مقالات ذات صلة : مدة الحمل : هل هي سنوات أم شهور ؟

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٥ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

مقالات ذات صلة  : مدة الحمل : هل هي سنوات أم شهور ؟

أولا : في الإسلام :

قال جل وعلا :

1 ـ ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) لقمان 14 ). الفصال هنا يشير الى فترة الرضاعة بعد الحمل ، أي وقت الفطام ، بعد سنتين من الرضاعة وهى الحدُّ الأقصى للرضاعة ، قال جل وعلا : (  وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) البقرة 233 ). أي يمكن أن يكون فطم المولود قبل أن تبلغ رضاعته العامين ، بشرط أن يكون هذا بالتراضى بين الوالدين .

2 ـ بإضافة مدة الحمل الى مدة الرضاعة يكون فصال الطفل عن أمه ثلاثين شهرا . قال جل وعلا : (  وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ) الاحقاف 15 ). أي تسعة شهور للحمل + 24 شهرا للرضاعة = 33 شهرا . نقول تقريبا لأن الحد الأقصى للرضاعة 24 شهرا ، وقد يقلّ عن ذلك غالبا ، ولأن المرأة قد تلد قبل تسعة اشهر ، هناك مولود بعد سبعة أشهر مثلا .  

3 ـ في كل الأحوال فإن مدة الحمل للمرأة هو تسعة أشهر في الأغلب . وهذا كُلُّه بعلم الرحمن الذى أنزل في القرآن الكريم مراحل تكون الجنين بما أعجز العلم الحديث ، قال جل وعلا :

3 / 1 : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) (5)  الحج )

3 / 2 : (  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون )

3 / 3 : (  هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) غافر  )

3 / 4 : ( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (39) القيامة )

3 / 5 : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46)  النجم  )

3 / 6 : (  وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)  فاطر )

3 / 7 : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2) الانسان  )

3 / 8 : (  اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) الرعد)

3 / 9 : (  أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)  الملك )

ثانيا : في جهل المحمديين

1 ـ في الوقت الذى ينبهر به علماء الغرب بما ذكره رب العزة عن مراحل خلق الجنين ، وتتوالى الفيديوهات في هذا ، ترى فيديوهات أخرى لبعض المواشى من أئمة المحمديين اليوم تجترُّ الهُراء أو ( الخُراء ) الذى قاله فقهاء العصور الوسطى عن أن مدة الحمل عند المرأة تصل الى عدة سنوات .

2ـ  عن أقصى مدة للحمل قال جهلة الفقهاء في العصور الوسطى :

2 / 1 : : محمد بن عبد الحكم  : سنَة واحدة.

2 / 2 : المذهب الحنفى : سنتان .

2 / 3 : الليث بن سعد : ثلاث سنين .

2 / 4 : المذهب الشافعى والحنبلى ، وبعض المالكية : أربع سنين .

2 / 5 : رواية منسوبة الى الامام مالك : خمس سنين .

2 / 6 : رواية عن الزهرى ومالك : ست سنين .

2 / 7 : رواية عن ربيعة الرأي ( شيخ مالك ) وعن الزهرى وعن مالك : سبع سنين .

3 ـ المعاصرون من أئمة الوهابية ( الشنقيطى ، ابن باز والعثيمين ) قالوا إنه : لا حدّ لأكثر الحمل . أي زايدوا على المواشى السابقين .  

ثالثا : الأصل التاريخى  لهذا الجهل :

1 ـ الفتوحات التي بدأها الخلفاء الفاسقون هي الأصل في كل الكوارث اللاحقة ، وهى السبب في إتخاذ القرآن مهجورا ، وفى تصنيع أديان شيطانية تحمل إسم الإسلام زورا وبهتانا ، وفى تصنيع شرائع شيطانية بالجهل وبالتزوير وبأحاديث شيطانية ، ثم هم مختلفون في كل شيء ، من الرأس : أديان ( شيعة وسُنّة وتصوف ) ، الى أدقّ التفصيلات الفقهية عندهم مثل مدة الحمل للمرأة . وفى كل هذا فلديهم عداء مستحكم للقرآن ، إتّخذوه مهجورا ، حتى جاء العلم الحديث فانبهر ـ ولا يزال منبهرا ـ بالشواهد العلمية في القرآن الكريم ، من خلق الانسان الى خلق الكون ، ومن خلق الذرّة الى خلق المجرّة .

2 ـ بدأت القصة في السنوات الأولى للفتوحات ، وبسبب غياب الرجال في الغزو ، فقد تكاثر اللقطاء في الجزيرة العربية ، فاضطر عمر بن الخطّاب ان يفرض للّقيط مائة درهم ، ويجعل رضاعته ونفقته علي بيت المال . وهذا إعتراف بمشكلة الانحلال المسكوت عنه في عصر عمر . وهناك روايات عن نساء غاب أزواجهن سنين في الغزو فكان يأتيهن الرجال المتخلفون عن الغزو يروون ظمأهن ، وروايات عن نساء غاب أزواجهن فكن يقضين الليل في سهر بسبب الجوع الجنسى .

2 / 1 : وهناك رواية أن عمر بن الخطاب كان يتفقد الأحوال في المدينة ليلا فسمع امرأة تتغنى بأبيات تقول فِيهَا:
( هل من سبيل إلى خمر فأشربها ** هل من سبيل إلى نصر بن حجاج )، فَدَعَا بِهِ فَوَجَدَهُ شَابًّا حَسَنًا ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ ، فَازْدَادَ جَمَالًا فَنَفَاهُ إلَى الْبَصْرَةِ لِئَلَّا تَفْتَتِنُ بِهِ النِّسَاءُ.ورواية  أخرى عن شاب آخر من المدينة إسمه ذؤيب سمع عمر الناس يتذاكرون حُسنه فاستدعاه فلما رأى وسامته قال : والله إنك لأنت ذئبهن ) ونفاه عن المدينة .

 2 / 2 :ونلاحظ أن هذا كان في زمان معين ( في عهد عمر ) ، ثم  تناسوا الأمر بعده لأنه إستعصى على الحل ، وأنه كان في مكان محدد في المدينة العاصمة وقتها ، فماذا عن البوادى ومجتمعات الأعراب التي تكون منهم عماد الجيوش المقاتلة فيما بين آسيا الى أفريقية ، ولقد إستمرت الفتوحات ، واستمر غياب الرجال عن زوجاتهن  واستشرى  الانحلال .

2 / 3 :ولأنه لم تكن توجد وسائل لمنع الحمل فقد تكاثر اللقطاء . وانتهت إصلاحات عمر برعاية اللقطاء ، وكان لا بد من أن ترعى كل زوجة ابنها الذى حملته سفاحا ، فجاء العلاج   بالفقه ، فقالوا ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) كما قالوا : مدة الحمل سنوات .

3 ـ ( وقد حدثت طفرة فى الفتوحات العربية فى خلافة الوليد بن عبد الملك خصوصا فى منطقة الشرق فى خراسان وما بعدها فى السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الهجري ، كان قتيبة ابن مسلم يفتح سمرقند وخوارزم وما وراء النهر . وكان بين جنود الفتح رجل من أهل المدينة اسمه ( فروخ ) وهو أبو عبد الرحمن مولى آل المنكدر ، وقد خرج إلى خراسان غازيا فى تلك الفترة وترك عروسه الشابة  وهو لا يعرف أنها قد حملت منه بجنين ، وترك مع عروسه ثلاثين ألف دينار تدّخرها لتستعين بها عند الحاجة . واستغرقت أيام الفتوحات والانتصارات حياة فروخ أبى عبد الرحمن ، ثم توقفت الفتوحات ووقعت الضغائن والعصبيات بين جيوش الفتح ، وتولى خلفاء ضعاف من  بنى أمية وقامت الثورات .. ورأى فروخ أبو عبد الرحمن أنه من الأفضل له أن يعود إلى موطنه فى المدينة ، فوصلها بعد سبع وعشرين سنة بالتمام والكمال من  الجهاد والغربة فى خراسان وما وراء النهر . ودخل فروخ المدينة المنورة راكبا فرسه ومعه رمحه ، واتجه مباشرة إلى داره ، فنزل عن فرسه ثم دفع الباب برمحه ، فخرج له شاب يصرخ فيه قائلا : يا عدو الله أتهجم على منزلي ؟ ، ونظر فروخ إلى الشاب القادم من داخل بيته ومن عند زوجته، فصرخ فيه قائلا : يا عدو الله ماذا تفعل فى بيتي وعند حرمتي ؟ واشتبكا فى صراع وعلا الصراخ ، فتجمع الجيران ، وجاء شيوخ المدينة وشبابها ، ومن بينهم مالك بن أنس ، وفوجئ فروخ بالجميع يساعدون الشاب ضده ، والشاب قد امسك بتلابيبه ويقول : " والله ما فارقتك إلا عند السلطان "، فقال مالك بن انس : أيها الشيخ هذه داره ، ولك فى غيرها سعة .. فقال فروخ : هى والله دارى ، وأنا فروخ أبو عبد الرحمن ، وقد جئت من الغزو بعد سبع وعشرين سنة ..فخرجت زوجته من داخل الدار وصرخت باكية : هذا زوجي ، وهذا ابنك يا فروخ وقد تركتني وأنا حامل به.!! وتعانق الثلاثة وبكوا جميعا .). قلنا هذا سابقا في قصة ( ربيعة الرأي ) فقيه المدينة في وقته . الشاهد هنا أن رجلا غاب في الغزو عن بيته ثم رجع بعد 27 عاما .

4 ـ هذه هي الأرضية التاريخية لأُكذوبة أن حمل المرأة يصل الى سنوات . ومن الإتّفاق الغريب أن بعض هذه الأقوال الكاذبة ترجع الى الامام مالك والى شيخه ربيعة الرأي كما سبقت الإشارة اليهما ، لذا لا نستغرب ما زعموه أن مالك نفسه قد حملت به أُمّه ثلاث سنين، وليس تسعة أشهر .!! . عن مالك يقول المؤرخ الفقيه المحدث ابن الجوزى فى تاريخه المنتظم ، ( ج 9 / 42 ـ ) :  ( الإمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر بن الحارث بن غَيْمان  ..) ( حُمِل بمالك ثلاث سنين ).

5 ـ مساء الفُلّ ..!!

اجمالي القراءات 2200