مقالات ذات صلة : فى الاسلام : التبنى حرام .!!
مقدمة :
جاءنى الخطاب التالى :
( .... هناك مسألة خطيرة أريد منك أن تبحث فيها بدقة ، فوفقا لك ولأغلب المسلمين ،،التبني حرام شرعا ، ولكن أرجو البحث أكثر في هذا الموضوع والتدقيق فيه فقد قرأت كتابا أقنعني بجواز التبني وحليته ،،، فوفقا للآية الكريمة ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما ( 23 ) ) . لو دققنا هنا نجد أن الله يقول ( حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) لم لم تكتفي الآية بحلائل أبنائكم . ولم التأكيد على أبناء الأصلاب ،،، وفقا للدكتور محمد شحرور : أن التبني حلال لأن الله أكد في هذه الآية أن هناك أبناء ليسو من الأصلاب وان في حال نفينا وجود أبناء التبني ،،، فنحن نقر بذلك الحشوية في القرآن ، أي الزيادة التي لا داعي منها . وله شرح طويل جدا للآيات التي يستدل بها جمهور المسلمين على عدم جواز التبني ويفسرها تفسيرا دقيقا ،،، وبناء على فهمي من كلام محمد شحرور أننا أسقطنا فهمنا على القرآن وموروثاتنا ، فأنت تنكر أسباب النزول على حد علمي ،،، إلا أنك منها تقر على عدم جوازية التبني ، ولكن في حال قرأت الآيات من دون مرجعية عقلية مسبقة فالنتائج تختلف (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) ( الأحزاب 4 : 5 )هذه الآية لا تعني أن الأدعياء هم أبناء التبني أبدا وفقا لما فهمته من دكتور شحرور . وانما هم من تجاوزوا سن الفطام من الاطفال وتم تربيتهم بعدها وهؤلاء ادعياء وليسو أبناء ، لذلك الآية لم تقل أولادكم لأنها لو كانت أولادكم فذلك سيكون شطط لأن أي رجل أو امرأة قد تبنوا طفلا هم يدركون أنهم لم يأتو به إلى الدنيا عن طريق الولادة منهما بل هناك والدين أخرين لأن الولد والابن ليس لهما نفس المعنى كما يدعي أصحاب العقلية الشعرية فالولد هو من الصلب أما الابن ليس بالضرورة أن يكون كذلك فنحن أبناء آدم ،،، ولسنا أولاده أتمنى أعرف رأيك فيما ذهب اليه شحرور ........)
وأردّ بالآتى :
أولا :
فى البداية لا يجوز الاعتداء على حق الله جل وعلا فى التشريع ، أى طالما جاءت آية قرآنية صريحة واضحة فى تحريم أمر فلا مجال مطلقا لأى عالم مسلم أن يتحايل على تحليلها بالتأويل والتلاعب ، خصوصا وأن آيات التشريع فى القرآن الكريم جاءت بالتفصيل و التوضيح وبأسلوب علمى تقريرى ليس فيه مجاز .
وطالما قال جل وعلا ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) فهو نصّ صريح فى تحريم التبنى ، وخصوصا أن رب العزة جل وعلا أوضح التشريع فى الآية التالية فقال : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( الاحزاب 5 )، فهنا وضع رب العزة الحل وهو انتساب المتبنى لأبيه طالما كان معروف الأب ، وإلا فهو أخ أو أخت فى الاسلام . ونعلم كيف تعرض خاتم المرسلين الى تأنيب من رب العزة بسبب تحرجه من زواج من كانت زوجة لابنه بالتبنى ، وذلك حتى ينقطع تماما موضوع التبنى تأسيا بخاتم المرسلين ، ويكفى هنا دليلا على تأكيد تحريم التبنى التدبر فى قوله جل وعلا فى لوم وتأنيب خاتم النبيين :(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا ) ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا ) ( مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا ) ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ )(الأحزاب 36 : 40 ) .
إن تحريم التبنى مرتبط بمنظومة تشريعات قرآنية فى الميراث و الزواج حتى لا يكون للابن المتبنى حقوق ليست له . والباب مفتوح لمن أراد العطف على طفل يتيم ، ولنتذكر عشرات الآيات القرآنية التى تحرص على رعاية اليتيم و كفالة حقوقه بدون حاجة الى منحه نسبا مزورا .
ثانيا :
وإذا كان النصّ التشريعى القرآنى الصريح بطبيعته لا يحتاج اجتهادا بل إتباعا ، فإننا نزيد التأكيد هنا على تحريم التبنى ببحث الموضوع علميا وفق منهج أهل القرآن ، فى استقصاء كل الآيات فى سياقها العام والخاص بما فيها من محكمات ومتشابهات ، والنظر فيها معا لاستخلاص الحكم الشرعى من القرآن الكريم.
وباستعراض المواضع التى ورد فيها كلمة ( أب ) ومشتقاتها يظهر الآتى :
1 ـ كلمة ( الأبوين ) تدل على الأب والأم معا : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا )(النساء 11 ). (َأوْلادِكُمْ ) تعنى الذكر و الأنثى . وأيضا (أَبَوَاهُ ) تعنى الأب و الأم . ونفس الحال فى قوله جل وعلا يخاطبنا كى نتعظ بما حدث ( لأبوينا ) آدم وحواء : ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا) ( الاعراف 27 ).ويقول جل وعلا فى قصة يوسف عن أبيه وأمه : ( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ )( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ) (يوسف 99 ، 100 )
2 ـ يأتى لفظ الأب ليشمل الجد المباشر مع الأب المباشر: ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ )(يوسف 6 ). هذا ما قاله يعقوب عليه السلام لابنه يوسف متحدثا عن اسحق والد يعقوب وابراهيم جد يعقوب ـ عليهم جميعا السلام. وهذا ما قاله ـ فيما بعد ـ يوسف عليه السلام لصاحبيه فى السجن :( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ) ( يوسف 38 ). هنا جعل آباءه ابراهيم واسحق ويعقوب.
3 ـ بل يأتى لفظ الأب ليشمل العم . يقول جل وعلا عن يعقوب عليه السلام وهو يوصّى أولاده عند الموت : ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )( البقرة 133 ). هنا جاء اسماعيل ضمن آباء يعقوب بينما هو عم يعقوب .
4 ـ ويـأتى لفظ (آباء ) بمعنى الأسرة والعشيرة فى سياق النهى عن موالاة الأهل المعتدين الظالمين ، كقوله جل وعلا : ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) ( المجادلة 22 ). ومثله قوله جل وعلا : ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )(التوبة 23 : 24 ).
5 ـ ويأتى بمعنى السلف السابقين والعادة السيئة باتباع تراث (السلف الصالح ) ، وهى من سمات الكفر و الشرك ، كما ورد فى قصص القرآن الكريم : ( فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ ) (المؤمنون 24 ) ، أى فطالما لم يرد هذا الحق فى (الثوابت ) التراثية فهم يكفرون به لأنهم تعودوا اتباع الضلال المتوارث عن (الآباء ) ، أو كما قال جل وعلا : ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ )(الصافات 69 : 70 ). وتكرر هذا المعنى كثيرا فى القرآن ليؤكد على عادة إتباع (السلف الصالح ) و( ما وجدنا عليه آباءنا ) . يقول جل وعلا ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ ) ( البقرة 170 ).
ومن أجل هذا السلف وتقديس المتوارث يجعل السلفيون فى عصرنا القرآن خاضعا لتراثهم السلفى ، فعلت قريش هذا فى عصر نزول القرآن الكريم حين كانوا يرفضون الاحتكام للقرآن الكريم لو تعارض مع ما وجدوا عليه آباءهم ، وكذلك يفعل السلفيون اليوم حين يتمسكون باكذوبة ( ما أجمعت عليه الأمّة ) يكررون بالنصّ وباللفظ ما كانت تقوله الجاهلية ، يقول جل وعلا : ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم ُّهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) ( الزخرف 22 : 23). إتّباع الآباء أو السلف عادة سيئة للمشركين فى كل زمان ومكان تلازم البشر يرعاها ابليس اللعين ، وهذا ما قاله رب العزّة جل وعلا : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) ( لقمان 21).
6 ـ وبينما يأتى لفظ (الآباء ) عاما وبدلالات مختلفة طبقا للسياق كما مرّ فى الأمثلة السابقة فإن التشريع القرآن يحرص على توضيحه وتحديده . وهنا يأتى التفصيل والاستثناءات أو المحترزات بمصطلح الفقه . إقرأ قوله جل وعلا فى تشريع الزى و الزينة للمرأة : (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّأَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
وفى هذا السياق نفهم التفصيل فى قوله جل وعلا فى المحرمات من النساء فى الزواج ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( النساء 23 ). فهنا تقييد فى التحريم لمفهوم الابن ليقتصر على الابن الذى من صلب أبيه ، ليس مرتبطا بالأبوة العامة التى تشمل العم والجد والسلف والعشيرة .
أخيرا
منهجنا فى تدبر القرآن الكريم يخالف المذهب الشحرورى . والى رب العزة جل وعلا مرجعنا ، وسيحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون .