نظرات في كتاب جلد الذات

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٠٦ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نظرات في كتاب جلد الذات
المؤلف سعيد عبد العظيم وهو يدور حول كثرة لوم الإنسان لنفسه على الذنوب ووجود من يقول له لا داعي لجلد الذات وتأنيب الضمير وفى هذا قال في مقدمته :
"أما بعد:
فمع التقصير في حق الله والتفريط في حق النفس والعباد كان لابد من محاسبة النفوس ومجاهدتها حتّى تتخلى عن الرذائل وتتحلى بالفضائل فإذا هم الإنسان بذلك وجد من ينازعه ويقول له: لا داعي لجلد الذات وتأنيب الضمير!! بل قد يخوفونه بأنه سيصاب بحالة اكتئاب وأن اجتهاده في الصالحات واتهامه لنفسه بالتقصير سينتهي به إلى الخبل والجنون!!."
وتحدث عن الاستخفاف بعمل الذنوب وأحيانا تسميتها بطولات فقال :
" لقد صار إقصاء الدين عن الحياة وفلسفة الذنوب والمعاصي سمة من سمات العصر الذي نعيشه وبينما يحدث التمجيد لمن يُقاتل في سبيل الطاغوت ويوصف بالبطولة من يموت في سبيل نشر القومية والإلحاد والديمقراطية .. نجد الاستخفاف والاستهزاء بمن يقاتل في سبيل الله وقد يرسب الطالب في الامتحان ويفشل الإنسان في عمله فتتلمس له المعاذير من هنا ومن هناك فإذا كان متدينًا قامت الدنيا ولم تقعد!!. "
وتحدث عما يحدث في أوربا من انتحار وادمان وغيره من مصائب علاجها الإسلام فقال :
"وبينما تمتلئ المصحات النفسية والمستشفيات العقلية بالنزلاء في أوربا وأمريكا وتكثُر نِسب الانتحار في النرويج والدانمارك مع يسر ورفاهية الحياة ويكثرون من التحليلات والتبريرات نجد هؤلاء لو اكتشفوا من يسلك طريق التدين والالتزام فأصابه جنون أو عاهة نفسية يُسارعون بالتشفي واتهام الدين!! "
وتحدث عما يقوم به بعض الناس من تزيين الفساد والكفر للناس من خلال أقوال أصبحت ذائعة مثل ساعة لربك وساعة لنفسك وهذه نفرة وتلك نقرة أخرى فقال :
"وقد يسلكون مسلك الناصحين والأطباء العارفين فيُحاولون إبعاده عما هو فيه وفي أحسن الأحوال يقولون له عشْ حياتك صلِّ وصمْ ولا مانع من مشاهدة الراقصة وسماع الأغنية ... ساعة وساعة أو نقرة ونقرة بالضبط كما كان يصنع أهل الجاهلية عندما يقولون: اليوم خمر وغدًا أمر وكأن هذا هو العلاج والمخرج من البلاء والاكتئاب!!. ولقد أسرف البعض في الكلام على الشعور واللاشعور بما لا طائل تحته ولا فائدة من ورائه وما يعنينا هو ما جاء في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل إنسان بعد ذلك يُؤخذ من قوله ويترك ولا عبرة بما خالف الحق (أّلا يّعًلّمٍ مّنً خّلّقّ وهٍوّ اللطٌيفٍ الخّبٌيرٍ <14>) [الملك: 14]"
وتحدث عن مصطلح جديد اخترعه المفسدون وهو جلد الذات بدلا من النفس اللوامة والحساب والمجاهدة فقال :
"وبدلاً من استخدام مصطلح «جلد الذات» نحتاج في هذا وغيره لاستخدام الكلمات الشرعية كالمحاسبة والمجاهدة قال تعالى: (ونّفسُ ومّا سّواهّا (7) فّأّلًهّمّهّا فٍجٍورّهّا وتّقًوّاهّا (8) قّدً أّفلّحّ مّن زّكاهّا (9) وقّدً خّابّ مّن دّساهّا <10>) [الشمس: 7 - 10]
وقال: (وأّما مّنً خّافّ مّقّامّ رّبٌهٌ ونّهّى النفسّ عّنٌ الهّوّى <40> فّإن الجّنةّ هٌيّ المّأًوّى <41>) [النازعات: 40 41]
وقال: (والذٌٌينّ جّاهّدٍوا فٌينّا لّنّهًدٌيّنهٍمً سٍبلّنّا وإن اللهّ لّمّعّ المٍحًسٌنٌينّ <69>) [العنكبوت: 69]
وقال: (لا أٍقًسٌمٍ بٌيّوًمٌ القٌيّامّةٌ (1) ولا أٍقًسٌمٍ بٌالنفسٌ اللوامّةٌ (2)) [القيامة: 1 2].
ذكر هنا النفس اللوامة والنفوس ثلاثة: نفس أمارة بالسوء وهي مأوى الشرور ومنبع الأخلاق الذميمة وهذه النفس يجب مجاهدتها والنفس اللوامة دائمًا تلوم صاحبها لما قلت كذا ولما فعلت كذا وكلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها أخذت تلوم صاحبها وقد أقسم الله بها في كتابه وقيل: لا تجد المؤمن إلاّ وهو يلوم نفسه وأرفع النفوس وأعلاها: النفس المطمئنة وهي التي انخلعت عن صفاتها الذميمة وتخلّقت بالأخلاق الحميدة وهي التي ينادى عليها (يّا أّيتٍهّا النفسٍ المٍطًمّئٌنةٍ <27> ارًجٌعٌي إلّى رّبٌكٌ رّاضٌيّةْ مرًضٌيةْ <28> فّادًخٍلٌي فٌي عٌبّادٌي <29> وادًخٍلٌي جّنتٌي <30>) [الفجر: 27 - 30]."
والحقيقة أن النفوس اثنين فالنفس اللوامة التى تلوم نفسها على الذنب فتتوب منه هى نفسها النفس المطمئنة بعد توبتها وعودتها لطاعة الله
وتحدث عن تقسيم البعض النفس شهوانية وغضبية وناطقة فقال :
" وذكر البعض أنّ النفوس لها ثلاث قوى النفس الشهوانية ويشترك فيها الإنسان وسائر الحيوان والنفس الغضبية وهي كسابقتها والنفس الناطقة وهي التي يتميز بها الإنسان على سائر الحيوان ولكل واحدة من الثلاث آفاتها وعيوبها التي ينبغي مجاهدتها ولأن الغضب والشهوة والنطق تؤثر في الأخلاق محمودها ومذمومها ومجاهدتها تتم بتعلم الهدى ودين الحق والعمل بذلك والدعوة إليه والصبر على مشاق الطريق وأذى الخلق."
وهو تقسيم خاطىء فالنفس بأجزائها واحدة وليست نفوس متعددة في نفس واحدة كما قال تعالى :
" ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة"

وتحدث عن عناد النفس ومشيها خلف هواها فقال :
"إن النفس حرون وهي طلعة إلى كل سوء فكيف تُترك وما تهواه بزعم عدم جلد الذات قال تعالى: (فّأّما مّن طّغّى <37> وآثّرّ الحّيّاةّ الدنًيّا <38> فّإن الجّحٌيمّ هٌيّ المّأًوّى <39> وأّما مّنً خّافّ مّقّامّ رّبٌهٌ ونّهّى النفسّ عّنٌ الهّوّى <40> فّإن الجّنةّ هٌيّ المّأًوّى <41>) [النازعات: 37 - 41]. قال الحسن البصري: «إنّ المؤمن لا تراه إلاّ يلوم نفسه دائمًا». وعن عمر بن الخطاب قال: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزِنوا أعمالكم قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تُحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تُعرضون لا تخفى منكم خافية». وقال الحسن: «المؤمن قوّام على نفسه يُحاسب نفسه لله وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة إنّ المؤمن يفاجئه الشيء ويعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي ولكن والله ما من حيلة إليك هيهات حيل بيني وبينك ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا ما لي ولهذا والله لا أعود إلى هذا أبدًا إنّ المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بين هلكتهم إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته لا يأمن شيئًا حتّى يلقى الله يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره وفي لسانه وفي جوارحه مأخوذ عليه في ذلك كله». وقال مالك بن دينار: «رحم الله عبدًا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ثم زمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله عز وجل فكان لها قائدًا»."
ومن الكلام السابق نعلم أن المسلم دوما يلوم نفسه عند ارتكاب أى ذنب حتى يتوب منه مستغفرا الله
وتحدث عن وجوب توبة المذنب بلوم النفس فقال:
"ما الذي يمنعني من أن أقول: أنا ذلك العبد المذنب المسيئ خيره سبحانه إلينا نازل وشرنا إليه صاعد يتحبب إلينا بالنعم رغم غناه عنّا ونحن نتبغض إليه بالمعاصي ونحن إليه محتاجون وقد أصبحنا في نعم الله ما لا نحصيه مع كثرة ما نعصيه فلا ندري أيتهما نشكر أجميل ما يسر أم قبيح ما ستر نتشرف بالانتساب لهذا الدين فهل أقمناه في حياتنا الخاصة والعامة ونقول كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف."

وتحدث عن أن عدم اللوم وعدم التوبة بالتالى هو ما أدى لنا إلى الخروج من الإسلام والبعد عنه وهزيمة كل ألأمم لنا فقال:
" ولو ذكرت أحوال هؤلاء الأفاضل بيننا لافتضحنا كلنا تطلعنا إلى عيوب الآخرين ونسينا أمثال الجبال في أنفسنا وتكلمنا على الوحدة الإسلامية وقد نكون معاول هدم في جسدها بانحرافنا عن مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام خف علينا الكلام وثقل علينا العمل نتعجب من تسلط يهود على البلاد والعباد والعيب فينا فما حدث ذلك بسبب قوة يهود وإنما بسبب ضعفنا وضعفنا لا بسبب قلة العدد والعتاد وإنما بسبب البعد عن منهج الله نلعب ونلهو وننشغل بالمباريات والرقص والغناء في الوقت الذي يُذبح فيه المسلمون وتُنتهك أعراضهم نومنا طويل في الوقت الذي لا ينام فيه الشيطان وأولياؤه يعدون العدة للإجهاز على هذه الأمة ويُنفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله .. ما الذي يمنعني من وقفة محاسبة ومجاهدة استحثُّ بها الخطى للحاق بقوم غيّر بهم سبحانه وجه الأرض (إن اللهّ لا يغّيٌرٍ مّا بٌقّوًمُ حّتى يغّيٌرٍوا مّا بٌأّنفٍسٌهٌمً) [الرعد: 11]
قال تعالى: (يّوًمّ تّجٌدٍ كٍل نّفسُ ما عّمٌلّتً مٌنً خّيًرُ محًضّرْا ومّا عّمٌلّتً مٌن سٍوءُ تّوّد لّوً أّن بّيًنّهّا وبّيًنّهٍ أّمّدْا بّعٌيدْا) [آل عمران: 30]
وإذا كان الصادقون يُسئلون عن صدقهم ويُحاسبون عليه فما الظن بالكاذبين قال تعالى: (لٌيّسًأّلّ الصادٌقٌينّ عّن صٌدًقٌهٌمً) [الأحزاب: 8].
قال الحسن: «رحم الله عبدًا وقف عند همه فإن كان و أمضاه وإن كان لغيره تأخر»."
وتحدث عن وجوب محاسبة كل واحد لنفسه فقال :
"وقال محمد بن واسع: «لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد أن يجلس إليّ» فالمحاسبة تدل الإنسان على عيوب النفس وتمنعه من الغرور. ورد عن عقبة بن صهبان قال: «سألت عائشة و عن قول الله عزّ وجل: (ثٍم أّوًرّثنّا الكٌتّابّ الذٌينّ اصًطّفّيًنّا مٌنً عٌبّادٌنّا فّمٌنًهٍمً ظّالٌم لٌنّفسٌهٌ ومٌنًهٍم مقًتّصٌدِ ومٌنًهٍمً سّابٌقِ بٌالًخّّيًرّاتٌ بٌإذنٌ اللهٌ) [فاطر: 32] فقالت: يا بني هؤلاء في الجنة أما السابق فمن مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة والرزق وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتّى لحق به وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك. فجعلت نفسها معنا». بالمحاسبة يتعرف العبد على عظيم حق الله عليه وأنه سبحانه أحق أن يُطاع فلا يُعصى وأن يُشكر فلا يُكفر وأن يُذكر فلا يُنسى فيدفعه ذلك إلى المجاهدة والإنابة والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عائشة و قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّى قام حتّى تفطر رجلاه فقالت عائشة: يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟! فقال: «يا عائشة أفلا أكون عبدًا شكورًا» [رواه البخاري ومسلم]."
والخطأ تورم أقدام المبى(ص) من القيام وهو تخريف لأن الله لا يفرض ما فيه حرج أى أذى للمسلمين كما قال تعالى:
"وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
زد على هذا أن قيام الليل لا يعنى الوقوف على الأرجل وإنما هو قراءة القرآن فى الليل بدليل قوله تعالى:
"فاقرءوا ما تيسر من القرآن ".
ثم قال:
"وعن حذيفة قال: صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المئة ثم مضى فقلت يُصلي بها في ركعة فمضى فقلت: يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح وإذا مرّ بسؤال سأل وإذا مرّ بتعوذ تعوذ ثم ركع فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم» فكان ركوعه نحوًا من قيامه ثم قال: «سمع الله لمن حمده» ثم قام طويلاً قريبًا مما ركع ثم سجد فقال: «سبحان ربي الأعلى» فكان سجوده قريبًا من قيامه» [رواه مسلم]."
والخطأ في الحديث جهر الرسول (ص) بدليل معرفة من صلى معه ما قرأ من من السور وسماعه للتسبيح والتعوذ وهو ما لم يحدث لمعرفته بأن الله نهى عن الجهر فى الصلاة بقوله بسورة الإسراء "ولا تجهر بصلاتك "والخطأ الأخر هو قراءة سور البقرة والنساء وآل عمران قراءة مترسلة فيها تسبيح وسؤال وتعوذ فى الصلاة وهو ما لم يحدث لأن هذه القراءة تحتاج لثلاث ساعات على الأقل والوقوف هذه المدة حرج بالغ وقد حرم الله الحرج وهو التعب البالغ فقال بسورة الحج "وما جعل عليكم فى الدين من حرج "وقد فرض عليه قيام الليل أى استيقاظه الليل لقراءة القرآن مصداق لقوله بسورة المزمل "يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا "
وتحدث عن ميل النفس والراحة وحكى أقوال وحكايات فقال :
"إن النفس تميل إلى الدعة والراحة وقد تؤثر الانحطاط والسفول والتدني والإخلاد إلى الأرض ولو فقهت لكان منها المجاهدة طلبًا لمعالي الأمور. قيل للبعض إلى كم تتعب نفسك قال: راحتها أريد. وقال عيسى (ص): «طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود غائب لم يره». وقال أبو بكر الصديق في وصيته لعمر حين استخلفه: «إنّ أول ما أُحذرك نفسك التي بين جنبيك». ويحكي أنس أنّ عمر بن الخطاب دخل حائطًا (بستانًا) فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: «عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخٍ بخٍ والله يا ابن الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك». وسُئل ابن عمر عن الجهاد فقال: «ابدأ بنفسك فجاهدها وابدأ بنفسك فاغزها». وقال إبراهيم بن علقمة لقوم جاءوا من الغزو: قد جئتم من الجهاد الأصغر فما فعلتم في الجهاد الأكبر؟ قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب. وقال سفيان الثوري: «ما عالجت شيئًا أشد عليّ من نفسي مرة لي ومرة عليّ». وكان أبو العباس الموصلي يقول لنفسه: «يا نفس لا في الدنيا مع أبناء الملوك تتنعمين ولا في طلب الآخرة مع العُبّاد تجتهدين كأني بك بين الجنة والنار تُحبسين يا نفس ألا تستحين». وقال الحسن: «ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام الشديد من نفسك». وقال ميمون بن مهران: «لا يكون الرجل تقيًا حتّى يُحاسب نفسه محاسبة شريكه وحتّى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه». وقال ابن القيم: «لا يسيء الظن بنفسه إلاّ من عرفها ومن أحسن الظن بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه». وقال الغزالي: «إن النفس عدو منازع يجب علينا مجاهدتها». وكان مالك بن دينار يطوف في السوق فإذا رأى الشيء يشتهيه قال لنفسه: «اصبري فوالله ما أمنعك إلاّ من كرامتك عليّ».وقال يحىى بن معاذ: «أعداء الإنسان ثلاثة: دنياه وشيطانه ونفسه فاحترس من الدنيا بالزهد فيها ومن الشيطان بمخالفته ومن النفس بترك الشهوات فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه غلبهم وحصل له النصر والظفر ملك نفسه فصار ملكًا عزيزًا ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غُلب وقُهر وأُسر وصار عبدًا ذليلاً أسيرًا في يد شيطانه وهواه وجهاد العدو الخارجي يتطلّب جهاد العدو الباطن وهو جهاد النفس والهوى فإنّ جهادهما من أعظم الجهاد». قال الفيروزآبادي: «والحق أن يُقال: المجاهدة ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس والمجاهدة تكون باليد واللسان». وفي تفسير قوله تعالى: (والذٌينّ جّاهّدٍوا فٌينّا) قال العلماء: ومن جملة المجاهدات مجاهدة النفس بالصبر عند الابتلاء ليعقب ذلك أُنس الصفاء ويُنزع عنه لباس الجفاء». "
وتحدث عن وجوب محاسبة النفس فقال :
"فأنت بحاجة لمحاسبة ومجاهدة لكونك عبد الله تدور مع إسلامك حيث دار ورائدك في هذا وغيره ما جاء في الكتاب والسُّنّة وهذا هو الطريق الموصل إلى رضوان الله تعالى والجنة وتتحصل بذلك على خير الدنيا والآخرة وتمتلك ناصية الخير ويتحقق إنكار الذات وتسمو بين أقرانك وفي مجتمعك فإذا سمعت من ينفرك ويقول لك: لا داعي لجلد الذات وتأنيب الضمير فقل: تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه فأنا أتمنى أن أكون من المحاسبين لأنفسهم دون إفراط أو تفريط ومن المجاهدين في ذات الله وفق معاني الحق والعدل حتّى تستقيم الأقوال والأفعال والحركات والسكنات في العسر واليسر والمنشط والمكره والغضب والرضا حذرًا من يوم تقول فيه نفس: (يّا حّسًرّتّى عّلّى مّا فّرطتٍ فٌي جّنبٌ اللهٌ) [الزمر: 56]. وطلبًا لنعيم لا ينفد وقرة عين لا تنقضي وحياءًا من رب كريم برٍّ رءوف رحيم دعانا بإحسانه وإنعامه وأياديه لوبنا له مفضية وسرنا عنده علانية والغيب لديه مكشوف وكل أحد إليه ملهوف عنت الوجوه لنور وجهه ودلّت الفطر على امتناع مثله وشبهه قال تعالى: (ولّوً يؤّاخٌذٍ اللهٍ الناسّ بٌمّا كّسّبوا مّا تّرّكّ عّلّى ظّهًرٌهّا مٌن دّابةُ ولّكٌن يؤّخٌرٍهٍمً إلّى أّجّلُ مسّمْى) [فاطر: 45]
فاغتنموا الفرصة وبادروا بالطاعات وأقلعوا عن السيئات واثبتوا الأجل نصب أعينكم واستحيوا من الله حق الحياء."

اجمالي القراءات 1368