمنين المصدقين بيوم الحساب، والذين يحافظون عليها ويؤدونها في وقتها ولا يسهون عنها، فإنها أي الصلاة تجعلهم على اتصال دائم مع خالقهم، وبذلك تنهاهم عن الفحشاء والمنكر، لأن المؤمن الصادق يكون دائما مراقبا نفسه، لأن قلبه يكون مشبعا بالإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر والحساب. إن العبادات الأخرى: الزكاة، الصوم، والحج، لا يطالب بها المؤمنون جميعا، إنما الصدقات تكون من العفو أي مما زاد على الاحتياج، والصوم فيه رخص على المريض والمسافر، وفيه رخصة الفدية لمن يطيق الصوم ولا يصوم لأمر ما يعلمه العبد وخالقه، أما الحج فلم يكلف الله تعالى إلا من استطاع إليه سبيلا، _ ولا يؤدى بالنيابة كما هو معلوم بين الناس _. أما الصلاة فلم يعذر الله تعالى أحدا من المؤمنين أن يترك الصلاة مهما كانت الظروف، فلابد من تأدية الصلاة في وقتها، قدر المستطاع ودون حرج، والدليل ما جاء في سورة النساء عن كيفية الصلاة في حالة الحرب. يقول سبحانه: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا* فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا. النساء 103/102.أي أن للصلاة وقت محدد، على المؤمن أن يسارع إلى الصلاة في الوقت المحدد ولا يسهو عنها، لأن الشيطان يُهَوِّنُ على ضعاف الإيمان أهمية الصلاة والاتصال بربهم في الوقت المحدد لكل صلاة، فيلهيهم الشيطان في أمور الدنيا وينسيهم في مصيرهم الأبدي يوم يأتيهم اليقين،
وما يؤكد أن الصلاة لا يمكن لمؤمن صادق في إيمانه بيوم الحساب ذكرا كان أو أنثى أن يسهو عنها أو يتركها أبدا ، فقد حكم الله تعالى على الساهين عن الصلاة بالويل، وعن تاركي الصلاة بالمجرمين. يقول سبحانه: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ. الماعون 7/1.
وفي تساؤل أهل الجنة عن أهل النار، يقول سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ. المدثر 38/47. لاحظوا أعزائي كيف وصف الله تاركي الصلاة بالمجرمين، بمعنى أن من يترك الصلاة فهو عند الله تعالى من المجرمين، والعياذ بالله. إن الذي لا يقوم إلى الصلاة حتى ينهي أشغاله أو لا يستيقظ عند صلاة الصبح إلا بعد طلوع الشمس كسلا واستهزاء بالصلاة، فإنه يعتبر من الساهين عن صلاتهم، لأنهم لو كان لديديهم موعد سفر مثلا، لقام في الوقت المحدد حتى لو كان قبل الفجر.
على كل سَاهٍ أو تَاركٍ للصلاة، خاصة النساء فقد علموهن أن يتركن الصلاة أيام الحيض، استنادا إلى روايات منسوبة إلى الرسول وهو منها براء، لأن الله تعالى لم يحرم الصلاة على المرأة الحائضة، وقد نهى الله تعالى السكران ألا يقرب الصلاة حتى يعلم ما يقول والمجنب حتى يغتسل، ولم يذكر الله تعالى معهم المرأة الحائضة. يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا* أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ* وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا. النساء 45/43. على كل سَاهٍ أو تَاركٍ للصلاة أن يعلم علم اليقين أنه سوف يُسأل ويُحاسب يوم الحساب عن سهوه أو تركه للصلاة، لأن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً* مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً. النساء.143/142.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.