نقد كتاب حكم بيع المرابحة بالوعد الملزم
رضا البطاوى البطاوى
في
الخميس ٢٥ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نقد كتاب حكم بيع المرابحة بالوعد الملزم في مذهب الإمام الشافعي
المؤلف محمد عبد اللطيف آل محمود وهو يدور حول حكم بيع المرابحة بالوعد الملزم فيما يسمونه المصارف الإسلامية وقبل الحديث عن مضمون الكتاب ينبغى القول أنه فى دولة المسلمين لا وجود لمثل هذه العملية فبيت المال وهو هنا ما يسمى البنك أو المصرف لا يمكن أن يعطى مسلما شىء إلا ووجب أن يعطى كل المسلمين مثله كما قال تعالى :
" وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين"
فهذا هو عدل الله لأن المسلمون شركاء فى وراثة الأرض كما قال تعالى :
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون"
ومن ثم ما تقوم به تلك المصارف هو عملية اغناء للبعض دون البقية الباقية من الناس وهو محالفة للعدل فى الإسلام
وفى مقدمته تحدث عن خطوات تلك العملية فقال :
"المقدمة
يتطرق هذا البحث إلى حكم المرابحة للآمر بالشراء المقترن بوعد ملزم تخريجا على قواعد مذهب الإمام الشافعي، ووفقا لما تجريه البنوك الإسلامية.
وصورة بيع المرابحة بالوعد الملزم المقصود في هذا البحث هو ذلك البيع الذي ينفذ من بعض البنوك الإسلامية بالطريقة التالية:
- يتقدم العميل إلى البنك بالأمر بشراء سلعة معينة مرابحة ويحدد له مقدار هذا الربح المضاف إلى سعر التكلفة.
- في حال الموافقة على طلب العميل يوقع الأخير على وعد بشراء السلعة في حال شراء البنك لها، ويقر بأن هذا الوعد ملزم له ولا يحق له الرجوع عن هذا الوعد ويتنازل عن أي حق له في الرجوع عن تنفيذ وعده.
- يقوم البنك بشراء السلعة إما بنفسه أو عن طريق توكيل العميل بشراء هذه السلعة لصالح البنك.
- بعد أن يشتري البنك السلعة وتدخل في حيازته يبيع البنك السلعة إلى العميل وذلك بتوقيع عقد مرابحة مستقل يوقع بين الطرفين."
ومما سبق يتبين أن العملية هى بيعتين فى بيعة فالمصرف يبيع للعميل والعميل يبيع لغيره والخاسر فى الكل هو المشترى لأنه بدلا من ربح واحد يكون عليه ربحين
ونقل محمد عبد اللطيف نصا من كتاب الأم للشافعى فقال :
"إن النص التالي المنقول عن الإمام الشافعي من كتاب الأم يعتبر نصا صريحا في هذه المسألة، حيث يقول عليه رحمة الله:
"وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال اشتر هذه وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز والذي قال أربحك فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه
وهكذا إن قال اشتر لي متاعا ووصفه له أو متاعا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء يجوز البيع الأول ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار
وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال ابتاعه وأشتريه منك بنقد أو دين يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر فإن جدداه جاز
وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين:
أحدهما أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع،
والثاني أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا."
وبعد أن بين النص وجواز العملية وكما سبق القول لا تجوز تلك العملية من قبل المؤسسة المالية وهى بيت مال المسلمين لأنهم ظلم للناس وأما فى المجتمعات المعاصرة وهى مجتمعات لا تحكم بشرع الله فهى جائزة لأن المال فى تلك الحالة ليس مال المسلمين وإنما مال ذلك المجتمع الذى يميز بعضه على بعض
فى المبحث الأول تحدث محمد بن عبد اللطيف عن شرح قول الشافعى فقال :
"المبحث الأول
شرح وتحليل نص الإمام الشافعي
في النص المنقول آنفا عن الإمام الشافعي يفرق الإمام بين صورتين لبيع المرابحة:
الصورة الأولى: الوعد بالشراء مرابحة
في هذه الصورة يعد أحد طرفي التعاقد الطرف الآخر أنه إذا اشترى سلعة ما فسيشتريها منه بعد ذلك ويربحه فيها، دون أن يلزم الطرفان أنفسهما بالعقد.
وقد ذكر الإمام الشافعي عددا من الأشكال لهذه الصورة وبين أنها في الحكم سواء وهي كالتالي:
- أن يعين المشتري السلعة ويأمر البائع بشرائها مع ربح معلوم.
- أن يصف المشتري السلعة التي يريدها مع ربح غير محدد.
- أن يأمر المشتري بشراء أي سلعة يحددها البائع ويعده بأن يربحه فيها ربحا غير محدد.
- أن يكون التواعد بشراء السلعة بثمن حال أو بدين يؤدي في المستقبل
وحكم هذه الصورة بأي من هذه الأشكال التي يتواعد عليها ما يلي:
أن الطرفين بالخيار؛ فالطرف الأول (الموعود له) مخير في شراء السلعة التي عينها أو وصفها له الواعد والواعد كذلك بالخيار في تنفيذ وعده بأن يشتري السلعة من الموعود إذا قام الأخير بشرائها.
وحتى يكون هذا التعاقد صحيحا يشترط ما يلي:
أولا: أن لا يلزم الطرفان نفسهما بالعقد (وسيأتي شرح ذلك في الصورة الثانية).
ثانيا: أن يعقد الطرفان عقد بيع على السلعة عقدا مستقلا بنفسه بمعنى أن لا يكتفيا بالوعد السابق في تنفيذ الوعد دون إجراء تبايع بين الطرفين للسلعة وهذا هو معنى الإمام الشافعي "فإن جدداه جاز" أي جدد الطرفان وعدهما السابق بعقد لاحق.
ثالثا: أن يكون هذا التعاقد بعد أن يقوم الموعود له بشراء السلعة وتملكها وحيازتها إما لو تعاقدا على البيع وقبل أن يتملك الموعد له السلعة فإن البيع غير صحيح لما فيه من بيع ما لا يملك، ولو تعاقدا بعد شراء السلعة وقبل حيازتها فإن البيع غير صحيح لأنه باع ما لم يضمن.
الصورة الثانية: إلزام الطرفين نفسهما بما اتفقا عليه
في هذه الصورة يظهر فيها نية الطرفين في إلزام نفسيهما بما اتفقا عليه دون أن يكون لهما أو لأحدهما الخيار في الرجوع عن اتفاقه.
وحكم هذه الصورة أن البيع مفسوخ لعدم صحته، وأرجع الإمام الشافعي سبب عدم الصحة إلى علتين:
الأولى: أن هذه الصورة فيها بيع البائع لما لا يملك؛ حيث ألزم الطرفين أنفسهما بالبيع قبل أن يشتري البائع السلعة ويمتلكها.
الثانية: أن هذا الاتفاق معلق على شرط فهو عقد غير ناجز، ولا يصح تعليق العقد على شرط مثل أن يقول الرجل للآخر اشتريت منك سيارتك إذا جاء أبي من السفر.
الصورة التي يتحقق بها إلزام النفس
والسؤال الذي نحاول الإجابة عليه: ما معنى "إلزام الطرفين أنفسهما" في قول الشافعي " وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ" وما هي الصورة التي يتحقق فيه إلزام الطرفين أنفسهما.
تفسير هذه العبارة تحتمل أحد تأويلين:
الأول: إن يتحقق إلزام النفس بالوعد اللازم،
الثاني: أن إلزام النفس هو بالتعاقد.
وسوف نحقق فيما يلي أي التأويلين الذي يتحقق به معنى إلزام النفس بما اتفق عليه الطرفان.
التأويل الأول: إلزام النفس بالوعد الملزم
ومثال صورة إلزام النفس بالوعد الملزم كأن يقول الطرف الأول للطرف الثاني إذا ابتعت هذه السلعة سأشتريها منك بربح كذا، وهذا وعد ألزمت نفسي به ولا خيار لي في الرجوع عنه.
وهذا التأويل يؤخذ عليه ما يلي:
أولا: أن الوعد في فقه الشافعية غير لازم سواء في ذلك في عقود المعاوضات أو عقود التبرع ومقتضى عدم اللزوم أن من صدر عنه الوعد هو بالخيار في تنفيذ ما وعد به، وإلزام الواعد نفسه بالوعد لا يغير من طبيعة الوعد بأنه وعد، أي أن مجرد تأكيد الالتزام بالوعد لا ينقل الوعد من كونه وعدا إلى التزام أو تعاقد. وبالتالي فإن الواعد وإن ألزم نفسه بالوعد فلا يزال له الخيار في تنفيذ وعده أو عدم تنفيذه.
ثانيا: إسقاط الواعد حقه في خيار شراء السلعة من الموعود له إذا ابتاعها الأخير هو إسقاط لحق قبل ثبوته، فلا يعتد بهذا الإسقاط؛ لأن إسقاط الحق لم يثبت للواعد بعد. و الواعد لا يثبت له حق
الخيار في إمضاء البيع أو عدم إمضائه إلا في حال ما إذا عرض عليه الطرف الثاني أن يشتري السلعة التي ابتاعها فهنا ينشأ حق الطرف الأول في قبول العرض أو رفضه، أما قبل العرض فإن حق الخيار لم ينشأ بعد.
ثالثا: أن الصورة الأولى التي أجازها الإمام الشافعي تتضمن وعدا بالشراء إذا ابتاع الطرف الثاني السلعة، وبذلك سيكون الفرق بين هذه الصورة الجائزة والصورة غير الجائزة هو مجرد أن الواعد لم يكتف بمجرد الوعد، ولكنه ألزم نفسه بهذا الوعد بأن قال مثلا "وهذا وعد ألتزم به" ومجرد هذا القول سيجعل التعاقد اللاحق غير صحيح ومفسوخ. وهذا الفرق غير مؤثر لأن من طبيعة الواعد أن يؤكد دوما التزامه بالوعد لمن يعده وقد يؤكد الوفاء بما وعد بأغلظ الأيمان، وهذا التأكيد لا يخرج الوعد عن كونه وعدا ولا ينقله إلى الالتزام.
يضاف إلى ذلك أن الجمهور يرون أن تنفيذ الوعد وإن كان غير لازم لكن يستحب لمن وعد أن ينفذ ما وعد وهذا يشمل كل وعد سواء كان وعدا بالتبرع أو وعدا بعقد معاوضة، فإذا كان من المستحب الإيفاء بالوعد فكيف يكون مجرد إلزام الواعد نفسه أو الواعدين نفسيهما بأن ينفذا ما تواعدا عليه يجعل العقد غير صحيح مع أنه تأكيد لفعل أمر مستحب.
رابعا: إن هذا التأويل لا يتحقق فيه علة بيع ما لا يملك الموجبة لعدم صحة العقد. ويتبين هذا من طريقة تنفيذ هذا الاتفاق بالوعد الملزم، فالواعد يصدر وعدا ملزما بالشراء إذا ابتاع الموعود له السلعة، ثم يقوم الموعود له بشراء السلعة من السوق فيصبح مالكا لها، ثم بعد ذلك يبيع السلعة إلى الواعد بعقد جديد وهو في هذه الحال يبيع ما يملك.
إذا صح ما سبق فإن تأويل "إلزام النفس" بالوعد الملزم هو تأويل غير صحيح، وليس هو المعنى الذي قصده الشافعي من إلزام الطرفين نفسهما بالتبايع.
التأويل الثاني: إلزام النفس بالتعاقد
مقتضى هذا التأويل أن إلزام الطرفين أنفسهما بالتبايع يكون عن طريق التعاقد وليس الوعد أو التواعد.
وتتحقق هذه الصورة بالمثال التالي: وهو أن يقول الطرف الأول للطرف الثاني: "إذا ابتعت السلعة الفلانية فإني اشتريها منك بربح وقدره كذا" فيقول الطرف الثاني: "قبلت بذلك".
وبمقتضى هذه الصيغة فإن الاتفاق ببيع السلعة يصير لازما للطرف الثاني بمجرد أن يقوم الطرف الأول بشراء السلعة دون أن يبرما بعد ذلك عقدا جديدا لاحق على العقد الأول.
وفي هذه الصورة تتحقق العلتان اللتان بهما يفسد التعاقد:
فمن حيث العلة الأولى فإن البائع باع من وقت التعاقد سلعة لم يملكها بعد.
ومن حيث العلة الثانية فإن العقد معلق على أمر قد يقع أو لا يقع في المستقبل وهو حدوث الشراء من البائع.
وحيث توافر هذان الوجهان فإن هذا التأويل هو التأويل الصحيح لعبارة إلزام النفس بالتبايع
حكم صدور عقد لاحق بعد أن ألزم المتبايعان أنفسهما بالعقد
وهنا نطرح مسألة قد ترد لدى البعض، وهي ما الحكم في مذهب الشافعية فيما لو قام البائع بعد شراء السلعة - التي ألزم الطرفان أنفسهما بشرائها - ببيعها إلى الطرف الأول بعقد جديد فهل العقد الجديد اللاحق على العقد الأول هو عقد غير صحيح.
وحكم هذه المسألة في فقه الشافعية يعلم من الإجابة على السؤال التالي وهو هل يتوافر في هذه المسألة أحد العلتين المذكورتين أعلاه، فإذا توافرت كلا العلتين أو أحدهما كان العقد غير صحيح وإن انتفت العلتين حكمنا بالصحة. وبيان ذلك في التالي:
أولا: شراء البائع للسلعة بعد أن تم التعاقد المعلق على الشرط هو شراء صحيح لازم له وبه يتحقق تملكه للسلعة.
ثانيا: إن العقد الجديد اللاحق على العقد الأول المعلق على الشرط هو عقد توافر فيه التالي:
1 - أن هذا العقد اللاحق صدر عن عقد ناجز ولم يعلق فيه الإيجاب والقبول على شرط.
2 - أن هذا العقد صدر بعد أن تملك البائع السلعة وبذلك يكون قد باع ما يملك.
وبذلك فإن البيع الأول هو بيع غير صحيح والبيع الثاني الذي صدر هو بيع صحيح متوافر الأركان، والله أعلم.
هل الصورة الثانية من البيوع الربوية
يعلم من صورة المسألة وعلة عدم صحتها أن السبب في فسخ العقد لا يتعلق بكون العقد باطلا من جهة الربا فعدم الصحة علله الإمام الشافعي بالمخاطرة التي تمثلت في تعليق العقد على شرط حدوث أمر وهذا لا يجعل العقد من العقود الربوية.
والعلة الأخرى وهي تمثلت في بيع ما لا يملك وهو في فقه الشافعية ليس له علاقة بالبيوع الربوية فلو فرضنا أن الاتفاق كان على أن يشتري بمائة ويبيعه عليه بمائة حالة أو مؤجلة فإن البيع مفسوخ لأنه بيع لما لا يملك، وفي هذه الصورة لا يوجد أي شبه بالربا. وعليه ففي فقه الشافعية فإن بيع ما لا يملك ليس له صلة بالبيوع الربوية، وهي علة مستقلة عنه."
هذا الشرح نستنتج منه التالى:
البيع باطل لأنه الكلام على عدم الوفاء بالوعد يتناقض مع أن المسلمين يوفون بعهودهم وهى وعودهم كما قال تعالى :
" والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون"
البيع يتضمن بيعتين فى بيعة
البيع هو شراء لشىء غير محدد المواصفات وهو ما يسمونه غائب
وتحدث محمد هم حكم البيوع المنهى عنها عند الشافعى فقال :
"المبحث الثاني
حكم البيوع المنهي عنها في الفقه الشافعي
يقسم الشافعية البيوع المنهي عنها إلى قسمين (انظر مغني المحتاج 2/ 42)
القسم الأول: فاسد لاختلال ركن أو شرط
مثاله النهي عن بيع الملامسة وله تفسيران:
الأول: أن يلمس ثوبا مطويا ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه وهذا العقد باطل لعدم رؤية المبيع الذي هو شرط في صحة البيع.
الثاني: إن يقول البائع إذا لمست الثوب فقد بعتك وهذا العقد باطل لعدم الصيغة وهي ركن في صحة البيع. (مغني المحتاج 2/ 43)
والقسم الثاني: بيع منهي عنه غير فاسد لأن النهي لم يتعلق بخصوصية البيع أي لذاته ولكن لأمر آخر خارج عن العقد.
مثاله النهي عن بيع حاضر لباد وفسر هذا البيع "بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلدي (إي من المقيمين في البلد الذي وفد إليه الغريب) اتركه عندي لأبيعه على التدرج بأغلى". (مغني المحتاج 2/ 50)
وحرم هذا البيع لا لخلل في ذات عقد البيع الذي سيقوم به المقيم في البلد نيابة عن الغريب ولكن حرم لما فيه من التضييق على الناس في سلعة تعم حاجتهم إليها.
ومن هذه القاعدة يعلم أن الشافعية يعتبرون في صحة أي عقد أو عدم صحته بتوافر أركان هذا العقد وشروط الصحة فإذا توافرت الأركان والشروط كان العقد صحيحا وإذا لم تتوافر كان العقد غير صحيح، والله أعلم."
والمبحث الثانى قصر فيه محمد فلم يذكر البيوع المنهى عنها كله ولو بالعناوين وفى المبحث الثالث قام بتحريج الكم حسب المذهب فقال :
"المبحث الثالث
تخريج حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء
وفقا لقواعد مذهب الإمام الشافعي
ذكرنا في أول البحث صورة بيع المرابحة بالوعد الملزم والذي ينفذ من البنوك الإسلامية بالصورة التالية:
- يتقدم العميل إلى البنك بالأمر بشراء سلعة معينة مرابحة ويحدد له مقدار هذا الربح المضاف إلى سعر التكلفة.
- في حال الموافقة على طلب العميل يوقع الأخير على وعد بشراء السلعة في حال شراء البنك لها، ويقر بأن هذا الوعد ملزم له ولا يحق له الرجوع عن هذا الوعد ويتنازل عن أي حق له في الرجوع عن تنفيذ وعده.
- يقوم البنك بشراء السلعة إما بنفسه أو عن طريق توكيل العميل بشراء هذه السلعة لصالح البنك.
- بعد أن يشتري البنك السلعة وتدخل في حيازته يبيع البنك السلعة إلى العميل وذلك بتوقيع عقد مرابحة مستقل يوقع بين الطرفين.
فما حكم هذه النوع من الاتفاق في مذهب الإمام الشافعي في ضوء الأحكام والقواعد التي قررت أعلاه؟ إن حكم هذا الاتفاق يتمثل في التالي:
- أن الترتيب السابق قبل توقيع عقد المرابحة لا يخرج عن أن يكون تواعدا من الطرفين أو وعدا من طرف واحد (بحسب صيغة الاتفاق) على إبرام عقد في المستقبل معلق على حدوث أمر معين وهو شراء البنك للسلعة.
- أن هذا الوعد أو التواعد بهذه الكيفية لا يعد عقدا في ذات نفسه لأنه لم يتضمن لفظا صريحا أو كناية بالبيع وقبول الشراء، ولفظ الوعد ليس من أحد هذه الصيغ وبذلك فإن هذا الوعد أو التواعد غير لازم تنفيذه على الطرفين أو أي منهما فلكل منهما الخيار في تنفيذه أو عدم تنفيذه فالبنك مخير بأن يشتري وإذا اشترى هو مخير بأن يبيع على العميل أو على غيره، والعميل كذلك مخير في أن يشتري أو لا يشتري السلعة من البنك.
- إن التصريح من الطرفين أو أحدهما بالالتزام بتنفيذ هذا الاتفاق هو تأكيد يجري في أي وعد ولا يغير هذا الالتزام من أثر الوعد وينقله من التخيير إلى الإلزام.
- التنازل عن حق الخيار كذلك لا ينقل الوعد من عدم الإلزام إلى الإلزام لأن هذا التنازل هو تنازل عن حق قبل ثبوت هذا الحق ولذلك لا يعتد به. وهذا الحق لا يثبت للعميل إلا بعد أن يعرض البنك على الأخير أن يشتري السلعة التي اشتراها البنك.
- مع أن العميل له الخيار في تنفيذ هذا الوعد إلا أنه يندب له أن ينفذ ما وعد به ولكن لا يصل ذلك إلى حد الوجوب.
- إذا اشترى البنك السلعة فإن السلعة تكون في ضمانه من وقت قبضها وأي هلاك يلحق بها قبل بيعها مرابحة إلى العميل هو في ضمان البنك ولا يتحمل العميل أي ضمان في ذلك.
- إن عقد المرابحة الذي وقع لاحقا وتنفيذا للوعد السابق هو عقد صحيح إذا اكتملت أركانه وشروط صحته.
- من شروط صحة هذا العقد أن يقع البيع مرابحة بعد أن يتملك البنك السلعة ويحوزها، أما لو وقع بيع المرابحة قبل ذلك فإن العقد فاسد لأحد سببين إما لأن البنك باع ما لا يملك أو لأنه باع سلعة لم تدخل في ضمانه (أي باع السلعة قبل قبضها).
ومفاد هذه الأحكام أن بيع المرابحة بهذا الشكل يندرج ضمن الصورة الأولى الجائزة في مذهب الإمام الشافعي وتتأكد هذه الصحة إذا قام العميل مختارا بإبرام عقد المرابحة الذي يلي الوعد بالشراء.
وهذه النتيجة تؤدي إلى تقرير التالي:
- أن بيع المرابحة بهذه التطبيق ليس من البيوع الربوية، وليس من التحيل على الربا في مذهب الشافعية.
- لا تصح دعوى الإجماع على تحريم هذه الصورة حيث تبين أن مذهب الإمام الشافعي من المجيزين لها فلا إجماع على التحريم.
حكم من أبرم عقد المرابحة وهو يظن لزوم الوعد وحكم لزوم الوعد بالقانون
في بداية الأمر لا بد من تقرير أن كل من أبرم عقد المرابحة اللاحق على الوعد وهو مختار للإبرام العقد فإن هذا العقد صحيح على المذهب من غير خلاف إذا روعي فيها شروط الصحة ومن أهمها أن يكون بعقد جديد لاحق لعقد.
لكن ما ذا لو كان المشتري (الواعد بالشراء) يظن أن الوعد الملزم الذي وقعه يوجب عليه توقيع عقد المرابحة دون أن يكون له الخيار، ولولا ذلك لما أبرم العقد. إن هذا الظن خطأ وقع فيه المشتري، وهذا ليس فيه إكراه يخل بإرادته التعاقدية، وبالتالي فلا يترتب عليه فساد العقد.
أما لو كان الإلزام بالوعد بقوة القانون فإن الأمر يحتاج إلى تفصيل يتوقف على معرفة الطريقة التي سيفرض القانون بها تنفيذ الوعد هناك طريقان للإلزام:
الطريقة الأولى: الإلزام بنص القانون بلزوم الوعد والأمر يتوقف على طريقة اللزوم وله أحد وجهين:
الأول: أن يعتبر القانون الوعد لازما من وقت صدور الوعد، بمعنى يعتبر عقد المرابحة ناجزا بمجرد شراء البائع للسلعة وبهذا يندرج هذا الإلزام ضمن الصورة الثانية غير الجائزة في مذهب الإمام الشافعية.
ولكن يبقى مبحث آخر في هذه المسألة تتعلق بالقاعدة المعروفة "حكم الحاكم يقطع النزاع"
ومقتضى هذه القاعدة أن هذا الإلزام إذا استند إلى رأي فقهي صحيح فإن العمل به جائز، وهذا مبحث آخر يخرج عن نطاق هذه الدراسة
أما لو فرضنا أن هناك إجماع على عدم صحة فإن هذا التعاقد باطل ديانة ويأثم من يقدم عليه.
الثاني: أن يفرض القانون على الواعد أن يبرم عقد بيع لاحق تنفيذا لوعده. والمبحث في هذه المسألة يتعلق بما إذا كان هذا الإلزام يرتقي إلى مرتبة الإكراه بغير حق، وهل من حق الحاكم شرعا أن يجبر المشتري على هذا التعاقد الأمر في ذلك يتعلق بأحكام السياسة الشرعية وضمن ضوابطها وتختلف في ذلك الاجتهادات.
الطريقة الثانية: الإلزام عن طريق التعويض بأن يقرر القانون أو القواعد العامة أن من لم ينفذ وعده فيلزم أن يعوض الطرف الآخر عن الأضرار التي لحقت به والذي يظهر أن هذا التعويض لا يتوافق مع قواعد مذهب الإمام الشافعي حيث قد أجيز للواعد من حيث الأصل أن يختار بين إبرام العقد أو عدم إبرامه، فكيف يحمل بعد ذلك الضرر الذي لحق بالبائع ومع هذا فإن القواعد العامة للشريعة الإسلامية في أن الضرر يزال وما يتعلق الأمر بالتغرير بالآخر والتسبب في إلحاق الضرر به قد يستند إليه في إجازة مثل هذا الحكم. والله أعلم بالصواب."
انتهى الباحث فى نهاية بحثه إلى جواز ذلك التعامل مع ما فيه من عيوب وكما سبق القول فى دولة المسلمين لا يجوز ذلك وأما فى المجتمعات الحالية فهو جائز لأنها مجتمعات غير مسلمة حتى وإن كان أكثر أهل البلد مسلمون لأن السائد هو حكم غير الله ولا يمكن فى حكم الله وجود تلك البنوك التى تقوم على مخالفة أحكام كثيرة مثل التعامل بالربا ووجوب وجود ضامن للمقترض
وهذا العقد إن زاد فيه الربح فى البيعتين على الضعف فهو ربا لقوله تعالى :
"لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة"
والمقصود بالربا هنا هو المكسب أو الربح وليس ربا القرض أو التبادل
كما أن الوعد الملزم طبقا لعقود البنوك الحالية يمنع الآمر بالشراء من حقه وهو رفض السلعة إن كانت فاسدة أو بها عيب حيث يلزمه بأخذها كما أن يكره المشترى على أخذها بالسعر الذى يقرره البنك حتى ولو كان السعر أغلى مما هو موجود فى السوق وبالفعل لابد أن يزيد السعر إما باعتباره ما يسمونه المصاريف الخدمية أو باعتبار الربا
والغالب على عمليات الآمر بالشراء هو أن المشترى الأول يبيعها لمشترى أخر بسعر أعظم لأن معظم من يشترون فى النهاية هم يشترونها بالتقسيط والتقسيط الحالى هو نفسه :
إما أن تدفع أو تربى
فمقابل زيادة زمن الدفع يزيد ثمن السلعة