حوار صحفي خيالي مع احد قدماء إذاعة اكادير الجهوية ؟
مقدمة متواضعة
ان مسالة الجهوية ببلادنا مازالت تمشي شيئا فشيئا منذ ترسيم الجهوية المتقدمة في دستور 2011 الحالي حيث كانت هناك امال عريضة منذ تنصيب الملك محمد السادس للجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة في يناير 2011 لان المغرب عاش منذ استقلاله سنة 1956 على إيقاع المركزية المفرطة في كل شيء تقريبا ملائمة مع السلوك الأحادي لدولة الاستقلال و الحرية كما يحلو للبعض قوله مجاملة او كذبا ...
لقد أسست إذاعة اكادير الجهوية سنة 1971 أي في زمن سنوات الرصاص و تهميش كل ما هو امازيغي بشكل فضيع حيث كانت إذاعة اكادير الجهوية مجرد وسيلة للترفيه السطحي بدون أي مضمون هوياتي صريح و وسيلة لانتاج أغاني الروايس و المجموعات العصرية التي ظهرت آنذاك في منطقة سوس العالمة كما سماها المرحوم سيدي الحاج المختار السوسي.
انني بدات الاستماع الى هذه الإذاعة الموقرة سنة 1993 حيث كان عمري آنذاك هو عشر سنوات أي طفل معاق و وجدت فيها أسماء إذاعية تتحدث بالامازيغية مثل الأستاذ محمد ولكاش و الأستاذة خديجة امرير و الأستاذ مبارك ادمولود و الأستاذ بوبكر انفاكار و الأستاذة حادة لعويج و الأستاذ محمد اكوناض و الأستاذ عمر الطاوسي و الأستاذ المهدي سعيدي الخ .
اعتقد ان إذاعة اكادير الجهوية في سياق التسعينات و بعد سنة 2000 عرفت تطور نسبي بمقارنة مع الإذاعة الامازيغية المركزية الغارقة آنذاك في ما اسميه بايديولوجية التخلف القروي و الترفيه السطحي باستثناء برامج الحاج عبد الله طالب علي المدير الحالي للإذاعة الامازيغية و قناة تامزيغت .
و من بين برامج إذاعة اكادير الجهوية المشهورة على الصعيد الجهوي و الوطني و الدولي هو برنامج تاوسنا تامزيغت كاول برنامج إذاعي بالمغرب حسب علمي المتواضع يهتم بالثقافة الامازيغية يقدمه استاذنا الكبير محمد اكوناض و انطلق هذا البرنامج منذ سنة 1993 كتحدي قاسي في ظل الظروف المحيطة بالقضية الامازيغية و كان يبث هذا البرنامج جهويا أي على الأمواج الجهوية أسبوعيا بعد الظهر و وطنيا أي على الأمواج الوطنية و الدولية عبر الصحون في الساعة 11 و 15 دقيقة ليلا لسنوات طويلة و رغم هذا قد فاز هذا البرنامج بجائزة أواخر التسعينات و احيي استاذنا و الاذيب الامازيغي محمد اكوناض على هذا الصبر و هذا المجهود من اجل وصول الامازيغية الى هذا المستوى الذي نراه الان ..
و خلاصة القول ان إذاعة اكادير الجهوية أصبحت إذاعة القرب من قضايا الشأن المحلي بتعدد مجالاته و ميادينه و أصبحت تبث على مدار 24 ساعة ببرامج متنوعة بالامازيغية و بالعربية..
غير انني اطمح الى تخصيص ساعات لفن الروايس الأصيل لمنطقة الجنوب المغربي او سوس الكبير أي إقليم مراكش الى الصحراء المغربية .
و كما اطمح الى تأسيس قناة اكادير الجهوية على غرار قناة العيون الجهوية لان الجهوية المتقدمة تعني على الصعيد الإعلامي توفير لكل جهة من جهات المغرب على اعلام سمعي أي الإذاعة الجهوية و اعلام سمعي بصري أي القناة التلفزيونية الجهوية كما هو الحال في الدول المتقدمة في الجهوية او الحكم الذاتي من قبيل اسبانيا و بلجيكا ....
الى صلب الحوار الصحفي الخيالي
يشرفني ان اجري هذا الحوار الصحفي مع احد قدماء رموز إذاعة اكادير الجهوية و هو في الأصل مقاوم في قبائل ايت باعمران ضد الاحتلال الاسباني و اسمه هو ايت علي إبراهيم .
السؤال 1 من تكون ؟
الجواب لأول مرة اتعرض لاستجواب صحفي في حياتي الطويلة لانني ابلغ من العمر حوالي 95 سنة الان أي عجوز له أولاد و احفاد و زوجات الخ من متاع الدنيا .
قد ولدت في احدى قرى ايت باعمران في تاريخ مهجول لان اباءنا كانوا لا يكتبون مثل هذه المسائل و بالإضافة الى غياب نظام الحالة المدنية عندنا آنذاك بمعنى قد وجدت نفسي في مسجد قريتنا و انا احفظ كلام الله على الالواح الخشبية امام الفقيه الذي ضربونا من اجل تربيتنا دينية و من اجل حفظ القران الكريم حفظ كامل الحفظ .
لكن مع ذلك كان فقيه مسجد قريتنا مسالما مع الناس و مقاوما شجاعا ضد المسيحيين الكفار حيث كنت اسير على دربه فاصبحت مقاوم يغار على الدين و على الأرض و على العرض...
و لذلك قتلت جندي اسباني في احدى الليالي بسبب انه كان ينظر بنظرة الشهوة الى احدى فتيات دورنا و ربما كان قد شرب كثيرا من الخمر الخ.
السؤال 2 في اية سنة بدات المقاومة ؟؟
الجواب في سنة 1956 حيث كانت قبائل ايت باعمران مازالت تحت وطاة الاستعمار الاسباني حيث كنا رجال نحمل الأسلحة دفاعا عن الوطن و شرفه و نقتل الجنود الاسبانيين و نخطط لعمليات المقاومة الخ حتى جاء فجر الاستقلال و الرجوع الى أحضان الوطن الام يوم 30 يونيو 1969 حيث كانت مدينة سيدي ايفني لبست ثياب الفرح و الاعلام الوطنية مع سهرات الروايس و احواش ايت باعمران .
لقد كنت سعيد بهذا الانتصار لمقاومتنا الامازيغية و كنت اظن وقتها ان دولتنا المغربية ستعترف بهذا الجميل لكن مع مرور الأيام و الشهور و السنوات لم يتغير أي شيء في واقعنا كمقاومين بينما في الاعلام العمومي آنذاك لا يتحدث الا عن الحركة الوطنية و عن الظهير البربري فقط ..
السؤال 3 متى دخلت الى إذاعة اكادير الجهوية ؟
الجواب لقد كنت سافرت الى مدينة الرباط صيف سنة 1970 لزيارة عمي الفقيه سيدي الحاج طيب إبراهيم الذي كان له مقام كبير لدى الجميع في الرباط و له معارف كثيرة داخل الإذاعة الامازيغية او قسم اللهجات كما كانت تسمى آنذاك فاقترح علي ان اعمل كمقدم لبرنامج حول الامثال الامازيغية او الشعبية عندما تبث الإذاعة الامازيغية على مدار 12 ساعة ابتداء من سنة 1974 و قبلت هذا العرض .
و فعلا لقد بدات العمل بالاذاعة الامازيغية حيث كان برنامجي يتوصل بالمئات من الرسائل من المستمعين عبر البريد من منطقة سوس و من المدن الكبرى مثل الدار البيضاء و الرباط و حتى فاس الخ..
كانت المدة التي كنت اعمل فيها في الإذاعة الامازيغية كافية لاكتشف مقدار الحيف و الظلم المؤسساتي التي كانت تعانيه الثقافة و اللغة الامازيغيتان وقتها حيث كنت احضر في بعض سهرات فن الروايس في الرباط أواخر السبعينات مع انطلاق العمل الجمعوي الامازيغي و كنا نسمع مصطلحات الشلوح و التفرقة العنصرية و الظهير البربري من ترديد الجمهور في مكان السهرات ..
لقد انتقلت للعمل في إذاعة اكادير الجهوية في يناير 1980 بتكليف رسمي من وزارة الداخلية و الاعلام لتقديم نشرة الاخبار الجهوية و الوطنية الرسمية بالامازيغية السوسية أي تاشليحت و آنذاك كانت اية كلمة خارج الاطار العام تقال في الإذاعة ستحاسب صاحبها حساب عسير بالاعتقال في المعتقلات السرية و الموجودة في منطقة الجنوب الشرقي بمعنى ان العمل بالاذاعة او بالتلفزة وقتها كان قاسي للغاية يحرم قول مصطلحات من قبيل امازيغ او تامزيغت او الدفاع عن الثقافة الامازيغية بصريح العبارة.............
السؤال 4 كيف كانت علاقتك بالحركة الثقافية الامازيغية وقتها ؟
الجواب وقتها بضبط ولدت جمعية الجامعة الصيفية بمدينة اكادير حيث نظمت الدورة الأولى للجامعة الصيفية في صيف 1980 استمرت مدة 15 يوم حول الثقافة الشعبية ..
و كنت احضر بعض الندوات باعتباري كنت مقاوم و صحفي باذاعة اكادير الجهوية و تحدثت مع بعض الأساتذة و بعض الفقهاء ذوي النزعة الوهابية او الاخوانية حيث قالوا لي آنذاك ان البربر لا يتوفرون على اية حضارة او أي تاريخ باعتبارهم جاءوا من اليمن أي انهم عرب و سلام على رسولنا العربي ثم تساءلوا ماذا تريدون أصلا من هذه الجاهلية الا احياء الظهير البربري الذي استهدف تنصير اجدادك البرابرة..
و قلت في نفسي آنذاك ماذا يقول هؤلاء الفقهاء نحن قاومنا الاحتلال الاسباني بتقاليدنا الامازيغية الإسلامية و بقوانيننا العرفية و عارضنا قانون التجنيس الصادر سنة 1947 لتجنيس قبائل ايت باعمران أي تنصيرهم بصيغة أخرى ......
و بعد ذلك بقيت على اتصال بالحركة الثقافية الامازيغية داخل مدينة اكادير او داخل مدينة الرباط و كنت احلم آنذاك بمؤسسة وطنية رسمية للثقافة الامازيغية بالرباط و كنت احلم وقتها بقناة تلفزيونية للغة الامازيغية الخ من هذه الاحلام التي كانت مستحيلة بكل المقاييس في ذلك الزمان الغابر.....
السؤال 5 هل فكرت في الانخراط مع حزب سياسي ؟
الجواب نعم قد انخرطت سنة 1982 في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية باعتباره حزب يساري له انصار في منطقة سوس من الأساتذة و رموز الحركة الامازيغية آنذاك .
لكنني تركته سنة 1990 باعتباره يشجع القومية العربية و نصر قضايا شعوب الشرق الأوسط على حساب قضايا المغرب الحقيقية ..
لقد انخرطت في حزب الحركة الوطنية الشعبية بقيادة المرحوم المحجوبي احرضان و على كل حال كنت اعتبر هذا الحزب مدافعا على الثقافة الامازيغية .
لكنني تركته سنة 2000 و تركت العمل الحزبي برمته من اجل التفرغ لعملي الأصلي في إذاعة اكادير الجهوية .
السؤال 6 ماهية نوعية البرامج التي كنت تقدمها آنذاك ؟
الجواب كانت إذاعة اكادير الجهوية متطورة نسبيا خلال سياق التسعينات بمقارنة مع الإذاعة الامازيغية المركزية بالرباط حيث بدات اقدم برامج حول الفنون الامازيغية التقليدية و العصرية و كنت استضيف فنان معروف او فنانة معروفة أسبوعيا للحديث معهم حول مسارهم الفني دون التطرق الى الحقوق الثقافية و اللغوية في ذلك السياق حيث كان يمنع بث الأغاني الحاملة لهموم الثقافة الامازيغية على الاثير بشكل عام.....
في سنة 2000 بدات اقدم برنامج حول واقع التنمية بمنطقة سوس حيث استضيف رؤساء الجماعات المحلية و الجمعيات التنموية للحديث معهم حول واقع الحال حسب ذلك السياق .
السؤال 7 ما هي أهمية العنصر النسوي في إذاعة اكادير الجهوية ؟
الجواب بكل صراحة ان المراة في مجتمع مثل مجتمعنا المحافظ بمعناه الإيجابي و السلبي على حد السواء عانت و مازالت تعاني من المشاكل المعروفة مثل زواج القاصرات و الهدر المدرسي بالنسبة لبنات العالم القروي و بالإضافة الى دخول الوهابية بصريح العبارة الى سوس بتقاليدها و بافكارها المتشددة و الدخيلة على بيئتنا الامازيغية الإسلامية..
اننا نعرف الدين و ثوابته الأخلاقية منذ 14 قرن من تعاقب العلماء و الفقهاء على هذه الأرض المباركة جيل بعد جيل حتى وصلنا الى هذا الفكر العقيم بدون ادنى شك .
ان العنصر النسوي في إذاعة اكادير الجهوية هو فاعل يقوم بادوار كبيرة في تقديم البرامج المختلفة و نشرات الاخبار الجهوية حيث احيي في هذا المقام الأستاذة خديجة امرير التي كانت تعمل في تسعينات القرن الماضي بنشاط و حيوية و الأستاذة حادة لعويج التي مازالت تعمل بغيرة نادرة على الثقافة الامازيغية و على الشأن النسائي الخ من هذه الميادين لان المراة الامازيغية في سوس كانت ذات شان كبير في مجالات العلم الشرعي و التصوف و مقاومة الاستعمار و الفنون الامازيغية الاصيلة و المعاصرة .
السؤال 8 ترى إذاعة اكادير الجهوية الان؟
الجواب الحمد لله انني عشت الى الان لكي أرى كل المكاسب المحققة لصالح الامازيغية في الاعلام العمومي بفضل عمل المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بغية تطوير الإذاعة الامازيغية المركزية شكلا و مضمونا منذ سنة 2005 الى الان بمعنى اننا نعيش عصر التطور بمقارنة مع جيلنا في العقود الماضية .
ان إذاعة اكادير الجهوية أصبحت عنوان للقرب و الشأن المحلي من خلال برامج تفاعلية مع المواطنين عبر الهاتف بالامازيغية و بالدارجة و على اية حال فانني عجوز الان حيث أعيش في بيتي باكادير مع زوجاتي و أولادي و احفادي و استمع لاذاعتي الام و الى إذاعة راديو بلوس الخاصة.
السؤال 9 هل تشاهد قناة تامزيغت ؟
الجواب هذا ضروري لان قناة تامزيغت جاءت بعد مخاض عسير لرد الاعتبار للامازيغية بكل روافدها و ابعادها في اعلامنا البصري الوطني بعد عقود من سيادة ثقافة اهل فاس و طربهم الاندلسي في مختلف مناسباتنا الدينية كانه قران منزل يقرا في بعد اذان صلاة المغرب في شهر رمضان او في صباح الأعياد كاننا لسنا بالمسلمين على الاطلاق ..........
السؤال 10 ما رايك في التعدد ؟
الجواب لست برنامج ركن المفتي هنا .
السؤال 11 ماهية كلمتك الأخيرة
الجواب لا اله الا الله محمد رسول الله .....
توقيع المهدي مالك