الذكرى 20 سنة لاحداث 16 ماي الإرهابية لماذا لا نفكر نحو تأسيس حركة إسلامية مغربية ؟

مهدي مالك في السبت ٢٠ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


 

 

 

 الذكرى 20 سنة لاحداث 16 ماي الإرهابية لماذا لا نفكر نحو تأسيس حركة إسلامية مغربية ؟

مقدمة متواضعة                                    

 

ان اشكال الدين و التدين هو مطروح بإلحاح في جل المجتمعات الإنسانية بصفة عامة و في المجتمعات الإسلامية بصفة خاصة حيث كل واحد منا يرى الدين و التدين حسب منظوره الذاتي و الموضوعي و الاجتماعي الخ من هذه الابعاد الفلسفية..

فان العلماني المتطرف الى حد الالحاد يرى ان الدين هو شيء ينبغي ازالته من الحياة برمتها باعتباره خرافة كبرى ساهمت و تساهم في تخلف الشعوب العميق و عبادة أشياء لا وجود لها في الواقع المادي و تقديس الكتب السماوية المقدسية باعتبارها كتب بشرية الخ من خرافات الملحدين منذ اقدم الأزمنة الى يوم الناس هذا .

لكن بالمقابل يرى السلفي المتطرف في عالمنا الاسلامي ان الدين بشكله الموروث عن ما يسمى بالخلافة الإسلامية ينبغي ان يدخل في كل تفاصيل حياتنا المعاصرة بدون ادنى تحفظ او اعتراض او تجديد في فكره الديني او السياسي لان الإسلام دين قد انزله الله تعالى صالحا لكل زمان و مكان الى يوم القيامة ..

و في اعتقادي المتواضع فان هذان الرأيان قد جنبا الصواب بشكل عظيم الى حد الجنون حيث ان الراي الأول لم يفهم ان الدين قد دخل في ثقافات الشعوب

و تقاليدها لقرون عديدة أي اصبح من المراجع الجوهرية لحياة الناس العامة في كافة المجتمعات الإنسانية بشكل عام حيث يستحيل قديما او حديثا ان تجد ان مجتمع برمته قد اتجه نحو الالحاد بغية تحقيق الديمقراطية و حقوق الانسان الخ من هذه المفاهيم النسبية حيث ما حدث للاتحاد السوفياتي كدولة شيوعية في بدايات تسعينات القرن الماضي و ماذا يحدث لروسيا اليوم باعتبارها الابنة الشرعية للاتحاد السوفياتي بمعنى ان الالحاد لا ينتج اية حضارة او أي تقدم ديمقراطي او حقوقي كما شرحه المرحوم محمد شحرور في كتاب الدولة و المجتمع هلاك القرى و ادزهار المدن .

اما الراي الثاني بان الدين بشكله الموروث عن الخلافة المسماة بالاسلامية ينبغي ان يدخل في كل تفاصيل حياتنا المعاصرة حيث ان الاشكال هنا ليس في الدين الإسلامي بذاته و انما في توظيفياته التاريخية منذ دولة بني امية الى الان أي ان هذا المجال التاريخي قد ساهم بشكل رهيب في اظهار ثقافة شبه الجزيرة العربية المتوحشة على حساب قيم الإسلام العليا من قبيل العدل و المساواة بين المسلمين كاسنان المشط كما قاله رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم و اكرام المراة و بر الوالدين و اماطة الأذى عن الطريق الخ من هذه القيم العليا للدين الإسلامي الحنيف ...

الى صلب الموضوع                          

قد خلد المغرب في يوم 16 ماي الماضي الذكرى مرور 20 سنة على وقوع الاحداث الإرهابية في عاصمة المغرب الاقتصادية الا و هي الدار البيضاء في سابقة خطيرة في تاريخنا المعاصر حيث ان المغرب هو معروف بتدينه السمح عبر قرون و تعايشه السلمي مع الطائفة اليهودية ما قبل الإسلام حتى..

 و هنا أتساءل ماذا حدث في نمط تدين المجتمع المغربي الأصيل ؟

ان الجواب على سؤالي المتواضع يقودنا الى التطرق لعدة مسائل أساسية من قبيل مسالة تدين المجتمع المغربي الأصيل و مسالة الهوية الإسلامية للدولة المغربية بعد سنة 1956 و مسالة أسباب ظهور ما يسمى بالحركة الإسلامية المغربية  ببلادنا في منتصف سبعينات القرن الماضي .

و في اعتقادي المتواضع فان مسالة تدين المجتمع المغربي الأصيل هي مسالة معروفة طيلة تاريخنا الإسلامي للمغرب حيث استطاع اجدادنا الامازيغيين بناء حضارتهم الامازيغية الإسلامية في اكبر رقعة جغرافية مع تعاقب الدول المستقلة عن المشرق العربي و عن الخلافة المسماة بالاسلامية ..

و استطاعوا انتاج نمط تدينهم على التصوف و على التوازن بين الدين و الدنيا و الاخذ  بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات و المصالح المرسلة و احترام اعراف الناس و تقاليدهم بشرط ان لا تتعارض هذه الأخيرة مع مقاصد الشرع الإسلامي و مع الاذاب العامة حيث تعرفون ماذا اقصد بالاذاب العامة لان فقهاء الوهابية الجدد بسوس العالمة الان يبخسون هذا التدين الأصيل تحت ذرائع واهية من قبيل الطرق الصوفية التي ظهرت في هذه المنطقة قبل ولادة امامهم محمد بن عبد الوهاب في الحجاز .

و من قبيل قراءة الحزب الراتب بعد صلاة المغرب و بعد صلاة الفجر تحت ذريعة ان هذه العادة هي بدعة لم يفعلهم سلفهم الصالح منذ عهد رسولنا الاكرم الى عهد الخلافة المسماة بالاسلامية..

و بالإضافة الى ان هذا التدين الأصيل يحافظ على السلم الاجتماعي و على التعايش الديني مع الطائفة اليهودية و هنا اتحدث عن أشياء نسبية و ليس عن أشياء مطلقة باعتبارنا بشر في نهاية المطاف نخطئ و نصيب و حسابنا في يوم القيامة امام خالق السماوات و الأرض ........

ان هذا التدين الأصيل نسميه الان بالإسلام الامازيغي داخل الحركة الامازيغية ببعدها السياسي لاسباب عديدة .. 

ان مسالة الهوية الإسلامية للدولة المغربية بعد سنة 1956 هي مسالة معروفة لدينا حيث قررت السلطة و حركتها المسماة بالوطنية الاتجاه  الكلي نحو المشرق العربي و الطمس الكلي للامازيغية بشموليتها ك انها لم تكن موجودة أصلا في هذه البلاد حيث أدى هذا الاتجاه الكلي نحو المشرق العربي الى نتائج عكسية في نمط تدين المجتمع المغربي بشكل تدرجي و خصوصا في مدن المركز حيث توجد مؤسسات الدولة من قبيل الوزارات و الإذاعة و التلفزة الوطنيتان الخ .

ان السلطة قد استقبلت قيادات من جماعة الاخوان المسلمين بالمغرب ابتداء من سنة 1963 حسب كلام الأستاذ عبد الوهاب رفيقي استمرارا لسياسة ربط المغرب بالمشرق العربي من خلال تمكين هذه الجماعة المطرودة من مصر وقتها من التعليم العمومي بشكل عام و التعليم الديني خصوصا لان جماعة الاخوان المسلمين هي ام تيارات الإسلام السياسي في المغرب او ما يسمى بالحركة الإسلامية المغربية ...

ثم ان مسالة الهوية الإسلامية للمغرب المستقل تعتمد على قاعدتان لا ثلاث لهما و هما العروبة و اسلام اهل فاس بصريح العبارة أي بدون ذكر او إحالة الى اسلام الامازيغيين الأصيل لان رموز ما يسمى بالحركة الوطنية قد اجتهدت منذ  سنة 1930 في تضخيم و تهويل اكذوبة الظهير البربري حتى أصبحت أيديولوجية دينية و سياسية بعد سنة 1956 أي أصبحت هذه الأيديولوجية أرضية لتدبير الشأن الديني الرسمي منذ ذلك الوقت الى يوم الناس هذا كما شرحته في كتابي المنتظر أي ان الهوية الإسلامية للدولة المغربية بعد سنة 1956 قد همشت الإسلام الامازيغي تهميشا الى ابعد الحدود مع إبقاء بعض العادات المحدودة من قبيل قراءة الحزب الراتب في القرى و على شاشات قناة السادسة او إقامة المواسم الدينية هنا او هناك في جغرافية هذا الوطن الحبيب ..

ان أسباب تأسيس ما يسمى بالحركة الإسلامية المغربية في منتصف السبعينات من القرن الماضي تتعلق اولا بالصحوة الإسلامية في المشرق العربي اثر هزيمة العرب امام إسرائيل سنة 1967 ثم انتصارهم عليها في أكتوبر سنة 1973 في مصر حيث ان هذه الصحوة الإسلامية كما تسمى كانت تدعمها السعودية بغية نشر مذهبها التخريبي للاوطان و هوياتها الثقافية الخ..

 

 ان إسلامي المغرب لهم ولاء عميق للمشرق العربي و قضاياه الأيديولوجية اكثر من ولاء لبلدهم المغرب و لهويتهم و لنمط تدين اجدادهم..

 و انني هنا لا اضع إسلامي المغرب في سلة واحدة حشى لله فالاستاذ سعد الدين العثماني قد قدم مساهمات كبرى لن تنسى لدعم ترسيم الامازيغية في الدستور و عندما كان وزير الخارجية قد دافع عن مصطلح المغرب الكبير الدستوري و رفض ترديد مصطلح المغرب العربي امام كاميرات العالم الخ .

و رجوعا الى صلب موضوعنا فان من بين أسباب تأسيس ما يسمى بالحركة الإسلامية المغربية في منتصف سبعينات القرن الماضي هو جعل المغرب دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية و حدودها حيث نحن نعلم ان المغرب منذ الاستقلال الى يوم الناس هذا قد طبق القوانين الوضعية الفرنسية و قبل دخول الجيوش المسيحية الى بلادنا رسميا سنة 1912 كان المغرب يطبق القوانين الوضعية الامازيغية على مجموع التراب الوطني الشاسع باستثناء ما تسمى ببلاد المخزن أي الرباط و سلا و فاس الخ حيث كان هذا المجال يطبق الشريعة الإسلامية لوحده  ..

لو ان المغرب المستقل قد اعترف بالامازيغية بشموليتها لكانت لدينا حركة إسلامية مغربية الأصول و الفروع تدافع عن المغرب كدولة مستقلة عن المشرق العربي منذ سنة 123 هجرية و تدافع عن الهوية الامازيغية بكل تفاصيلها الدقيقة باعتبارها هوية إسلامية اجتهادية مع الزمان و مع المكان حيث انظروا الى تركيا الان بغض النظر عن تحالفها المقدس مع جماعة الاخوان المسلمين الى الموت ..

الا ان تركيا هي دولة علمانية الان حيث انها تعتز بهويتها التركية حتى الموت و لم تعرف قط اية محاولات لتعريبها من طرف إسلامي هذا البلد المسلم رغم علمانية كمال اتاتورك المتطرفة و الدخيلة من اوربا ......

  ان احداث 16 ماي 2003 الإرهابية لم تاتي من السماء بل جاءت بعد سنوات طويلة من ادخال مذاهب متطرفة من المشرق العربي منذ سنة 1963 و منحها وسائل التمكين في التعليم و في الاعلام و في الحقل الديني الرسمي

 بغية تغيير نمط تدين المغاربة السمح مع الحياة و مع الاخر المختلف في الدين الى نمط تدين اخر دخيل يجمد قيم الموت و الظلام الدامس و قتل شخص لمجرد مخالفتهم في راي فقهي الخ .

ان سؤالي المطروح لماذا لا نفكر في اتجاه تأسيس حركة إسلامية مغربية حقا حيث يمكننا التفكير في هذا المشروع العظيم لان الحركة الإسلامية الحالية هي مشرقية الى ابعد الحدود و الدرجات حيث انها لم تهتم بتاريخ المغرب و لا بحضارته الضاربة في جذور التاريخ مرورا بالمرحلة الإسلامية الخ بمعنى انها تمجد المشرق المقدس بالنسبة لها و تحتقر تاريخ امتنا المغربية و نمط تدينها الأصيل و القائم على السلام و على مسايرة العصر و الاخذ  بالعرف و ان الضرورات تبيح المحظورات الخ من هذه القواعد الذهبية .

هل تعرفون لماذا لم امشي وراء الأستاذ رشيد ايلال و أفكاره المتطرفة لانني اؤمن بتدين ابائي و اجدادي الامازيغيين أولا و أخيرا ..

و بالإضافة الى

انني لست هنا الا كاتب متواضع مازال طريقه الطويل للوصول الى مستوى المرحوم الأستاذ محمد شحرور او الأستاذ عبد الوهاب رفيقي الخ من رموز التنوير الإسلامي بالمغرب و بقية الدول الإسلامية الأخرى و انني لا اريد الوصول الى مرحلة فيها يكفرني الناس و خطباء الجمعة بدون اية فائدة تذكر للهوية الامازيغية سياسيا او دينيا الخ ............

المهدي مالك                      

 

 

 

 

 

 

 

 

 
اجمالي القراءات 1761