رسول جاهل!! لا يقرأ ولا يكتب؟؟
رسول جاهل!! لا يقرأ ولا يكتب؟؟
أنيس محمد صالح
في
الثلاثاء ٢٧ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
رسول جاهل!! لا يقرأ ولا يكتب؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على أمور دنيانا والدين .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له... والصلاة والسلام على والدينا وعلى جميع الأنبياء والمُرسلين... وبعد
الرسول الأُمَي لا تعني الجاهل للقراءة والكتابة...
سيدنا محمد ... الرسول والنبي الأُمي (الاُُممى – رسول الأُمم)
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) النحل
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (45) الإسراء
لقد بحثت في القرآن الكريم محاولا إيجاد ما تم تعليمه لنا منذ الصغر، من خلال شيوخنا الأفاضل من أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون!!! ما يبين أن رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان جاهلا ولا يعلم القراءة والكتابة في تفسيرهم لمعنى كلمة (أُمي)... وعندما سألت البعض منهم عن كيفية أن يكون الرسول جاهلا لا يفقه القراءة والكتابة وهو يعلًم الناس رسالة توحيدية سماوية؟؟؟ أساس عقيدتها وفقهها يقوم على العلوم (علوم الله جل جلاله في السماوات والأرض, وفي خلق الإنسان)؟؟؟ والبحث والتفكر والبلاغة والحُجة والتعقُل والتذكر والتدبُر؟؟؟ وكل ذلك لا يتأتى أبدا إلا بالقلم وبالقراءة والكتابة؟؟؟ وفي نفسي سؤال: (كيف يكون الجهل بالقراءة والكتابة مُعجزة؟؟؟) لقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5} العلق
وعند البحث والتقصي وجدت أن الجميع لم يستطع أن يأتي لي بآية واحدة تُعرف الرسول الأمي ومعناها يبيَن بأنه كان جاهلا لا يقرأ ولا يكتب !!! بل هو إجتهاد ترجمي تفسيري بشري !!! يفتقر إلى المصداقية ؟؟؟ ومن أبشع وأسفه الصفات أن يوصف إنسان بالجهل في القراءة والكتابة فما بال هذا الوصف البشع في حق رُسُل الله أولي العلم وأولي العزم من الرسُل ؟؟؟ وتيقنت بعد التقصي والبحث إنها كلها تصب في إطار محاربة الله جل جلاله ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) وتحريف الكلم عن مواضعه في تفسير معنى كلمة (أُمي) من القرآن الكريم!!!
فإذا في البعض من المفسرين الجاهلين المدعين من أئمة أشد الكُفر والنفاق من يقول بأن هذه إحدى المعجزات !!! التي أنزلت على سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأن يكونُ جاهلا للقراءة والكتابة , وأستمر يبلغها وبلسانه لثلاثة وعشرين عاما تقريبا يعلم الناس دين الإسلام والتوحيد من الكتاب (القرآن الكريم)!!! وهو جاهل للقراءة والكتابة!!! بأنها معجزة!!!
ووجدت أن هذا المبرر والتفسير الضعيفين ما هما إلا إساءة جديدة إلى الإسلام القائم على العلوم والمعارف والفكر والبلاغة والمنطق وإلإيمان والحكمة والتي لا تتأتى إلا بالقلم !!! وأوامر الله القائمة على الطاعات وإطاعة الرُسُل والأنبياء (صلوات الله عليهم) بالقناعات والأسباب... وهم أولو العلم وأولو العزم من الرُسُل والأنبياء، وأن يكونوا لنا قدوة واُسوة حسنة !!! لقوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {21} الأحزاب ... فكيف يكون هذا؟؟؟ ونحن جهلة لا نقرأ ولا نكتب الكتاب.. بالقلم؟؟؟ وقوله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا {80} النساء ولقول الله تعالى واصفا في الآية الكريمة ومشيرا الى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): قوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ {1} مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ {2} وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ {3} وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ {4} القلم وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28} فاطر
فالأخلاق الحميدة والعظيمة والتي وصف الله بها رسوله ونبيه الصادق الأمين محمد (صلى الله عليه وسلم).. هي دلالات على أنه كان متميزا عن غيره علما وأمانة وصدقا... وهذه من الصفات التي تجعل الإنسان ذا أخلاق عظيمة... ويؤكد الله جل جلاله في الآية الأخرى (فاطر 28) ما يفيد من إن العلماء هم من الذين يخافون ويخشون ربهم لما يتبين لهم من الحقائق العلمية والأسباب ما يؤكد لهم حقيقة عظمة الله وانه على كل شيء قدير، وبكل شئ مُحيط وهو بكل شئ عليم, وتفيد بالعلم ما لا يدع مجالا للشك إلى علم الخالق جل جلاله الذي وسع كل شيء علما... وهي علوم الله تعالى في السموات والأرض ليتفكر بها الإنسان ويتدبر. لقوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {53} فصلت وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {2} الجمعة
وهو ما يؤكد صراحة وبوضوح أن الرسول والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان أفضل قومه علما وأدبا وأخلاقا وصدقا وأمانة.. حتى من قبل أن تتنزل عليه رسالة ربه الأعلى.. ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ حتما... وفي الآية أعلاه ( الجمعة 2 )، والله جل جلاله بعث في الأميين (أمم الإنس جميعهم) رسولا منهم يتلو عليهم آيات الله ذي الجلال والإكرام!!! ويزكيهم!!! ويعلمهم الكتاب والحكمة!!! وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين!!! ولقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {43} بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {44} النحل وقوله تعالى: وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {48} آل عمران وقوله تعالى: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ {151} البقرة
وقد يسر الله جل جلاله قبل نزول القرآن الكريم جميع أسباب التعلُم والفهم لعلوم البلاغة والشعر والأدب الرفيع، ليتمكن الناس من إستيعاب رسالته السماوية، والتي تتسم ببلاغة تفوق قدرة البشر جميعا، وقد عاصر سيدنا ورسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) تلكم المراحل.. والتي تتطلب إمكانات علمية وبلاغية ولغوية هائلة... ولإستيعاب ومواكبة كل التحديات التي تطلبها نشر وتبليغ تلك الرسالة السماوية (رسالة ربه الأعلى – كتاب الله جل جلاله)، بالإضافة إلى ذلك نزول الوحي إليه سيدنا جبريل (عليه السلام) حينا... وإنقطاعه عنه لأيام.. حينا آخر.
ويرجع بعض المفسرين والعالمين كما يدَعون... بأن هذه المعجزة التي نزلت على رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كونه جاهلا لا يعلم القراءة والكتابة !!! وأنه قد بلَغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد بالله حق جهاده وهو جاهل لعلوم اللغة والقراءة والكتابة!!! كونها معجزة!!! وهذا التفسير هو بشري وإجتهاد شخصي لا يمت إلى كتاب الله جل جلاله بصلة!!!
إن كل تلك الإدعاءات والإفتراءات بأن رسول الأمم من الجن والإنس كان جاهلا للقرآءة والكتابة هي إدعاءات وإفتراءات باطلتين... وهي حتى لا ترتقي إلى مستوى المجادلة فيها!!! لإننى لم أجد من خلال مصدر كل التشريعات والفقه والدساتير والعلوم (القرآن الكريم) الدليل أو الإثبات (ولو دليل أو إثبات واحد) ما يبرهن على صحة كل تلك الإفتراءات.. ما يؤكد بطلان هذا الإدعاء.
وبالنظر والتمعن بالسيرة النبوية ... وجدت الكثير والكثير ما يفوق كونه جاهلا لا يفقه القراءة والكتابة، فقد كان الرسول والنبي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) معلما للصحابة ومبشرا ونذيرا وعالما بفنون الحرب وتكتيكات القتال... وكان في نفس الوقت طبيبا معالجا لجميع أنواع الأمراض والأسقام... وكان مطلعا بعلمه وما يوحى إليه بأسرار كثيرة ظلت معجزات له يتداولها الناس حتى يومنا هذا... ومبدأ أن يكون جاهلا بعلوم القراءة والكتابة... بموجب ما تم تعليمنا إياه منذ الصغر من خلال بعض الجاهلين... هو في رأيي لا أساس له من الصحة... بل من الإساءة والبلادة والتجهيل... وتصب في إطار محاربة الله والرسول والذي لم يقتصر على تجهيله فقط، بل أدعوا كذلك باطلا ( أثناء تبليغه للرسالة السماوية- وهو حي يُرزق- ) أدعوا بإنه كان شاعرا وساحرا وكاهنا وكاذبا ومجنونا,!!! وهو الرسول والنبي المبعوث لكل الامم (أممي) وهو القدوة والأسوة الحسنة لنا... ليبلغ رسالة ربه، القائمة على العلم بالقلم والإضطلاع والأسباب والمعارف.. (علمه الله بالقلم.. علمه ما لم يعلم). لقوله تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً {30} الفرقان
إن المهمة في توصيل رسالة ربه التوحيدية السماوية، هي مهمة ليست هينة (كما يستهين بها البعض) فهي رسالة سماوية أساسها يقوم على الأسباب والعلم والحُجة مع علماء آخرين سبقوه برسالات توحيدية سماوية قبل نزول القرآن الكريم بقرون عديدة ( كالتوراة والزبور والإنجيل)، وهو يجادلهم الحُجة بالحُجة.. وبالأسباب العلمية والتي تدحض إفتراءات وأباطيل ممن قاوموا وأنكروا وكفروا بالرسالة المنزلة إليه من ربه (القرآن الكريم), بحيث يستحيل أن يحدث كل ذلك وهو جاهل للقراءة والكتابة... ويكون لنا قدوة وأسوة حسنة!!! وما لم يكن خير قومه علما ولغة وبلاغة وخلقا وصدقا وأمانة.. ولما وثق به كثيرٌ من الناس ومن أصحابه وصدقوه وجاهدوا في الله حق جهاده ولنصرة دينه... لقوله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً {49} الكهف
بحيث لا يمكن إغفال ان رسالة الإسلام التي اُنزلت على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قد جاءت كآخر الرسالات التوحيدية السماوية!!! وقد سبقتها رسالات توحيدية سماوية (كالتوراة والإنجيل والزبور) ولهم علماؤهم (من الأحبار والقسيسين والرُهبان – علماء اليهود والنصارى) ليحاججوا بها، ومنهم من يؤمن بالغيب ورسالة الله التوحيدية السماوية (الراسخون بالعلم)، ومنهم من ينكر ويكفر ويكذب... كحال الرسالات السماوية القائمة على الإيمان والغيب!!! لقوله تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ {4} آل عمران
وواضح تماما بأن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قد أصطدم كثيرا بالمبطلين والمرتابين والذين كفروا من زُعماء وسادة وكُفار قُريش برسالة الله جل جلاله إليه، حينما جاء القرآن الكريم ليأمرهم لتوحيد وعبادة الله والإستعانة والتوكل على الله جل جلاله, وليتركوا عبادة الأصنام ولتقربهم إلى الله زُلفا !!! ولم يكن الله ليصطفيه على العالمين برسالة سماوية بهذه العلوم العظيمة الإعجازية وعلوم البلاغة... ما تؤكد عدم قدرة البشر ولو أجتمعوا ليأتوا بسورة من مثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا... ويكون سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) أسوة وعبرة حسنة لنا... لقوله تعالى: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً {88} الإسراء
وتظهر المعجزه والتمَيز في كونه الرسول النبي الوحيد بين جميع الرُسُل والأنبياء الذي اُرسل اُميا (اُمميا) لجميع الأمم من الجن والإنس.. واُرسل كافة للناس بشيرا ونذيرا..