حوار صحفي خيالي مع صحفي ريفي مقيم بالقاهرة ؟

مهدي مالك في الجمعة ١٤ - يوليو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


     

 

 

حوار صحفي خيالي مع صحفي ريفي  مقيم بالقاهرة ؟

مقدمة متواضعة                                          

منذ فترة ليست بالقصيرة لم أقوم  بابداعاتي المتواضعة على شكل حوارات صحفية خيالية أي انها من نسج خيالي لانني أحاول عبر هذه الحوارات ارسال رسائل ذات اهداف متعددة للناس في هذا العالم عبر موقع  اهل القران هذا و ربما افكر في يوم من الأيام جمع هذه الابداعات في كتاب للنشر لمالا ...

ان منطقة الريف العزيزة قد صانعت الملاحم و البطولات منذ قرون عديدة عموما و منذ عشرينات القرن الماضي خصوصا اذ يذكر تاريخنا الوطني الحقيقي بكل اكبار و اجلال معركة انوال الخالدة التي وقعت في 21 يوليوز 1921 حيث انتصرت المقاومة الريفية بقيادة امير عبد الكريم الخطابي على الاحتلال الاسباني أي ان المملكة الاسبانية بجلال قوتها العسكرية و السياسية قد انهزمت شر هزيمة امام قوة ايمان الريفيين بارضهم و بدينهم الإسلامي الحنيف و في شتنبر سنة 1921 أسست جمهورية الريف و ليست خلافة إسلامية بمعناه السلفي و الذي كان بالمشرق العربي قرون من الزمان بمعنى ان عبد الكريم الخطابي قد اعجبه نموذج مصطفي كمال أتاتروك حسب ما تقوله بعض الروايات التاريخية .

لكن المهم بالنسبة لي هو ان جمهورية الريف هي واقع تاريخي لا يمكننا ان نتجاهله تحت اية ذريعة مهما كانت حيث صحيح اننا ندافع الان عن وحدة بلادنا الترابية بحزم و قوة عبر مقالات عديدة.

غير ان منطقة الريف ظلت لعقود طويلة في خانة النسيان و التهميش لدرجة ان الراحل الحسن الثاني قد وصف اهل الريف باوباش في خطاب رسمي له في بدايات ثمانينات القرن الماضي ...

ان موقفي من حراك الريف لم يتغير قط لان هذا الحراك السلمي قد انطلق بعد مقتل بائع السكن محسن فكري في أواخر أكتوبر 2016 طحنا في شاحنة الازبال في منظر أعاد احياء ماضي الحكرة و التهميش الكلي لمنطقة الريف طيلة عقود من الزمان حيث لا ينبغي ان يفهم من كلامي انني انكر كل جهود الدولة بقيادة الملك محمد السادس نصره بغية تنمية الريف .

غير ان اثر الماضي مازال موجود في الذاكرة الجماعية و في عقول بعض المسؤولين على اختلاف مستوياتهم و درجاتهم داخل الدولة .

ان ملف معتقلي حراك الريف هو ملف قد شوه صورة حقوق الانسان ببلادنا حيث ان المغرب قد قطع أشواط مهمة في درب حقوق الانسان من خلال تجربة هيئة الانصاف و المصالحة الفريدة من نوعها على صعيد عالمنا الإسلامي كله أي لم نسمع بتجربة مماثلة قد حدثت في احدى هذه الدول ..

الى صلب الحوار الخيالي                                  

يشرفني ان استضيف صحفي من الأصول الريفية المغربية قد ولد في مدينة القاهرة من عائلة ريفية  استقرت بهذه المدينة سنة 1954 و كان الاب مقاوما ضمن جيش عبد الكريم الخطابي ...

 

السؤال 1 من انت ؟                                                            

الجواب ان اسمي هو محمد بن عبد السلام حيث ولدت في يوم فاتح غشت 1955 بمدينة القاهرة من الوالدين ذوي الأصول الريفية المغربية و كان ابي مقاوم و فقيه في نفس الوقت رحمه الله و كانت امي ربة البيت رحمها الله و كنت وحيد عندهما .

و كان ابي صريح على تربيتي تربية دينية أي الصلاة في وقتها و قراءة القران الكريم و كان صريح على ان اتعلم الريفية و العربية معا لان ابي كانت له خزانة كبيرة في بيتنا تتضمن على الكتب في مختلف العلوم الدينية الخ و بها مخطوطات حول الفتاوى بالريفية .

لقد دخلت الى المدرسة الحكومية بالقاهرة و كان عمري آنذاك هو سبع سنوات و استمرت في مساري التعليمي الى الجامعة ثم اتجهت نحو العمل الصحفي بمصر و بالمغرب الخ كانني صحفي متجول في العالم الإسلامي .

السؤال 2 متى عملت بالمغرب؟                                                  

الجواب كنا نزور المغرب في كل مناسباتنا الدينية حيث كان ابي يحب لقاء الاهل و أصدقاء الشباب في إقليم الحسيمة و كنت اذهب معه لهذه اللقاءات المثيرة باحاديث الكبار حول ذكريات معركة انوال و جمهورية الريف و ماسات بعد سنة 1956 بمنطقة الريف حيث ان البعض كان يتحدث بكل حزن و الم عن هذه الاحداث  و الكل يعلم السياق التاريخي لهذه الأخيرة بمعنى كنت احب الاستماع لاحاديث أصدقاء ابي المثيرة منذ مراهقتي و كنت اسجلها على دفتر خاص بي ...

في صيف  سنة 1975 رجعت الى المغرب للعمل فيه كصحفي حيث بالفعل عملت لشهر واحد في جريدة العلم ثم تم طردي بسبب انني ريفي اسعى الى رد الاعتبار لتاريخ منطقتي المهمش آنذاك و قال لي رئيس التحرير انك مطرود باعتبارك تدافع عن الجاهلية و التفرقة حيث ان المرحوم علال الفاسي قد  أسس حزبنا هذا أي يقصد الاستقلال على العروبة و الإسلام بينما انك عميل لفرنسا الخ من هذا الكلام الجارح لكرامتي كمغربي جاء من مصر للعمل في بلاد اجداده ..

و بعد طردي اتجهت نحو الإذاعة الامازيغية او قسم اللهجات للعمل فيها كمذيع متمكن من الريفية حيث قدمت برامج ثقافية كانت تتناسب مع ذلك السياق التاريخي بطبيعة لان الان بامكانكم قول انا امازيغي بكل حرية في الإذاعة الامازيغية بفضل السياق الحالي.

و بينما في عهدي أي السبعينات و الثمانينات يحرم علينا التطرق الى الثقافة الامازيغية بصفة عامة و الثقافة و التاريخ بمنطقة الريف بصفة خاصة حيث كنت احلم ببرنامج إذاعي حول امير عبد الكريم الخطابي الذي ظلم كثيرا اثناء حياته و بعد مماته كانه شيطان كبير او ملحد استغفر الله و بالتالي قررت الرجوع الى مسقط راسي بالقاهرة في صيف 1984 ....

السؤال 3 هل بقيت في القاهرة للعمل ؟                                             

الجواب نعم انني بقيت في مدينتي للعمل الصحافي غير ان تلك الفترة كانت مصر ارض للتيارات الاخوانية و الوهابية خصوصا بعد سماح الراحل انوار السادات لهذه التيارات للولوج الى وسائل الاعلام العمومية آنذاك حيث كنت مجبرا على الحضور في أنشطة هؤلاء الدعوية للتغطية الصحافية حيث كانت هذه الأنشطة مجال للهجوم على حقوق المراة و الأقليات الدينية و الفنون بهذا البلد..

و عندما ارجع الى البيت كنت اسال ابي الفقيه الريفي عن رايه تجاه هؤلاء القوم و عن أفكارهم و يرد علي بالقول ان الإسلام هو دين يسر ليس دين عسر حيث اننا في الريف مسلمون  عن الاقتناع نصون الأرض و العرض و الدين و قال  لي احذر من هؤلاء الشيوخ الذين سيجعلك كافرا براي صغير في مسالة لا تستحق أي جدال ...

السؤال 4 ماذا حدث بعد ذلك ؟                                                     

الجواب لا شيء محدد حيث استمرت في عملي في احدى الجرائد المصرية ككاتب اكتب مقالات حول التطرف الديني  و الخطاب الديني هناك  حيث كنت اسال ابي رحمه الله عن رايه حول مسالة فولانية  و يجيبني حتى رحل الى دار البقاء سنة 1990 و هو يقول لي وصيته الأخيرة الا و هو الاهتمام بارض الأجداد و بتاريخهم المشرق و بكت كثيرا على هذا المصاب الجلال و دفنته بجانب قبر عبد الكريم الخطابي بحضور بعض الأصدقاء و بعض افراد عائلتنا المقيمة بالمغرب .

السؤال 5 هل انتقلت الى العمل في بلد اخر ؟                                      

الجواب فعلا تم ذلك سنة 1994 حيث ان جريدة عربية معروفة قد ارسلتني الى الجزائر للعمل هناك كمراسل حيث كنت متردد في قبول هذا العرض بحكم المشاكل المعروفة التي بين المغرب و الجزائر الخ.

لكنني وجدت هناك امازيغي منطقة القبائل و وجدت كذلك شريكة حياتي و هي صحفية  في جريدة محلية و تتكلم بالريفية و هكذا دخلت الى القفص الذهبي  في أكتوبر 1994 في مدينة الجزائر العاصمة ..

السؤال 6 هل وجدت المشاكل  في عملك الصحفي بالجزائر ؟                  

الجواب طبعا لان اصلي مغربي حيث كنت اسمع يوميا في الإذاعة و التلفزة الجزائريتان ان الدولة الجزائرية تدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره في الاستقلال و ان المغرب هو دولة الاحتلال للصحراء الغربية الخ من أكاذيب النظام الجزائري الظالم لشعبه المسكين عموما و منطلقة القبائل منذ ستينات القرن الماضي و قال لي صديق من هناك ان منطقتهم هي مهمشة الى اقصا الدرجات و المستويات .

و كما وجدت المشاكل مع إسلامي الجبهة الإسلامية للانقاد لان الجزائر عاشت آنذاك الإرهاب المتبادل بين النظام و الجبهة ..........

السؤال 7 هل قمت بزيارة الى المغرب تفيدا لوصية الوالد ؟                    

الجواب نعم قمت بزيارة الى المغرب صيف سنة 1995 مع زوجتي حيث كنت مشتاق للقاء الاهل و الأصدقاء بمنطقة الريف الحبيبة و في العاصمة الرباط حيث لم  يتغير أي شيء آنذاك في المغرب حيث ان نسيان منطقة الريف يزال قائما على مختلف المستويات و الأصعدة.

لقد جلست مع اعمامي و اخوالي على مائدة العشاء حيث ان هذه الأجواء العائلية تذكرني بذكرياتي مع الوالد الذي جاهد الاستعمار المسيحي في  معركة انوال الخالدة و هو مدفون الان في العاصمة المصرية القاهرة الى جانب امير الريف عبد الكريم الخطابي.

السؤال 8 هل انتقلت للعمل في بلد اخر ؟                                            

الجواب نعم انتقلت الى السعودية مع زوجتي سنة 1998 بتكليف من الجريدة حيث كانت زوجتي تعارض هذا العرض باعتبارها تلبس الملابس العصرية بدون الحجاب مثل نساء مسلمات كثيرات و من الصعب العيش و العمل في السعودية المعروفة بوهابيتها المتشددة في الدين مع فتاوى التحريم و التكفير لكل شيء .

و كنت استمع لاغاني الفنان محمد عبدو العاطفية و هو فنان سعودي للإشارة فقط..

و قمت بمناسك الحج العظيمة مع زوجتي بكل ايمان في سنة 2000 حيث كان شعوري لا يتصور عندما أرى الكعبة المشرفة امامي و قبلت الحجر الأسود في منتصف الليل الخ من سنن الحج و اركانه ...

السؤال 9 هل انتقلت الى بلد اخر ؟                                                

الجواب  لا بل رجعت الى القاهرة مع زوجتي الجزائرية سنة 2006 بعد اخّذ التعاقد النسبي مع جريدتي المعروفة عربيا و دوليا و آنذاك بدات كتابة كتاب حول معركة انوال الخالدة و طبع في المغرب من طرف احدى دور النشر صيف 2009  .....

  السؤال 10 برايك هل تاريخ الريف مازال مهمش ؟                             

الجواب لا ليس بضرورة حيث اننا لا نستطيع انكار ما قامت به الدولة في خدمة الثقافة الامازيغية بشكل عام منذ سنة 2001 الى الان و منطقة الريف و ثقافتها بشكل خاص لكن نريد المزيد من رد الاعتبار لمنطقة الريف و رموزها الثقافية و التاريخية من  قبيل عبد الكريم الخطابي حيث قد سمعنا منذ فترة بوجود مشروع فيلم سينمائي حول هذه الشخصية التاريخية و خلاصة القول مازال الطريق طويل و شاق امامنا ..

السؤال 11 هل لديك أي نداء لفائدة معتقلي حراك الريف ؟                      

الجواب انني ساندت هذا الحراك الوطني منذ مقتل محسن فكري الى اعتقال رموز هذا الحراك في صيف 2017 حيث ان المغرب اصبح قوة إقليمية في افريقيا في الاقتصاد و في السياسة و في الرياضة بعد تحقيق منتخبنا الوطني لكرة القدم لانجاز اعجازي في كاس العالم قطر 2022 .

لدى نتمنى بمناسبة حلول عيد العرش السعيد لهذا العام أي 2023 ان يتم اطلاق سراح كل معتقلي حراك الريف استكمالا لافراح امتنا المغربية التاريخية..

توقيع المهدي مالك                                           

 

 
اجمالي القراءات 2200